لاعبون سابقون يتحدثون عن تجربتهم في مواجهة الأسطورة بيليه في كأس العالم

النجم البرازيلي فاز بالمونديال ثلاث مرات في أعوام 1958 و1962 و1970

بيليه في نصف نهائي مونديال 1958 قبل الوصول للنهائي والفوز باللقب وهو في السابعة عشرة من عمره (د.ب.أ)
بيليه في نصف نهائي مونديال 1958 قبل الوصول للنهائي والفوز باللقب وهو في السابعة عشرة من عمره (د.ب.أ)
TT

لاعبون سابقون يتحدثون عن تجربتهم في مواجهة الأسطورة بيليه في كأس العالم

بيليه في نصف نهائي مونديال 1958 قبل الوصول للنهائي والفوز باللقب وهو في السابعة عشرة من عمره (د.ب.أ)
بيليه في نصف نهائي مونديال 1958 قبل الوصول للنهائي والفوز باللقب وهو في السابعة عشرة من عمره (د.ب.أ)

أشاد عالم الكرة المستديرة بالأسطورة البرازيلي بيليه الذي توفي عن عمر يناهز 82 عاماً الخميس بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان. فاز نجم «راقصي السامبا» بكأس العالم ثلاث مرات. في السطور التالية، يروي ثلاثة لاعبين (كيرت هامرين، وغييرمو سيبولفيدا، وتارسيسيو بورغنيتش) تجربتهم في مواجهة واحد من أفضل لاعبي كرة القدم في التاريخ، في هذه البطولات العالمية الثلاث:

بيليه وكأس العالم الأخيرة التي فاز بها في المكسيك عام 1970 (أ.ب)

كيرت هامرين (عام 1958)
لم يكن كثيرون يعرفون شيئا عن بيليه قبل هذه البطولة في السويد، لكن اسمه أصبح يتردد في كل مكان بعدما نجح في تسجيل هدفين في المباراة النهائية لكأس العالم وهو في السابعة عشرة من عمره ليقود «راقصي السامبا» للفوز بكأس العالم للمرة الأولى. يتذكر الجناح السويدي الرائع كورت هامرين تلك «الموهبة النادرة» التي كانت تتميز بالتواضع الشديد، قائلا:
«في عام 1958 لم يكن بيليه معروفا لنا نحن السويديين. في بداية البطولة لم يلعب بيليه حتى المباراة الأخيرة من دور المجموعات لأنه كان مصابا. لم أسمع عنه إلا قبل أيام قليلة من المباراة النهائية، بعدما نجح ذلك اللاعب الذي كان يلعب في مركز الجناح الأيسر ويبلغ من العمر 17 عاما في تسجيل أربعة أهداف في ثلاث مباريات. لكن بكل صراحة كنا نشعر بالقلق من لاعبين آخرين مثل فافا وغارينشا، لكننا أدركنا بعد ذلك أنه كان يتعين علينا أن نشعر بقلق أكبر من بيليه، الذي سجل هدفين، أحدهما بتسديدة رائعة على الطائر. كنت منبهرا بهذا اللاعب المتكامل، الذي لا توجد لديه أي نقطة ضعف، رغم أنه كان صغيرا جدا في السن. ومع ذلك، لم يكن بيليه هو أفضل لاعب في تلك البطولة، فقد كان هناك لاعبون رائعون آخرون مثل ديدي وغارينشا، لكن كان من السهل أن ترى أنه يمتلك موهبة نادرة».
ويضيف: «عندما التقينا عدة مرات أخرى في وقت لاحق في مسيرته الكروية، كان قد أصبح أفضل لاعب في العالم. أتذكر بشكل خاص مباراة ودية في ستوكهولم ضد البرازيل قبل كأس العالم في إنجلترا عام 1966، حيث فعل شيئا في تلك المباراة لم أره من قبل، إذ سدد الكرة من ركلة البداية نحو المرمى بعدما لمح حارس المرمى متقدما عن مرماه. عاد حارس المرمى بسرعة كبيرة ونجح في إخراج الكرة بأطراف أصابعه فوق العارضة، لكن الجمهور صفق بحرارة واستمتع بتلك المحاولة الجريئة».
وتابع: «لقد كان متواضعا بشكل لا يُصدق. كان الفوز علينا يعني حصول البرازيل على لقب كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها. وأظهر لاعبو البرازيل تقديرهم للجمهور السويدي في المدرجات، واحترامهم لنا كمنافسين من خلال الإمساك بعلم سويدي ضخم والركض به حول الملعب. وعلاوة على ذلك، فقد علمت أيضا أنه عندما غاب عن المباريات الأولى بسبب الإصابة، جلس في المدرجات في بلدة سويدية صغيرة وسط عامة الناس. لا يمكنك أن ترى نجوم اليوم يفعلون ذلك في أغلب الأحيان».

