الجواهر تنافس الأزياء على سرقة الأضواء في باريس

مباريات ساخنة لتقديم تصاميم فريدة تحاكي القطع الفنية قوة وتأثيرًا

أقراط أذن من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية)  -  من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز  -  من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز  -  قلادة من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية)  -  سوار من الزفير الوردي من {ديور}  -  قلادة من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»  -  قلادة جودبور التي يمكن ارتداؤها على الوجهين من بوشرون  -    قلادة من {ديور} من الزفير والماس والزمرد  -  خاتم من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»
أقراط أذن من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية) - من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز - من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز - قلادة من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية) - سوار من الزفير الوردي من {ديور} - قلادة من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز» - قلادة جودبور التي يمكن ارتداؤها على الوجهين من بوشرون - قلادة من {ديور} من الزفير والماس والزمرد - خاتم من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»
TT

الجواهر تنافس الأزياء على سرقة الأضواء في باريس

أقراط أذن من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية)  -  من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز  -  من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز  -  قلادة من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية)  -  سوار من الزفير الوردي من {ديور}  -  قلادة من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»  -  قلادة جودبور التي يمكن ارتداؤها على الوجهين من بوشرون  -    قلادة من {ديور} من الزفير والماس والزمرد  -  خاتم من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»
أقراط أذن من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية) - من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز - من مجموعة {سبعة بحار} لفان كليف أند أربلز - قلادة من مجموعة {بلغاري} (الحديقة الخفية) - سوار من الزفير الوردي من {ديور} - قلادة من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز» - قلادة جودبور التي يمكن ارتداؤها على الوجهين من بوشرون - قلادة من {ديور} من الزفير والماس والزمرد - خاتم من مجموعة «تاليسمان» من «ديبيرز»

