حكومة مصر تتخارج من 62 نشاطاً لصالح القطاع الخاص

أناس يمشون أمام مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة، مصر (رويترز)
أناس يمشون أمام مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة، مصر (رويترز)
TT

حكومة مصر تتخارج من 62 نشاطاً لصالح القطاع الخاص

أناس يمشون أمام مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة، مصر (رويترز)
أناس يمشون أمام مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة، مصر (رويترز)

ألغى البنك المركزي المصري، أمس (الخميس)، كتاباً أصدره في فبراير (شباط) الماضي، يشترط خطابات اعتماد مستندية للواردات، وهو واحد من عدة متطلبات لصندوق النقد الدولي، في مقابل حزمة دعم بقيمة 3 مليارات دولار وافق عليها هذا الشهر.
وذكر البنك المركزي، في بيان، أن الحكومة ستسمح الآن بالدفع المباشر وقبول مستندات التحصيل، وقال في بيان على موقعه الإلكتروني: «تقرر إلغاء العمل بالكتاب الدوري الصادر بتاريخ 13 فبراير 2022، والسماح بقبول مستندات التحصيل لتنفيذ كافة العمليات الاستيرادية».
وبالتزامن، أعلن مجلس الوزراء المصري برئاسة مصطفى مدبولي، خلال اجتماعه أمس، موافقة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي على «وثيقة سياسة ملكية الدولة»، مشيراً إلى التخارج من 62 نشاطاً من الأنشطة الاقتصادية في عدد من القطاعات والصناعات التحويلية.
وقال مدبولي، في بيان نشرته رئاسة مجلس الوزراء على صفحتها بموقع «فيسبوك» أمس، إن «سياسة ملكية الدولة» تستهدف بالأساس رفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات محقِّقة لطموحات المصريين عن طريق رفع معدل الاستثمار إلى ما يتراوح بين 25 في المائة و30 في المائة، بما يُسهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى ما بين 7 في المائة و9 في المائة لتوفير فرص عمل كفيلة بخفض معدلات البطالة، وذلك من خلال مزيد من تمكين القطاع الخاص المصري، وتوفير فرص متنوعة لوجود القطاع الخاص في كافة الأنشطة الاقتصادية، بما يساعد في رفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، والاستثمارات المنفذة، والتشغيل، والصادرات، والإيرادات الحكومية.
وأشار إلى أن «وثيقة سياسة ملكية الدولة» تأتي لاستكمال الإصلاحات التي تتبناها الدولة المصرية، في إطار تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، وتهيئة البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات، وذلك من خلال وضع الأسس والمرتكزات الرئيسة لوجود الدولة في النشاط الاقتصادي.
وأوضح مدبولي أن الوثيقة تتضمن أهم ملامح سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول، بما يشمل هدف هذه السياسة، وأهم موجهاتها، ومنهجية تحديد قرارات الإبقاء أو التخارج من الأصول المملوكة للدولة خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى إلقاء الضوء على دور صندوق مصر السيادي في هذا الإطار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص كآلية لمزيد من تعزيز دور القطاع الخاص، علاوة على إطار الحياد التنافسي، ومبادئ حوكمة الأصول المملوكة للدولة التي تسترشد بها الدولة المصرية في إطار ملكيتها للأصول.
وأضاف أنه سيتم تركيز تدخُّل الدولة على ضخّ الاستثمارات وملكية الأصول في قطاعات رئيسة تُعدُّ عملاً أصيلاً للدولة، بما يشمل القطاعات التي يعزِف القطاع الخاص عن الدخول فيها، في حين ينعكس تطوير تلك القطاعات بشكل مباشر على تحسين بيئة العمل للقطاع الخاص.
وأشار إلى أن السياسة تستهدف كذلك حوكمة وجود الدولة في الأنشطة الاقتصادية؛ حيث تسعى الحكومة إلى الوجود في القطاعات الاقتصادية، وفقاً لمعايير محددة، وأن يتم التحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة، وذلك من خلال تحديد آليات تخارج الدولة من الأصول المملوكة لها من خلال كثير من الآليات التي تعظم العائد من ملكية الدولة للأصول.
ولفت مدبولي إلى أن تنفيذ «وثيقة سياسة ملكية الدولة» من شأنه تحقيق وفورات مالية تُمكِّن من دعم أوضاع الموازنة العامة، وتحقيق الانضباط المالي، وضمان الاستدامة المالية، وتعزيز قدرة الدولة المالية على دعم شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الهشّة، وزيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصري أمام الأزمات.
وأوضح أنه سيتم مراعاة عدد من الموجهات الأساسية في سياق تنفيذ «سياسة ملكية الدولة»، من قبل الحكومة المصرية لضمان التنفيذ الناجح لهذه السياسة، بما يشمل التنفيذ على مراحل، بشكل تدريجي، حتى لو كانت المراحل قصيرة الأمد، على أن يكون التخارج بحسب طبيعة الأنشطة الاقتصادية، وما تفرضه طبيعة التطورات الاقتصادية المحلية والدولية، ومراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية للأنشطة الاقتصادية عند اتخاذ قرارات ملكية الدولة للأصول؛ حيث ستحافظ الدولة على وجودها في عدد من الأنشطة ذات الأولوية وذات البُعد الاستراتيجي.
كما أشار مدبولي إلى أنه من بين الاعتبارات المهمة كذلك استهداف «سياسة ملكية الدولة» لتحسين طريقة تخصيص الموارد الاقتصادية، وتنفيذ تخارج الدولة من الأنشطة والقطاعات المستهدفة، بما يتماشى مع رغبة واستجابة القطاع الخاص الفعلية بالوجود في تلك الأنشطة.
وأكد التزام الدولة بمواصلة كافة الإصلاحات التي من شأنها تعزيز وزيادة مستويات جاذبية مناخ الأعمال، إضافة إلى تقييم الأصول المملوكة للدولة استناداً إلى أسس عادلة ومحايدة، وبما يتوافق مع المعايير الدولية لتقييم الأصول، وتحديد منهجية التعامل بعد التخارج لتجنُّب التداعيات غير المواتية، من حيث العمالة، والإيرادات.
ولفت إلى أنه تم رسم خريطة وجود الدولة على مستوى الأنشطة الاقتصادية بعدد من القطاعات والصناعات التحويلية، بعدد 62 نشاطاً سيتم التخارج منها، و56 نشاطاً سيتم تثبيت أو تخفيض الاستثمارات الموجهة لها، و76 نشاطاً سيتم تثبيت أو زيادة الاستثمارات الموجهة لها، مع الإشارة في الوقت ذاته إلى مبررات الدولة من وراء ذلك.


