شاشة الناقد: أبعاد إنسانية في «أفاتار 2»

شاشة الناقد: أبعاد إنسانية في «أفاتار 2»
TT

شاشة الناقد: أبعاد إنسانية في «أفاتار 2»

شاشة الناقد: أبعاد إنسانية في «أفاتار 2»

- AVATAR‪‬
- THE WAY OF WATER‬
- مغامرات خيالية | الولايات المتحدة
- 2022 | ممتاز ★★★★

> يأتي «‫أفاتار‬: طريق الماء» بما وعد به مخرجه جيمس كاميرون منذ 13 سنة عندما قدّم الجزء الأول. آنذاك قال لهذا الناقد خلال لقاء في استوديوهات «تونتييث سنتشري فوكس» في لوس أنجليس: «لا أدري تماماً متى سأنجز الجزء الثاني، لكنه سيكون أكبر من هذا الفيلم حجماً وأكثر إثارة للذهول». ‬
الفيلم الجديد هو فعلاً أكبر حجماً وأكثر إثارة للذهول كما قال. فيه من المؤثرات الخاصة ما يتقدّم عن تلك التي ظهرت في الجزء الأول ومشاهدته بنظام 3D يجعل المُشاهد يعيش تلك المؤثرات والأجواء والأحداث تماماً كما لو كان فوق كوكب باندورا بنفسه. يتجاوز كل فيلم استخدم هذا النظام بسنوات ضوئية، موفراً ثراءً في المشاهدة لم يسبقه إليه أحد.
لكن عندما تخلع عن الفيلم إنجازاته وحسناته التقنية لكي تفحص الحكاية ذاتها تجد نفسك تتابع حكاية تشبه حكاية الفيلم الأول الذي، بدورها، (ومن دون أن أقصد التقليل من فاعلية) تشبه أي فيلم هوليوودي دار حول احتلال الرجل الأبيض لقبائل القارة الأميركية في عقود القرن التاسع عشر. المواطنون الأميركيون الأُول دافعوا عن أرضهم ضد البيض المشبعين بالرغبة في استحواذ الأراضي والبحث عن الذهب والفضّة بأي ثمن. الجزء الأول من «‫أفاتار‬»، قدّم هذه الحبكة جيداً. الجزء الثاني منه يقدّمها، مرّة ثانية، جيداً أيضاً، لكنها الحبكة التي نجدها في أفلام الوسترن، خصوصاً تلك التي وقفت لجانب الشعوب المُبادة.‬
يتحدث المخرج كاميرون في «‫أفاتار‬ 2» عن محاولة البيض («جنود السماء» كما يسمّيهم الفيلم) استعمار الكوكب وقيام هؤلاء بالدفاع عن أماكن عيشهم ومجتمعاتهم.
لكن هذا ليس الحديث الوحيد. من اهتمامات المخرج، الحديث كذلك عن البيئة المحمية من قبل السكّان الأصليين والمهددة من قبل الغزاة. وعن الروابط العائلية المتينة (بعدما تزوّج الأرضي جايك (سام وورثينغتون) من إحدى إناث القبيلة ورزق منها بثلاثة أولاد يعيشون، قبل الغزو، في نعيم وسلام وهدوء. السبب في عودة الغزاة إلى هذا الكوكب الجميل في كل شبر من غاباته وجباله وصخوره ومياهه، يختلف عن المرّة الأولى. فكوكب الأرض صار سامّاً. لم يعد صالحاً للحياة بسبب تلوّث البيئة. الخطة بـهي احتلال الكواكب الصالحة للاستيطان.‬
الجزء من العنوان الخاص بالماء («طريق الماء») هو في الوقت ذاته انعكاس لشغف كاميرون بالماء (صنع من البحار أفلاماً ثلاث) من ناحية، وتأكيد على معانٍ يجدها في الماء أو يتسبب في إيجادها. تحديداً، وكما يفسر أحد المشاهد بوضوح، الماء هو «الجامع بين كل الأمور» من أسباب الحياة، والمكان الذي يغوص به المرء لفهم الآخر إنساناً كان أو حيواناً. المنطقة التي يتصالح فيها السابح مع سبب الحياة الأول.
هذه معانٍ رائعة أثارت شغف ترنس مالك وأندريه تاركوفسكي قبل كاميرون لكنها تؤدي للمفهوم ذاته.
كل هذه المفادات والأبعاد مُعالجة بإنجازات تقنية مبهرة أكثر وأتقن مما ورد في الجزء السابق. يحشد المخرج كل ما يستطيع تحقيقه من تفاصيل وإعجازات لكسب الرهان على ألا أحد آخر في هوليوود، قديماً أو حديثاً، استطاع أو يستطيع تجاوزه لدرجة أن هذا الناقد يتساءل ما إذا كان سيجد ما يستطيع إضافته من هذه الإنجازات في الجزء المقبل.
‫«أفاتار‬» الثاني يوجه رسالة إلى كل الأفلام الفانتازية التي زرعتها هوليوود خلال السنوات العشرين، وهي أنه يمكن تحقيق فيلم ترفيهي للجمهور الكبير من دون التنازل عن الفن والرسالة معاً.‬

ضعيف ★ وسط ★★ جيد ★★★
ممتاز ★★★★ تحفة ★★★★★


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.