قد لا يفهم المتابعون للأحداث السياسية والاقتصادية ما تعنيه مبالغات موسم «الهوت كوتير» وترفه المتطرف ولا الضجة الإيجابية التي تثيرها في نفوس البعض. وتقل حماستهم أكثر عندما يتزامن مع أزمة منطقة اليورو والمخاوف مما سيترتب عليها من مشكلات اجتماعية واقتصادية وغيرها. بدورهم لا يعير المتابعون للموضة اهتماما كبيرا لما يحدث خارج منصات عروضها ومعاملها وورشاتها. فالحياة بالنسبة لهم تستمر بغض النظر عن المشكلات والأزمات، كما أن الترف جزء من الحياة ومتعها، ولا يمكن تجاهله ما دامت هناك فئة، بغض النظر عن عددها، تُقبل على هذا الترف وتدعمه بكل ما تملكه من إمكانيات. ومع ذلك لا بد من القول إن الأغلبية من الفريقين تتفق بأن الـ«هوت كوتير» عالم سريالي، ليس في أوقات الأزمات فحسب، بل حتى في أحسن الأوضاع نظرا لأسعاره الجنونية. ولا شك أن المصمم كارل لاغرفيلد أفضل من لخص شخصية هذا الموسم بقوله إن الموضة غير ضرورية، مضيفا بأن هناك مشكلات كثيرة أهم منها في العالم «لكنها بكل بساطة صناعة». وبالفعل فهي صناعة مهمة يمكن أن يتعدى سعر فستان سهرة فيها مائة ألف دولار أميركي بسهولة، لأنه فريد من نوعه واستغرق مئات الساعات لتنفيذه باليد حتى يخرج بفنية عالية. وحتى عندما تكون الأوضاع الاقتصادية غير مستقرة، فإن التبريرات تزيد قوة على أساس أن الـ«هوت كوتير» استثمار مثل الفن والجواهر تماما. وربما لعب هذا الغزو دوره في تحفيز صناع الجواهر ودفعهم لمضاعفة جهودهم حتى يتمكنوا من البقاء في ساحة المنافسة، وذلك بعدم الاعتماد على جودة الأحجار وصفائها فحسب، بل أيضا بتصميمها على شكل تحف تحاكي «الهوت كوتير» جمالاً وإغراءً. وهكذا دخلوا الموسم بكل ثقلهم، بعد أن كانت البداية بتخصيص اليوم الأخير من الأسبوع لمعروضاتهم، تطور إلى شبه غزو كامل للأسبوع. فالآن، أصبحت مواعيد بعض بيوت الجواهر تتضارب مع عروض الأزياء، ما يضع البعض في حرج. واللافت أنهم في هذا الموسم زادوا من جرعة الإغراء والضغط، لعلمهم المسبق أن كثيرا من المشترين والزبونات والإعلاميين سيغادرون باريس بسرعة باتجاه روما، لحضور عرض أزياء دار «فالنتينو». أي أنهم لن يوجدوا في عاصمة النور والأناقة في اليوم الأخير من الأسبوع. لكن بعيدا عن ضغوط الوقت والمواعيد المكثفة، فإن ما أبدعوه من جواهر شفع لهم في كل ذلك، فقد جاء على شكل قطع راقية تحاكي التحف بتصاميمها الفنية وأحجارها الصافية ذات الألوان المتوهجة.
من «ديور» و«شوميه» إلى «بوشرون»، «ديبيرز»، «بلغاري» و«شانيل» مرورا بـ«فان كليف أند أربلز» و«لويس فويتون» كان الأسبوع دسما ومتنوعا، ومتعة للعين والحواس، لا سيما حين كانت الموضة تتداخل معه في حبكة مثيرة بتقنياتها العالية التي تطور الذهب ليبدو وكأنه دانتيل أو حرير. ولا شك أن هذا التوجه كان أقوى لدى «ديور»، بينما أصبح شبه تقليد تعود فيه إلى أصولها، كدار أزياء راقية، لتغرف من أرشيفها وتصوغه بأحجار جديدة ودائما بألوان متوهجة. مصممة الدار فكتوار دي كاستيلان، لم تخف سابقا أنها تعشق اللعب بمفهوم الموضة وما تشكله من تحديات بحكم أن التعامل مع الأقمشة ليس مثل التعامل مع الذهب والبلاتين، لكنها مع ذلك قبلت التحدي وعانقته. ففي تشكيلتها الأخيرة كانت فساتين السهرة الحريرية تحديدا ملهمتها، ما يفسر عنوان المجموعة «سوا دو ديور» أي «حرير ديور» ويفسر أيضا الانحناءات والالتواءات التي تبدو وكأنها أشرطة متماوجة منسوجة من الدانتيل أو الحرير. وشرحت المصممة فكرتها قائلة: «عندما تلعب بشريط فإن حركته تصبح عفوية وهذا وما حاولت التقاطه وترجمته من خلال خلق إحساس بحرية الحركة». والحقيقة أن فكرة الشريط التي اعتمدت عليها المصممة كنقطة انطلاق لإبداع هذه المجموعة ليست بسيطة أو ساذجة، بل جد معقدة من الناحية التقنية، لأنها تحتاج إلى دقة عالية سواء لثنيها أو لفها وجدلها وليّها أو تبسيطها وفتلها أو برمها قبل تثبيتها في الأخير لتكون بمثابة حلقة الوصل التي تربط الأحجار بعضها ببعض. لكن هذا ما نجحت فيه المصممة، التي اعترفت أن ما ساعدها على إنجاز هذه المهمة الصعبة لعبها على فكرة المرونة التي تتمتع بها الأقمشة المترفة مثل الحرير والتافتا والأورغنزا والساتان. وجاءت النتيجة كما توختها: تأثير حسي مع بعض الشقاوة والمرح. تضم المجموعة كل ما تشتهيه النفس من قلادات وأساور وخواتم وأقراط أذن لم تبخل عليها الدار بالأحجار تدلى بعضها وتلوى على شكل شريط حينا أو شكل تنورة ببليسيهات ناعمة حينا آخر.
تجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تستلهم فيها المصممة من الأقمشة وفساتين السهرة الراقية، إذ سبق لها ذلك في عام 2014 عندما طرحت مجموعة «أرشي ديور» وكانت على شكل فساتين منحوتة، قالت حينها إنها كانت وليدة رغبة في أن تضع نفسها مكان السيد كريستيان ديور وهو يرسم فساتينه ويصممها بعقلية مهندس والفنان.
دار «بوشرون» أيضا عادت إلى أرشيفها لتبحث عن الترف والإلهام ووجدتهما في الهند، وعالم المهارجات تحديدا. فعودة إلى تاريخها الممتد إلى 175 سنة، يُبين أن علاقتها بالهند وطيدة.
ففي عام 1909، اشترى لوي بوشرون، ابن المؤسس، من كشمير حجرة زفير ضخمة تحولت في ما بعد إلى جزء من رموز الدار وثقافتها وتغلغلت في جيناتها. وفي عام 1928 أتى ماهاراجا باتيالا إلى محلها الواقع بـ«بلاس فاندوم» ومعه 7571 ماسة و1432 زمردة طالبا منها تصميمها له في قطع جواهر خاصة. وبالفعل حصل على 149 قطعة لا مثيل لها، لهذا ليس غريبا أن تحمل الـ60 قطعة و105تصميما عرضتها في باريس مؤخرا عنوان «بلو دو جودبور» Bleu de Jodhpur وكما يدل عنوانها فإنها تتضمن كثيرا من القصص حول علاقة «بوشرون» بالهند، كما تعتمد كثيرا على الماس والزفير ألوان جودبور المدينة الزرقاء.
«ديبيرز» و«شانيل» استعملتا كل ما يخطر على البال من أحجار كريمة من الألماس إلى الزفير، في تمائم وتعويذات تجلب الحظ والسعد، واستعملتا الأحجار في حالتها الخام، أي من دون صقلها. الهدف هنا هو إضفاء الخصوصية عليها، لا سيما أن الأحجار الكريمة في حالتها الخام، نادرة جدا ما يزيد من الرغبة فيها ومن سعرها أيضا. بيد أنه كان للمرأة التي تحب الضوء وانعكاساته على جواهرها، نصيب لا يستهان به، لأن كل منهما طرحت قطعا لا تقل جمالا.
قد تكون دار «فان كليف أند آربلز» أكثر من ارتبطت تصاميمها بالتعاويذ واستغلتها في المواسم السابقة، إلا أنها هذه المرة لم تشعر أنها تحتاج إلى تعويذات لكي تروج لمجموعتها الجديدة: «البحار السبعة».
البحر، بألوانه وشواطئه وأمواجه وكائناته، وشرحت الدار بأنها صممتها لتكون بمثابة مذكرات مسافرٍ، جمعت فيها الكنوز والانطباعات. الفرق أنها عوض أن تدونها بالقلم في كتاب، ترجمتها بالأحجار الكريمة في جواهر غنية. وعلى غير ما قد يتبادر إلى الذهن بأن الأزرق سيكون هو الغالب، فإن الدار استعملت شتى الألوان، مثل الفيروزي والزمرّدي إلى الوردي والأسود والأصفر.
أما دار «بلغاري» فلم تقتصر على عرض جواهرها في مقرها الرئيسي أو في محلها «بلاس فاندوم»، بل أقامت حفلا كبيرا في محلها الواقع بأفينو جورج V بحضور رئيسها التنفيذي، جون كريستوف بابان و300 ضيف من بينهم الممثلات أمبر هيرد، ميشيل رودريغيز، جولييت بينوش فضلا عن مجموعة من الأميرات الأوروبيات. فمجموعتها «جيارديني إيطالياني»، وترجمتها حديقة إيطالية، تستحق الاحتفال، بتصاميمها التي تلقي بتحية احترام وتبجيل لمهندسين ونحاتين ورسامين من عصر النهضة. فترة تميزت باهتمام هؤلاء المبدعين برسم الطبيعة في أشكال هندسية، تجسدت غالبا في الحدائق. تضم المجموعة نحو 100 قطعة فريدة من نوعها، استوحي بعضها من النافورات وبعضها الآخر من الورود والأشجار والأغصان أو التماثيل الرخامية، بيد أن الجميل هنا أن «بولغاري» Bulgari تعاملت مع الطبيعة كمصدر إلهام وليس كنموذج يتمّ تقليده، الأمر الذي أثمر قطعا جد مبتكرة مثل أقراط أذن أطلقت عليها اسم «هيدن تريجيرز» Hidden Treasures تتوهج بالأخضر لأنها مرصعة من أربعة أحجار زمرّد من زامبيا بوزن 143.1 قيراط. لكن هذه كانت مجرد قطعة من بين 100، تنسيك كل واحدة منها الثانية نظرا لجمال تصاميمها وعمق ألوانها.



درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
TT

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)
«موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

بعد البني بدرجاته التي تتراوح بين القمحي والكاراميل والقهوة والشوكولاته، سمع الكل بإعلان معهد «بانتون» المختص في اختيار ألوان العام، أن لون 2025 سيكون من فصيلة «البُنيات»، لكن بدرجة قشدة القهوة، كما يشير اسمه «موكا موس». لهذا؛ ما عليكِ سوى أن تتخيلي قهوة أو شوكولاته مخفوقة بقليل من الكريمة لتعرفي الدرجة المقصودة. أول ما يتبادر إلى الذهن عند ذِكر «موكا موس» خفتها وذوبانها في الفم، وهذا تحديداً ما تعمّده المسؤولون على التسمية في معهد «بانتون». كان بالإمكان الاكتفاء بـ«موكا»، لكن وفق قول لوري بريسمان، نائبة رئيس معهد «بانتون» للألوان في بيان صحافي: «إن اسم اللون دائماً ما يكون مهماً لنقل الشعور الذي نلمسه ونتوخى إيصاله». إضافة كلمة «موس» زادت الإحساس بالنعومة والخفة. كان هذا هو المطلوب، وترجمه الكثير من المصممين لحد الآن في قطع مصنوعة من الساتان الحريري والصوف الناعم إلى جانب الجلد والشامواه، في الإكسسوارات تحديداً.

تُرجمت خفته ونعومته في قطع من الساتان الحريري في عرض «هيرميس» (فيليبو فيور)

كيف يتم اختيار لون العام؟

المتعارف عليه أن اختيار لون العام لا يقوم على أساس أن يكون لوناً أنيقاً يناسب الموضة أو يحدد توجهاتها فحسب. هو نتاج دراسات كثيرة تشمل خبراء وأشخاص عاديين على حد سواء. كلهم يقرأون أو يُعبّرون عن نبض الشارع: تغيراته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ومن ثم تأثيراتها على الحالة النفسية العامة. من هذا المنظور، جاء اختيار «موكا موس» تعبيراً عن الانسجام والعودة إلى الطبيعة باعتباره واحداً من الدرجات الترابية، ووفق قول بريسمان هو أيضاً محاولة «لترجمة سلوكيات الإنسان العادي الذي أصبح يُقدّر المتع الصغيرة ويرغب في أن يعيش اللحظة».

كما ظهر في عرض «هيرميس» لخريف وشتاء 2024 (فيليبو فيور)

لون السلام الداخلي

تضيف لوري بريسمان، أن هذه الدرجة الترابية تولد مشاعر الرضا وتُلهم حالة من السلام الداخلي والهدوء والتوازن على المستويات النفسية والجسدية والعقلية والروحية، كونها ترابية تتلاحم بحميمية مع الطبيعة.

في عامي 2023 و2024، مثلاً اختار المعهد لوني ماجنتا والمشمس. السبب أن العالم كان خارجاً لتوه من جائحة كورونا وكان يحتاج إلى أي شيء فيه بريق أمل يعكس الانعتاق والانفتاح. لم يختلف الهدف هذا العام، وإن كانت نسبة الرغبة في تحقيق التوازن النفسي أعلى»، حسب قول بريسمان «فتزايد الاضطرابات والتوترات التي يشهدها العالم الخارجي، انعكس على نفسيات الناس وسلوكياتهم. أصبحنا نبحث عن السلام الداخلي والتناغم مع محيطنا بأي ثمن».

استبقت «هيرميس» معهد «بانتون» واستعملته بسخاء في تشكيلتها لخريف وشتاء 2024 (فيليبو فيور)

من جهتها، تُشير لي آيزمان، المدير التنفيذي للمعهد ذاته، إلى تنوع الظل قائلة «ربما نطلق عليه لوناً ترابياً، لكن استخدامه بإيحاءات بملمس الحرير الناعم يجلب شعوراً جديداً نسميه الدفء الحسي من دون أن ننسى أنه متعدد الاستخدامات ويتناغم مع الكثير من الألوان الأخرى». ما تقصده آيزمان أنه عند تنسيقه مع ألوان مثل الأزرق الفاتح أو الفيروزي أو الوردي، فإنه لا يبقى محايداً، ويتحول ظلاً جريئاً ومثيراً. فـ«موكا موس» لن يُلغي درجات الدوبامين المتوهجة مثل الأخضر والأصفر والوردي وغيرها. فهذه لها مكانتها في ساحة الموضة وأيضاً تأثيراتها الإيجابية على ذائقة المستهلك.