مقالات ذات صلة

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مدبولي مترئساً اجتماعاً لمتابعة إجراءات طرح شركتَي «صافي» و«وطنية» (رئاسة الحكومة)

مدبولي: الحكومة المصرية ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال 2025

أعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة ستتابع إجراءات طرح 10 شركات خلال عام 2025، وتحديد البرنامج الزمني للطرح.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وسط القاهرة من بناية مرتفعة بوسط البلد (تصوير: عبد الفتاح فرج)

معدل نمو الاقتصاد المصري يرتفع إلى 3.5% في 3 أشهر

سجل الناتج المحلي الإجمالي في مصر نمواً 3.5 % في الربع الأول من السنة المالية 2024-2025، بارتفاع 0.8%، مقابل 2.7% في نفس الربع المقارن من العام السابق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أرشيفية لمواطن داخل أحد محلات الصرافة في القاهرة يستبدل الجنيه بالدولار (رويترز)

 «صندوق النقد» يتوصل لاتفاق مع مصر بشأن المراجعة الرابعة

توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الرابعة بموجب اتفاق تسهيل ممدد مع مصر، وهو ما قد يتيح صرف 1.2 مليار دولار بموجب البرنامج.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد حصَّادة تحصد القمح في حقل زراعي (رويترز)

روسيا تسعى لخفض التكاليف المتعلقة بمدفوعات القمح لمصر

قال رئيس اتحاد منتجي ومصدري الحبوب في روسيا إدوارد زرنين، إن مصدّري الحبوب الروس سيقترحون سبلاً لخفض تكاليف المعاملات المتعلقة بسداد أسعار تصدير القمح لمصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).