وافق الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين على إضافة ملياري يورو (2.1 مليار دولار) إلى صندوق يستخدم للمساعدة في تسليح أوكرانيا، فيما أعلنت «مجموعة الدول السبع“، في ختام قمة لها عبر تقنية الفيديو، مواصلة العمل معاً لتعزيز القدرات العسكرية الأوكرانية، مع التركيز بشكل عاجل على أنظمة الدفاع الجوي. وجاء هذا تزامناً مع إعلان كييف أن القوات الروسية قصفت أهدافاً بالصواريخ والطائرات المسيرة والمدفعية في شرق أوكرانيا وجنوبها في الوقت الذي يظل فيه الملايين بدون كهرباء وسط درجات حرارة دون الصفر بعد تكثيف روسيا ضرباتها على البنية التحتية الرئيسية.
واستنفد التكتل الذي يضم 27 دولة ميزانية «منشأة للسلام» كان من المفترض في الأساس أن تستمر حتى 2027، في غضون 10 أشهر من الحرب فقط إذ غطت تكلفة بعض الأسلحة التي يتم إرسالها لمواجهة الغزو الروسي. وكتب مسؤول الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على وسائل التواصل الاجتماعي: «لا يزال الاتحاد الأوروبي ملتزماً بتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا والشركاء الآخرين على حد سواء».
وتأسست «منشأة السلام الأوروبي» العام الماضي ليتمكن الاتحاد الأوروبي من تمويل المساعدات العسكرية لشركائه الدوليين فيما يسعى التكتل لزيادة نفوذه العالمي.
وشهد الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) تحويل الجزء الأكبر من أموال الصندوق للمساعدة في تسليح كييف، لتخرق بروكسل أحد المحرمات التقليدية بشأن عدم تغطية تكاليف إيصال الأسلحة. ولم يتبق سوى حوالي 800 مليون من الميزانية الأصلية للمنشأة البالغة 5.7 مليار يورو التي كان من المقرر أن تبقى حتى عام 2027.
ولا توجد محادثات سلام أو نهاية تلوح في الأفق حالياً لأكثر النزاعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، التي تصفها موسكو بأنها «عملية عسكرية خاصة» بينما تصفها أوكرانيا وحلفاؤها بأنها عمل عدواني غير مبرر.
ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين قوله أمس الاثنين إن روسيا لا ترى بعد نهجاً أميركياً «بناء» تجاه الصراع في أوكرانيا. وأجرى البلدان سلسلة من الاتصالات في تركيا لحل هذه الأزمة.
- دعم أميركي عسكري لكييف
ووسط زخم من المساعي الدبلوماسية، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الأحد مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتأكيد على الدعم الأميركي المستمر للدفاع الأوكراني. وقال البيت الأبيض إن بايدن أبلغ زيلينسكي أن واشنطن تعطي الأولوية لجهود تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وسلط بيان البيت الأبيض الضوء على مساعدات بقيمة 275 مليون دولار من الأسلحة والذخيرة وغيرها من المعدات التي أعلن عنها البنتاغون لأوكرانيا. وتحدث بايدن عن استثمار بقيمة 53 مليار دولار لدعم نظام الطاقة في أوكرانيا حيث تستهدف روسيا شبكة الكهرباء. وقال البيان إن «الرئيس بايدن أعاد تأكيد التزام الولايات المتحدة بمواصلة تزويد أوكرانيا بالمساعدات الأمنية والاقتصادية والإنسانية، ومحاسبة روسيا على جرائم الحرب والفظائع التي ارتكبتها، وفرض تكاليف على روسيا لعدوانها».
ورحب بايدن بانفتاح زيلينسكي على سلام عادل قائم على المبادئ الأساسية المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة وما أعلنه زيلينسكي حول الخطوات العشر للتوصل إلى صيغة سلام.
وقال زيلينسكي إنه شكر بايدن على المساعدة «الدفاعية والمالية غير المسبوقة» التي قدمتها الولايات المتحدة، وقال عبر على حسابه على تلغرام: «أجريت مكالمة هاتفية مع الرئيس الأميركي جوزيف بايدن وشكرته على المساعدة الدفاعية والمالية غير المسبوقة التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا».
بدورها، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لشبكة (سي.بي.إس) إن دعم واشنطن لجيش أوكرانيا واقتصادها سيستمر «مهما استغرق الأمر»، وأكدت أن إنهاء الحرب هو أفضل شيء يمكن للولايات المتحدة فعله للاقتصاد العالمي.
كذلك، قال الرئيس الأوكراني زيلينسكي إنه أجرى محادثات «محددة للغاية» مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن ضمان صادرات الحبوب الأوكرانية. وعملت تركيا، التي لعبت دور الوسيط في محادثات السلام في الأشهر الأولى من الحرب، إلى جانب الأمم المتحدة لإبرام اتفاق حبوب وفتح الموانئ الأوكرانية أمام الصادرات في يوليو (تموز) بعد حصار روسي فعلي استمر ستة أشهر.
