ديدييه ديشان يستحق التقدير رغم خسارة فرنسا في نهائي كأس العالم

البطولة أثبتت أن «الديوك» ند قوي لأي فريق... والمدرب يجيد قراءة المباريات والتعامل مع المواقف الصعبة

لاعبو المنتخب الفرنسي يحيون الجماهير من شرفة أحد الفنادق في العاصمة الفرنسية بعد خسارة نهائي المونديال (رويترز)
لاعبو المنتخب الفرنسي يحيون الجماهير من شرفة أحد الفنادق في العاصمة الفرنسية بعد خسارة نهائي المونديال (رويترز)
TT

ديدييه ديشان يستحق التقدير رغم خسارة فرنسا في نهائي كأس العالم

لاعبو المنتخب الفرنسي يحيون الجماهير من شرفة أحد الفنادق في العاصمة الفرنسية بعد خسارة نهائي المونديال (رويترز)
لاعبو المنتخب الفرنسي يحيون الجماهير من شرفة أحد الفنادق في العاصمة الفرنسية بعد خسارة نهائي المونديال (رويترز)

وصف إريك كانتونا المدير الفني لمنتخب فرنسا ديدييه ديشان ذات مرة بأنه مجرد شخص مجتهد، وليس موهوباً. كما وصفه ميشيل بلاتيني بأنه مدير فني محظوظ للغاية؛ لأنه يتولى قيادة فريق مدجج بالنجوم. وبعد الفوضى التي حدثت خلال استعدادات المنتخب الفرنسي لنهائيات كأس العالم، والـ60 دقيقة الأولى الباهتة للغاية أمام الأرجنتين في المباراة النهائية، والاعتماد الشديد على تألق كيليان مبابي للوصول إلى ركلات الترجيح، قد يكون من السهل وصف ديشان بكلمات وعبارات مماثلة.
ومع ذلك، أثبتت البطولة أن فرنسا ند قوي لأي فريق، وأن ديشامب يجيد قراءة المباريات والتعامل مع المواقف الصعبة.
لقد كشفت المباراة النهائية وجود كثير من نقاط الضعف في الفريق الحالي لمنتخب فرنسا الذي تأثر بشدة بسبب الإصابات. وعلى الرغم من أن نقاط الضعف هذه كانت واضحة أيضاً في المباريات السابقة، فإن المنتخب الفرنسي تمكن بخبرته من التغلب عليها، والوصول إلى المباراة النهائية.
ويتعين على ديشان أن يعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلات التي ظهرت بشكل واضح أمام إنجلترا والمغرب في الجولات السابقة؛ خصوصاً أن فرنسا لم تكن قادرة على فرض أسلوبها في اللعب أمام منتخب الأرجنتين القوي.
لقد فقدت فرنسا الاستحواذ على الكرة في منتصف الملعب خلال معظم مباريات خروج المغلوب، نظراً لأن أدريان رابيو فشل في الوصول إلى مستوى بول بوغبا في الواجبات الهجومية، كما فشل في تعويض الدور الذي كان يقوم به نغولو كانتي في الواجبات الدفاعية.
وعلى الرغم من أن أنطوان غريزمان قدم مستويات جيدة في مركز المهاجم الوهمي، فإن اللعب بهذه الطريقة ترك أوريلين تشواميني عديم الخبرة معزولاً، وفي موقف لا يحسد عليه أمام المنافسين الذين تفوقوا عليه في أغلب الأحيان.
وإضافة إلى ذلك، كان المدافعون الأربعة لمنتخب فرنسا يرتكبون كثيراً من الأخطاء في التمركز والاستحواذ على الكرة، وواجهوا صعوبات كبيرة للغاية في الشوط الأول أمام الأرجنتين. وكان من الواضح أن أوليفييه جيرو لا يزال مصاباً، كما ظهر عثمان ديمبيلي مذعوراً وقلقاً، وهي الأمور التي زادت من معاناة «الديوك الفرنسية».

