دبابات تجوب العاصمة الليبية والمؤتمر يرفض تسليم السلطة

كتائب الثوار عدوا الإخوان « داء ووبالا» على البلاد

دبابات تجوب العاصمة الليبية والمؤتمر يرفض تسليم السلطة
TT

دبابات تجوب العاصمة الليبية والمؤتمر يرفض تسليم السلطة

دبابات تجوب العاصمة الليبية والمؤتمر يرفض تسليم السلطة

وسط مخاوف من اندلاع حرب أهلية وقتال شوارع، وعلى وقع تهديد خطير، يعد الثاني من نوعه خلال أسبوع واحد، بالقيام بانقلاب عسكري، عاش الليبيون أمس ساعات عصيبة بعدما أعلن بعض قادة الثوار المسلحين في العاصمة الليبية طرابلس عن منح أعضاء المؤتمر الوطني العام (البرلمان) مهلة خمس ساعات؛ انتهت في الساعة التاسعة بالتوقيت المحلي مساء أمس، وإلا جرى اعتقالهم على الفور.
وفي تحد علني لهذا التهديد الذي قام به قادة لوائي القعقاع والصواعق، عقد المؤتمر الوطني جلسة مفتوحة جرى بثها على القناة التلفزيونية الرسمية، بينما كان مقر المؤتمر خاضعا لترتيبات أمنية وعسكرية استثنائية لتفادي محاولة اقتحامه مجددا.
وفي ما يشبه عملية استعراض عسكري، شوهدت دبابات وعربات مجنزرة تجول في شوارع طرابلس وعلى متنها جنود تابعون للواء الأول المعروف باسم القعقاع من ركن حرس الحدود بالجيش الليبي. وجرى إغلاق مطار العاصمة طرابلس أمام حركة الملاحة الجوية لعدة ساعات، فيما أعلن إبراهيم فركاش، مدير مطار بنينا الدولي بمدينة بنغازي (شرقا)، أن توقف حركة الطيران كان سببه احتجاج أفراد حراسة المنشآت والأهداف الحيوية عن توقف صرف رواتبهم، مشيرا إلى أن مجلس حكماء بنينا وإدارة المطار تدخلوا لإقناع المحتجين بالعودة إلى أعمالهم وتلبية مطالبهم على وجه السرعة.
وقال سكان في العاصمة طرابلس ومصادر رسمية إن شوارع العاصمة وضواحيها باتت مليئة بمئات المسلحين والآليات العسكرية وسط حالة من الاستنفار القصوى لقوات الجيش الليبي. وأبلغ عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني، «الشرق الأوسط» بأن المؤتمر أجرى سلسلة من الاتصالات مع مختلف قادة الثوار والكتائب المسلحة لاستدعائهم لحماية مقر المؤتمر في العاصمة طرابلس. وقال حميدان «سنعقد جلسة طارئة، وسيشارك جميع الأعضاء الموجودين بالعاصمة، وليتفضل الانقلابيون ليدخلوا.. لن نقف مكتوفي الأيدي». وعد ما يحدث يمس عملية تهديد خطيرة وحقيقية للمؤتمر الوطني الذي يعد أعلى سلطة دستورية وسياسية في البلاد.
ونفت الحكومة الانتقالية التي يترأسها زيدان ما أذاعه عدد من وسائل الإعلام، بأن رئاسة الوزراء أبلغت كل الوزارات إخلاء مقراتها أو الوزارات التابعة لها تحسبا لهجوم مسلح. وأكدت مصادر برئاسة الوزراء لوكالة الأنباء المحلية أن هذه الأنباء هي مجرد إشاعات ولا أساس لها من الصحة، وأنه لم تصدر أي تعليمات من الرئاسة للوزارات بهذا الشأن.
وجاء في نص البيان المتلفز الذي تمت تلاوته من قبل قادة الثوار «نمهل المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته مدة خمس ساعات لتسليم السلطة من لحظة قراءة هذا البيان»، موضحا أن «كل من يبقون من أعضاء المؤتمر هم مغتصبون للسلطة وضد إرادة الليبيين، وسوف يكون هدفا مشروعا لنا القبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة جراء ما قاموا به من أعمال. كما أننا نتهمهم بالتآمر على ليبيا وسلب خيراتها وإهدار مالها وخيانة الشعب».
