الصومال يسعى لنزع فتيل «اقتتال سياسي» محلي

خوفاً من تشتيت جهود «مكافحة الإرهاب»

دمار أحدثه تفجير سيارة مفخخة في مقديشو في 29 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
دمار أحدثه تفجير سيارة مفخخة في مقديشو في 29 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

الصومال يسعى لنزع فتيل «اقتتال سياسي» محلي

دمار أحدثه تفجير سيارة مفخخة في مقديشو في 29 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
دمار أحدثه تفجير سيارة مفخخة في مقديشو في 29 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

بينما تُركز على حملتها العسكرية لمواجهة حركة «الشباب» المتطرفة والموالية لتنظيم «القاعدة»، تعمل الحكومة الفيدرالية في الصومال على نزع فتيل أزمة داخلية بعد مواجهة بين سياسيين محليين في واحدة من المناطق التي تتوطن فيها حركة «الشباب». ويتوقع محللون أن يتوصل أطراف الأزمة إلى «حل سياسي».
وشهدت مدينة بيدوا التابعة لمحافظة باي جنوب الصومال، قبل نحو أسبوع، مواجهات بين فصائل تابعة للسلطات المحلية وميليشيات تابعة لسياسيين، أسفرت عن قتلى وجرحى، وفقاً لمصادر محلية. وجاءت المواجهات عقب هجوم شنته القوات المحلية على منزل وزير المالية الصومالي السابق محمد فرغيتي، والذي كانت تتواجد فيه قوات تابعة له مناهضة للإدارة المحلية.
وتعود جذور الأزمة إلى الانتخابات المحلية، حيث انتهت ولاية رئيس ولاية جنوب غربي الصومال عبد العزيز حسن محمد، الشهير بـ«لفتاغرين»، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقام بتمديد ولايته عبر البرلمان المحلي لعام إضافي.
وأعلن سياسيون كبار ومرشحون محتملون لرئاسة الولاية من بينهم رئيس جنوب الغرب السابق، شريف حسن شيخ آدم، في مقديشو، عن اتحاد سياسي للمرشحين للمطالبة بإجراء الانتخابات الرئاسية في الولاية، كما تم الإعلان عما سمي بـ«قوات إنقاذ جنوب الغرب»، فيما تمسك «لفتاغرين» بقراره.
ويطالب معارضون بإجراء الانتخابات دون تأجيل وفتح حوار حول المسار الانتقالي في الولاية، وهددت المعارضة باستخدام كل الوسائل لمنع التمديد، كما أعلنت ميليشيات محلية قيامها بالتصدي لأي محاولة تهدف لاستخدام السلاح من قبل السلطات، وهو ما قاد للمواجهات المسلحة.
في المقابل، وفيما وصفه بـ«مهمة لوحدة ووجود الجنوب الغربي وتعزيز الانتفاضة الشعبية لتحرير البلاد من حركة الشباب»، عقد رئيس مجلس الشعب لجمهورية الصومال الفيدرالية الشيخ آدم محمد نور (مدوبي)، الثلاثاء الماضي، اجتماعاً مع اتحاد المرشحين بولاية جنوب الغرب، لتهدئة الأوضاع.
وأشار بيان صدر عن اللقاء، نُشر في وسائل الإعلام الرسمية، إلى أن رئيس مجلس الشعب واتحاد المرشحين اتفقا على العمل معاً من أجل تحقيق الوحدة والتعاون لدفع عملية تحرير مناطق جنوب الغرب من حركة الشباب، بحسب موقع «صوماليا توداي».
ورد رئيس ولاية جنوب الغرب، «لفتاغرين» على معارضيه، مصرحاً أنه «لا يوجد مكان لما سمي بقوات الإنقاذ في ولايته»، وأوضح أن «إدارته لن تقبل إلحاق الضرر بسكان مدينة بيدوا». وأضاف أن «على من يريد إنقاذ ولاية جنوب الغرب أن يذهب إلى جبهات القتال ويحارب حركة الشباب».
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» رأى الصحافي الصومالي عدنان عبدي علي أن «الاشتباك المسلح بسبب الاستقطاب السياسي بشأن الانتخابات سواء على مستوى الولايات أو على المستوى الاتحادي أمر وارد جداً ومرشح للتكرار»، وذكر أنه «عقب الاشتباكات، دعا رئيس الولاية إلى حوار بين الأطراف كافة، وعدل عن تصريحاته الوعيدية مما يضمن نسبياً تهدئة الأوضاع». وقال: «موقف الحكومة الفيدرالية هو الحوار وعدم التمديد والحوار بين الأطراف الفاعلة لتنظيم انتخابات توافقية نزيهة».
وقال علي: «تبطئ هذه الاشتباكات والصراعات المحلية وتيرة العمليات العسكرية، حيث تفقدها الانقسامات زخمها، وتدفعها لفتح جبهات عديدة مما يقلل قدراتها في المواجهات الميدانية».
في هذا السياق أشار علي إلى أن الحكومة الفيدرالية كانت قامت بالفعل «بنشر وحدات كبيرة من الجيش في الولاية لشن عملية عسكرية في مواجهة عناصر الشباب هناك، لكن رئيس الولاية يرى أن موقف الحكومة الفيدرالية غير داعم له، لذا يتخذ موقفاً غير داعم ويؤجل الحراك العسكري إلى حين تسوية الأوضاع السياسية المحلية».
من جهتها، دعت الناشطة السياسية الصومالية أرقسن إسماعيل في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» جميع الأطراف أن «يضعوا مصلحة الوطن أولاً، من خلال العمل على التوصل لحل سياسي لأن الظروف غير مواتية لهذه الخلافات»، وأضافت: «يمكن على سبيل المثال استغلال فترة تمديد الولاية في الترتيب لانتخابات بموافقة جميع الأطراف، أو التوصل إلى حل سياسي آخر بدلاً من حمل السلاح والتسبب في نزاعات وانشقاقات».
وتوقعت أرقسن إسماعيل أن «يتم تهدئة الأمور بين الأطراف في الولاية من خلال مفاوضات ترعاها الحكومة الفيدرالية لأن ما يحدث ليس في مصلحة الصومال ولا في مصلحة أي من الأطراف». وقالت إن «الحملة العسكرية في مواجهة حركة الشباب المتطرفة تحقق نتائج مبشرة، وسيكون لاكتمال نجاحها نتائج مفصلية لمستقبل البلاد، لذلك على جميع الولايات نبذ الخلافات الداخلية والانشقاقات».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.