مسؤولون وكتاب أميركيون عن الفيصل: لقد خسرنا الحليف الحكيم

حافظ على العلاقات السعودية - الأميركية قوية.. لكنه أعطى الأسبقية لمصالح بلده

مسؤولون وكتاب أميركيون عن الفيصل: لقد خسرنا الحليف الحكيم
TT

مسؤولون وكتاب أميركيون عن الفيصل: لقد خسرنا الحليف الحكيم

مسؤولون وكتاب أميركيون عن الفيصل: لقد خسرنا الحليف الحكيم

لم يمر رحيل الأمير سعود الفيصل مرور الكرام على نظرائه وعلى كثير من الدبلوماسيين والكتاب الأميركيين الذين لم يفشل الأمير في إبهارهم بحكمته وسياسته الدبلوماسية. فالأمير الراحل عاصر سبعة زعماء تناوبوا على البيت الأبيض من الرئيس جيرالد فورد (1974) وحتى الرئيس الحالي باراك أوباما، كما عاصر 13 وزيرًا للخارجية الأميركية.
وتميزت كل فترة من تلك الفترات بعمق العلاقة بين البلدين التي استطاع الأمير الراحل أن يبقيها قوية رغم تضارب مصالح الطرفين في مواقف كثيرة بحنكته وخبرته السياسية.
وعن رحيله، عبّر ديفيد دنفورد، السفير الأميركي السابق في سلطنة عمان والقائم بأعمال السفارة الأميركية في الرياض من عام 1988 إلى 1992، عن حزنه لوفاة الأمير الفيصل الذي استطاع إبهاره في المرات الكثيرة التي قابله فيها وقال: «لقد تم وصفه بأنه أكثر وزير خارجية خدم بلاده، ولكن رأيي الشخصي بأنه أحد أفضل وزراء الخارجية في العالم». وعن أكثر مواقفه التي يذكرها أضاف: «أتذكر جيدا بشكل خاص ثلاثة اجتماعات عقدناها في مدينة الطائف عندما كان يجتمع معنا ويعمل على الاتفاقية التي أسهمت في إنهاء الحرب الأهلية المأساوية في لبنان عام 1989.. كما لا أزال أتذكر جلوسي في إحدى الاجتماعات المهمة جدًا عام 1990 بين سعود الفيصل ووزير الخارجية الأميركي آنذاك جيم بيكر لمناقشة والتخطيط لعقد اجتماع في مدريد والذي نهدف جميعا من خلاله إلى التوصل لعقد مناقشات جادة بين العرب والإسرائيليين. ورغم أن سعود الفيصل يعتبر من أكثر الرجال انشغالا في العالم، إلا أنه لم يستعجلنا في الاجتماع وأعطانا كل الوقت الذي نحتاجه متمسكا بتهذيبه ولباقته المعتادة». وختم دنفورد ذكرياته مع الفيصل بحزن، مشيدا بالفيصل: «لقد مثل الفيصل بلده بمهارة وحكمة عظيمة، وسيفتقده جدا جميع من تشرفوا بمعرفته والعمل معه».
ولم يتردد بروس رايدل، رئيس مشروع الاستخبارات التابع لمعهد «بروكينغز» العريق في واشنطن والكاتب في عدد من الصحف الأميركية، بالتأكيد بأن خسارة الفيصل هي «خسارة واشنطن لحليف وصديق حكيم ربما لن يتكرر أبدا»، وأضاف: «سنفتقد لمسته السياسية».
وبحسب برايدل، فقد تبع الأمير سعود خطى والده الملك فيصل في الالتزام السياسي، وقد عمل أبوه الملك فيصل بن عبد العزيز على تنشئته وتهيئته بأفضل تعليم بإرساله إلى أعرق الجامعات الأميركية، جامعة «برنستون»، ومن ثم إعداده للانخراط سياسيا ودبلوماسيا لما فيه مصلحه المملكة.
وأضاف برايدل بأن ذلك بدا جليا في مسيرته الدبلوماسية، مشيرًا إلى أن: «منذ تولي الأمير سعود وزارة الخارجية أصبح الفيصل طرفا أساسيا في التوصل لحل أي من أزمات الشرق الأوسط، سواء في الحرب أو السلم كان الفيصل رجلا شريفا يتمتع بدماثة خلق لفتت الانتباه وأكسبته الكثير من الاحترام.. وبصوته الهادي كان يناقش ويحارب من أجل مصالح بلاده».
