هل من صلة بين التغيّر المناخي والعواصف الشتوية الحادة؟

منازل مغطاة بالجليد في نيويورك بعد تعرضها لعاصفة شتوية قاسية (أ.ف.ب)
منازل مغطاة بالجليد في نيويورك بعد تعرضها لعاصفة شتوية قاسية (أ.ف.ب)
TT

هل من صلة بين التغيّر المناخي والعواصف الشتوية الحادة؟

منازل مغطاة بالجليد في نيويورك بعد تعرضها لعاصفة شتوية قاسية (أ.ف.ب)
منازل مغطاة بالجليد في نيويورك بعد تعرضها لعاصفة شتوية قاسية (أ.ف.ب)

تشهد حرارة كوكب الأرض ارتفاعاً حتى في فصول الشتاء، إلّا أن عواصف شتوية حادّة ضربت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، مما دفع الخبراء إلى التعمق في دراسة الصلة بين موجات البرد القارس والتغيّر المناخي، وفقاً لوكالة «الصحافة الفرنسية».
ومع أنّ هذه المقاربة تبدو غير منطقية نوعاً ما، توصل الباحثون إلى أن ثمة عدداً من الروابط بين موجات الصقيع والتغيّر المناخي، بينما لا تزال بعض الصلات تخضع للدراسة العلمية والمناقشة من خبراء في المجال.
وبينما يُعدّ الرابط بين الاحترار المناخي وموجات الحرّ مباشراً، فإنّ سلوك العواصف الشتوية محكوم بديناميات الغلاف الجوي المعقدة والتي تصعب دراستها.
ويقول عالم المناخ في جامعة بنسلفانيا مايكل مان لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «إنّ بعض جوانب العواصف الشتوية مرتبطة جداً بالتغيّر المناخي».
وعلى سبيل المثال، تتأثر كميات الثلوج المتساقطة بارتفاع درجة حرارة المسطحات المائية كالبحيرات والمحيطات.
وفي الولايات المتحدة، تُسجّل ظاهرة تُسمّى بـ«تأثير البحيرات» حول منطقة البحيرات العظمى على الحدود الكندية تحديداً. وتقع في هذه المنطقة مدينة بوفالو التي تضررت كثيراً من العاصفة الأخيرة التي ضربت الولايات المتحدة.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1607730517444550657?s=20&t=5EjEI4bjnG4eTfwVbJXfmQ
ويؤدي اصطدام الكتل الهوائية الباردة الآتية من الشمال بالمياه الدافئة في هذه البحيرات، إلى حمل حراري يؤدي إلى تساقط الثلوج.
ويقول مايكل مان في تقرير نُشر عام 2018 «كلما ارتفعت درجة حرارة هذه البحيرات زادت الرطوبة في الهواء، وارتفع تالياً احتمال تساقط الثلوج الناجم عن ظاهرة (تأثير البحيرات)»، مضيفاً: «ليس مُفاجئاً أن نرى على المدى البعيد ارتفاعاً في كميات الثلوج المتساقطة المرتبطة بــ(تأثير البحيرات) مع ارتفاع درجات الحرارة خلال القرن الماضي».
من ناحية أخرى، لا يُجمِع العلماء على جوانب أخرى كتأثير التغير المناخي على تيارات هوائية هي الدوامة القطبية والتيار النفاث.
والدوامة القطبية هي كتلة هوائية متمركزة فوق القطب الشمالي، على طبقة ستراتوسفير الجوية العليا (البشر يعيشون في طبقة تروبوسفير التي تقع ستراتوسفير فوقها مباشرة).
والدوامة القطبية محاطة بشريط من الهواء الدوّار والذي يشكل حاجزاً بين الهواء البارد شمالاً والهواء الأكثر اعتدالاً جنوباً. لكن عندما تضعف الدوامة القطبية، يبدأ الهواء في التموّج ويصبح بيضاوي الشكل، مما يؤدي إلى تدفق مزيد من الهواء البارد نحو الجنوب.
وتشير دراسة أجريت عام 2021 إلى أنّ هذا النوع من الظواهر يزداد حدوثه، ويؤثّر خلال الأسبوعين التاليين على الطبقة الأدنى في الغلاف الجوي والتي تضم التيار النفاث.
وهذا التيار الهوائي الذي يتدفّق من الغرب إلى الشرق خارقاً أيضاً الحدود بين الهواء البارد وذلك الدافئ، ينزلق بطريقة تتيح للهواء البارد الآتي من الشمال اختراق خطوط العرض المنخفضة والوصول تحديداً عند شرق الولايات المتحدة.
ويقول جودا كوهين، وهو معدّ الدراسة الرئيسي وعالم مناخ لدى موقع «أتموسفيريك أند إنفايرنمانتل ريسيرتش»، إنّ «الجميع متفقون على أنّ احتمال تسجيل عواصف شتوية حادة يرتفع عند حدوث أي خلل في الدوامة القطبية».
ويشير إلى أن الدوامة القطبية هي ما رُصد قبل العاصفة التي ضربت الولايات المتحدة في ديسمبر (كانون الأول). كذلك، حصلت الظاهرة نفسها في فبراير (شباط) 2021 عندما ضرب برد قارس ولاية تكساس وأدى إلى انقطاع طويل للتيار الكهربائي.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1608037343339896833?s=20&t=5EjEI4bjnG4eTfwVbJXfmQ
إلا أنّ صلب النقاش يصبّ في مكان آخر، لأنّ السؤال الأبرز يتمثل في الأسباب الكامنة وراء الخلل المتزايد في الدوامة القطبية.
ويرى كوهين أنّ الخلل مرتبط بالتغيرات التي يشهدها القطب الشمالي والمُتسارعة بفعل التغير المناخي. فمن ناحية أولى، يُسجّل ذوبان سريع للمساحات الجليدية، فيما يزداد من جانب آخر الغطاء الثلجي في سيبيريا.
ويقول لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «أتولى دراسة هذا موضوع منذ أكثر من 15 عاماً، وأصبحت واثقاً حالياً من وجود هذا الرابط أكثر من أي وقت مضى».
ويؤكّد مايكل مان أنّ هذه النقطة الأخيرة تبقى «موضوع نقاش مستمر داخل المجتمع العلمي»، مضيفاً أنّ «النماذج المناخية لا تشمل حتى الآن كل الفيزياء الأساسية التي قد تكون مهمة لكيفية تأثير التغير المناخي على سلوك التيار النفاث».
ومن الضروري تالياً إجراء دراسات مستقبلية في السنوات المقبلة، بهدف الكشف عن لغز هذه التفاعلات المعقّدة.



منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
TT

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)

يناقش منتدى المرأة العالمي دبي 2024، الذي ينطلق اليوم في دبي، محاور رئيسية ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بدور المرأة العالمي، كما يبحث اقتصاد المستقبل، والمسؤوليات المشتركة، والتكنولوجيا المؤثرة، وذلك خلال فعاليات المنتدى الذي تقام على مدى يومي 26 و27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

ويسعى المنتدى إلى معالجة قضايا المرأة في ضوء التحديات العالمية المعاصرة، مع التركيز على تعزيز دورها شريكاً رئيسياً في تحقيق التنمية المستدامة، حيث يسلط الحدث الضوء على دور المرأة في قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، ومواجهة التغير المناخي، إلى جانب تعزيز المساواة بين الجنسين وبناء الشراكات الدولية.

منصة استراتيجية لتمكين المرأة عالمياً

وأكدت منى المري، رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المنتدى يسعى لإيجاد حلول للقضايا والتحديات التي تواجه المرأة على المستوى العالمي.

وأوضحت المرّي أن المنتدى يبحث قضايا المرأة الملحّة ذات العلاقة بالتحديات العالمية الماثلة، وقالت: «المنتدى يهدف إلى إلقاء الضوء على تلك القضايا بطرق متعددة، تأسيساً على ناقشه في دورتيه السابقتين، وما يطرحه في دورته الثالثة من محاور ذات أبعاد استراتيجية».

