قبيلة السنوسي تتخوف عليه من مصير «أبو عجيلة»

دعوات للاحتجاج والتظاهر أمام سفارة أميركا في ليبيا ومقرات الأمم المتحدة

عبد الله السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (رويترز)
عبد الله السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (رويترز)
TT

قبيلة السنوسي تتخوف عليه من مصير «أبو عجيلة»

عبد الله السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (رويترز)
عبد الله السنوسي أمام المحكمة في جلسة سابقة (رويترز)

تتخوف قبيلة المقارحة في ليبيا، من تعرض عبد الله السنوسي، رئيس جهاز الاستخبارات الليبية في النظام السابق، لمصير أبو عجيلة مسعود المريمي، الذي «سلمته» حكومة عبد الحميد الدبيبة، للولايات المتحدة، ويَمثُل راهناً للتحقيق بداعي «تورطه في صنع القنبلة التي استخدمت في تفجير طائرة أميركية فوق مدينة لوكربي الاسكوتلندية عام 1988».
والسنوسي (72 عاماً)، المنتمي إلى قبيلة المقارحة، وصهر الرئيس الراحل معمر القذافي، يُعَدُّ واحداً من أقوى رجال النظام السابق، وقد حُكم عليه بالإعدام عام 2015 لاتهامه بقمع «ثورة 17 فبراير (شباط)» 2011، لكن في نهاية عام 2019 برّأته محكمة في العاصمة طرابلس مع آخرين من حكم مماثل في قضية «سجن أبو سليم»، غير أنّ المحكمة العليا بالبلاد نقضت الحكم قبل نحو عام، وأعادت المحاكمة بإسنادها لدائرة جنايات جديدة.
وقال الشيخ هارون أرحومة، أحد أعيان قبيلة المقارحة، في حديث ﻟ«الشرق الأوسط»، إنّ الأجواء السياسية في ليبيا «تدفعنا للتخوّف من إقدام حكومة الدبيبة، على تسليم السنوسي، وما تبقى في السجون من رموز النظام السابق إلى أميركا، كما فعلت مع أبو عجيلة».
وتواجه حكومة الدبيبة، اتهامات سياسية وشعبية كثيرة، بخطف أبو عجيلة، ضابط الاستخبارات الليبية السابق في عهد القذافي، في 16 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وتسليمه للولايات المتحدة، للاشتباه بـ«تورطه في تفجير» طائرة (بان إم 103) فوق (لوكربي) باسكوتلندا عام 1988؛ ما أسفر عن مقتل 259 شخصاً، منهم 190 أميركياً، و11 شخصاً على الأرض.
وأوضح الشيخ هارون أنّ «السنوسي، يعاني منذ سنوات وضعاً صحياً سيئاً جداً، وطالبنا مرات كثيرة الجهات الرسمية كافة بالإفراج عنه، خوفاً من موته في السجن، لكن دون استجابة منها». واستكمل هارون قائلاً: «الرجل أجرى عمليتين جراحيتين، ويمنعوننا من زيارته؛ نحن نريده خارج السجن لمتابعة علاجه، بدلاً من موته هناك، دون أن ندري».
ومضى يقول: «في ظل حرص حكومة الدبيبة على التمسك بالكرسي، أصبحنا نتخوّف أيضاً على مصير عبد الله منصور، وأحمد إبراهيم، ومنصور الضو». وهم من رموز النظام الماضي، وجميعهم في سجن بمصراتة.
وزادت مخاوف قبيلة السنوسي، بعدما تداولت وسائل إعلام غربية اسمه مجدداً بزعم مشاركته في تفجير طائرة «لوكربي»، وقال الشيخ هارون: «عجيلات كثيرون في الطريق، في ظل حرص الدبيبة ومجموعته على التمسك بالكرسي».
وعبد الله منصور، هو المدير الأسبق للأمن الداخلي في عهد القذافي، تسلّمته ليبيا من النيجر عام 2014، أما أحمد منصور، فهو الأمين العام المساعد لـ«مؤتمر الشعب العام»، بالإضافة للضو، القائد السابق للحرس الشعبي، والذي أمر مكتب المدعي العام العسكري بالإفراج عنه في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنه قال: «لا علاقة لنا بتنفيذ أمر الإفراج عن ضو، لا من قريب أو بعيد».
وفيما يتعلق بوضعهم قيد السجن، قال الشيخ هارون، إنّ الشخصيات الثلاثة يقبعون في سجون مصراتة، «لكنهم ينتقمون في السنوسي في سجن معيتيقة الذي تديره (قوة الردع) بقيادة عبد الرؤوف كارة، في ظلّ تعرّضه لوضع صحي خطير، نظراً لكونه يعاني من أمراض القلب وسرطان الكبد».
وهدّد الشيخ هارون، بـأن قبيلة السنوسي، «لم تصمت إن أصابه مكروه. لو مات في السجن ستقع مشكلة كبيرة»، مطالباً بسرعة الإفراج عنه بعدما قال إن «جميع المحاكم التي عُرضت عليها براءته تُصرّ على الاستمرار في سجنه».
وذهب إلى أنّ ليبيا «ليس بها حكومة موحدة، كما أنّ الأمم المتحدة ليس لها دور حقيقي»، مشيراً إلى أنّ «كل قيادات السلطة، من بينهم الدبيبة، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب، طالبوهم بالإفراج عنه لكنهم لم يفعلوا شيئاً».
وانتهى الشيخ هارون إلى أنّ ما حدث لـ«أبو عجيلة» تم برعاية السفير الأميركي الذي يكافئ الدبيبة ببقائه في السلطة. والعقيد السنوسي هو زوج شقيقة صفية فركاش، الزوجة الثانية للرئيس الراحل معمر القذافي، وكان ضمن الدائرة المقربة جداً منه طوال فترة حكمه، التي جاوزت 42 عاماً، وهو لا يزال ملاحَقاً من المحكمة الجنائية الدولية.
وفيما أعلن النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور، فتح تحقيق في واقعة تسليم أبو عجيلة، قالت حكومة فتحي باشاغا، الموازية، إن وزارة خارجيتها ستكلّف مكتب محاماة دولياً للدفاع عنه.
ودعا وزير الخارجية حافظ قدور، «الكفاءات القانونية الليبية إلى المساهمة مع مكتب المحاماة المكلف والتنسيق معه في هذا الشأن فور اختياره».
ووفقاً لوسائل إعلام محلية، طالب المجلس الرئاسي، الدبيبة بكشف ملابسات تسليم أبو عجيلة إلى الولايات المتحدة، بعدما أحال شكوى مقدمة من عائلته إلى النائب العام، للتحقيق فيها.
في السياق ذاته، دعا ممثلون عن مؤسسات للمجتمع المدني في ليبيا، إلى إطلاق حملات تبرّع شعبية عامة وخاصة بقصد توكيل فريق محاماة دولي للدفاع عن أبو عجيلة، مشيرين إلى أنهم بصدد تصعيد خطواتهم بهدف إعادته.
وطالبت 85 شخصية ليبية، أمس (الأربعاء)، المحكمة الجنائية الدولية والبعثة الأممية والمجلس الأعلى للقضاء بالتدخل لاستعادة أبو عجيلة، كما دعوا المواطنين للتظاهر تنديداً بما وصفوها بـ«جريمة خطف»، والاعتصام أمام سفارة الولايات المتحدة ومقرات الأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في ليبيا وخارجها تنديداً بتسليم أبو عجيلة.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».