وشن البيان هجوما عنيفا على جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتطرفة. وأضاف «إيمانا منا بأن سبب مشاكل البلاد هم الإخوان المفسدون والجماعات المؤدلجة والمتطرفة، فإننا نعدهم داء ووباء ووبالا على هذا البلد، وسوف نكون نحن الدواء». وتابع «نتعهد أمام الله والشعب بأننا لم ولن نكون طلاب سلطة، لكن وفاء لدماء رفاقنا من الشهداء ووفاء لهذا الوطن تعهدنا بأن نكون حماة الوطن حتى يقف على قدميه لبناء مؤسساته العسكرية والأمنية، وسوف نكون داعمين لذلك بكل ما أوتينا من قوة وعزيمة».
وحمل البيان المسؤولية كاملة لأعضاء المؤتمر «عن جر البلاد إلى الهاوية ودفع أشباه الثوار في ما بينهم واستغلالهم»، كما حملهم «دم كل ليبي يسيل على (أرض) هذا الوطن»، وأكد أن «يد الثوار الحقيقيين ستطال كل خائن وجبان أينما كان حتى تتطهر البلاد ممن وصفهم بأشباه الثوار والأنذال». وخلص البيان إلى القول «بعد هذا التاريخ وهذه المدة، على الكل أن يتحمل مسؤولية هذا الوطن. ونطالب الشعب الليبي الحر بالوقوف إلى جانب الحق في تطهير البلاد ومناصرته الكاملة؛ فهو صاحب الشرعية والسيادة بعد الله».
وردا على هذا البيان، أعلن نوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر الوطني، أن السلطات الليبية أبلغت قيادة الأركان بالتعامل مع المجموعات المسلحة التي أمهلته خمس ساعات لتسليم السلطة وهددت باستخدام القوة. ورفض أبو سهمين في كلمة مقتضبة ألقاها أمام أعضاء المؤتمر الوطني هذه المهلة، وعد هذه التصرفات «خروجا عن الشريعة»، مؤكدا أن المؤتمر يصر على المسار السياسي الانتقالي.
واستنكر المؤتمر بشدة ما جاء في المؤتمر الصحافي لعدد من قيادات اللواء الأول لحرس الحدود «لواء القعقاع» من تهديدات، وعده نية للانقلاب على الشرعية التي اختارها الشعب الليبي وفق عملية انتخابية نزيهة وشفافة شهد لها العالم أجمع.
وقال رئيس المؤتمر في بيان تمت تلاوته «وصلتنا أخبار إعلامية بأن هناك مؤتمرا صحافيا عقد من بعض مجموعات من قيادات هذا اللواء، وأنهم بصدد الانقلاب على الشرعية التي اختارها الشعب الليبي وفق عملية انتخابية نزيهة وشفافة شهد لها العالم أجمع، فجرى إعداد البيان التالي بخصوص ما تتعرض له الشرعية في ليبيا من تهديدات». وأضاف أن المؤتمر يستنكر بشدة ويرفض رفضا قاطعا كل هذه المحاولات ويعدها انقلابا على مؤسسات الدولة الشرعية وخروجا على خيارات الشعب الليبي، ويعلن أن المسار السياسي السلمي في ليبيا وانتقال السلطة وفق آلية ديمقراطية سلمية هو خيار لا حياد عنه. وكشف أبو سهمين النقاب عن أن المؤتمر تلقى تأكيدات من قيادة الجيش الليبي وكتائب الثوار بحماية الشرعية والدفاع عنها، وأكد أن المؤتمر لن يسمح باقتتال داخلي أو إراقة لدماء الليبيين. ودعا الشعب الليبي إلى أن يقول كلمته وبقوة ردا على مثل هذه التجاوزات الخطيرة ودفاعا عن خياراته السياسية.
وتردد أمس أن المسلحين الذين هددوا بانقلاب عسكري وشيك محسوبون على تحالف القوى الوطنية الذي يقوده الدكتور محمود جبريل، لكن التحالف نفى رسميا علاقته بالبيان الذي أذاعه قادة الثوار، وأكد في المقابل أنه لا توجد لديه أذرع عسكرية على الإطلاق.
من جهتها، حثت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الأطراف السياسية والثوار والقوى الحية والشخصيات على إعلاء الأهداف الوطنية العليا فوق المصالح والحسابات الفئوية والظرفية، والحيلولة دون اللجوء إلى القوة لحسم الخلافات السياسية ودرء مخاطر الانزلاق إلى الفلتان الأمني والفوضى. وعبرت البعثة في بيان لها عن قلقها حيال كل الممارسات التي تنتقص من حق الليبيين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية، لا سيما أعمال العنف ضد الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.