وقال مكتب إردوغان إن الرئيس التركي أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأحد دعا خلاله إلى إنهاء سريع للصراع. وقال بوتين الأسبوع الماضي إن خسارة موسكو شبه الكاملة للثقة في الغرب ستجعل الوصول إلى تسوية نهائية بشأن أوكرانيا أكثر صعوبة وحذر من حرب طويلة الأمد.
- هجمات روسية وسط انقطاع الكهرباء
ميدانياً، أعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أمس الاثنين أن القوات الروسية قصفت أهدافاً بالصواريخ والطائرات المسيرة والمدفعية في شرق أوكرانيا وجنوبها في الوقت الذي يظل فيه الملايين بدون كهرباء وسط درجات حرارة دون الصفر بعد تكثيف روسيا ضرباتها على البنية التحتية الرئيسية.
واستأنف ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود أمس الاثنين عملياته بعد توقفه عن العمل لمدة يومين جراء تعرض منشأتين للطاقة لهجوم روسي بطائرات مسيرة إيرانية الصنع يوم السبت. وقال مسؤولون إن الكهرباء بدأت تعود للعمل ببطء إلى نحو 1.5 مليون شخص.
وقال زيلينسكي إن مناطق أخرى تعاني من ظروف «صعبة للغاية» فيما يتعلق بإمدادات الطاقة، من بينها العاصمة كييف وأربع مناطق في غرب أوكرانيا ومنطقة دنيبروبتروفسك في وسطها. وأوضحت إدارة منطقة كييف أن 14 تجمعاً سكنياً هناك ما زالت بلا كهرباء وإن 37 أخرى بلا كهرباء جزئياً.
ووصل منسق مساعدات الأمم المتحدة مارتن غريفيث إلى أوكرانيا أمس الاثنين ليقف بنفسه على «تأثير الاستجابة الإنسانية والتحديات الجديدة التي نشأت مع تزايد الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية وسط درجات حرارة شديدة البرودة في الشتاء»، حسبما قال مكتبه.
وفي تحديثها اليومي للوضع العسكري، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن قواتها صدت هجمات روسية على أربعة تجمعات سكنية في منطقة دونيتسك الشرقية وعلى ثمانية تجمعات في منطقة لوجانسك المجاورة.
وواصلت روسيا هجماتها على باخموت، التي أصبحت الآن في حالة خراب إلى حد بعيد، وعلى أفدييفكا وليمان وشنت هجومين صاروخيين على البنية التحتية المدنية في كوستيانتينيفكا، وجميعها في منطقة دونيتسك، وهي واحدة من أربع مناطق تزعم موسكو أنها ضمتها من أوكرانيا بعد «استفتاءات» وصفتها كييف بأنها غير قانونية.
وقالت أوكرانيا إن القوات الروسية تكبد خسائر فادحة على الجبهة الشرقية في قتال عنيف أدى أيضاً إلى خسائر كبيرة في صفوف قواتها.
من جهة أخرى، نفذت القوات الروسية أكثر من 60 هجوماً بأنظمة إطلاق الصواريخ استهدفت البنية التحتية المدنية في خيرسون، المدينة الجنوبية التي حررتها القوات الأوكرانية الشهر الماضي، والقوات الأوكرانية المتمركزة هناك، بحسب هيئة الأركان العامة. وقالت إن روسيا قصفت أيضاً تجمعات سكنية على امتداد خط جبهة زابوريجيا في جنوب وسط أوكرانيا، بينما قصفت القوات الأوكرانية نقاط سيطرة روسية ومخازن ذخيرة وأهدافاً أخرى. ولم يتسن التحقق بشكل مستقل من روايات ساحة المعركة.
- بوتين لن يعقد مؤتمره الصحافي
في سياق متصل، أعلن الكرملين أمس الاثنين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يعقد مؤتمره الصحافي التقليدي في نهاية العام، وسط الانتكاسات العسكرية المتراكمة في أوكرانيا والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف في إفادة صحافية عبر الهاتف: «بحلول بداية العام الجديد لن يكون هناك» مؤتمر صحافي للرئيس، مشيراً إلى أن بوتين يتحدث إلى الصحافة في مناسبات أخرى، خصوصاً خلال رحلاته إلى الخارج. وكان يتم تنظيم لقاء فلاديمير بوتين الكبير مع الصحافة كل عام منذ عام 2001، باستثناء الفترة بين عامي 2008 و2012، عندما كان رئيساً للوزراء.
ويستمر هذا المؤتمر الصحافي السنوي الذي يجمع مئات الصحافيين الروس والأجانب، لعدة ساعات، حيث يرد الرئيس الروسي مباشرة على الأسئلة المرتبطة بكل المواضيع، إن كانت دبلوماسية أو تلك المتعلقة بحياة الروس اليومية.
ويأتي القرار بعدم تنظيم مؤتمر صحافي في نهاية العام، في الوقت الذي تواجه فيه روسيا انتكاسات عسكرية متتالية في إطار الهجوم الذي تشنه على أوكرانيا، وبينما أصدرت مرسوماً بتعبئة جزئية لهذا الهدف في سبتمبر (أيلول).