بايدن يركز جهده على تخطي أحزانه.. بانتظار قرار حول الخطوة السياسية المقبلة

تساؤلات حول طموح نائب الرئيس الأميركي في انتخابات 2016

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
TT

بايدن يركز جهده على تخطي أحزانه.. بانتظار قرار حول الخطوة السياسية المقبلة

الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)
الرئيس الأميركي باراك أوباما يصطحب جو بايدن يوم 1 يوليو الحالي للإعلان عن استئناف العلاقات مع كوبا (أ.ب)

بدا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن هادئًا أثناء غداء غني بأصناف شهية مثل سمكة الصخر وسرطان البحر أعدها على شرف زعيم فيتنامي، وتحدث خلالها بايدن عن تاريخ مؤلم ومستقبل واعد للولايات المتحدة وفيتنام. وكان لجو بايدن بعض التعليقات كما ألقى بعض النكات، وكان يمد نظره للأمام عندما يتحدث ضيفه.
وعاد بايدن لعمله مجددًا بعد وفاة ابنه بستة أشهر ليلتقي مع الزعماء الأجانب، ويلقي خطابات، وقام بتشجيع الفريق الأميركي لكرة القدم النسائية في المباراة التي فازت فيها على اليابان في بطولة كأس العالم. ولم يكن مستغربًا في ظل المأساة ألا يحتفظ بحماسه المعتاد، إلا أنه عاد مجددًا يتحسس الخطى للأمام ويستكشف ما سيأتي لاحقًا. وحتى من دون حسرة الخسارة، كان لا بد أن يكون هناك مفترق طرق بالنسبة لنائب الرئيس الذي أمضى أربعة عقود في واشنطن محاولاً تحديد الطريق المؤكد للأمام.
ولم ينفِ بايدن كذلك عزمه الترشح للرئاسة بعد أن أوعز له بعض أصدقائه بذلك، حتى وإن لم ترق له حسابات السياسة.
ويتمتع بايدن بأيام جميله وأخرى سيئة، إلا أن عقله لم ينسَ ابنه الراحل بيو بايدن، حيث إن فريق عمله لا يخطط لأبعد من أسبوعين قادمين، إذ ما زال نائب الرئيس الأميركي يعمل على تخطي صدمته من وفاة نجله.
وقال عضو مجلس الشيوخ السابق، تيد كوفمان: «هو ليس بالشخص الذي يمكن أن يرحل بسهولة»، وهو صديق حميم لبايدن حيث شغل أيضًا المقعد الذي تركه بايدن في مجلس الشيوخ ممثلاً لولاية ديلوير بعدما صعدّته انتخابات الرئاسة عام 2008 إلى منصب نائب الرئيس. وأضاف كوفمان: «أيًا كان ما يفعله بايدن، سيستمر، فهو لا ينوى التقاعد مثلما فعلت أنا. هو واضح في التصريح بأنه سيفعل كل ما في وسعه وسيوظف كل ما تعمله كي يستمر في المشهد». ولم يوضح أنه يخوض حملة انتخابية أخرى، ويتبقى لبايدن الذي يبلغ 72 عامًا، 18 شهرًا في وظيفته الحالية، ويقول مستشاروه إنه يشعر بواجبه تجاه تلك المسؤولية، كذلك تعتبر عودته للبيت الأبيض في حد ذاتها علاجًا حيث يستطيع التركيز على أمور مثل الطاقة النظيفة والسياسة الخارجية.
وتشمل مهام بايدن كذلك التحديات الخطرة فيما يخص شأني أوكرانيا والعراق، إضافة إلى معركة الموازنة التي تلوح في الأفق. وحسب أصدقاء بايدن ومستشارين ومسئوولين بالبيت الأبيض، فإن بايدن يعتبر العمل أمرًا هامًا.
ومنذ عودته للعمل اجتمع بايدن مع رئيس وزراء أوكرانيا، ورئيس البرلمان العراقي، ورئيس البرازيل، ورئيس الهندوراس، ورئيس وزراء كندا، ورئيس وزراء منغوليا، وتحدث أيضًا مع بعض قادة دول العالم خلال مكالمات هاتفية.
ولكن بايدن، ليس مستعدًا للحديث عن المستقبل، ولم يوافق على طلب لإجراء مقابلة شخصية من صحيفة «نيويورك تايمز».
ويبدو أنه في هيئة مختلفة حاليًا، فحيثما يذهب هذه الأيام يتلقى التعازي. بالفعل انتشر نبأ مأساة وحزن بايدن بشكل لم يعهده أي نائب رئيس أو رئيس في السلطة لسنوات، لدرجة أنها ضربت وترًا حساسًا في واشنطن وخارجها.
وقال عضو مجلس الشيوخ عن جنوب كاليفورنيا ومرشح رئاسي جمهوري، ليندسي غراهام، بصوت مخنوق بينما يغالب دموعه أثناء مقابلة مصورة: «أجريت اتصالاً هاتفيًا مع بايدن بعد وفاة بيو ورد بايدن بقوله كان بيو روحي».
وأشار غراهام أنه عندما تقاعد من القوات الجوية الاحتياطية طلب بايدن حضور حفل تكريمه، مضيفًا: «لقد كان ألطف من قابلت في عالم السياسة، وهو من أفضل الرجال الذين خلقهم الله، رغم أننا قد لا نتفق في الكثير من النقاط. في الحقيقة مر بايدن بمحن كثيرة في حياته».