وأضافت: «في قلب النقاشات، تتجلى الأدوار الرائدة التي تلعبها المرأة في مختلف المجالات الحيوية، سواء من خلال تبوئها لمناصب صنع القرار، أو من خلال ممارستها التأثير الفعال في مجالات بارزة مثل قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والتصدي للتغير المناخي، والسعي نحو تحقيق الأمن والسلام والازدهار العالمي». ووفقاً لها، فإن إسهام المرأة في رسم معالم المسؤوليات العالمية، يجعلها شريكاً أساسياً في تشكيل مستقبل الشعوب وصياغة سياسات التنمية المستدامة.

وأشادت المري بجهود ومبادرات حرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين ورئيسة مؤسسة دبي للمرأة، التي عززت حضور المرأة في المناصب القيادية وزادت من تأثيرها في المجالات الحيوية.

اقتصاد المستقبل والتكنولوجيا المؤثرة

ولفتت المرّي إلى أن المنتدى يولي اهتماماً خاصاً للتعاون والشراكات الدولية؛ كونها تعد حجر الزاوية في استراتيجية التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات، وأوضحت: «تحقيق أي تقدم ملموس في هذا المجال، سواء على الصعيدين الإقليمي أو العالمي، يتطلب مواصلة الجهود وتطوير شراكات متينة توفّر المنصة الضرورية للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الخامس الذي يُركز على تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات».

ويتناول المنتدى دور المرأة في صياغة اقتصاد المستقبل عبر استعراض تجارب رائدة ومناقشة قضايا ملحة مثل الابتكار وريادة الأعمال. كما يركز على التكنولوجيا بوصفها عنصراً أساسياً لتحقيق التغيير، مع تسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

وأضافت المري أن المنتدى سيبرز مساهمة المرأة في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي والسلام العالمي، وقالت: «إشراك المرأة في صياغة السياسات العالمية يُعد خطوة محورية نحو بناء مجتمعات أكثر استدامة وعدلاً».

كما ركزت المري على أهمية الشراكات الدولية بوصفها ركيزة لتحقيق التوازن بين الجنسين، مشيرة إلى إطلاق مبادرات نوعية خلال المنتدى، أبرزها توقيع مجلس الإمارات مبادرة للتوازن بين الجنسين مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز نسبة النساء في المناصب القيادية إلى 30 في المائة بحلول عام 2025، وأوضحت: «تحقيق تقدم ملموس في المساواة بين الجنسين يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص عبر شراكات مستدامة».

منى المري رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة

مشاركات ملهمة

وبحسب المعلومات الصادرة، فإن المنتدى يجمع نخبة من القيادات وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، من بينهم أكثر من 25 وزيراً ووزيرة وشخصيات بارزة تشمل: الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون بدبي، التي ستناقش رؤيتها لدبلوماسية الثقافة، وأمينة إردوغان، حرم الرئيس التركي، التي ستشارك في جلسات تسلط الضوء على تمكين المرأة عالمياً، بالإضافة إلى سعيدة ميرضيائيفا، مساعدة رئيس أوزبكستان، وآصفة بوتو زرداري، السيدة الأولى في باكستان، وإليزا ريد، السيدة الأولى السابقة لآيسلندا، وإيرين فيلين، ممثل الناتو الخاص للمرأة والسلام والأمن.

كما تشارك شخصيات ملهمة من القطاع الخاص مثل كاميل فاسكيز، محامية النجم العالمي جوني ديب، وأشواريا راي، نجمة السينما العالمية.

التمكين

وفقاً لمنى المرّي، فإن تنظيم مؤسسة دبي للمرأة لهذا المنتدى العالمي الذي يجمع نخبة من القيادات الحكومية والمنظمات والهيئات الدولية والخبراء وأصحاب التجارب المُلهِمة من حول العالم، يؤكد التزام الإمارات بتمكين المرأة وريادتها في تعزيز الوعي بالقضايا والتحديات القائمة على الساحة العالمية.

وقالت: «دبي، بحضورها الدولي، تواصل تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للحوار والتنمية، حيث يقدم المنتدى فرصة لبناء شراكات استراتيجية تدعم تمكين المرأة عالمياً، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة».