تسجيل الرسوم الصخرية في منطقة حائل بقائمة التراث العالمي.. كيف ولماذا؟

جذور الفنون التشكيلية في المملكة العربية السعودية

د. علي الغبان
د. علي الغبان
TT

تسجيل الرسوم الصخرية في منطقة حائل بقائمة التراث العالمي.. كيف ولماذا؟

د. علي الغبان
د. علي الغبان

تنتشر الرسوم الصخرية في مواقع عدة بمنطقة حائل وهي رسوم منفذة على الواجهات الصخرية بالحز والحفر الغائر. وتمثل هذه الرسوم مظهرا حضاريا عبر من خلاله سكان منطقة حائل خلال العصور السابقة للتاريخ والعصور التاريخية عن أنشطتهم المعيشية وحياتهم اليومية وممارساتهم الدينية وتفاعلهم مع البيئة. ومعظم هذه الرسوم يرجع إلى فترة ما قبل التاريخ وعلى وجه التحديد فترة العصر الحجري الحديث (أربعة عشر ألف سنة قبل العصر الحاضر). وتصور هذه الرسوم أشكالا آدمية تجريدية في أنشطة مختلفة، وأنواعا عدة من الحيوانات التي يستخدمها الإنسان أو يصطادها مثل الأبقار الوحشية والوعول والغزلان والنعام والماعز الجبلي، وبعضها صور تجريدية لشخوص آدمية متجاورة تصور احتفالات جماعية أو ممارسات دينية أو معارك حربية ومبارزات ثنائية، يظهر فيها الإيقاع التعبيري والحركة، كما تكثر في هذه الرسوم ممارسات الصيد وصور الحيوانات الوحشية كالأسود والنمور.
كما توجد رسوم عائدة إلى الفترات التاريخية السابقة للإسلام تكثر فيها صور الجمال ورسوم القبائل ومناظر الغزو ومبارزات الأفراد وتجاورها أحيانا كتابات بخط المسند الشمالي، وتعد موضوعات الرسوم التي يدخل فيها الجمل الأكثر انتشارا في رسوم الفترات التاريخية، كما توجد رسوم عائدة إلى الفترة الإسلامية المبكرة ونقوش كتابية بالخط الكوفي بعضها مؤرخ بالقرن الثاني الهجري.
وهذه الرسوم تعكس طبيعة البيئة السائدة في عصرها، فرسوم ما قبل التاريخ تشير إلى أن جبة والشويمس شهدت في تلك الفترة مناخا مطيرا، إذ كانت في جبة بحيرة كبيرة يستوطن حولها الناس، كما كانت الشويمس منطقة أحراش ومراعي حشائش طويلة (سافانا)، وذلك قبل التصحر الأخير. أما رسوم الفترة التاريخية فكانت في وقت عم فيه التصحر، وقد أكدت الدراسات الأثرية في جبة والشويمس هذه التحولات البيئية، بل إن بعض واجهات الرسوم وجدت تحتها طبقات أثرية تركها الإنسان الذي نفذ هذه الرسوم، مما يعد أمرا نادرا في مواقع الرسوم الصخرية.
فرسوم جبة والشويمس إذا سجل مصور نفذه الإنسان القديم في فترات سابقة للتاريخ وتاريخه ليوثق بها حياته ونشاطاته وليؤرخ لنفسه بالصورة والرسم كما نفعل نحن اليوم، وقد نجح في إيصال هذا السجل لنا لأنه حفره على الصخر، ومن هنا تبرز أهميتها الحضارية في سجل التاريخ الإنساني، فهي مادة تاريخية أصيلة من عصرها، ولكونها قليلة ونادرة على مستوى العالم فلا توجد مواقع كثيرة في العالم تتوفر فيها الرسوم الصخرية.
لقد نجحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتوجيه من القيادة الرشيدة وبمتابعة مباشرة من رئيسها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز وبتنسيق مع شركائها في منطقة حائل وعلى رأسهم أمير المنطقة الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز في تقديم ملف التسجيل واعتماده في زمن قياسي وبمستوى نال تقدير وثناء أعضاء لجنة التراث العالمي باليونيسكو المكونة من 22 دولة.
إن الاهتمام بالرسوم الصخرية في حائل وغيرها من مناطق المملكة بدأ منذ أكثر من ربع قرن، إذ نُفّذ كثير من الدراسات الميدانية عليها شارك فيها باحثون محليون ودوليون، ومن خلال هذه الدراسات أمكن إبراز قيمتها الاستثنائية العالمية، إلى الحد الذي طلبت فيه لجنة الرسوم الصخرية المرتبطة بالإيكوموس الدولي ومركز التراث العالمي باليونيسكو من المملكة أن تعمل على تسجيل هذه الرسوم في قائمة التراث العالمي لأهميتها بالنسبة إلى التاريخ الإنساني، إذ إن ثقافة الإنسان في عصور ما قبل التاريخ مشتركة ومتشابهة وسجلاتها المصورة محدودة على مستوى العالم، ففي الوقت الذي كان فيه الإنسان في منطقة حائل وشمال الجزيرة العربية يعيش حضارة متطورة في فترة العصر الحجري الحديث يوثقها ويسجلها بالصورة، كان في أجزاء أخرى من الأرض يعيش حياة بدائية.
إن تسجيل هذه الرسوم في القائمة العالمية يعطيها أهمية خاصة في السجل الحضاري الإنساني، ويزيد من مسؤوليتنا تجاه حمايتها والمحافظة عليها، ويمنحنا فرصة للاستفادة منها في التنمية الاقتصادية لمواقعها. ومسؤولية حماية هذا الإرث الحضاري الإنساني لا تقع على الجهات الرسمية فقط، بل يشترك فيها سكان منطقة حائل والمجتمعات المحلية في جبة والشويمس وسكان المملكة عموما، وكذلك التنمية في هذه المواقع مسؤولية مشتركة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمعات المحلية، وينبغي أن تكون تنمية مستديمة ومتوازنة وتضع في المقام الأول المحافظة على أصالة هذه المواقع وتكاملها وعدم التأثير السلبي عليها بالتشويه البصري والإضافات غير المسؤولة. وأكبر خطر يهدد هذه الرسوم هو تشويهها بالطمس أو كتابة الذكريات بالأصباغ عليها من بعض الزوار العابثين، خصوصا بعد أن أصبح الوصول إلى هذه المواقع يسيرا وعلى طرق معبدة قامت بتنفيذها وزارة النقل. ولذا فإن التوعية والتعريف إلى جانب تعزيز وسائل الحماية في هذه المواقع لهما الأولوية في المرحلة القادمة. وقد بدأت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعمل مع شركائها في منطقة حائل على تنفيذ مشاريع عدة لتأهيل موقعي جبة والشويمس وتعزيز حمايتها وإنشاء مراكز للزوار ومسارات للزيارة ولوحات تعريفية في مواقع الرسوم، ومن شأن ذلك أن ييسر زيارة هذه المواقع، كما يجري العمل على توفير خدمات للضيافة والإيواء السياحي بطريقة منظمة ومدروسة ومتوافقة مع معايير اليونيسكو المعتمدة لمواقع التراث العالمي.
وهكذا فإن تسجيل الرسوم الصخرية بمنطقة حائل بداية وليست نهاية، والمهم هو اتخاذ اللازم لاستمرار بقاء هذه المواقع على القائمة العالمية والإضافة عليها.
ولأول مرة بالنسبة إلى المملكة سجلت كمواقع متسلسلة يمكن إضافة مواقع أخرى إليها من منطقة حائل، إذا أهلت وهيئت بالمستوى المطلوب. وأعتقد أن مواقع مثل ياطب وجانين القريبين من مدينة حائل يمكن أن يضافا مستقبلا إلى القائمة العالمية، وهذا ما ستعمل عليه الهيئة إن شاء الله تعالى. كما أن هناك منطقة رسوم صخرية أخرى مميزة وعلى درجة عالية من الأهمية في جنوب المملكة وهي بئر حمى في منطقة نجران، وقد صدرت الموافقة السامية على تسجيلها ويجري العمل على ذلك.

* نائب الرئيس والمشرف على مشروع خادم الحرمين للعناية بالتراث الحضاري في السعودية.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.