حصاد مسلسلات 2022 العالمية: «مو» ظاهرة العام، وشهية مفتوحة على الألغاز والجريمة

«مو» ظاهرة السنة، و«دامر» من الأعلى مشاهدةً (نتفليكس)
«مو» ظاهرة السنة، و«دامر» من الأعلى مشاهدةً (نتفليكس)
TT

حصاد مسلسلات 2022 العالمية: «مو» ظاهرة العام، وشهية مفتوحة على الألغاز والجريمة

«مو» ظاهرة السنة، و«دامر» من الأعلى مشاهدةً (نتفليكس)
«مو» ظاهرة السنة، و«دامر» من الأعلى مشاهدةً (نتفليكس)

بين الدراما الواقعية وتلك التاريخية، تأرجحت أذواق مشاهدي المسلسلات التلفزيونية خلال 2022. أما غالبية الأنظار فكانت متّجهة إلى الخيال والجريمة والرعب، في ما يبدو شهية متزايدة لدى جمهور منصات البث على كل ما هو مشوِّق ومثير للاستغراب والاستفهام.

Mo... إجماع غير مسبوق

من بين كل الإنتاجات الدرامية هذه السنة، شكّل مسلسل «مو Mo» بحلقاته الثماني حالةً استثنائية، فالعمل الذي يمزج بين الدراما والكوميديا يصوّر يوميات المهاجر الفلسطيني مو نجار، المقيم مع عائلته في هيوستن الأميركية. لا تختلف الحكاية كثيراً عن سيرة الممثل مو عامر، الذي يؤدي دور البطولة ببراعة.
لا تنتصر المعاناة على الفرح في المسلسل الذي عرضته منصة «نتفليكس»، وشارك في كتابته الممثل والمنتج المصري الأصل رامي يوسف. صحيح أن مو يصارع وضعه بصفته لاجئاً غير شرعي، متنقلاً بين وظيفة وأخرى، لكن ذلك لا يحُول دون تغليب الكوميديا الهادفة والنص الذكي. وقد أجمع النقّاد شرقاً وغرباً على أن «مو» هو أحد أهم إنتاجات العام، خصوصاً أنه يصوّر واقعاً يعيشه كثيرون في الولايات المتحدة ممّن يقيمون في البلد منذ عشرات السنين، ولا ينتمون قانونياً إليه.

Better Call Saul… حبٌ يلطّف الجريمة

بلغ «Better Call Saul»، هذه السنة، عامه السابع وموسمه السادس والأخير. وفي وقتٍ تهافتت المنصات العالمية على عرضه، أجمع النقّاد على تميُّز هذا الموسم بأداء بارع للممثلين، وبنص متين لا يخلو من الثقل العاطفي. دخلت قصة حب على خط الجريمة والحبكة القانونية، كما أن الشخصيات شهدت تطوراً درامياً فتمكّن البطل المزدوج «ساول» أو «جيمي» أن يتعايش مع تلك الثنائية التي تتحكم بهويته.
المسلسل المحبوب بسبب جرأته على الغوص في الأخلاقيات البشرية، وعلى فضح عيوب النظام القانوني الأميركي، نال في موسمه الأخير استحسان النقاد و7 ترشيحات إلى جوائز «إيمي».

House of the Dragon... عطشٌ إلى الفانتازيا

لم يجد عشّاق سلسلة «لعبة العروش (Game Of Thrones)» كل ما يشفي غليلهم في «House of the Dragon». ورغم أن أحداث حلقاته اﻟ10 مرتبطة بشكل أو بآخر بالمسلسل الخيالي الأشهر على الإطلاق، فإنه لم يرتقِ إلى مستواه، لكن ذلك لم يحُل دون تحقيقه أرقام مشاهدات مرتفعة جداً. ففي الولايات المتحدة وحدَها شاهد 10 ملايين شخص المسلسل في أولى ليالي عرضه في أغسطس (آب) 2022. وليس ذلك مستغرباً؛ إذ إن حملة تسويق عالمية ضخمة سبقت إطلاق «House of the Dragon».
جاء بعض تعليقات النقّاد سلبياً وتمحور حول العنف المفرط والحبكة المعقّدة والشخصيات التي لم تَعلق في الأذهان ولا في القلوب. أما على الضفة الإيجابية فحصد المسلسل إعجاباً بصورته الممتازة، وبالكتابة والإخراج الجيّدَين. وسيكون محبّو المسلسل على موعد مع موسم ثانٍ منه، لم تتردد منصة «HBO» في اتخاذ قرار إنتاجه بعد نجاح الموسم الأول.


ملصَق مسلسل House of the Dragon (HBO)

The Rings of Power... عودة سيّد الخواتم

بالتزامن مع بدء عرض «House of the Dragon» أطلقت منصة «أمازون برايم» مسلسل «The Rings of Power». لم يكن هذا التوقيت عنصراً مساعداً لنجاح المسلسل، بما أن الأضواء كلها كانت مسلَّطة على مُنافسه. الحلقات اﻟ8 المقتبسة من الرواية الخيالية «The Lord of the Rings» خُصصت لها ميزانية إنتاجية وتسويقية هي الأضخم على الإطلاق. نتحدث هنا عن مليار دولار أميركي... لكن رغم هذا الرقم الخيالي، فإن العمل لم يَرُق النقّاد، ولم يجذب المشاهدين بقدر ما كان متوقّعاً.


