ضغوط محلية وأممية على الدبيبة لإعادة توزيع عوائد النفط

سياسيون: استمرار الأزمة الليبية يفتح باباً لإغلاق جديد للحقول والمواني

رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية خلال احتفال بذكرى استقلال بلاده (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية خلال احتفال بذكرى استقلال بلاده (حكومة الوحدة)
TT

ضغوط محلية وأممية على الدبيبة لإعادة توزيع عوائد النفط

رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية خلال احتفال بذكرى استقلال بلاده (حكومة الوحدة)
رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية خلال احتفال بذكرى استقلال بلاده (حكومة الوحدة)

اعتبر مراقبون أن حديث قائد الجيش الوطني الليبي، خليفة حفتر، خلال خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال، بشأن «التوزيع العادل لإيرادات النفط بين مدن ومناطق ليبيا» رسالة «أخيرة» لأطراف المشهد الليبي، وفي مقدمتهم رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة؛ خصوصاً أنها تزامنت مع ما أثاره المبعوث الأممي عبد الله باتيلي، خلال اجتماعه مع الدبيبة، بشأن «الاستياء المتزايد بالبلاد من التوزيع غير المتكافئ لعائدات النفط والغاز».
ووفقاً لبيان البعثة الأممية، فقد تم التأكيد على «الحاجة الملحة إلى التزام الشفافية والمساءلة لمنع مزيد من الانقسام، وضرورة وجود آلية محلية مستقلة للإشراف على نظام الإيرادات والإنفاق العام».
ورأى عضو «مجلس النواب الليبي»، عبد السلام نصية، أن «حكومة الدبيبة باتت بمواجهة ضغوط أكثر إلحاحاً، مقارنة بما واجهته الحكومات السابقة بشأن تلك القضية»، مرجعاً ذلك «للتوسع في الإنفاق دون ميزانيات معتمدة، وانقسام مؤسساتي». وأضاف نصية في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أن «المركزية (المقيتة) في إدارة الموارد النفطية خلفت شعوراً بالظلم والتذمر لدى أهالي كثير من المناطق، لعجزها عن إحداث تنمية متوازنة في كل أنحاء البلاد».
وحذّر من أن «تأخر طرح الحلول الجدية لتلك القضية زاد من احتقان الأوضاع؛ بل وأسهم في أن تُلقي بظلالها على الصراع القائم بالبلاد»، متوقعاً أن تشهد ليبيا حالات إغلاق جديدة للحقول والمواني النفطية «إذا لم يستجب الدبيبة لمطالب التوزيع العادل لإيراداته»، حسب تقدير نصية.
وخلال السنوات الماضية، وقع النفط الليبي الذي تشكل عوائده المصدر الرئيسي لدخل البلاد، رهينة للصراع على السلطة. وأغلقت قوى محلية ومجموعات قبلية حقول ومواني التصدير، للمطالبة بمزايا مالية، أو لتحقيق أهداف سياسية.
ودفع الحديث مجدداً عن الدعوة لتوزيع عوائد النفط، الباحث في مؤسسة «غلوبال أنيشاتيف» جلال حرشاوي، إلى التحذير أيضاً من «موجة جديدة من الإغلاق النفطي». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن حفتر «قد يُقدم على إغلاق حقول النفط في يناير (كانون الثاني) المقبل كورقة ضغط، إذا لم تتم الاستجابة لمطالبه الأخيرة»، مستدركاً: «لكن المجتمع الدولي لن يتسامح مع مثل هذا الحصار النفطي، ولكنه قد يحدث على أي حال». وخلال العام الماضي، تكررت شكاوى قيادة «الجيش الوطني» الليبي من إيقاف حكومة «الوحدة الوطنية» رواتب عناصره لعدة أشهر.
بدوره، اعتبر عضو «مجلس النواب الليبي»، حسن الزرقاء، أن حفتر «تحدث نيابة عن الشارع الليبي كله، وخصوصاً بالشرق والجنوب الليبي، فيما يتعلق بعدالة توزيع إيرادات النفط».
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بينما يتم استخراج أغلب النفط من الشرق والجنوب، تصب العوائد لصالح مدن الغرب، وخصوصاً العاصمة طرابلس ومصراته والزاوية، وهي المدن التي تستأثر بالنصيب الأكبر من الاستثمارات والمشروعات العمرانية، مما يسبب احتقاناً ببقية المدن الليبية، بما فيها بعض مدن الغرب المهمشة، كسرت وبني وليد وترهونة».
وزادت حدة المطالبات بتوزيع العوائد، بعدما نظمت حكومة الدبيبة حفلاً في ذكرى الاستقلال، والذي أقيم بمجمع قاعات «غابة النصر» بالعاصمة طرابلس، وشارك فيه عدد من الفنانين الليبيين والعرب، وهو الحفل الذي قوبل بانتقادات محلية.
عضو «مجلس النواب» عبد المنعم العرفي، توقع استجابة الدبيبة لإيجاد آلية تضمن التوزيع المتكافئ لعوائد النفط، مرجعاً تقييمه إلى أنها «حكومة تم سحب الثقة البرلمانية منها قبل أكثر من عام، وتتكاثر المساعي الراهنة لإزاحتها لإيجاد سلطة تنفيذية موحدة تمهد لإجراء الانتخابات، لذا فقد يحاول الدبيبة تلطيف الأجواء بالاستجابة لهذا المطلب».
وقارن العرفي في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، بين «مظاهر التنمية في طرابلس بالأوضاع في فزان جنوباً وبرقة شرقاً»، موضحاً أن «طرابلس تتمتع حالياً بتمهيد وشق الطرق والشوارع الرئيسية، وصرف التعويضات جراء التضرر من الحرب لسكانها، في حين تبدو ملامح العمران خجولة جداً بمدن الشرق والجنوب، وتتصاعد شكاوى الأهالي هناك من تـأخر الرواتب وأزمة السيولة وارتفاع أسعار السلع الغذائية»، حسب تقديره.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.