وعن حكمته السياسية التي تفتقرها واشنطن في كثير من الأحيان بحسب برايدل، كان ذلك جليلا في قضيتين وهما القضية الفلسطينية وحرب العراق عام 2003 ويوضّح: «إذ كان الفيصل يدافع عن القضية الفلسطينية بكل ما يملك كما كان في طليعة الداعين لحل الصراع الفلسطيني وصاحب آراء حكيمة تبينت صحتها فيما بعد». ويتابع برايدل: «كان الأمير الفيصل يطالب بحل أزمة فلسطين في معظم المناسبات حتى في لحظات النصر كبعد النصر في حرب الكويت عام 1991 حيث طلب الفيصل من القوات أن تستغل ذلك النصر لبحث حل لقضية فلسطين.. كما كان الأمير الراحل يردد بأن محبي التطرف والإرهاب في المنطقة سيستغلون الأزمة وكان محقا في ذلك أيضا كما تبين لنا مؤخرا».
أما فيما يتعلق بالحرب على العراق ورؤية الفيصل لها، قال برايدل: «آمن الأمير سعود الفيصل بعمق وعبر في كثير من المناسبات عن رفضه لغزو العراق كنتيجة لأحداث 11 سبتمبر (أيلول) وحذر واشنطن من تبعات هذا القرار غير الصائب.. وكان محقا في ذلك».
ويتجاوز إعجاب برايدل بحكمة الأمير السياسية ليطال تنشئته ومعاملته لأبنائه وبناته، إذ انعكست شخصيته وحكمته السياسية على عائلته. فوفقا لشهادة برايدل: «لا أزال أتذكر بناته وهن يحاولن التوضيح لنا (كدبلوماسيين أجانب) ما تتمتع به المرأة السعودية من مزايا ومدى محبة السيدات السعوديات لبلادهن لما يقدمه لهن بعكس ما يتناقله البعض المشككين بذلك».
ولم يتوانَ برايدل في التعبير عن ذلك وأكثر في مقاله عن رحيل الفيصل في مجلة «دايلي بيست» وتبعه في ذلك ديفيد إغناتيوس، كاتب الـ«واشنطن بوست»، الذي أجرى مقابلات عدة مع الأمير الراحل خلال زياراته للمملكة كان آخرها عام 2011. وأثنى الكاتب على نظرة الأمير العميقة لسياسة بلاده الخارجية والتي في أحيان كثيرة لا تتماشى مع رؤية الولايات المتحدة، وقال: «رغم أن الأمير من الحلفاء الأوفياء لأميركا ومنذ 40 عاما، إلا أنه دائما ما يمضي لما فيه مصلحة بلده، رافضا الخضوع لأميركا، التي لا تستمع جيدا للنصائح في كثير من الأحيان».
وعن أمثلة لنظرته العميقة وسياساته في المنطقة، أكد الكاتب على مواقف الراحل الرافضة للحرب على العراق بحسب مقابلة أجراها معه في عام 2003 أكد خلالها الأمير أن أميركا ستخسر بخوضها هذه الحرب ولن تنجح إلا في إعادة ترسيخ فكرة السياسيات الإمبريالية القديمة والطمع الغربي في نهب خيرات المنطقة.
ولعل أحداث 2011 شهدت مواقف أخرى لحنكة الأمير الراحل حيث أكد في مقابلة صحافية أخرى، ويقول إغناتيوس: «ذكر الأمير أن هذه الأحداث وفي الدول الثلاث هي نتيجة لعدم الاستجابة لرغبات مواطني البلاد ومواكبه التطورات.. ونحن (في المملكة) نستمع لشعبنا ونتطور تبعا لذلك».
وتابع الكاتب: «كل هذه المواقف دليل على مهارات (التهدئة الدبلوماسية) والحكمة في اتخاذ القرارات، كما كان الأمير محيطا بتاريخ المنطقة ومحصنا نفسه من نوبات التشاؤم التي قد تنتاب من يعمل المنطقة ممن لا يعرفها جيدا». كما ذكر أن أهم ما يميز الأمير سعود الفيصل هو كونه يمثل: «الأمير البدوي العريق، فهو فارع في طوله، حصيف في كلامه ومهذب في أفعاله»، وبخسارته فقدت أميركا والعالم شخصًا فريدًا.