شخصية غالادرييل تؤديها الممثلة مورفيد كلارك (أمازون برايم)

Stranger Things... الموسم الأقوى

إذا كانت المواسم الثلاثة الأولى من «Stranger Things» قد شكّلت ظاهرة درامية، فإن الموسم الرابع ما قبل الأخير استحقّ أكبر كمٍ من التصفيق والثناء، إضافةً إلى 13 ترشيحاً لجوائز «إيمي» التلفزيونية.
بين الخيال والرعب والتشويق تنقّلت أحداث الحلقات الـ9، والتي تميّزت بأداء ممتاز للممثلين، كما تحكّمت بالمسلسل ثيمات أكثر واقعية ممّا سبق، أفردت مساحة للمشاعر الإنسانية، الأمر الذي راقَ النقّاد والمشاهدين على حد سواء. منح هذا الثقل العاطفي وتماسُك الحبكة عمقاً للشخصيات ونضجاً للعمل الذي يُعدّ من أهم مسلسلات «نتفليكس» على الإطلاق.

Euphoria... زيندايا نجمة كل المواسم

افتتحت منصة «HBO Max» عام 2022 بموسم ثانٍ من مسلسل «Euphoria» ضاربةً موعداً مع النجاح. فبعد سنتيْن من التوقف القسري عن التصوير جرّاء جائحة كورونا، كان جمهور المسلسل يترقب تتمّة الحكاية وبطلتها الممثلة والمغنية الأميركية زيندايا. وقد تميزت الأخيرة من خلال أدائها دور الفتاة التي تحاول أن تجد لها مكاناً في هذا العالم، بعد أن صارعت من أجل التخلص من الإدمان.
الموسم الذي يغوص في أفكار الجيل الصاعد وسعيهم المستمر وراء العاطفة والاهتمام، لن يكون الأخير ضمن السلسلة، إذ من المتوقع أن يُعرض الموسم الثالث خلال سنة 2023.

Inventing Anna... ميني مسلسل بحلقات طويلة

نادراً ما تُخطئ شوندا رايمز عندما تُخرج أرنباً جديداً من بين دفاترها، على هيئة مسلسل. وها هي المُنتجة والكاتبة الأميركية التي سبقَ أن أتحفت الجماهير بمسلسليْ «Grey’s Anatomy» و«Bridgerton»، تقدّم بالتعاون مع «نتفليكس» دراما قصيرة بعنوان «Inventing Anna».
بحلقاتٍ 9 امتدّ معظمها أكثر من ساعة، روَت رايمز حكاية معقّدة إنما مسلّية، ومقتبسة من الواقع. هي رواية الروسية آنا سوروكين المعروفة بآنا ديلفي، والتي احتالت على مجتمع نيويورك المخملي مُقنعةً إياهم بأنها من أثرياء ألمانيا. وقد تطرّق المسلسل إلى إشكالية الصورة الزائفة التي تتحكم بالعالم حالياً، والتي عززتها منصات التواصل الاجتماعي.


الممثلة جوليا غارنر بدور آنا ديلفي (نتفليكس)

The Crown... الصفحة ما قبل الأخيرة

بعد مرور أسابيع على وفاة الملكة إليزابيث، بدأت «نتفليكس» بث الموسم الخامس من «The Crown»، وسرعان ما احتلّ المسلسل المرتبة الأولى حول العالم، سارداً أحداثاً كادت تهز عرش بريطانيا، وأظهرت الملكة في أضعف لحظات حياتها وحُكمها. وفي حين شكّلت الأميرة ديانا محطّ الأنظار، يُنتظر أن توثَّق وفاتُها التراجيدية في الموسم السادس والأخير الذي يجري تصويره حالياً.
وحدها حكاية الثنائي هاري وميغان، التي صُوّرت من خلال وثائقي بثّته «نتفليكس»، جاءت لتهدّد موقع «ذا كراون». فقد استطاع الوثائقي جمع عدد كبير من المشاهَدات مع بدء بثه في آخر شهر من السنة.


الممثلة إليزابيث ديبيكي بدور الأميرة ديانا (نتفليكس)

Dahmer... العطش إلى الدم

بعيداً عن الدراما التاريخية والروايات الخيالية، تصدّرت مادة تلفزيونية جديدة الأرقام واستحوذت على اهتمام المشاهدين. إنها حكايات القتلة المتسلسلين برُعبها وإثارتها وتوحّشها، وقد اختصرها، هذه السنة، جيفري دامر. رغم محتواه الدموي، فإن المسلسل المقتبس من قصة حقيقية لقي رواجاً غير مسبوق على منصة «نتفليكس».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.