2022 عام حزين لأسواق الأسهم

سنة مضطربة على انخفاض

متداول في بورصة نيويورك يتابع حركة الأسهم خلال تعاملات أحد أيام نهاية العام (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك يتابع حركة الأسهم خلال تعاملات أحد أيام نهاية العام (أ.ب)
TT

2022 عام حزين لأسواق الأسهم

متداول في بورصة نيويورك يتابع حركة الأسهم خلال تعاملات أحد أيام نهاية العام (أ.ب)
متداول في بورصة نيويورك يتابع حركة الأسهم خلال تعاملات أحد أيام نهاية العام (أ.ب)

تراجعت الأسهم الأوروبية يوم الجمعة في آخر جلسة تداول في عام صعب اتسم بتوترات جيوسياسية وتنامي المخاوف من الركود، مع تشديد البنوك المركزية في أنحاء العالم للسياسة النقدية.
وانخفض المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 0.4 في المائة في تعاملات ضعيفة بسبب موسم العطلات، في حين ألقت زيادة الإصابات بمرض «كوفيد – 19» في الصين بظلالها على توقعات ضبابية بالفعل للنمو العالمي. واتجه المؤشر صوب إنهاء العام منخفضاً 12.1 في المائة.
وانخفضت أسهم قطاع شركات السلع الفاخرة المنكشفة على الصين، كما أثرت أسهم شركات الصناعة على المؤشر ونزل مؤشرها الفرعي 0.4 في المائة، في حين انخفضت أسهم التكنولوجيا 0.7 في المائة متخلية عن بعض المكاسب الكبيرة التي حققتها في الجلسة السابقة.
وكانت أسهم التكنولوجيا الحساسة لأسعار الفائدة قد صعدت (الخميس) لتسير على درب مكاسب خلال تعاملات محدودة لنظيراتها في وول ستريت، بعد أن أشارت بيانات البطالة الأميركية إلى أن الرفع الحاد للفائدة الأميركية ربما يكون قد بدأ يؤثر سلباً على قوة سوق العمل.
وأفادت وزارة العمل الأميركية بزيادة عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن البيانات تشير إلى أن سوق العمل لا تزال قوية رغم مساعي «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» لتهدئة الطلب على العمالة في إطار جهوده لخفض التضخم.
وفي آسيا، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني قبل عطلات بداية العام الجديد مسجلاً أول خسارة سنوية في 4 أعوام. واختتم المؤشر التداولات مستقراً عند 26094.50 نقطة، بعدما ارتفع 0.9 في المائة في وقت سابق من الجلسة. وتراجع المؤشر 9.4 في المائة خلال العام مسجلاً أول خسارة سنوية منذ 2018.
كما عكس المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً اتجاهه ليغلق على هبوط 0.19 في المائة عند 1891.71 نقطة، ولينهي العام على تراجع بـ5 في المائة في أول خسارة في 4 سنوات أيضاً.
ومن جانبها، استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة، لكنها اتجهت لتكبد خسارة للعام الثاني على التوالي؛ إذ أضعف رفع «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بشدة جاذبية السبائك التي لا تدر عوائد.
وارتفع الذهب في السوق الفورية 0.2 في المائة إلى 1818.19 دولار للأوقية (الأونصة) عند الساعة 05:40 بتوقيت غرينتش. وهبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.1 في المائة إلى 1824.30 دولار.
وقال إيليا سبيفاك، مدير أبحاث الاقتصاد الكلي العالمي في «تيستيتلايف»: «خلال معظم العام، تعرض الذهب لضغوط جراء تشديد (مجلس الاحتياطي الفيدرالي) سياسته النقدية، ولكن بحلول نهاية العام، شهد بعض التعافي وحصل على طوق نجاة بسبب توقعات بأن المجلس قد يبطئ وتيرة رفع أسعار الفائدة».
واتجه الذهب نحو انخفاض سنوي 0.5 في المائة؛ إذ كان الدولار الملاذ الآمن المفضل وسط الزيادات الضخمة في أسعار الفائدة. وحقق مؤشر الدولار أفضل أداء سنوي له منذ عام 2015، مما جعل الذهب باهظ الثمن لحاملي العملات الأخرى.
ومع ذلك، ارتفعت أسعار الذهب بنحو 200 دولار تقريباً من أدنى مستوى في أكثر من عامين سجلته في سبتمبر (أيلول) الماضي، في طريقها لتحقيق أفضل أداء فصلي منذ يونيو (حزيران) 2020، على أمل أن يبطئ «البنك المركزي الأميركي» وتيرة رفع أسعار الفائدة.
ورفع البنك أسعار الفائدة 50 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول) بعد 4 زيادات متتالية بواقع 75 نقطة أساس في كل مرة. وتزيد أسعار الفائدة المرتفعة من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً.
وقال سبيفاك، إنه «في عام 2023، ستشهد أسعار الذهب الكثير من التقلبات، لكنها لن تتحرك أبعد من ذلك بكثير؛ لأنها ستكون عالقة بين الدولار القوي وانخفاض عوائد سندات الخزانة». وأضاف: «إذا أصاب الركود الطلب الصناعي في عام 2023، فمن المرجح أن يعاني البلاتين والبلاديوم».
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفع سعر الفضة في السوق الفورية 0.5 في المائة إلى 23.99 دولار، وزاد البلاتين 0.9 في المائة إلى 1063.63 دولار، في حين هبط البلاديوم 0.4 في المائة إلى 1807.53 دولار. واتجه كل من الفضة والبلاتين نحو ارتفاع سنوي، في حين اتجه البلاديوم لتكبد خسارة سنوية بأكثر من 4 في المائة.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.