ديشان وهوغو لوريس وأحزان الخسارة أمام الأرجنتين (أ.ف.ب)

من المؤكد أن المنتخب الفرنسي فريق دؤوب لا يستسلم بسهولة، ومن الصعب التغلب عليه، لذا فإن أداءه الضعيف للغاية في أول 60 دقيقة أمام الأرجنتين يشير أيضاً إلى أن الظروف الخارجية أثرت كثيراً على مستوى الفريق، وخصوصاً من الناحية الذهنية. وأوضح ديشان بعد ذلك أن فرنسا لم تظهر بشكل جيد «لأسباب مختلفة»، وقال: «لقد واجهنا أشياء صعبة في الأيام الأربعة الماضية، مثل مرض بعض اللاعبين، ثم بعض الأشياء التي تعرضنا لها بشكل جماعي أيضاً». وأضاف، بطريقة غامضة إلى حد ما: «لم نكن في كامل قوتنا لأسباب مختلفة. ولن أخوض في التفسيرات». لقد أثرت الإنفلونزا بشكل واضح على أداء الفريق، وخير مثال على ذلك خروج رافائيل فاران المرهق خلال الوقت الإضافي، في مشهد يلخص انهيار اللاعبين من الناحية البدنية.
وعلى الرغم من أن فرنسا كانت غائبة تماماً خلال معظم فترات المباراة النهائية، فإنها استطاعت التعادل والوصول لضربات الترجيح. وعلى الرغم من الجرأة الكبيرة التي لعب بها المنتخب الأرجنتيني في بداية اللقاء، والحماس الشديد لرفقاء ليونيل ميسي، والذي ظهر بشكل واضح خلال انهيار أنخيل دي ماريا عندما أحرز الهدف الثاني، والاحتفالات الهيستيرية بعد نجاح غونزالو مونتيل في إحراز ركلة الترجيح الأخيرة، فإن فرنسا هي التي تمتلك التشكيلة الأقوى، حتى بعد غياب عدد من اللاعبين بداعي الإصابة.
وإضافة إلى ذلك، خلقت فرنسا كثيراً من الفرص التي كانت كفيلة بأن تجعلها تفوز بالمباراة؛ خصوصاً عندما كانت النتيجة تشير إلى التعادل بهدفين لكل فريق، ثم عندما كانت النتيجة تشير إلى التعادل بثلاثة أهداف لكل فريق، بعد أن استفاق اللاعبون الفرنسيون وعادوا إلى مستواهم الطبيعي في الدقائق الأربعين الأخيرة. وعلى الرغم من أن عدداً قليلاً فقط من لاعبي فرنسا (مبابي، والبديل راندال كولو مواني، وربما المدافع دايو أوباميكانو) يمكنهم ادعاء أنهم قدموا مستويات جيدة في المباراة النهائية، فإن ديشان يشعر بأن فريقه كان لا يزال قادراً على تحقيق الفوز. وبدلاً من ذلك، ألقى الفرنسيون بجزء كبير من اللوم على الحكم البولندي، سيمون مارسينياك، الذي منحته صحيفة «ليكيب» الفرنسية 2 من 10 في تقييمها له، وأشارت إلى أن حكم تقنية «الفار»، توماس كوياتكوفسكي: «لم يكن ليشكك في مواطنه أمام العالم أجمع».
وعلى الرغم من الأداء الغريب في الجزء الأول من المباراة النهائية، والخسارة بركلات الترجيح في النهاية، فقد تجاوزت فرنسا كل التوقعات في البطولة. لقد خسرت فرنسا جهود كثير من اللاعبين الأساسيين قبل انطلاق البطولة، بما في ذلك الثلاثي المهم للغاية: بوغبا، وكانتي، وكريم بنزيمة، المتوج بجائزة «الكرة الذهبية» كأفضل لاعب في العالم. وبالتالي، وجد ديشان نفسه مضطراً إلى أن يعود للاعتماد على 4 لاعبين في الخط الخلفي، بعد أن كان يلعب بطريقة 3-4-1-2 على مدى الأشهر الـ18 الماضية. لقد كان الفريق يلعب بشكل معين في الماضي، ولم يكن لديه الوقت الكافي للتكيف مع الطريقة الجديدة، لذلك كان قرار ديشامب بتغيير طريقة اللعب عبارة عن مغامرة كبيرة؛ لكنها أتت ثمارها إلى حد كبير.