غييرمو سيبولفيدا (عام 1962)
تعرض بيليه للإصابة في المباراة الثانية بدور المجموعات أمام تشيكوسلوفاكيا ليغيب عن باقي مباريات كأس العالم، ليترك الجميع يتساءل ما كان يمكن أن يحدث لو لم يتعرض للإصابة وواصل اللعب حتى النهاية. واصلت البرازيل مشوارها في البطولة وفازت باللقب، لكن غييرمو سيبولفيدا، مدافع المكسيك الذي شارك في المباراة الافتتاحية بدور المجموعات ضد البرازيل، ما زال يتذكر مواجهة «الشيطان» في تلك المباراة، ويقول:
«بيليه لم يكن مثل أي لاعب آخر. لقد كان شيطاناً! إنه الأفضل على الإطلاق بالنسبة لي. كان يمتلك شخصية قوية، ويجيد اللعب بالرأس، ولديه لمسة ساحرة للكرة، وقبل كل شيء كان زميلا جيدا ويلعب دائما من أجل مصلحة الفريق. لقد كان لاعبا فذا، لكنه كان متواضعا للغاية أيضا، وهو الأمر الذي يصعب أن تجده في أي لاعب. لم يشتك أبدا من زملائه في الفريق، وكان يشجعهم دائما. لعبت عدة مرات ضده، وكان دائما رجلا نبيلا. وبصرف النظر عن كونه لاعبا رائعا، فقد كان أيضا مثقفا للغاية، ولهذا السبب فهو يستحق أن نتذكره بكل خير».
ويضيف: «عندما واجهنا البرازيل في عام 1962، كانت حاملة اللقب وخسرنا أمامها بهدفين دون رد. كنا نعلم أننا سنخوض مباراة صعبة، وهو ما حدث بالفعل. سجل ماريو زاغالو وبيليه هدفي اللقاء. لقد صمدنا حتى الدقيقة 56، لكن بعد ذلك سجل زاغالو الهدف الأول، وواجهنا صعوبة هائلة بعد ذلك لمجرد الحصول على الكرة من اللاعبين البرازيليين. وسجل بيليه - ومن غيره - الهدف الثاني الذي قتل المباراة تماما. إنني أشعر بالامتنان والشرف لأنني لعبت يوما ما ضد بيليه».
تارسيسيو بورغنيتش (عام 1970)
يعتبر تارسيسيو بورغنيتش أحد أعظم المدافعين الإيطاليين عبر كل العصور، وأحد أبرز اللاعبين في فريق إنتر ميلان الرائع بقيادة هيلينيو هيريرا. لعب بورغنيتش 66 مباراة دولية، وشارك في ثلاث نهائيات لكأس العالم، بما في ذلك المباراة النهائية التي خسرتها إيطاليا أمام البرازيل بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في عام 1970. وقال بورغنيتش عن الهدف الشهير الذي سجله بيليه بالرأس في مرمى فريقه: «قلت لنفسي قبل المباراة إنه مخلوق من لحم وعظم مثل الجميع، لكنني اكتشفت أنني كنت مخطئا».
ويقول: «من يستطيع أن ينسى المباراة النهائية في مونديال 1970؟ كانت تلك المباراة غريبة حقا، نظرا لأننا لم نلعب بشكل متوازن على الإطلاق، حيث كنا لا نزال نشعر بالإرهاق بعد المجهود الكبير الذي بذلناه في مباراتنا أمام ألمانيا [فازت إيطاليا في مباراة الدور نصف النهائي، التي أطلق عليها في وقت لاحق اسم مباراة القرن، بنتيجة أربعة أهداف مقابل ثلاثة بعد أن امتدت المباراة للوقت الإضافي]. لقد شعرنا بذلك في صباح اليوم الذي يسبق المباراة النهائية. أتذكر أنه عندما سألني المدير الفني [فيروشيو فالكاريغي] عما أشعر به، قلت له: إنني لا أشعر بقدمي على الإطلاق!»
ويضيف: «كانت هناك طرق مختلفة لمحاولة الحد من خطورة بيليه، وقد درسناها جميعا. كان يتعين علينا أن نهتم بكل التفاصيل وبكل خطوة، لكن كان هناك بعض الالتباس والارتباك فيما يتعلق بطريقة مراقبته داخل الملعب. كانت الصعوبة تتمثل في أنه عندما يعود بيليه إلى خط الوسط فإن ماريو برتيني هو الذي من كان من المفترض أن يراقبه، لكن عندما كان يتقدم للأمام كان يتعين علي أنا أن أراقبه. لكن بيليه كان ذكيا للغاية، ففي اللحظة التي أتحرك فيها لمراقبته كان يعود إلى خط الوسط لتسلم الكرة، وهو الأمر الذي تسبب في القضاء على خطتنا تماما».
ويتابع: «لعبت ضد بيليه عدة مرات في نيويورك، ويمكنني أن أقول إنه كان قادرا على أن يفعل بقدميه ما يمكنني أن أفعله بيدي! لقد كان لاعبا متكاملا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فقد كان سريعا للغاية ويجيد اللعب بالرأس والتحكم الهائل في الكرة، سواء بقدمه اليمنى أو اليسرى، وكان دائما ما يجد طريقة ما للقضاء على المنافسين». ويختتم حديثه قائلا: «بالنسبة لي، بيليه هو أعظم لاعب في التاريخ. ولم يكن رياضيا أو لاعبا استثنائيا فحسب، لكنه كان رجلا عظيما أيضا. لقد كان مثلا يحتذى به دائما. لم يكن لدى بيليه شيء أكثر من غيره، لكنه كان يمتلك كل شيء، حيث كان لديه القدرة على أن يكون بطلا، وكان يمتلك جسدا مثاليا، ويعمل باحترافية شديدة».