«برونيللو كوتشينيللي» يستعمله منذ سنوات في تشكيلاته (برونيللو كوتشينيللي)

المؤكد أن «موكا موس»، مثل سابقيه من ألوان الأعوام الماضية، اختير ليعكس حالة مزاجية مهمة تمرّ بها الموضة حالياّ. هذه الحالة تتبنى أو تطمح لفخامة مبطنة يلمسها صاحبها قبل الناظر إليها، و لا تريد أن تتقيد بزمن أو مكان. وهذا ما يجعلها مستدامة شكلاً ومضموناً، ويُفسّر انتعاش درجات البني حتى الآن رغم حياديتها. بداية في معاطف شتوية وحقائب يد وأحذية، ليتمدد حديثاً إلى باقي الأزياء. فمنذ أن روَّجت النجمة وسيدة الأعمال غوينيث بالترو من دون قصد لأسلوب الفخامة الهادئة وهذا اللون يزيد قوة. ففي عام 2023، وخلال حضورها محاكمتها في قضية حادثة التزلج الشهيرة، كانت تظهر بأزياء بسيطة للغاية بألوان حيادية غير مثيرة للنظر، لكن عندما تتعرف على مصدرها تعرف أنها من ماركات تهمس بالترف والفخامة. وهكذا خرجت بالترو من المحاكمة منتصرة على رافع القضية ضدها، وفي الوقت ذاته منتصرة لأسلوب موضة يمكن اعتباره مضاداً حيوياً لموضة استهلاكية تتجنب «اللوغوهات» والتفاصيل الصارخة.

من تشكيلة «برونيللو كوتشينيللي لخريف وشتاء 2024 (برونيللو كوتشينيللي)

ما يؤكد استقواء هذا التوجه أن ماركات مثل «برونيللو كوتشينيللي» و«لورو بيانا» و«ذي رو» و«هيرميس» وما شابهها من بيوت أزياء راقية، تُسجِل أرباحاً عالية على عكس الكثير من المجموعات الضخمة التي تشهد تراجعاً مخيفاً. الفضل في نجاحهم، اعتمادهم على وصفة واحدة، تمتزج فيها الحرفية والجودة من ناحية الخامات والتفاصيل والتقنيات بالأناقة. كما استعاضوا فيها عن الدرجات الصارخة بأخرى، ربما تكون مطفية، لكنها كلاسيكية، مثل الأخضر الزيتوني والرمادي والأزرق الغامق والأسود وكل درجات البني من البيج إلى الشوكولاتي الغامق.

من اقتراحات «لورو بيانا» لربيع وصيف 2025 (لورو بيانا)

ولأن واحدة من ميزات الفخامة الهادئة أنها مستدامة، بمعنى أنها ليست موسمية تميل إلى الصرعات؛ فإن لون «موكا موس» حسب معهد «بانتون» للألوان مناسب جداً في ظل التغيرات التي يشهدها العالم حالياً. فهي درجة تبُث مشاعر الحذر والأمان، وهو «ما يحتاج إليه المستهلك حالياً». خبراء الموضة يوافقونهم الرأي ويضيفون أن ما يُحسب لدرجة «موكا موس» أنها تُفسح المجال لكل واحد منا باختيار الخلطة حسب الرغبة والهوى، بمزج نسبة القهوة أو الشوكولاته مع نسبة الحليب أو القشدة. فأكثر ما يمنحه البني هو تنوعه الكبير من لون البسكوت إلى لون الشوكولاته الغامقة، فضلاً عن سهولة تنسيقه مع ألوان أخرى.

«كلوي» نسّقته مع قطع بألوان وخامات مختلفة (كلوي)

ثم لا ننسى هنا عنصر اللذة الذي تثيره هذه الدرجة، وهو ما تؤكده الجدالات والتعليقات التي أثارتها هذه الدرجة منذ الإعلان عنها. فالتركيز منذ الإعلان عنها كان على اللذة التي تثيرها من دون التطرق إلى أي سلبيات، مثل أنها بحياديتها قد تكون باهتة على البشرة السمراء والحنطية. لكن يبقى هذا مأخذاً حله بسيط، يتلخص في إضافة لون قوي يعزّزه فيُضفي على البشرة ما تحتاج إليه من ألق والمظهر من تألق.