كشف قيادي في الحراك الجنوبي اليمني، أن المعركة الحالية لاستعادة مدينة عدن من الميليشيات الحوثية، والتي حققت مكاسب كبيرة خلال الأيام القليلة الماضية، جرى التحضير لها منذ فترة. وقال فؤاد راشد، أمين سر المجلس الأعلى للحراك الجنوبي، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من صنعاء، إن «معركة تحرير مطار عدن ومنطقة عمران وكافة مناطق العاصمة عدن مخطط لها منذ فترة ليست قصيرة وأعد لها الرجال والعتاد اللازمين وكانت المعركة حقيقة خاطفة وسريعة جرت خلال ساعات لتستعيد المقاومة مطار عدن والمعسكرات الواقعة بمحيط خور مكسر كمعسكر بدر». وأكد راشد أن عدن باتت «في كل اتجاهاتها محررة ما عدا مناطق كريتر والمعلا والقلوعة والتواهي وأعتقد أن يوم العيد سيحل وعدن أضحت بيد المقاومة الجنوبية».
وأشار القيادي الجنوبي إلى أن «هذا النصر يستند إلى دواعي الإيمان التي يتسلح بها المقاوم الجنوبي تجاه غزاة قدموا من شمال الشمال يستبيحون الأرض والدم الزكية». ودعا راشد المقاومة الجنوبية إلى «توحيد الأداة وتفعيلها أكثر والحفاظ على الممتلكات في كل مناطق عدن وضبط الأمن وتشكيل الإدارات الشرطوية بصورة سريعة». وأكد القيادي بالحراك الجنوبي لـ«الشرق الأوسط» أن «المعركة القادمة والمهمة والتي ستكون سريعة أيضا هي قاعدة العند (الواقعة في محافظة لحج) والتي ما زالت بيد ميليشيات الحوثيين وصالح ويتم تضييق الخناق عليهم الآن والمعاصرة من جميع الجهات».
وبالتزامن مع العمليات العسكرية الناجحة في عدن للمقاومة، تواصل المقاومة الشعبية الموالية لهادي تقدمها في جبهتي القتال في تعز ومأرب، وقالت مصادر محلية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن قوات تحالف الحوثي – صالح، فشلت، أمس، في استعادة السيطرة على مناطق هامة، باتت تحت سيطرة المقاومة، وقامت تلك القوات بمحاولات يائسة للسيطرة على مناطق «شارع الستين» و«الضباب»، دون جدوى. وأكدت المصادر أن المقاومة تخوض مواجهات الآن لفك الحصار عن مدينة تعز، من أكثر من جبهة، وتحدثت المصادر الخاصة عن تنسيق واسع بين المقاومة في تعز والمقاومة التي أعلنت مؤخرا، في محافظة إب المجاورة، وأثنت المصادر على الدور الذي تقوم به المقاومة في محافظة إب، والتي تعمل منذ أكثر من شهرين، على اعتراض التعزيزات العسكرية التي ترسل من صنعاء ومحافظات أخرى، إلى تعز عبر طريق صنعاء – إب – تعز.
في غضون ذلك، كثفت طائرات التحالف الذي تقوده السعودية لاستعادة الشرعية في اليمن، أمس، قصفها العنيف للعاصمة صنعاء. وذكر شهود عيان أن القصف استهدف معسكرات الحرس الجمهوري في منطقة جبل الحفا بشرق العاصمة، إضافة إلى معسكرات كثيرة في منطقة سعوان بشمال شرقي العاصمة. واستهدف القصف، أيضا، تجمعات للحوثيين في ملعب الثورة الرياضي بشمال المدينة وكلية الطيران في الشمال الغربي. وقال الشهود إن انفجارات عنيفة دوت في مناطق القصف الذي يأتي في سياق كثافة الغارات التي تنفذها قوات التحالف على العاصمة صنعاء.
وفي محافظة البيضاء، قالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن أركان حرب قوات الأمن الخاصة في المحافظة (القائد بالإنابة)، قتل، أمس، في كمين نصبه مسلحو المقاومة له، وأسفر الكمين، أيضا، عن مقتل وإصابة عدد من مرافقي القائد العسكري الموالي للمخلوع صالح والميليشيات الحوثية.
