«البركان: الإنقاذ من فاكاري»... فجائية الأهوال الأبدية

وثائقي تعرضه «نتفليكس» عن فاجعة ثوران بركان نيوزيلندا

بركان «فاكاري» متوسطاً البحر شديد الصفاء
بركان «فاكاري» متوسطاً البحر شديد الصفاء
TT

«البركان: الإنقاذ من فاكاري»... فجائية الأهوال الأبدية

بركان «فاكاري» متوسطاً البحر شديد الصفاء
بركان «فاكاري» متوسطاً البحر شديد الصفاء

يتصاعد دخان أبيض من بركان «فاكاري» في جزيرة نيوزيلندا، وهو يتوسط البحر الشديد الصفاء على مسافة من طبيعة بديعة. الأرض دافئة تخرج منها أعمدة بخار، والحرارة المنبعثة من الفوهة محسوسة. مشهد يحبس الأنفاس. كان المكان أشبه بالمريخ يمتلئ ببقع تتلوّن بدرجات من الأصفر والبرتقالي الداكن. يروي ناجون ذهولهم المطلق قبل وقوع الفاجعة.
كان صباح الاثنين التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 2019 هادئاً، حين انطلقت مجموعة سياحية مع أربعة أدلّاء لاكتشاف بركان فاكاري أو «وايت آيلاند»، تسميته الإنجليزية. زوجان في شهر العسل، عائلة أفرادها يعشقون المغامرة، وآخرون قرأوا إعلاناً سياحياً مثيراً، فشقّ مركبهم البحر لساعة ونصف ساعة، وصولاً إلى البركان القاتل.
شعرت الزوجة بتوتر فسألت المرشد السياحي: «ماذا نفعل إن ثار البركان؟». طمأنها زوجها متهماً إياها بالإفراط في القلق. وثائقي «البركان: الإنقاذ من فاكاري» (The Volcano: rescue from Whakaari - «نتفليكس»)، يُظهر قلقها في محله. شهادات ناجين تمكث الندوب في أجسادهم وأرواحهم، تشير إلى فظاعة أقدار مفاجِئة، تحلّ بلا إذن فتغيّر مسار الحياة.

زوجان في شهر العسل يتحوّلان إلى ناجين

حماسة السياح لم يردعها وصف «وايت آيلاند» بأنه «أكثر البراكين نشاطاً في العالم»، وفق البيان السياحي. وقعوا في أسر مغامرة الصعود سيراً إلى الفوهة لمشاهدة محتواها ورؤية ذلك الإغراء المذهل. قرأوا ترويجاً يوحي بأنّ الرحلة مثيرة، لا خطيرة. حدس الزوجة أصاب، وما قال عنه الزوج إنه لن يثور، ثار.
تخبّط الموج بمركب ينقل السياح إلى البركان فحركش دوار البحر ببقايا طعام تستريح في الأمعاء. وصف سائح تجربة الإبحار بالفظيعة إن لم يكن المرء معتاداً على ركوب القوارب مدة طويلة. البركان من بعيد بدأ ينقشع. حطّوا على أرضه وراحوا يمشون ببطء. لمح فيه سائح مشهداً يذكّره بفيلم «جوراسيك بارك». ما يظهر منه هو الجزء العلوي فقط، فمعظمه مغمور بالمياه. يقرأ الأدلاء إرشادات السلامة ويزوّدون السياح بكمامات تردع أذى الدخان المتصاعد. «جميل جداً، لكننا شعرنا أننا في وسط العدم»، يعلو صوت حدس داخلي يشغّل أجهزة الإنذار.
سمع السياح تكسّر الموج على الصخور وإشباعه، بارتمائه على الشاطئ، نسيم البحر برائحة الملح. تتداخل الروائح، وتختلط برائحة كبريت كريهة تعبق في المكان. ينظرون في الاتجاهات، فتصطدم العيون بالصخور والرماد والطين وهي تكوّن مشهداً رمادياً عاماً وتطغى عليه. اتخاذ رواسب الكبريت شكل بلورات جميلة تتأرجح ألوانها بين الأصفر الزاهي والأبيض الناصع، ترك انعكاسات مذهلة تتلألأ تحت الشمس. يُظهر الفيلم النقيضين: تجليات الطبيعة في أبهى صورها وأشدّ حالاتها فتكاً.
يستعيد ناجون شعوراً برهبة انتهاك حرمة مكان من هذا النوع. رأوا أنه من الرائع الصعود إلى الفوهة وسماع شهقات الدهشة قبل التقاط الصور. شغلهم تصوير القمة لنشر لحظة استثنائية على «إنستغرام». يحسب المرء أنّ بعض الأشياء يمكن ضبطها وفق توقيت ساعته. يوم التاسع من ديسمبر 2019، تعطّل الوقت.
صرخ أحد السياح: «انظروا إلى هذا!» ليرى آخرون سحابة سوداء تتصاعد من البركان. لم يشعر الزوج بالخوف فالتقط لها صورة. يتذكر وملامح الرعب تفترش وجه زوجته الجالسة إلى جانبه، أن الساعة كانت 2:11 بعد الظهر. استدار الجميع فرأوا ما يشبه ألعاباً نارية سوداء. أحد الناجين شبّه الهول بشخصية «ديمنتور» من سلسلة «هاري بوتر» مع ذيل أسود طويل. أخرجوا الهواتف وبدأوا يصوّرون.