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
TT

من عصر دي ستيفانو إلى حقبة كارفاخال... ريال مدريد يواصل صنع المعجزات

الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)
الريال وفرحة الفوز بدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 (إ.ب.أ)

في مايو (أيار) 2004، قام طفل يبلغ من العمر 12 عاماً بشعر أصفر طويل ينتظره مستقبل مشرق، بوضع قميص ريال مدريد الأبيض بجوار أحد الأعمدة الموجودة في ملعب التدريب بالنادي الموجود به لوح من الغرانيت عليه العبارة الشهيرة «يحترم ماضيه، ويتعلم من حاضره، ويؤمن بمستقبله». وفي اليوم الأول من يونيو (حزيران) 2024، كان هذا الطفل، الذي أصبح رجلا يبلغ من العمر 32 عاماً بلحية رمادية وصنع تاريخاً حافلاً، يرتدي هذا القميص على ملعب ويمبلي، وقفز ليسجل برأسه في المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا ليقود النادي الملكي لاستكمال أعظم إنجاز في تاريخه على الإطلاق. وأشير بهذا إلى داني كارفاخال.

لقد مر عشرون عاماً تقريباً منذ ذلك اليوم في عام 2004. في ذلك اليوم، وقف كارفاخال، وهو طفل صغير في أكاديمية الناشئين، إلى جانب ألفريدو دي ستيفانو، البالغ من العمر 78 عاماً، والذي يعد أهم لاعب في تاريخ أندية كرة القدم، ورمزا لكل شيء: الرجل الذي غيّر وصوله عام 1953 ريال مدريد ولعبة كرة القدم إلى الأبد، والذي شكّل أسطورة النادي وهويته. والآن، عندما يتعلق الأمر ببطولة دوري أبطال أوروبا؛ تلك المسابقة التي يشعر ريال مدريد بأنها أصبحت ملكا له، أصبح كارفاخال يتفوق على دي ستيفانو. قد يبدو هذا سخيفاً للبعض، لكن هذا هو ما حدث مؤخراً.

