الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين باستغلال التهدئة لمضاعفة نهب الموارد

«البنك المركزي» يؤكد التزامه العمل بالسياسات النقدية لحماية العملة

جانب من اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في مدينة عدن (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في مدينة عدن (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية تتهم الحوثيين باستغلال التهدئة لمضاعفة نهب الموارد

جانب من اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في مدينة عدن (سبأ)
جانب من اجتماع مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في مدينة عدن (سبأ)

بالتزامن مع تأكيد البنك المركزي اليمني في عدن التزامه بالسياسات النقدية التي وضعها لحماية العملة من الانهيار، والمحافظة على استقرار الأسواق، اتهمت الحكومة الشرعية، على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني، الميليشيات الحوثية، باستغلال الهدنة لمضاعفة نهب الموارد وزيادة الجبايات.
وقال الإرياني في تصريحات رسمية، إن الميليشيات الحوثية الإرهابية التابعة لإيران تواصل منذ انقلابها نهب مئات المليارات من إيرادات الدولة، دون تحملها أي التزامات، بما في ذلك إيقاف صرف مرتبات موظفي القطاع العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها، متجاهلة أوضاع المواطنين الاقتصادية الصعبة، والأزمة الإنسانية المتفاقمة التي وُصفت بالأسوأ عالمياً.
وأوضح الوزير اليمني أن إجمالي الإيرادات التي نهبتها ميليشيا الحوثي من قطاعات الضرائب، والجمارك، والزكاة، والأوقاف، والوقود، والغاز المنزلي، بلغت في 2020 تريليونين و310 مليارات ريال (الدولار نحو 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات)، مؤكداً أن هذه الإيرادات «تضاعفت في 2022، مقارنة بإيرادات الدولة في 2014؛ حيث بلغت آنذاك تريليوناً و739 مليار ريال، خُصص منها 927 مليار ريال لسداد مرتبات الموظفين.
واتهم الوزير الإرياني الميليشيات الحوثية بأنها «استغلت الهدنة الأممية مطلع عام 2022 لتصعيد عمليات النهب المنظم للإيرادات العامة، والإيرادات الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، والاتجار بالنفط الإيراني المهرب في الأسواق المحلية، ومضاعفة جباياتها غير القانونية على القطاع الخاص، والأعباء على كاهل المواطنين».
وحذر وزير الإعلام اليمني من محاولات ميليشيا الحوثي الإرهابية تضليل الرأي العام اليمني، بالتنصل من جريمة نهب ووقف صرف مرتبات موظفي الدولة بمناطق سيطرتها منذ عام 2015، ومطالبة الحكومة الشرعية بصرفها، بينما تواصل نهب الخزينة العامة والاحتياطي النقدي ومئات المليارات من الإيرادات العامة، وعوائد واردات المشتقات النفطية.
ودعا الإرياني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي، لوقف نهبها المنظم لإيرادات الدولة، وتخصيصها لصرف مرتبات الموظفين بانتظام، وفق قاعدة بيانات الخدمة المدنية لعام 2014، بدلاً من توجيهها لصالح ثراء قياداتها، وما تسميه المجهود الحربي».
يشار إلى أن الميليشيات الحوثية أوقفت صرف رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها منذ أواخر 2016، على الرغم من تحصيلها مئات المليارات من الريالات من عائدات المؤسسات، فضلاً عن انتهاجها حرباً اقتصادية ضد الحكومة الشرعية، لمنعها من صرف الرواتب خلال السنوات الماضية.
وتشترط الميليشيات أخيراً دفع رواتب مسلحيها من عائدات النفط والغاز في المناطق المحررة، وفي سبيل ذلك شنت أكثر من هجوم إرهابي على مواني التصدير، ما تسبب في توقف بيع الخام منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
تصريحات الإرياني، تزامنت مع بدء البنك المركزي في عدن اجتماعات مجلس إدارته في دورته الأخيرة للعام الجاري 2022، برئاسة محافظ البنك أحمد أحمد غالب، وبمشاركة نائبه وأعضاء مجلس إدارة البنك.
وذكر الإعلام الرسمي أن الاجتماع استعرض «قضايا البناء المؤسسي والقوائم المالية للبنك للفترة 2016- 2020، والملاحظات المقدمة من المراجع الخارجي، والمواضيع المتعلقة بتعزيز مبادئ الشفافية والحوكمة والإجراءات الرقابية على قطاع البنوك وشركات الصرافة».
كما استعرض «العلاقات بالبنوك المركزية الإقليمية، والبنوك المراسلة، والمنظمات الدولية، في ضوء السياسات التي يتبعها البنك لتعزيز إجراءات الامتثال، وأعمال معايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في البنوك اليمنية، لتتواكب مع المتطلبات الدولية في هذا المجال، والهادفة لإعادة تطبيع علاقات البنوك اليمنية مع البنوك الإقليمية والدولية».
ونقلت وكالة «سبأ» أن اجتماع مجلس إدارة البنك «تطرق إلى تقرير عمل آليات تدخل البنك في السوق، ومنها آلية المزاد عبر المنصة الإلكترونية التي تحقق نجاحاً كبيراً، وتلقى دعماً إقليمياً ودولياً من المانحين والمنظمات المالية الدولية التي تساند البنك في تعزيز قدراته، وتهتم بمعايير الشفافية والحوكمة ومكافحة الفساد، وكذا موقف المؤشرات الاقتصادية الكلية في ضوء التطورات والأحداث غير المواتية، وموقف تنفيذ الموازنة العامة للدولة خلال الفترة الماضية».
وحسب الوكالة: «جدد مجلس إدارة البنك تأكيده الالتزام بالسياسات النقدية التي أعلنها في أولى جلسات انعقاده، والإجراءات الاحترازية الصارمة المواكبة للتطورات، لحماية الاستقرار النسبي في سعر صرف العملة الوطنية، والمستوى العام للأسعار، على الرغم من التأثيرات السلبية الكبيرة على موارد البلد، وخصوصاً العائدات من النقد الأجنبي، لتوقف تصدير النفط والأزمات العالمية الأخرى التي انعكست سلباً على الاقتصاد العالمي، وأثرت على اقتصادات البلدان، وخصوصاً البلدان التي تعاني الحروب والهشاشة».


مقالات ذات صلة

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي لقاء نسوي حوثي في صنعاء حول مهام الزينبيات في شهر رمضان (إعلام حوثي)

رمضان... موسم حوثي لتكثيف أعمال التعبئة والتطييف

تستعد الجماعة الحوثية لموسم تعبئة وتطييف في شهر رمضان بفعاليات وأنشطة تلزم فيها الموظفين العموميين بالمشاركة وتستغل المساعدات الغذائية بمساهمة من سفارة إيران.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مضامين طائفية تغلب على رسائل الشهادات العليا في جامعة صنعاء تحت سيطرة الحوثيين (إكس)

انقلابيو اليمن يعبثون بالشهادات الجامعية ويتاجرون بها

أثار حصول القيادي الحوثي مهدي المشاط على الماجستير سخرية وغضب اليمنيين بسبب العبث بالتعليم العالي، بينما تكشف مصادر عن تحول تزوير الشهادات الجامعية لنهج حوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي القوات اليمنية نجحت بشكل محدود في وقف تدفق المهاجرين الأفارقة (إعلام حكومي)

15 ألف مهاجر أفريقي وصلوا إلى اليمن خلال شهر

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية للحد من الهجرة من «القرن الأفريقي»، فإن البلاد استقبلت أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر يناير الماضي.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».