السائح الشاب الذي خسر أفراد عائلته

الوثائقي يورّط مُشاهِدَه بمصاب الضحايا الجلل. يستحيل البقاء على مسافة من الآلام الشديدة. يُبهر بتصوير جمال الطبيعة ويُنهك الأعصاب بما جرى. عرضٌ لحظة بلحظة للقسوة الخارجة على الإرادة. تلك التي تحدث لتحتل الذاكرة ويعجز الزمن عن إزاحتها. الخوف «Live». نقلٌ مباشر للجحيم الإنساني. ندوب على مدار العمر.
حدث انفجار آخر تلاه تطاير مجموعة ضخمة من الصخور. أدركت الزوجة أنه نذير سوء والهرب واجب. من خلال لقطات صوّرها أحد الناجين، يظهر سواد مطبق يعمّ الأرجاء. الهلع يسير على أقدام، ليتعثر بأجساد بشرية لا تقوى على الحراك. ثوانٍ قلبت الجمال إلى شؤم مخيف. لا مفرّ من الإحساس بالفاجعة على مسافة قريبة. أصوات استغاثة ومَشاهد كابوسية.
حقيقي الوثائقي، وأمين. الناجون والمقرّبون منهم يسردون الأحداث، لتوثّق الكارثةَ صورٌ وفيديوهات التقطتها هواتف وكاميرات مراقبة في المكان. رغم تحذيره من القسوة ووقعها، فقد حلت وآلمت. بشر يحترقون ببخار تبلغ حرارته 200 درجة مئوية وتُسلخ جلودهم. التضامن البشري خلال الإنقاذ هو الضوء الوحيد المنتصر على الظلمة.
لا يعقل الاكتفاء بالجلوس ورثاء الحال. الكارثة تستدعي موارد وجهوداً لمساعدة المنكوبين. يُبين الوثائقي عظمة القرارات المفصلية في حياة المرء وهو بين خيارين، النجاة بنفسه أو المخاطرة لنجدة الآخرين، فيختار الإقدام. الحصيلة النهائية 22 ضحية يترك ذكراهم عبرة مفادها أنّ المرء يجهل مصيره. سائح شاب أخضع لـ17 جراحة ومكث شهرين في المستشفى؛ خسر عائلته: الأب توفي متأثراً بجراحه، الأم قضت على الفور، والأخت لم تُعرف جثتها. ثوران بركاني لدقيقتين، أهوالٌ أبدية.



«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
TT

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)
صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الخميس، اكتمال الاستحواذ على حصة تُقارب 15 في المائة في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين في «توبكو».

وبالتزامن، استحوذت شركة «أرديان» الاستثمارية الخاصة على قرابة 22.6 في المائة من «إف جي بي توبكو» من المساهمين ذاتهم عبر عملية استثمارية منفصلة.

من جانبه، عدّ تركي النويصر، نائب المحافظ ومدير الإدارة العامة للاستثمارات الدولية في الصندوق، مطار هيثرو «أحد الأصول المهمة في المملكة المتحدة ومطاراً عالمي المستوى»، مؤكداً ثقتهم بأهمية قطاع البنية التحتية، ودوره في تمكين التحول نحو الحياد الصفري.

وأكد النويصر تطلعهم إلى دعم إدارة «هيثرو»، الذي يُعدّ بوابة عالمية متميزة، في جهودها لتعزيز النمو المستدام للمطار، والحفاظ على مكانته الرائدة بين مراكز النقل الجوي الدولية.

ويتماشى استثمار «السيادي» السعودي في المطار مع استراتيجيته لتمكين القطاعات والشركات المهمة عبر الشراكة الطويلة المدى، ضمن محفظة الصندوق من الاستثمارات الدولية.