تجارة «الممنوعات»... هل تزدهر عبر «السوشيال ميديا» في مصر؟

بعد ضبط أشخاص روّجوا لبيع مواد مخدرة وأسلحة من خلال صفحاتها

ضبط متهم يروّج للمخدرات عبر «فيسبوك» (وزارة الداخلية المصرية)
ضبط متهم يروّج للمخدرات عبر «فيسبوك» (وزارة الداخلية المصرية)
TT

تجارة «الممنوعات»... هل تزدهر عبر «السوشيال ميديا» في مصر؟

ضبط متهم يروّج للمخدرات عبر «فيسبوك» (وزارة الداخلية المصرية)
ضبط متهم يروّج للمخدرات عبر «فيسبوك» (وزارة الداخلية المصرية)

يبدو أن حركة بيع «المخدرات» التي لطالما ارتبطت درامياً بلقاءات العصابات المريبة على أطراف المدن، هرباً من أعين الرقابة والشرطة، وجدت منفذاً جديداً عبر «السوشيال ميديا»، ضمن الترويج لبيع ممنوعات من بينها قطع أثرية وأسلحة وعرض أعضاء بشرية للبيع للاستفادة مما تتيحه تلك المواقع من جمهور أو «زبائن» محتملين.
وفي أحدث تلك الوقائع التي وُصفت بأنها «مغلَّفة بالكوميديا» ألقت الأجهزة الأمنية في مصر القبض على متهم يدعى «أبو كيان» يقيم بمحافظة المنوفية (دلتا مصر)، لقيامه بالترويج عبر صفحته على موقع «فيسبوك» لبيع مواد مخدرة، عبر إعلانات مرفق بها رقم هاتفه المحمول.
وقالت وزارة الداخلية المصرية في بيان لها اليوم (الاثنين): «تمكّن قطاع الأمن العام بمشاركة إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن محافظة المنوفية من تحديد وضبط مرتكب الواقعة وتبين أنه أحد العناصر الإجرامية الخطرة وشهرته (أبو كيان)».
ووفق وزارة الداخلية فإنه «عُثر بحوزته على 6 كيلوغرامات من مخدر الحشيش، وكمية من مخدر الهيروين، وبندقية خرطوش وعدد من الطلقات النارية، ومبلغ مالي وهاتف محمول، وعدد من المطبوعات الورقية مختلفة الأحجام مُدوّن عليها: (أبو كيان لجميع أنواع المكيفات: حشيش - مادة – بانجو). وعند مواجهته، اعترف بحيازته للمضبوطات بقصد الاتجار، والسلاح الناري لحماية نشاطه الإجرامي، والمبلغ المالي من متحصلات نشاطه الإجرامي، والهاتف المحمول للاتصال بعملائه»، حسب البيان.
واقعة «أبو كيان» ليست الأولى من نوعها في مصر ضمن الترويج لتجارة ممنوعات عبر «السوشيال ميديا». ففي عام 2019 أُلقي القبض على متهم كان يقوم بعرض أعضاء بشرية للبيع عبر صفحته بـ«فيسبوك». ولعل أحدث تلك الوقائع أيضاً، إلقاء الأجهزة الأمنية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، القبض على شخصين لإدارتهما صفحة عبر «فيسبوك» تقوم بالترويج للعقاقير الطبية المخدرة والمهربة جمركياً والمنشطات المحظور تداولها، وذلك في منطقة «المطرية» بالقاهرة.
وفي العام الماضي ضبطت وزارة الداخلية أحد الأشخاص بالإسكندرية لقيامه بترويج الأسلحة البيضاء ومحدثات الصوت للراغبين بمقابل مادي على «فيسبوك».
وفي عام 2018 تمكنت شرطة السياحة والآثار بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة) من ضبط 353 تمثالاً أثرياً صغير الحجم بحوزة شخص مقيم بمركز بني مزار شمال محافظة المنيا، قام بتسريب معلومات خلال صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، معلناً عن رغبته في بيع كنز أثري يرجع للعصر الفرعوني.
وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث من مباحث الآثار برئاسة العقيد محمود حمدي سرحان، رئيس مباحث الآثار بالمنيا، والرائد عماد شاكر معاون مباحث شرطة الآثار، وتواصلوا مع المتهم على أنهم يرغبون في شراء الكنز الأثري، بمبلغ 50 مليون جنيه.
وتطرح تلك الوقائع تساؤلات حول دور السوشيال ميديا في المساعدة على الترويج لمثل تلك «الممنوعات»، وهو ما يعده خبير المحتوى الرقمي محمد فتحي، أنه يقع في إطار «مسؤولية شركات التواصل الاجتماعي في حماية المحتوى الرائج على صفحاتها».
ويضيف فتحي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسؤولية الأولى تقع على عاتق تلك المنصات التي أصبحت بيئة خصبة لمثل تلك الجرائم. فـ(فيسبوك)، على سبيل المثال، يقدم نفسه كشركة تجارية، لذلك فمن واجبها حماية الخدمة التي تقدمها لمستهلكيها وعملائها، فكيف نثق في شركة يمكن أن يستخدمها أحد لبيع المخدرات، رغم أنه وضع ضوابط من بينها حذف حسابات تروج للجريمة والكراهية والعنف؟ لذلك فإن ترك مثل تلك الحسابات دون حذف يثير تساؤلات حول الخلل في وسائل مراقبة (فيسبوك) للمحتوى عبر الذكاء الصناعي. ويبدو أن لدى (فيسبوك) أيضاً خللاً في فهم اللغات واللهجات العربية، والتعامل معها وضبط المخالف منها مثل مصطلحات الترويج للمخدرات وبيع مواد مخدرة عبر مسميات محلية»، على حد تعبيره.
ووفق مصادر أمنية، فإن «التقنيات الحديثة لدى أجهزة المباحث المصرية أسهمت في الوصول إلى مروّجي الممنوعات بجميع أشكالها عبر (السوشيال ميديا) بنجاعة لافتة، رغم لجوء بعض الأشخاص إلى تسمية صفحاتهم بأسماء مستعارة وغير حقيقية، حيث تعمل لجان التتبع والرصد على مواجهة هذه الظاهرة».
وفي سياق آخر، بلغ مديرية أمن القاهرة شكوى من 16 مواطناً ضد أربعة مواطنين منهم صانعة محتوى «بلوغر» تعمل في مجال الأزياء، لقيامهم بالنصب والاحتيال عليهم والتحصل منهم على مبالغ مالية عقب إيهامهم بامتلاكهم مجموعة شركات تعمل في عدة مجالات منها السيارات والعقارات وتداوُل الأوراق المالية، بزعم استثمارها لهم مقابل أرباح مالية، وقيام «البلوغر» المشار إليها بالترويج عبر صفحتها على «إنستغرام» لأنشطة تلك الشركات بين متابعيها.
وقالت وزارة الداخلية في بيان لها، اليوم، إنه بعد مواجهة ثلاثة من المتهمين، «اعترفوا بتلقي أموال من المجني عليهم بلغت أكثر من مليون جنيه بحجة استثمارها لهم مقابل أرباح، إلا أنهم لم يقوموا بذلك ولم يردّوا أصل المبلغ. وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمين، وجارٍ تكثيف الجهود لضبط المتهم الرابع الهارب».



«دولة التلاوة» يخطف الأنظار ويعيد برامج المسابقات للواجهة في مصر

صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
TT

«دولة التلاوة» يخطف الأنظار ويعيد برامج المسابقات للواجهة في مصر

صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)
صورة جماعية من برنامج «دولة التلاوة» (فيسبوك)

خطفت الحلقة الأولى من برنامج «دولة التلاوة»، والتي ضمت تلاوات قرآنية لعدد من المتنافسين على جوائز مليونية، وعرضت على منصات مصرية، الجمعة، الأنظار، ونالت إشادات لافتة، وحصدت مشاركات وتعليقات «سوشيالية»، خصوصاً على موقع «إكس»، حيث تصدر اسم البرنامج «الترند»، في مصر، السبت.

ودونت حسابات على «إكس» منشورات تشيد بالبرنامج، وتصفه بأنه «جميل»، وأن «اختيار مصطفى حسني موفق»، كما أشادت بديكور الاستوديو، واسم البرنامج.

وبجانب تصدر الحلقة الأولى «الترند»، على «إكس»، شارك عدد كبير من المتابعين مقتطفات من البرنامج على موقع «فيسبوك»، وأشادوا بالأصوات المشاركة في التصفيات؛ إذ أكدوا أن البرنامج أعاد برامج المسابقات، والتي قدمتها قنوات وإذاعات مصرية من قبل، للواجهة مجدداً.

وتفاعل متابعون مع أداء المتسابقين، ولجنة التحكيم، وضيوف الشرف في الحلقة التي شارك بها نخبة من القامات الدينية والعلمية، مثل الشيخ حسن عبد النبي وكيل لجنة مراجعة المصحف الشريف بالأزهر، والدكتور طه عبد الوهاب خبير الأصوات والمقامات، والداعية مصطفى حسني، والشيخ طه النعماني.

من جانبه، أكد خبير الأصوات والمقامات، وعضو لجنة التحكيم الدكتور طه عبد الوهاب، أنه انتظر هذا النوع من البرامج في مصر كثيراً، خصوصاً بعد مشاركته في مسابقات دولية دينية عدة، وتمنى أن يقام مثلها في مصر.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الجائزة المالية المليونية ستذهب في الحلقة النهائية، والتي ستذاع ليلة رؤية شهر رمضان المقبل عبر بث مباشر، لاثنين من المتسابقين، أحدهما في (الترتيل)، والآخر في (التحقيق)، من بين 32 متسابقاً، تم اختيارهم بعد تصفيات شهدت تقدم أكثر من 14 ألف متسابق».

لقطة من برنامج «دولة التلاوة» (صفحة البرنامج على إكس)

وكشف عبد الوهاب عن أن مقولة «تم سحب البساط من مصر في التلاوة»، كانت تزعجه، «برغم تصدر أبنائها في المسابقات الدولية، وقد آن الأوان أن ينالوها في وطنهم»، لافتاً إلى أن البرنامج مليء بالمفاجآت التي ستنال رضا الناس خلال حلقاته الممتدة لشهر رمضان.

وكتب حساب باسم رانيا عزت، «البرنامج ولد كبيراً، وفكرته راقية، وهيبته واضحة».

وبجانب أعضاء لجنة التحكيم الرئيسيين، يشارك في لجنة تقييم المتسابقين عدد بارز من ضيوف الشرف في مقدمتهم، الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف المصري، والأستاذ الدكتور نظير محمد عياد مفتي الديار المصرية، والدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، والقارئ الشيخ أحمد نعينع، والقارئ الشيخ عبد الفتاح الطاروطي، والشيخ جابر البغدادي، بالإضافة إلى القارئ البريطاني محمد أيوب عاصف، والقارئ المغربي عمر القزابري إمام مسجد الحسن الثاني.

وينتظر جمهور البرنامج عرض الحلقة الثانية، السبت، بمنافسة وظهور مواهب جديدة تستكمل رحلة «دولة التلاوة» نحو اكتشاف أجمل الأصوات.

وحسب بيان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، فإن «اختبارات البرنامج والمقامة بالتعاون مع وزارة الأوقاف، استقبلت أكثر من 14 ألف متسابق من مختلف المحافظات، مما يعكس حجم الشغف الكبير بالمشاركة في التجربة التي تعنى بإحياء مدرسة التلاوة المصرية وتقديم أصوات جديدة للعالم الإسلامي».

وزير الأوقاف حضر الحلقة الأولى من البرنامج (صفحة البرنامج على إكس)

ويقدم البرنامج جوائز مليونية، يحصل فيها الفائزان بالمركز الأول في فرعي «الترتيل»، و«التجويد»، على مليون جنيه لكل منهما، إلى جانب تسجيل المصحف الشريف كاملاً، وبثه على إحدى القنوات المصرية، وإمامة المصلين خلال صلاة التراويح بمسجد «الإمام الحسين»، خلال شهر رمضان المقبل، حسب بيان إعلامي رسمي.