عندما فاز ريال مدريد بدوري أبطال أوروبا عام 1960 بعد الفوز على إينتراخت فرنكفورت 7 - 3 في مباراة من أعظم المباريات عبر التاريخ (ب.أ)

لقد فاز عدد قليل من اللاعبين بنفس عدد بطولات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها كارفاخال، حيث نجح خمسة لاعبين في الحصول على اللقب ست مرات، من بينهم أربعة من زملاء كارفاخال: فبعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية بهدفين دون رد على ملعب ويمبلي، انضم كارفاخال ولوكا مودريتش وناتشو فرنانديز وتوني كروس إلى باكو خينتو - الذي ظل رقمه القياسي المتمثل في أكثر اللاعبين فوزا بالبطولة صامدا لمدة 58 عاماً - كأكثر اللاعبين فوزا باللقب على الإطلاق. ويُعد كارفاخال هو اللاعب الوحيد من هذا الجيل الذي شارك أساسياً في جميع المباريات النهائية الست، على الرغم من أنه خرج مستبدلا في مباراتين منها. وقال كارفاخال والدموع في عينيه بعد الفوز على بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية التي سجل فيها هدفا: «لقد جئت إلى هنا وأنا طفل صغير، والآن أنا هنا. سيكون من الصعب للغاية أن يكسر أحد هذا الرقم الذي حققناه».

لقد كان هناك كثير من الصور، وكثير من التصريحات، وكثير من اللحظات، التي ستظل خالدة في الأذهان بعد فوز «الميرنغي» بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الـ 15 – نعم المرة الخامسة عشرة، هل تصدقون هذا؟ لقد كانت هذه هي آخر مباراة للنجم الألماني توني كروس، الذي أعلن اعتزاله كرة القدم بنهاية الموسم الحالي. وسجل راقص السامبا البرازيلي فينيسيوس جونيور هدفاً أخر في المباراة النهائية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، وهو الأمر الذي جعل المدير الفني لريال مدريد، كارلو أنشيلوتي، يرشح النجم البرازيلي للفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لهذا العام، قائلاً: «إنه يستحق الكرة الذهبية بلا شك». وقال جود بيلينغهام، الذي لا يزال في العشرين من عمره، إنه ظل متماسكاً حتى رأى أمه وأباه بعد المباراة. وأشاد بيلينغهام بأنشيلوتي قائلاً: «إنه يعرف جيدا ما يفعله». لقد فاز ريال مدريد باللقب هذا الموسم، بنفس الطريقة التي رأيناها من قبل، حيث يبدو الفريق عرضة للهزيمة في بعض الأوقات، لكنه يعود بكل قوة ويحسم الأمور تماماً لصالحه في نهاية المطاف.

كارفاخال وفرحة افتتاح التهديف لريال مدريد (أ.ب)

لم يكن أحد يشك في قدرة ريال مدريد على حسم اللقب، لم يخسر النادي الملكي أي مباراة نهائية في هذه البطولة منذ عام 1981، فقد لعب الفريق تسع مباريات نهائية وفاز بها جميعا. وقال كروس: «يبدو أنه لا يمكن هزيمتنا في مثل هذه المباريات. إنه لأمر جنوني أن أتساوى مع خينتو كأكثر اللاعبين فوزا بلقب هذه البطولة، وهو أمر لم أتخيل أبدا أنني سأحققه». ولا يقتصر الأمر على فوز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة في تاريخه فحسب، لكن النادي الملكي فاز أيضا بست من هذه البطولات في آخر عشر سنوات: من لشبونة 2014 إلى لندن 2024. وسيبقى إنجاز خينتو - لاعب ريال مدريد الوحيد الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية في الفترة بين عامي 1956 و1960 قبل أن يفوز باللقب للمرة السادسة في عام 1966- خالداً.