أما في محافظة مأرب، فقالت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط»، إن المقاومة التي يبديها أبناء المحافظة ضد الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، منذ عدة أشهر، لم تتلق دعما من قوات التحالف منذ قرابة شهرين، وتعتمد اعتمادا كليا على قدراتها الذاتية وما يجود به أبناء المحافظة لدعم صمود المقاومة أمام من يوصفون بالغزاة. وقالت المصادر الخاصة إن المقاومة في مأرب تواجه عجزا كبيرا في الأسلحة والذخائر وكل أنواع الدعم اللوجيستي، ودعت هذه المصادر إلى سرعة مد المقاومة في مأرب بكميات من الأسلحة والذخائر لمواصلة الصمود في وجه الميليشيات والمتحالفين معها، وأكدت أن أبناء المحافظة سوف يصمدون «حتى آخر رجل». وكانت المقاومة في مأرب حققت تقدما كبيرا، خلال الأيام القليلة الماضية، وبالأخص في «جبهة الجدعان»، وإضافة إلى الصعوبات في جانب السلاح والذخيرة، هناك صعوبات في وصول المواد الغذائية وغيرها. وتعد محافظة مأرب من المحافظات اليمنية الهامة، فهي تنتج معظم كميات النفط المستخرج من اليمن، ومنذ اللحظة الأولى للانقلاب، وقفت المحافظة قاطبة إلى جانب الشرعية، في الوقت الذي سقطت بيد الحوثيين، أبرز محافظتين مجاورتين لمأرب، هما الجوف وشبوة، وباتت المحافظة شبه محاصرة بالميليشيات.
على صعيد آخر، يستعد المواطنون اليمنيون لاستقبال عيد الفطر المبارك، للمرة الأولى في ظل الحرب الدائرة في معظم محافظات البلاد، والتي تسبب فيها الانقلاب الذي نفذه الحوثيون، بالتحالف مع المخلوع علي عبد الله صالح، ضد «الشرعية الدستورية» في البلاد، ممثلة في الرئيس هادي، في سبتمبر (أيلول) المنصرم. فقد قتل وجرح الآلاف من اليمنيين في هذه الحرب في عدد من المحافظات، أبرزها عدن وتعز ومأرب، فيما قدرت الأمم المتحدة عدد النازحين بنحو مليون شخص، إضافة إلى الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية، جراء استخدام مؤسسات الدولة المدنية والتعليمية والصحية، كمواقع عسكرية.
ويؤكد مواطنون في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن المعاناة الحقيقية التي يمرون بها، لا تكمن في انعدام المواد الغذائية والتموينية، فحسب، وإنما في أسلوب إدارة الحوثيين الممسكين بالسلطة بالقوة، وبحسب مصادر يمنية ودولية متطابقة، فإن الميليشيات الحوثية هي التي تسيطر على المساعدات الغذائية والدوائية التي تقدمها الأمم المتحدة وعدد من الدول لليمن، لإغاثة المتضررين من الحرب، غير أنه بات من المؤكد قيام الميليشيات الحوثية بالاتجار في الجزء الأكبر من تلك المعونات وبيعها في «السوق السوداء». وقد سجلت حالات كثيرة لممارسات فساد تقوم بها الميليشيات وعمليات اتجار غير مشروعة. وإضافة إلى هذه الأوضاع، أكد عدد من الموظفين في القطاع العام باليمن، أن مرتباتهم، منذ بضعة أشهر، تخضع لاستقطاعات متواصلة من قبل «اللجان الثورية» في مؤسسات الدولة، وذلك بحجة دعم «المجهود الحربي».
وعلى الرغم من التوفر النسبي للمشتقات النفطية في البلاد، عبر البواخر التي ترسو في ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات، فإنه ما زال غير متوفر في الأسواق بالكميات المطلوبة، فيما باتت عمليات بيعه في «السوق السوداء» تتم جهارا نهارا. وقال شاهد عيان لـ«الشرق الأوسط» إن السيارات التابعة لعناصر الميليشيات الحوثية، تقوم بتوزيع كميات النفط على تجار «السوق السوداء»، يوميا.
وتزداد المعاناة، بصورة أكبر، في المحافظات الجنوبية وتعز ومأرب، فقد منعت سلطات الحوثيين صرف مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين في تلك المحافظات. وفي وقت لاحق من الشهر الماضي، باشرت لجنة خاصة بصرف مرتبات المدنيين في الجنوب، في ظل حالة فساد رهيبة، كما يصفها المواطنون، إضافة إلى التصنيفات ومحاولة معرفة موقف كل شخص إن كان مؤيدا للشرعية أم لا، وعلى الرغم من إعلان سلطات الحوثيين أنها ستصرف مرتبات شهر يوليو (تموز) الحالي، خلال اليومين المقبلين، إلا أن الأوضاع التي يعانيها اليمنيون والخسائر الكبيرة التي لحقت بهم وبدولتهم، لا يمكن مداواتها بمرتب شهر أو شهرين، على حد قول أحد المواطنين في صنعاء، الذي يتحدث بثقة كبيرة أن نهاية التمرد والمتمردين قريبة لا محالة.
اليمنيون يتهيأون للعيد وسط أزمات اقتصادية وفساد الميليشيات
قصف عنيف على صنعاء ومقتل قائد عسكري بارز في البيضاء.. ومقاومة مأرب تطالب بمدها بالسلاح
اليمنيون يتهيأون للعيد وسط أزمات اقتصادية وفساد الميليشيات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة