الرئيس الفرنسي ما زال مُصِراً على التواصل مع نظيره الروسي ولا موعد لذلك

مصادر أوروبية: ثمة «تمنُّع» روسي إزاء رغبة إيمانويل ماكرون

صورة مُركّبة تُظهر الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والروسي فلاديمير بوتين (وكالة الأناضول)
صورة مُركّبة تُظهر الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والروسي فلاديمير بوتين (وكالة الأناضول)
TT

الرئيس الفرنسي ما زال مُصِراً على التواصل مع نظيره الروسي ولا موعد لذلك

صورة مُركّبة تُظهر الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والروسي فلاديمير بوتين (وكالة الأناضول)
صورة مُركّبة تُظهر الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون (يمين) والروسي فلاديمير بوتين (وكالة الأناضول)

يتوجه الرئيس إيمانويل ماكرون هذه الليلة، كغالبية رؤساء الدول في العالم، بكلمة لمواطنيه بمناسبة حلول العام الجديد، وهي المرة السادسة له بهذه المناسبة، والأولى بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية من خمس سنوات في الربيع الماضي. ويُفترض أن يعمد ماكرون إلى رسم الخطوط العريضة لسياساته الاقتصادية والاجتماعية في الداخل، من غير أن يقفز فوق الأزمات العالمية، وأولها الحرب في أوكرانيا لما لها من انعكاسات على الأوضاع الداخلية، خصوصاً في موضوع الغاز والنفط. ومن المنتظر أن يعيد الرئيس الفرنسي التأكيد على وقوف باريس إلى جانب كييف التي تواجه الحرب الروسية عليها منذ ما يزيد على عشرة أشهر. والمرجح جداً أن يؤكد مرة إضافية، عزمه على التواصل مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخلال الأشهر المنقضية من هذه الحرب لا بل قبل اندلاعها، سعى ماكرون للعب دور دبلوماسي فاعل، مراهناً على العلاقة التي سبق له أن نسجها مع نظيره الروسي الذي زاره في موسكو بداية فبراير (شباط) قبل أقل من ثلاثة أسابيع على بدء «العملية العسكرية الخاصة». وواظب على التواصل معه سعياً للتوصل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار، يمهد لمعاودة المفاوضات مع الجانب الأوكراني. بيد أن تصريحات صدرت عنه في فترات متلاحقة أغاظت شركاء لفرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، ومنها عندما دعا إلى ّعدم «إذلال روسيا»، أو عندما أشار مؤخراً إلى ضرورة «توفير ضمانات أمنية لها» في إطار المفاوضات التي ستؤول إلى هندسة أمنية جديدة في أوروبا.
ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) المنتهي، عاد ماكرون ليؤكد أنه عازم على التواصل مجدداً مع بوتين متسلحاً بأمرين: الأول، زيارته الناجحة، الثانية من نوعها، التي قام بها إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث كان الملف الأوكراني رئيسياً في محادثاتهما. ومن واشنطن، أكد ماكرون أنه سعى للحصول على «تفويض جماعي» للحديث مع الرئيس الروسي. والأمر الثاني، المؤتمران اللذان استضافتهما باريس في 13 الشهر نفسه، الأول دولي والثاني ثنائي فرنسي - أوكراني من أجل توفير الدعم ﻟ «كييف». وجمع الأول مساعدات جديدة تزيد على المليار يورو، وهي مخصصة للبنى الأساسية (طاقة ومياه وصحة ومواصلات وبنى تحتية) لاجتياز الشتاء وإبقاء الخدمات الأساسية متوفرة للسكان.
وبرر ماكرون، قبل أسبوعين، رغبته بالاتصال مع بوتين بأمرين: الأول، لمواصلة العمل مع موسكو والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتأمين محطة زابوريجيا، كبرى المحطات النووية في أوروبا والواقعة تحت الاحتلال العسكري الروسي، وتركيز مساعي الوكالة على سحب الأسلحة من محيط المحطة لتجنب تعرضها للقصف. والأمر الثاني، لدعوة بوتين لوقف استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً منشآت الطاقة والكهرباء والمياه، وهي استهدافات وصفها بأنها تشكل «جرائم حرب».
وحتى اليوم، ليس في الأفق موعد محدد لما يريده الرئيس الفرنسي الذي أفاد أنه سيعمد إلى الاتصال ﺑ«بوتين عندما تنضج الأمور». بيد أن مصادر أوروبية في باريس، ترى أن هناك «تمنعاً» روسياً لقبول التواصل مع ماكرون، وذلك لأن الكرملين يرى أن فرنسا لم تعد مؤهلة للعب دور الوسيط لأن مواقفها لم تعد مختلفة عن المواقف الأميركية والأطلسية بشأن الحرب الروسية على أوكرانيا، ولأنها تنشط لشد الخناق الدبلوماسي والاقتصادي على موسكو بعكس ما كان عليه موقفها في الأشهر الأولى من الحرب. ولأن موسكو لم تتردد في التعبير عن حنقها من بث تسجيل مصور لمكالمة هاتفية من تسع دقائق حصلت يوم 20 فبراير الماضي، بين ماكرون وبوتين في برنامج وثائقي للقناة الثانية الفرنسية ليل 30 يونيو (حزيران) الماضي.
وقال لافروف في 6 يوليو (تموز) بهذا الصدد: «إن الأعراف الدبلوماسية لا تتقبل تسريبات أحادية الجانب لتسجيلات كهذه». وما يؤشر إلى رغبة روسية ﻟ«مقاطعة» ماكرون ما أعلنه الكرملين من أن ماكرون، مثله مثل الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس، لن يتلقى معايدة من الرئيس بوتين. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس (الجمعة) إنه «ليس لروسيا اتصالات (مع القادة الثلاثة) في الوقت الحاضر»، وإن «الرئيس (بوتين) لن يهنئهم (بحلول العام الجديد) بالنظر إلى الإجراءات غير الودية التي يتخذونها (بحق روسيا) بشكل مستمر».
قد يكون الجانب الروسي قد تجاوز المسألة البروتوكولية المرتبطة بالبرنامج التلفزيوني. لكن السؤال الحقيقي يتناول ما يمكن للرئيس الفرنسي أن يقدمه لنظيره الروسي مقابل التعاون معه، علماً بأن دبلوماسية ماكرون في الملف الأوكراني، لم تفض إلى أي نتائج إيجابية رغم الدينامية التي تدفع ساكن الإليزيه إلى التحرك المستمر. وثمة عاملان إضافيان قد يؤديان للتمنع الروسي: العامل الأول، أن مواقف باريس لم تعد تختلف كثيراً عن مواقف الأطراف الأكثر تشدداً إزاء موسكو، وتحديداً الموقف الأميركي، إن بشأن مواصلة فرض العقوبات على روسيا، أو مدها بالأسلحة والمساعدات مختلفة الأشكال على الصعيد الفرنسي أو الأوروبي. والعامل الثاني يتمثّل بإمكانية التأثير على مواقف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. والثابت أنه إذا كان لجهة ما، القدرة على لي ذراع زيلينسكي والتأثير على مواقفه بما في ذلك العودة إلى طاولة المفاوضات ورسم الخطوط الحمراء الواجب التقيد بها، فإنه يتعين البحث عن هذه الجهة في واشنطن، وليس في أي عاصمة أوروبية مهما كانت ديناميتها الدبلوماسية، بما في ذلك دينامية الرئيس ماكرون.


مقالات ذات صلة

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

العالم إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

إسقاط مسيّرة قرب قاعدة جوية روسية في القرم

أعلنت السلطات المعينة من روسيا في القرم إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة جوية في شبه الجزيرة التي ضمتها روسيا، في حادثة جديدة من الحوادث المماثلة في الأيام القليلة الماضية. وقال حاكم سيفاستوبول ميخائيل رازفوجاييف على منصة «تلغرام»: «هجوم آخر على سيفاستوبول. قرابة الساعة 7,00 مساء (16,00 ت غ) دمرت دفاعاتنا الجوية طائرة من دون طيار في منطقة قاعدة بيلبيك».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

هجوم بطائرة مسيرة يستهدف مصفاة «إلسكاي» جنوب روسيا

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، صباح اليوم (الخميس)، نقلاً عن خدمات الطوارئ المحلية، أن حريقاً شب في جزء من مصفاة نفط في جنوب روسيا بعد هجوم بطائرة مسيرة. وقالت «تاس»، إن الحادث وقع في مصفاة «إلسكاي» قرب ميناء نوفوروسيسك المطل على البحر الأسود. وأعلنت موسكو، الأربعاء، عن إحباط هجوم تفجيري استهدف الكرملين بطائرات مسيرة، وتوعدت برد حازم ومباشر متجاهلة إعلان القيادة الأوكرانية عدم صلتها بالهجوم. وحمل بيان أصدره الكرملين، اتهامات مباشرة للقيادة الأوكرانية بالوقوف وراء الهجوم، وأفاد بأن «النظام الأوكراني حاول استهداف الكرملين بطائرتين مسيرتين».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

روسيا تتعرض لهجمات وأعمال «تخريبية» قبل احتفالات 9 مايو

تثير الهجمات وأعمال «التخريب» التي تكثّفت في روسيا في الأيام الأخيرة، مخاوف من إفساد الاحتفالات العسكرية في 9 مايو (أيار) التي تعتبر ضرورية للكرملين في خضم حربه في أوكرانيا. في الأيام الأخيرة، ذكّرت سلسلة من الحوادث روسيا بأنها معرّضة لضربات العدو، حتى على بعد مئات الكيلومترات من الجبهة الأوكرانية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. تسببت «عبوات ناسفة»، الاثنين والثلاثاء، في إخراج قطارَي شحن عن مساريهما في منطقة محاذية لأوكرانيا، وهي حوادث لم يكن يبلغ عن وقوعها في روسيا قبل بدء الهجوم على كييف في 24 فبراير (شباط) 2022. وعلى مسافة بعيدة من الحدود مع أوكرانيا، تضرر خط لإمداد الكهرباء قرب بلدة في جنو

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

موسكو: «الأطلسي» يكثّف تحركات قواته قرب حدود روسيا

أكد سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) نشر وحدات عسكرية إضافية في أوروبا الشرقية، وقام بتدريبات وتحديثات للبنية التحتية العسكرية قرب حدود روسيا، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الروسية «سبوتنيك»، اليوم الأربعاء. وأكد باتروشيف في مقابلة مع صحيفة «إزفستيا» الروسية، أن الغرب يشدد باستمرار الضغط السياسي والعسكري والاقتصادي على بلاده، وأن الناتو نشر حوالى 60 ألف جندي أميركي في المنطقة، وزاد حجم التدريب العملياتي والقتالي للقوات وكثافته.


روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».