ويعرف الكثيرون تاريخ بايدن مع المحن، خاصة وفاة زوجته وابنته التي توفيت في عامها الأول في حادث سيارة بعد أسابيع من انتخابه عضوًا في مجلس الشيوخ عام 1972. إلا أنه عند وفاة ابنه بيو متأثرًا بسرطان المخ عن عمر يناهز 46 عامًا، رأى المواطنون الأميركيون رجلاً يكافح لتحمل ما لا يطيقه بشر، لكن هذه المرة في ساحة عامة أكبر.
وعند تشييع جثمان ابنه في القاعة التشريعية بمدينة دوفر، وقف يابدن لخمس ساعات متصلة يتلقى التعازي، وفى اليوم التالي وقف يتلقى التعازي من عامة الناس لعشر ساعات متصلة من دون راحة.
وقال حاكم ديلوير جاك ماركيل إن «قدرته على توفير الراحة للآخرين في وقت مأساته تتعدى قدرات أي شخص آخر قابلته من قبل». وأعلن مساعد بايدن وصديقه لسنوات طويلة، مارك غتنستين، إن نائب الرئيس أصبح «أبًا للولايات المتحدة» بعدما شاهده الناس يفيض فضيلة وإنسانية.
وجاء موت بيو كمأساة عامة، وكان نائب الرئيس يتعامل مع معركة فقدان ابنه بسبب مرض السرطان لشهور طويلة، وكان يواصل إلقاء الخطب وحضور اللقاءات وفي الوقت نفسه يمضي أطول وقت ممكن إلى جوار ابنه قبل وفاته.
وفي حديث حول السياسة الخارجية في «مشروع ترومان للأمن القومي»، وهي مجموعة تضم عددًا من المحاربين القدماء، حيّا بايدن الأعضاء لدفاعهم عن قضايا الحقوق، قائلاً: «تفعلون ما كان يفعله ابني» وتحدث عمن فقدوا حياتهم في ساحة القتال.
وأعرب المدير التنفيذي للمشروع، مايكل برين: «لم يكن خطاب بايدن سياسًا جافًا، ولكن كانت كلماته عاطفية عن كل عزيز فقدناه في العراق وأفغانستان».
ورافق بايدن الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مقاطعة تشارلستون لحضور جنازة القس كلمانتا بنيكى، أحد التسعة الذين قتلهم جندي أبيض في كنسية «إيمانويل إيه إم آي». وبعد ذلك توجه بايدن مع عائلة بيو إلى جزيرة كيوا حيث قرروا قضاء عطلة نهاية الأسبوع.
وفي اليوم التالي، أبلغ نائب الرئيس أقرباءه أنه يفكر في العودة للكنيسة يوم الأحد، حيث شعر بالحاجة إلى الوقوف إلى جوار الآخرين في أحزانهم. وقال بايدن للحضور عند وصوله: «قد أكون أنانيًا. إننا جئنا إلى هنا لنستمد القوة منكم جميعًا».
وقال بايدن، بينما يمسك مسبحة في معصمه، إنه «يتمني لو أن بمقدوره أن يخفف آلامهم»، وصرح في الكنيسة: «من خلال خبرتي، وما رأيته منذ 29 يومًا، أنه ليست هناك كلمات تُصلح قلبًا مكسورًا، ولا موسيقى تملأ ذلك الفراغ الحزين. من خلال خبراتي الشخصية، الحل يكمن في الإيمان، وكما يعرف القساوسة هنا، فالإيمان أحيانًا يتخلى عنك للحظات تقع فيها فريسة للشك».
وقضى بايدن الكثير من هذا الوقت مع عائلة بيو، خاصة طفلي بيو؛ ناتالي التي تبلغ 10 سنوات وهنتر الذي يبلغ تسع سنوات، واصطحبهما إلى فانكوفر لحضور مسابقة كرة القدم، وظهر بايدن ممسكًا بيد هنتر ومال عليه ليشرح له ما يدور في الملعب. عند انتهاء المباراة وإعلان فوز الفريق الأميركي التفت نائب الرئيس إلى هنتر ليهنئه بالفوز.
وعندما سأل مراسل صحيفة «لوس أنجليس تايمز» مايكل ميمولي، جو بايدن ما إذا كان قد مارس كرة القدم عندما كان طفلاً، عاد بايدن بفكره لابنه الراحل، وقال: «بيو كان يلعب الكرة وكان قائدًا للفريق، لكنى لم ألعب الكرة مطلقًا إلا أنني شاهدت جميع مباريات بيو». وحتى قبل وفاته بفترة قصيرة، كان بيو دومًا يشجع والده للترشح للرئاسة عام 2016. ولكن بايدن غير قادر على التركيز في هذا الأمر، ورغم الإغراء، فإن كل الخيارات متاحة، وما زال هناك أسابيع وربما شهور قبل أن يفكر بايدن في هذا الأمر، حيث إن تركيزه الآن منصب على عائلته. وقال أحد مستشاريه: «لا يملك رفاهية التفكير في مستقبله الآن، عليه أن يتدبر كل أموره».
*خدمة: «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».