احتمالات تعرض مواقع إلكترونية سرية تابعة لـ«سي آي إيه» للكشف على يد «هاو»

مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
TT

احتمالات تعرض مواقع إلكترونية سرية تابعة لـ«سي آي إيه» للكشف على يد «هاو»

مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )
مدخل مقر وكالة المخابرات المركزية " سي آي أي " في لانغلي بمقاطعة فيرفاكس فرجينيا ( رويترز )

أثار تقريرٌ شكوكاً جدية حول طريقة تعامل «وكالة الاستخبارات الأميركية» (سي آي إيه) مع إجراءات السلامة، بعد أن تسببت مجموعة من العيوب في تعريض مصادر للخطر. وخلص التقرير إلى أن الـ«سي. آي. إيه.» استخدمت مواقع إلكترونية للاتصالات السرية التي كان من الممكن أن يكتشفها «محقق هاوٍ». وتسببت هذه العيوب في مقتل ما يزيد على 20 مصدراً أميركياً داخل الصين خلال عامي 2011 و2012، وكذلك سجن إيران أو إعدامها أصولاً أميركية.
واستخدمت الـ«سي آي إيه» مئات المواقع الإلكترونية للاتصالات السرية التي كانت معيبة للغاية، ويمكن كشفها حتى من قِبل «محقق هاوٍ"، تبعاً لما أفاده باحثون أمنيون، بحسب «الغارديان»، أمس.
وجاء البحث على يد خبراء أمنيين في مؤسسة «سيتيزين لاب» بجامعة تورنتو، وبدأوا التحقيق في الأمر بعد تلقي معلومات من مراسل «وكالة رويترز» جويل شيكتمان.
وأفادت المؤسسة بأنها لم تنشر تقريراً تقنياً مفصلاً لكامل نتائجها؛ لتجنب تعريض أصول الـ«سي آي إيه» أو موظفيها، للخطر. ومع ذلك فإن النتائج المحدودة التي توصّل إليها الباحثون تثير شكوكاً جدية حول طريقة تعامل «وكالة الاستخبارات الأميركية» مع إجراءات السلامة.
وأعلنت مؤسسة «سيتيزين لاب» أنه بالاعتماد على موقع إلكتروني واحد ومواد متاحة للجمهور، نجحت في تحديد شبكة من 885 موقعاً عبر شبكة الإنترنت عزا الباحثون «بدرجة عالية من الثقة» أنه يجري استخدامها من جانب «الاستخبارات الأميركية».
وخلص الباحثون إلى أن المواقع الإلكترونية المعنية تزعم أنها معنية بالأخبار والطقس والرعاية الصحية ومواقع أخرى شرعية تماماً.
وقالت مؤسسة «سيتيزين لاب»: «بمعرفة موقع إلكتروني واحد، من المحتمل أنه بينما كانت المواقع على الإنترنت، كان باستطاعة أحد المحققين الهواة النشطين رسم خريطة لشبكة الـ(سي آي إيه) ونسبها للحكومة الأميركية».
كانت المواقع نشطة بين عامي 2004 و2013، وربما لم تستخدمها «وكالة الاستخبارات» في القترة الأخيرة. إلا أن «سيتيزين لاب» أعلنت أن مجموعة فرعية من المواقع كانت مرتبطة بموظفين أو أصول استخباراتية نشطة، بما في ذلك متعاقد أجنبي، وموظف حالي في وزارة الخارجية.
وأضافت «سيتيزين لاب»: «قيل إن البناء المتهور لهذه البنية التحتية من قِبل وكالة الاستخبارات المركزية أدى بشكل مباشر إلى تحديد الأصول والقضاء عليها، وخاطر دونما شك بحياة عدد لا يُحصى من الأفراد الآخرين. نأمل أن يؤدي هذا البحث وعملية الكشف المحدودة لدينا، إلى المساءلة عن هذا السلوك المتهور».
على الجانب الآخر، قالت المتحدثة باسم وكالة الاستخبارات المركزية تامي كوبرمان ثورب: «تأخذ وكالة الاستخبارات المركزية التزاماتها لحماية الأشخاص الذين يعملون معنا، على محمل الجد، ونعلم أن العديد منهم يفعلون ذلك بشجاعة، وفي مواجهة مخاطر شخصية كبيرة. إن الفكرة القائلة بأن وكالة الاستخبارات المركزية لن تعمل بجدية قدر الإمكان لحمايتهم، هي فكرة خاطئة».
ويعود أصل هذه القصة إلى عام 2018، عندما أبلغ المراسلان جينا ماكلولين وزاك دورفمان، من «ياهو نيوز»، لأول مرة، أن نظاماً تستخدمه «سي. آي. إيه.» للتواصل مع الأصول الخاصة بها، تعرَّض للاختراق من جانب إيران والصين عامي 2011 و2012.
كما أشارت «ياهو نيوز» إلى أن مصادر مطّلعة أعربت عن مخاوفها من أن المسؤولين عن هذا الأمر لم يحاسَبوا قط.
وبدأت مؤسسة «سيتيزين لاب» التحقيق في الأمر لدى حصولها على معلومات بشأن أحد الأصول التابعة لـ«سي. آي. إيه.» في إيران، والذي ألقي القبض عليه وقضى سبع سنوات في السجن بعد استخدامه ما وصفته «سيتيزين لاب» بأنه «شبكة غير آمنة على نحو قاتل».
ونشرت «رويترز» التقرير كاملاً بعنوان «جواسيس أميركا المنبوذون: كيف خذلت (سي آي إيه) عملاءها الإيرانيين في حربها السرية مع طهران»، الخميس.
وقالت المتحدثة باسم «وكالة المخابرات المركزية» تامي كوبرمان ثورب: «تأخذ وكالة المخابرات المركزية التزاماتها لحماية الأشخاص الذين يعملون معنا، على محمل الجد، ونعلم أن العديد منهم يفعلون ذلك بشجاعة، وفي مواجهة مخاطر شخصية كبيرة. إن الفكرة القائلة بأن وكالة المخابرات المركزية لن تعمل بجدية قدر الإمكان لحمايتهم، هي فكرة خاطئة».