مأساة طفلة يمنية تشي ببشاعة سلطات الانقلاب

اتهمها عناصر الميليشيات بأنها «مصاصة دماء»

طفل يلهو داخل سيارة مهترئة في صنعاء (رويترز)
طفل يلهو داخل سيارة مهترئة في صنعاء (رويترز)
TT

مأساة طفلة يمنية تشي ببشاعة سلطات الانقلاب

طفل يلهو داخل سيارة مهترئة في صنعاء (رويترز)
طفل يلهو داخل سيارة مهترئة في صنعاء (رويترز)

بعد أيام من ترك الميليشيات الحوثية فتاة يمنية مصابة بإعاقة نهشاً للإشاعات والأقاويل، والزعم من قبل الموالين للانقلابيين بأنها مصاصة دماء وتتغذى على لحوم الكلاب، نفى إعلام الحوثيين الأمني تلك الروايات بعد ضغوط ناشطين وحقوقيين، غير أن الواقعة كشفت عن بشاعة الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في زمن الانقلاب الحوثي وعن مدى حرمانهم من الحماية.
جدة الطفلة التي تنتمي إلى «المهمشين»، وهو مصطلح يمني اجتماعي يشير إلى ذوي البشرة السوداء، أوضحت في حديثها للناشطين أن حفيدتها سقطت من سطح المنزل قبل سنوات، ما تسبب بإعاقتها عقلياً، وبسبب يتمها وعدم القدرة على علاجها من الإصابة، بقيت الطفلة على حالها، وصادقت الكلاب دوناً عن الأطفال، ووُجدت حديثاً نائمة في الشارع جوار جروها الميت، فاتهمت بقتله ومص دمه، وانتشرت الإشاعات حولها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتسببت تلك الإشاعات في قلق الأهالي على أطفالهم، ومخاوفهم من تحول الأمر إلى عدوى، حسب الإشاعات، وطالبوا بإيجاد حل وتوفير الحماية لهم وعائلاتهم، في حين تورط مسؤول الحي الحوثي الذي تعيش فيه الطفلة في نشر الإشاعات حولها.
إلى ذلك، جرى الاعتداء على الطفلة وتصويرها وهي تحاول الدفاع عن جروها، مع نشر الصور والفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي، ولأكثر من أسبوعين لم تحرك السلطات الأمنية التابعة للميليشيات الحوثية أي ساكن تجاه القضية، برغم مناشدة الكثير من رواد مواقع التواصل والناشطين المجتمعيين.
بكت جدة الطفلة خلال حديثها للناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي عما تعرضت له حفيدتها من تعذيب وركل على صدرها وضربها وإجبارها على أكل لحم غير ناضج، في حين أفاد ناشطون بأن عناصر من الميليشيات شاركوا في الاعتداء على الطفلة وتصويرها ونشر الإشاعات حولها.
وتجاهلت وسائل إعلام الميليشيات الحوثية الحادثة تماماً، ولم تنشر عن القضية شيئاً إلا ما جاء في التصريحات التي جاءت متأخرة من قبل إعلامها الأمني، التي ذهب فيها إلى تصدير التهمة حول ما حدث للطفلة باتجاه الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف الداعم لها، وهو ما وصفه ناشط حقوقي في العاصمة صنعاء بأنه «تهرب من تحمل المسؤولية، واستمرار للنهج الحوثي في اتهام الحكومة والتحالف بكل ما تتسبب به الميليشيات من انتهاكات ومآسٍ».
الناشط الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته، لم يستغرب صمت الميليشيات عن مثل هذه الواقعة طوال ما يقارب أسبوعين، وتغاضيها عن الضرر الذي لحق بالطفلة اليتيمة المجردة من حماية الأسرة والأقارب، كونها لا تملك إلا جدتها العجوز، فبرأيه أن هذه الواقعة تعبر عن نهج الميليشيات، وإفراغها لمؤسسات الدولة من مضمونها الذي يحمي المواطنين ويوفر الخدمات لهم.
وأفاد الناشط بأن أحد القادة الأمنيين التابعين للميليشيات رد على مناشدة الناشطين التحرك لحماية الطفلة، ومعاقبة المعتدين عليها؛ بأن الطفلة «ربما تكون أصيبت بفيروس نشره المرتزقة والعملاء (يقصد الحكومة الشرعية وقوات الجيش الوطني)». وقال إن الناشطين لم يحاولوا مجادلة القيادي الحوثي في الأمر حتى لا يتهمهم بالتواطؤ مع الشرعية والتحالف الداعم لها.
ويتابع: «لم تكتفِ الميليشيات بإفراغ مؤسسات الدولة من مضمونها الذي يوفر الحماية والخدمات للمواطنين؛ بل إنها أقدمت على إغلاق مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات الخيرية ووسائل الإعلام، ولم تبقِ منها إلا ما يوفر لها الدعاية والترويج لمشروعها وخدمة أجندته، وهو ما جعل مثل هذه الطفلة، وغيرها الآلاف دون حماية، ودون ردة فعل مجتمعية لمساندتها».
من جهته، استنكر المركز الإعلامي لذوي الإعاقة ما حدث بحق الطفلة، مطالباً بمعاقبة الجناة بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 164 من قانون حقوق الطفل اليمني رقم 45 لسنة 2002، كون الجناة قد أقدموا على فعل إجرامي شنيع بقصد التصوير وكسب المشاهدات والتربح من ورائها، فضلاً عما لحق وسيلحق بالطفلة وأسرتها من أذى نفسي على المدى الطويل.
ودعا المركز إلى عدم السماح بمرور ما سماها «جريمة صناع المحتوى الأصفر» مرور الكرام، والتوقف عن تهميش قضايا ذوي الإعاقة وعدم الالتفات لها.
وتتهم تقارير حكومية وحقوقية محلية ودولية، الميليشيات الحوثية، بارتكاب آلاف الانتهاكات بحق صغار السن، من بينها التعذيب والتجنيد القسري والاستغلال الجنسي.
وسبق لمنظمات حقوقية اتهام ميليشيا الحوثي باستغلال المعاقين في مختلف المناسبات، مثل حشدهم للمشاركة في فعاليات طائفية ومذهبية، وإغرائهم بالحصول على مساعدات غذائية ومالية مقابل المشاركة في هذه الفعاليات، وحرمانهم من الرعاية في حال التخلف عن المشاركة.


مقالات ذات صلة

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.