ويظل فريق عام 1966 متفرداً للغاية، حيث كان ريال مدريد قد خرج من البطولة لأول مرة في عام 1960 - على يد برشلونة - وخسر المباراة النهائية في عامي 1962 و1964. وكان دي ستيفانو قد رحل، ولم يكن النادي في حالة جيدة من الناحية الاقتصادية. وكان الفريق الذي تغلب على نادي بارتيزان في نهائي عام 1966 مكوناً بالكامل من اللاعبين الإسبان. وإذا كان ذلك يساهم في عدم النظر إلى الفريق الحالي على أنه يحاكي الجيل الذهبي لريال مدريد، الذي فاز بأول خمس كؤوس أوروبية، فهناك عناصر أخرى تدعم ذلك أيضاً، وهي أن ذلك الفريق هو الذي بنى وشكّل هوية ريال مدريد، وكان فريقا لا يقهر، وهيمن على الساحة الكروية بشكل قد لا يضاهيه أو يحاكيه هذا الجيل. وبدلاً من ذلك، فاز الفريق الحالي لريال مدريد ببعض بطولاته الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بصعوبة شديدة، بل وبقدر كبير من الحظ في نظر البعض. وكان هناك اتفاق على أن الفوز ببطولة عام 2022 كان «سخيفاً» بضع الشيء، إن جاز التعبير، ثم جاءت الخسارة الثقيلة برباعية نظيفة أمام مانشستر سيتي في العام التالي كأنها «عادلة» تماماً، لكي تعكس القوة الحقيقية للفريق.

ومع ذلك، وكما قال كروس بعد تلك الخسارة أمام مانشستر سيتي: «ليس من الطبيعي أن نفوز بدوري أبطال أوروبا طوال الوقت. آخر مرة سمعت فيها أن هناك نهاية حقبة في هذا النادي كانت في عام 2019، لذلك نحن بخير». لقد كان النجم الألماني محقا تماماً في تلك التصريحات، فقد كان ريال مدريد على ما يرام، بل وكان أفضل من أي ناد آخر. لقد فاز النادي بست كؤوس أوروبية في عقد واحد من الزمان، وهو إنجاز لا يضاهيه أي إنجاز آخر، بما في ذلك الإنجاز التاريخي الذي حققه النادي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. في بعض الأحيان تكون بحاجة إلى الابتعاد قليلاً عن التاريخ الذي تصنعه لكي تدرك حجم الإنجازات التي حققتها بالفعل. الزمن يغير التصورات: يُنظر إلى الماضي بشكل مختلف، وفي يوم من الأيام سيصبح ما يفعله النادي حالياً ماضياً، وسيُنظر إليه على أنه شيء استثنائي.

لم يكن ريال مدريد في الخمسينات والستينات من القرن الماضي فريقا غير قابل للهزيمة أيضا، لكن لا يوجد أي شيء يمكن أن ينتقص من حجم الإنجازات التي حققها ذلك الفريق. وخلال السنوات الخمس الأولى التي فاز فيها ريال مدريد بكأس أوروبا، كان بطلا لإسبانيا مرتين، في حين فاز أتلتيك وبرشلونة بلقب الدوري ثلاث مرات خلال تلك الفترة. وعندما فاز ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة، كان أتلتيكو مدريد هو من فاز بلقب الدوري المحلي. وكانت خمسة فرق - أتلتيك وبرشلونة وأتلتيكو مدريد وديبورتيفو وفالنسيا - أبطال إسبانيا عندما كان ريال مدريد بطلاً لأوروبا.

لكن ما المشكلة في ذلك؟ يكفي ريال مدريد فخرا أنه فاز بستة ألقاب لدوري أبطال أوروبا في عقد واحد فقط من الزمان! وفي الواقع، يمتلك الفريق الحالي لريال مدريد سجلا أفضل من الجيل الذهبي فيما يتعلق بعدد مرات الفوز بلقب الدوري. ويجب الإشارة هنا إلى أنه بعد عام 1966، بقي ريال مدريد 32 عاماً دون أن ينجح في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا. لقد عاد ليفوز باللقب الأوروبي في عامي 2000 و2002، على الرغم من أن الفرق التي فازت باللقب في المرات السابعة والثامنة والتاسعة كانت مختلفة بشكل كبير، والدليل على ذلك أن روبرتو كارلوس وراؤول وفرناندو مورينتس كانوا هم اللاعبين الثلاثة فقط الذين شاركوا في المباريات النهائية الثلاث لهذه البطولات، وسجل زيدان ذلك الهدف الخرافي في نهاية أول موسم له مع النادي الملكي.