لقد تعامل ديشان بطريقة رائعة مع فريقه، وأظهر ذكاءً كبيراً فيما يتعلق بالطريقة التي تُلعب بها كرة القدم على مستوى المنتخبات، وكان ذلك واضحاً تماماً خلال مشوار فرنسا في البطولة؛ حيث قاد ديشامب المنتخب الفرنسي لتجاوز دور المجموعات، ثم الفوز على إنجلترا والمغرب والوصول إلى المباراة النهائية، حتى وإن لم يكن الأداء على المستوى المطلوب. وإضافة إلى ذلك، فقد أظهرت الاحتفالات الصاخبة في غرفة خلع الملابس الأجواء الإيجابية التي خلقها ديشان داخل الفريق.
من المؤكد أن كثيراً من الاهتمام سينصب الآن على كيليان مبابي الذي حصل على الحذاء الذهبي هدافاً للمونديال، والذي نجح في إعادة فرنسا لأجواء المباراة النهائية، بعدما أحرز ثلاثية تاريخية؛ لكن الحقيقة هي أن ديشان هو الذي نجح في تحسين صورته وسمعته التدريبية خلال هذه البطولة، بعدما كان على وشك تحقيق إنجاز تاريخي بالفوز بكأس العالم مرتين متتاليتين، لولا التألق الرائع لحارس المرمى الأرجنتيني إميليانو مارتينيز، وإنقاذه فرصة محققة قبل نهاية الوقت الإضافي بثوانٍ معدودة.
وعلى الرغم من أن تقارير سابقة أشارت إلى أن ديشان سيمدد عقده حتى نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2024 التي ستقام بعد 18 شهراً فقط من الآن، فقد أكد المدير الفني البالغ من العمر 54 عاماً أنه لا يريد أن يتحدث عن مستقبله عقب الهزيمة.
وقال ديشان للتلفزيون الفرنسي إنه «سيرى ما سيحدث» قبل مقابلة رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، نويل لو غرايت، في العام الجديد. وعلى الرغم من أن معظم التقارير كانت تشير في مرحلة ما إلى أن زين الدين زيدان سيتولى قيادة المنتخب الفرنسي بعد نهائيات كأس العالم بقطر، فإن معظم المحللين والمتابعين الآن، بمن فيهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يشعرون بأن ديشان يجب أن يبقى في منصبه، بعدما قاد فرنسا للوصول إلى المباراة النهائية.
في الحقيقة، ليس هناك ما يضمن أن زيدان الذي لا يختلف فكره التدريبي كثيراً عن ديشامب، سينجح في قيادة المنتخب الفرنسي للوصول إلى مستويات أعلى. لقد أثبت ديشان أيضاً أنه قادر على المساعدة في تطوير اللاعبين الشباب الموهوبين في فرنسا، والذين سيصل معظمهم إلى قمة عطائهم الكروي قريباً؛ حيث إن 12 لاعباً من اللاعبين الذين شاركوا في المباراة النهائية تقل أعمارهم عن 25 عاماً.
لقد نجح ديشان في قيادة المنتخب الفرنسي للوصول إلى المباراة النهائية 3 مرات (كان هناك شعور بأن فرنسا يجب أن تفوز في المباريات الثلاث) في 5 بطولات كبرى، بالإضافة إلى الفوز المثير للإعجاب ببطولة دوري الأمم الأوروبية، وهو ما يعد إنجازاً تاريخياً لديشان. وقال لو غرايت، رئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد مباراة الأرجنتين، إن ما حققته فرنسا في البطولة «لا يزال يمثل انتصاراً لكرة القدم الفرنسية»؛ مشيراً إلى أن «فرنسا ستترك قطر ولديها ثقة متجددة على عدة جبهات. لقد نجح هذا الفريق الشاب، على الرغم من عدم الاستعداد بشكل جيد للمونديال، في التغلب على كثير من التحديات التي كان من الممكن أن تُخرج الفريق عن الطريق الصحيح؛ لكن المدير الفني الرائع قام بعمل استثنائي، وكان على وشك الفوز بالمونديال للمرة الثانية!».


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».