الحريري: الأبواب ليست مغلقة في وجه «أي مخرج واقعي» لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي

دعا إلى «حصر أضرار النيران المحيطة» عبر الإجماع الوطني.. وأكد أن الذهاب لسوريا لن يحمي لبنان

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في كلمة له عبر شاشة في حفل إفطار لتيار المستقبل (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في كلمة له عبر شاشة في حفل إفطار لتيار المستقبل (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري: الأبواب ليست مغلقة في وجه «أي مخرج واقعي» لإنهاء أزمة الفراغ الرئاسي

رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في كلمة له عبر شاشة في حفل إفطار لتيار المستقبل (دالاتي ونهرا)
رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في كلمة له عبر شاشة في حفل إفطار لتيار المستقبل (دالاتي ونهرا)

أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري أمس، أن الأبواب ليست مغلقة في وجه «أي مخرج واقعي» لإنهاء أزمة الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية. ورد على الأمين العام لحزب الله حسين نصر الله من غير أن يسميه، مؤكدًا أن طريق القدس «لا تمر من الزبداني والقلمون». وأكد: «إننا لسنا في مواجهة طائفية مع أحد»، مشددًا في الوقت نفسه على «أننا لا ننجر إلى المزايدات والتصعيد والتطرف، لأنها وصفة لضرب السلم الأهلي».
وذكّر الحريري في كلمة ألقاها في حفل الإفطار المركزي الذي أقامه «تيار المستقبل» في مجمع «بيال» في بيروت، بخريطة طريق كان طرحها الأمين العام لحماية لبنان من الحرائق المحيطة، لكن «لم تتم ملاقاتنا بخطوة جدية واحدة على هذا الطريق، فواصلت البلاد الدوران في الحلقات المفرغة، ومر عام على الفراغ في رئاسة الجمهورية وكأن شيئًا لم يكن».
وأعلن الحريري أن الأبواب ليست مغلقة في وجه «أي مخرج واقعي» لإنهاء أزمة الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، مؤكدًا أن «لا فيتو على أي اسم، ودائمًا تحت سقف التوافق الوطني». وأكد أن «الرهان على متغيرات في سوريا لن يصنع رئيسًا للجمهورية، كذلك انتظار نتائج المفاوضات النووية»، مشددًا على أنه «لا خيار أمامنا جميعًا سوى التقيد بالدستور، والعودة إلى التواصل السياسي للاتفاق على مخرج عملي لمأزق الرئاسة. لنهدأ جميعًا، ولنتوقف عن سياسات التعبئة، ونعطي أنفسنا وبلدنا فرصة لالتقاط الأنفاس وإيجاد المخارج».
وتطرق الحريري في النقطة الثانية من كلمته، إلى الملف السوري، ومواجهة الإرهاب، مذكرًا «بأننا قبل أكثر من سنتين، قلنا لحزب الله إن التورط العسكري في الحرب السورية، لن يكون في مقدوره إنقاذ نظام بشار الأسد». وجدد الحريري تأكيده أن «الذهاب إلى الحرب السورية لن يحمي لبنان. عندما تذهب إلى النار، توقع أن تأتي النار عليك». وأضاف: «المجال المتاح أمامنا هو أن نقيم سدًا لحصر أضرار النيران التي تحيط بنا، وهو الإجماع الوطني أو الوحدة الوطنية، لنعطي الدولة ما للدولة، من مسؤوليات أمنية وعسكرية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وتحديد الإطار الكامل لمكافحة الإرهاب وحماية البلدات البقاعية وضبط الحدود في الاتجاهين، ومعالجة النزوح السوري بما توجبه العلاقات الإنسانية والأخوية وقواعد السلامة المطلوبة للأمن اللبناني».
وأضاف الحريري: «حزب الله لا يريد أن يسمع هذا الكلام، لكننا نراهن أن يجد هذا المنطق، مكانًا له في عقول وقلوب الأخوة من رموز وأبناء الطائفة الشيعية، والمضلّلين بوهم الحرب الاستباقية».
وأعلن الحريري: «إننا لسنا في موقع الرفض المطلق للحرب الاستباقية ضد الإرهاب. لكن هناك فرق بين أن يخطط لبنان لمواجهة الإرهاب، من خلال منظومة وطنية يتولاها الجيش والقوى الشرعية على الأراضي اللبنانية، وبين أن تتفرّد مجموعة لبنانية مسلحة بإعلان الحرب الاستباقية وخوضها خارج الحدود، ضمن منظومة إقليمية ذات وجه مذهبي، تبدأ في دمشق وتتصل بخطوط قاسم سليماني في الموصل وصنعاء وعدن».
ورد الحريري على الأمين العام لحزب الله من دون أن يسميه، قائلاً: «إن طريق فلسطين لا تمر بالزبداني ودمشق، الطريق من بيروت إلى طهران، نعم تمر بسوريا وبالعراق أما الطريق إلى فلسطين، فبالتأكيد لا». ورأى أن «الجيش اللبناني يقوم بدوره على أكمل وجه، والتجارب من عرسال إلى طرابلس لا تحتاج إلى دليل». وأشار إلى أن قيام كيانات أمنية وعسكرية، رديفة للجيوش والقوى الرسمية في بلدان المنطقة، على صورة حزب الله ونموذج الحرس الثوري في إيران «أخطر ما فيها أنها تعمل على تجريد المعركة ضد الإرهاب من بُعدها الوطني الجامع، وإحالة الجيوش على التقاعد أو استخدامها في مهمات تحدَّد لها مسبقًا، واستبدال رايات الإجماع الوطني ضد الإرهاب برايات الفتنة والحروب المذهبية».
وأكد الحريري تمسكه باتفاق الطائف، ورفض طروحات الفيدرالية، قائلاً: «أمامنا خيار واحد لا ثاني له: أن نتضامن على إعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية، وحماية الفكرة التي قامت عليها دولة لبنان، وتكرست من خلال الميثاق الوطني في الأربعينات، وتجددت من خلال وثيقة الوفاق الوطني في الطائف». وأشاد برئيس الحكومة تمام سلام في حماية «الركن الأخير في السلطة التنفيذية من الوقوع في الفراغ والشلل»، مضيفًا: «وهو ما نتطلع إلى أن يتكامل مع جهود الرئيس نبيه بري لتفعيل العمل التشريعي في نطاق التفاهم السياسي على الأولويات، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية».
وأكد: «إننا في تيار المستقبل لسنا بوارد أي مواجهة على أساس طائفي»، موضحًا أنه «في موضوع رئاسة الجمهورية قلنا إنه ليس لدينا (فيتو) على أحد، كما تعاونا مع التيار الوطني الحر على تشكيل الحكومة، وتعاونا على إصدار عشرات القرارات، ولم يصدر قرار واحد في الحكومة إلا بالتوافق بين الكتل». وأشار إلى «أننا وصلنا إلى التعيينات الأمنية، وحصل خلاف داخل الحكومة». وأضاف: «نحن لسنا في مواجهة طائفية مع أحد. وإذا كان هناك من يُرد فتح مثل هذه المواجهة فسيجد نفسه في مواجهة نفسه، ومن هو متحمس ليؤكد ويصر على أن كل المشكلة هي بين التيار الوطني والمستقبل، فهو، كما سمعتم قبل يومين، حزب الله. فالحزب لا يزال يطلق الوعظ والنصائح بأن تيار المستقبل يعتمد سياسة التفرد والتهميش».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.