أنشيلوتي أكد أن الفوز بدوري الأبطال للمرة الـ15 كان أصعب من المتوقع (أ.ب)

وكان النادي قد بنى فريقه الغلاكتيكوس (العظماء) الشهير، لكنه تعثر، وواجه صعوبة كبيرة في الفوز باللقب العاشر، وظل الأمر على هذا النحو لأكثر من عقد من الزمان. وعلى مدار ستة أعوام متتالية، لم يتمكن ريال مدريد من تحقيق الفوز في الأدوار الإقصائية. لقد انتظر النادي اثني عشر عاماً، وهو ما بدا وكأنه وقت طويل للغاية، لكي يصل مرة أخرى إلى المباراة النهائية في لشبونة في عام 2014. وكان الفريق خاسراً أمام أتلتيكو مدريد حتى الدقيقة 92، قبل أن ينجح سيرخيو راموس في إحراز الهدف القاتل بضربة رأس قوية، لتكون بالتأكيد اللحظة الأكثر تأثيرا بعد ذلك في تاريخ ريال مدريد. وقال بول كليمنت، مساعد أنشيلوتي، في وقت لاحق: «كل صباح كل يوم عندما كان راموس يأتي، كنت أشعر بالرغبة في تقبيله». لقد كان الفريق ينتظر النهاية الأكثر صدمة، وكان كل شيء على وشك الانهيار، قبل أن يتدخل راموس وينقذ كل شيء.

وبدلا من ذلك، كانت هذه هي نقطة البداية والانطلاقة الحقيقية. لقد فاز ريال مدريد باللقب للمرة العاشرة. وبعد ذلك بعامين، فاز باللقب ثلاث مرات متتالية، في إنجاز استثنائي بكل تأكيد. لقد بدا الأمر وكأن النادي لن يكون قادرا على تكرار ذلك الأمر، خاصة بعد رحيل النجوم البارزين - كريستيانو رونالدو، وسيرخيو راموس، وغاريث بيل، وكاسيميرو، ورافائيل فاران - وكذلك المديرين الفنيين، حيث أقيل أنشيلوتي من منصبه في غضون عام واحد، ثم رحل زيدان، الذي بدأ مساعداً لأنشيلوتي وأصبح بعد ذلك المدير الفني الأكثر نجاحاً في البطولة.

لاعبو ريال مدريد يواصلون احتفالاتهم في حافلة جابت شوارع العاصمة (أ.ف.ب)

وكان ريال مدريد يعاني من أجل العثور على بديل مناسب. وفي أحد الأيام، تلقى خوسيه أنخيل سانشيز، المدير العام للنادي، مكالمة هاتفية من أنشيلوتي حول إمكانية تعاقد إيفرتون مع بعض لاعبي ريال مدريد على سبيل الإعارة. وخلال المحادثة، سأله أنشيلوتي عن الكيفية التي تسير بها عملية البحث عن مدير فني جديد، وقال له سانشيز إن الأمور لا تسير بشكل جيد. وعندئذ، قال أنشيلوتي مازحا: «حسناً، هناك مرشح واحد واضح، وهو أفضل مدرب في العالم (يعني نفسه)»، وقال: «هل نسيتم من قادكم للحصول على لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة؟»، وفي اليوم التالي، تلقى أنشيلوتي اتصالاً بشأن توليه قيادة ريال مدريد، وفي غضون ثلاث سنوات، رفع ريال مدريد الكأس ذات الأذنين للمرة الحادية عشرة والمرة الثانية عشرة، ليكون هذا هو أفضل عقد من الزمان لأكبر ناد في العالم، بقيادة المدير الفني الأكثر نجاحاً على الإطلاق في هذه المسابقة، وبمشاركة أربعة من أنجح خمسة لاعبين في تاريخ النادي. أما كارفاخال الذي وضع الحجر الأول في ملعب التدريب قبل 20 عاماً، فكان هو من وضع اللمسة الأخيرة على الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة عشرة، في إنجاز استثنائي!

* خدمة «الغارديان»