مع تعثر الاتفاق النووي.. البيت الأبيض يدعو طهران لاتخاذ «قرارات صعبة»

ارتباك في الصف الإيراني بين إعلان التوصل إلى الاتفاق والتراجع عنه

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على شرفة قصر كوبورغ حيث تعقد المفاوضات النووية في فيينا أمس (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على شرفة قصر كوبورغ حيث تعقد المفاوضات النووية في فيينا أمس (رويترز)
TT

مع تعثر الاتفاق النووي.. البيت الأبيض يدعو طهران لاتخاذ «قرارات صعبة»

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على شرفة قصر كوبورغ حيث تعقد المفاوضات النووية في فيينا أمس (رويترز)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على شرفة قصر كوبورغ حيث تعقد المفاوضات النووية في فيينا أمس (رويترز)

بعد أن كان مسؤولون في فيينا مطلعون على المفاوضات النووية بين إيران والدول الست الكبرى متأكدين أول من أمس من الخروج باتفاق نووي تاريخي قبل انتهاء يوم أمس، تراجعت فرص التوصل إلى اتفاق. واجتمع وزراء خارجية الدول الست الكبرى وإيران مجددا في فيينا بعد الانتهاء من مسودة اتفاق طولها أكثر من مائة صفحة لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، إلا أن ظهر أمس تراجعت حظوظ التوقيع على اتفاق.
وعلى الرغم من أن أسباب تأخير التوقيع لم تعلن فورا، شدد الناطق باسم البيت الأبيض أمس على أن على إيران «اتخاذ بعض القرارات الصعبة» وأن توقع على بعض الالتزامات المهمة.
أعلن البيت الأبيض أول من أمس أن مفاوضات فيينا حققت «تقدما فعليا» مع استمرار وجود نقاط خلافية، ملمحا إلى إمكان استمرارها من دون تحديد موعد لانتهائها. أما بكين فدعت إلى الكف عن التردد. وقال وزير الخارجية وانغ لي: «لا يمكن لأي اتفاق أن يكون كاملا»، مضيفا: «إن الظروف باتت مواتية للتوصل إلى اتفاق جيد، ولا داعي لمهل جديدة».
ومنذ يومين يؤكد المشاركون في هذه المفاوضات أن الاتفاق النهائي بات «في متناول اليد» أو جاهزا «بنسبة 98 في المائة»، وأن تجاوز العقبات الأخيرة لا يحتاج سوى إلى بعض «الإرادة السياسية».
والتقى وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري نظيره الإيراني محمد جواد ظريف أمس في قصر كوبورغ في فيينا، كما يحصل يوميا تقريبا منذ بدء هذه الجولة الأخيرة من المفاوضات في السابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي، إلا أنها المرة الأولى منذ أيام عدة التي ينضم إليهما وزراء خارجية روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وأوروبا.
وقال الدبلوماسي الإيراني علي رضا مير يوسفي على «تويتر» صباح أمس: «الكل يعمل بقوة للتوصل إلى اتفاق اليوم»، أي أمس، إلا أن مصدرا إيرانيا آخر فرمل موجة التفاؤل عندما قال عصر أمس إن فرص التوصل إلى اتفاق مساء أمس «ضعيفة». ومن جهته أكد ظريف أنه مستعد للمضي في التفاوض «إذا لزم الأمر». وكان من الواضح الارتباك في الصف الإيراني، إذ أعلنت طهران أن الرئيس روحاني سيلقي كلمة مساء أمس بعد التوصل إلى الاتفاق، وطلبت من الصحافيين الأجانب انتظار خطابه، لتعود وتلغي الخطاب. وفي الساعة الخامسة عصرا أرسلت تغريدة من حساب روحاني الرسمي يقول فيها: «الاتفاق الإيراني انتصارا للدبلوماسية والاحترام المتبادل»، ليعود ويزيل التغريدة بعد دقائق.
وفي حال التوصل إلى اتفاق في وقت متأخر من مساء أمس، أو بعده فإن جولة المفاوضات هذه في فيينا ستكون الأطول على المستوى الوزاري وفي مكان واحد منذ اتفاقات دايتون في الولايات المتحدة التي وضعت عام 1995 حدا لحرب البوسنة والهرسك. ومددت المفاوضات مرارا بسبب خلافات تركزت خصوصا على المدة للتوصل إلى اتفاق، وعلى وتيرة رفع العقوبات والدخول إلى المواقع العسكرية الإيرانية. كما تعثرت أيضا على خلفية رفع القيود عن البرنامج البالستي الإيراني وتجارة الأسلحة، كما تطالب إيران مدعومة بروسيا.
وعلى الرغم من تأكيد الأطراف المتفاوضة أن الاتفاق بات شبه محسوما، فإن دبلوماسيا ألمانيا قال: «إنه من الممكن أن ينهار كل شيء لكننا بالفعل على وشك الوصول إلى الهدف.. المفاوضات في المرحلة النهائية». في ظل تصريحات متضاربة كهذه وامتناع معظم الوزراء عن الكلام، شاعت مضاربات وسيناريوهات أكثر تشاؤما حول تعليق المفاوضات.
من جانبه أكد الدكتور محمد رواندي المحلل السياسي الإيراني لـ«الشرق الأوسط» التوصل إلى اتفاق، مرجحا أن يكون سبب التأخير لتنقيح كل من الطرفين لمسودة الاتفاق التي سوف ترفع لمجلس الأمن حتى يتم الإعلان عن رفع الحظر عن العقوبات بما في ذلك رفع الحظر عن السلاح.
إلى ذلك، يقول رواندي: «هناك حرص شديد من الطرفين لمتابعة لصيقة ودقيقة، لصياغة مسودة الاتفاق الذي يتكون من 100 صفحة بالإضافة إلى الملاحق»، ليس بالعمل الهين تقوم به فرق القانونيين بفيينا بجانب فرق بالعواصم تتابع وتراجع.
وأكد أن كل فريق يعمل متسلحا بعشرات من القانونيين بالإضافة إلى متخصصين في لغات الدول السبع والترجمة «حرصا على سد أية ثغرات أمام تفسيرات متضاربة أو محاولات للتجاوز»، تحسبا ومنعا لأي سوء فهم أو مغالطات سواء مباشرة بعد أن يتم الإعلان عن الاتفاق أو في أي مرحلة زمنية لاحقة طيلة فترة سريان الاتفاق.



القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
TT

القضاء الكوري الجنوبي يُصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الجمعية الوطنية الكورية الجنوبية وو وون - شيك في سيول (أ.ف.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه، فيما أعلن زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون أن بلاده اختبرت بنجاح، الاثنين، صاروخاً فرط صوتي جديداً سيساهم في ردع «جميع الخصوم» في المحيط الهادئ، على ما أوردت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الثلاثاء.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال لقائه نظيره الكوري الجنوبي شو تاي-يول (أ.ف.ب)

ويجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

تحاول الشرطة إيقاف المتظاهرين خلال مظاهرة ضد الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول بالقرب من مقر إقامته الرسمي في سيول بكوريا الجنوبية (رويترز)

واضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين. وعزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن 5 سنوات.

وجاء في بيان أصدره المحققون، الثلاثاء، «إن مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر، الاثنين، دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا حوالى 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي، وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

موالون للرئيس المعزول يون سوك يول يتظاهرون في سيول صباح اليوم احتجاجاً على أمر الاعتقال (أ.ب)

وأعلن الحزب الديموقراطي المعارض، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أنه قدم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون. وطلب الجهاز المكلف التحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديموقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمض على تأسيسه أربع سنوات، ويعمل فيه أقل من مائة موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك عن اعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال، ورغبته بتولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب. وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد، وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير، الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان، يون، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران). وتبدأ المحاكمة في 14 يناير وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صادقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.

من جهة أخرى، أجرت بيونغ يانغ التجربة الصاروخية الجديدة أثناء زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كوريا الجنوبية، وقبل أسبوعين من تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وقال كيم الذي أشرف على عملية الإطلاق برفقة ابنته جو إي إن «نظام الصواريخ الفرط صوتي المتوسط المدى» يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلد تدريجياً. وأكد أن هذا السلاح الجديد «سيردع بشكل موثوق أي خصوم في منطقة المحيط الهادئ يمكن أن يؤثروا على أمن دولتنا».

وذكرت الوكالة الرسمية أنه تم استخدام «مركّب جديد من ألياف الكربون» لمحرك الصاروخ، كما «أدخلت وسيلة جديدة... إلى نظام التحكم في الطيران والتوجيه».

A photo released by the official North Korean Central News Agency (KCNA) shows the launch of an intermediate-range ballistic missile (IRBM) with a hypersonic warhead as payload, at an undisclosed location in North Korea, 06 January 2025 (issued 07 January 2025). EPA/KCNA EDITORIAL USE ONLY

ويسمح استخدام ألياف الكربون في صنع صاروخ بتخفيف وزنه، بالتالي زيادة مداه وقدرته على المناورة، لكنه يصعب السيطرة على هذه التكنولوجيا بسبب ضعف قدرة هذه المادة المركبة على مقاومة درجات حرارة مرتفعة. ويصنف صاروخ بأنه فرط صوتي حين تزيد سرعته عن 6 آلاف كلم في الساعة، ما يزيد بـ5 مرات عن سرعة الصوت.

وأوضح يانغ مو جين، رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «ما هو مقلق في هذا الصاروخ أن هذه التكنولوجيا لا تمتلكها حالياً سوى روسيا والصين والولايات المتحدة». وتابع: «من أجل الوصول إلى مثل هذه السرعة، لا بد من استخدام مواد قادرة على مقاومة ظروف قصوى».

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن الصاروخ أطلق من منطقة بيونغ يانغ واجتاز 1500 كلم بسرعة «ماخ 12» التي تزيد 12 مرة عن سرعة الصوت، قبل أن يسقط في بحر اليابان أو بحر الشرق، حسب التسمية الكورية. وأكد كيم جونغ أون «أن هذه الخطة والجهد هما حتماً للدفاع عن النفس وليسا خطة وعملاً هجوميّين». لكنّه شدد على أنه «لا يمكن للعالم تجاهل أداء» هذا الصاروخ القادر، على حد قوله، على «توجيه ضربة عسكرية خطرة لخصم بكسره بفاعلية أيّ حاجز دفاعي صلب». وأكد كيم أن «تطوير القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية التي تهدف لأن تكون قوة عسكرية، سيتسارع بشكل أكبر».

وهذه أول عملية إطلاق صاروخ تقوم بها كوريا الشمالية في العام الجديد، بعد آخر عملية أجرتها في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) قبل ساعات من الانتخابات الرئاسية الأميركية. وندد بلينكن بعملية الإطلاق، مؤكداً أن بيونغ يانغ تتلقى «معدات وتدريباً عسكرياً» من روسيا.

من جانبه، ندد رئيس كوريا الجنوبية بالوكالة، تشوي سانغ موك، الثلاثاء، بـ«تهديد خطير» للأمن الإقليمي. ورأى المحللون في إطلاق الصاروخ وتصريحات كيم جونغ أون رسالة موجهة إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.