وبدورها، روجت صفحة وزارة الأوقاف على «فيسبوك» للبرنامج، ودعت الناس لمتابعته، مؤكدة «أنه أحد أهم مشاريعها لاكتشاف المواهب ورعايتها، وإبراز أصالة المدرسة المصرية وتفردها في تلاوة القرآن الكريم».

متسابقون من أعمار مختلفة يشاركون في البرنامج (صفحة البرنامج على إكس)

وفي السياق، كتب وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، «مسابقة (دولة التلاوة) فجر جديد للمواهب المصرية، وحناجر ذهبية، من أرض الكنانة تحت شعار اسم الله (الودود)».

وأشاد الداعية الحبيب علي الجفري على حساباته «السوشيالية» بالبرنامج، مؤكداً «أن الحلقة الأولى من ‫(دولة التلاوة)، هي مسابقة نورانية لتلاوة القرآن الكريم، يتنافس فيها قراء من بلد علّم العالم تلاوة القرآن، وتجويده وترتيله وتذوقه».


اكتشاف نبات يُنتج 17 معدناً أرضياً نادراً

منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
TT

اكتشاف نبات يُنتج 17 معدناً أرضياً نادراً

منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)
منجم معادن بطاريات مدعوم من الصين في بلدة بيكون بولاية شان شرق ميانمار (أ.ف.ب)

اكتشف علماء نباتاً ينمو في جنوب الصين يُكوِّن بشكل طبيعي بلورات صغيرة تحتوي على عناصر أرضية نادرة، ما يفتح الباب أمام طريقة جديدة واعدة لما يعرف بـ«التعدين الأخضر» لهذه المعادن.

ووفقاً لدراستهم المنشورة في «مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية»، درس الباحثون نبات سرخس بليشنوم أورينتال، الذي جُمع من مناطق غنية بالعناصر الأرضية النادرة في جنوب الصين.

ويُعرف عن هذا النبات أنه قادر على النمو في التربة والمياه ذات التركيزات العالية من المعادن، وأنه يمتصها ويراكمها عبر جذوره. لكن ما لم يُعرَف هو الشكل الكيميائي الذي تتخذه العناصر الأرضية النادرة داخل النبات.

وكتب الباحثون في بيان نُشر الخميس: «تظهر نتائجنا مساراً جديداً غير مُكتشف سابقاً، يعتمد على النباتات، لتكوين معادن أساسية».

وأضافوا: «لا يُلقي هذا الاكتشاف الضوء على إثراء العناصر الأرضية النادرة وعزلها في أثناء التجوية الكيميائية والبيولوجية (عملية تحلل الصخور وتغيير تركيبها المعدني من خلال تفاعلات كيميائية تحدث بسبب عوامل مثل الماء والأكسجين وثاني أكسيد الكربون والأحماض) فحسب، بل يفتح أيضاً آفاقاً جديدة للاستعادة المباشرة لمواد العناصر الأرضية النادرة الوظيفية».

نبات سرخس بليشنوم أورينتال (مجلة العلوم والتكنولوجيا البيئية)

والعناصر الأرضية النادرة هي مجموعة من 17 عنصراً معدنياً، وجميعها معادن ذات خصائص متشابهة، وهي أساسية في كل شيء في الصناعات العصرية الحديثة، بدءاً من توربينات الرياح، وبطاريات السيارات الكهربائية، إلى الهواتف الذكية، والماسحات الضوئية الطبية. وكما يوحي اسمها، فهي نادرة، وعادةً ما توجد بتركيزات منخفضة في قشرة الأرض.

ووفق الباحثين يُعد استخراجها مكلفاً، وعادةً ما يتضمَّن عمليات تعدين تقليدية واسعة النطاق تعتمد على مواد كيميائية قاسية، وتُسبب تلوثاً كبيراً وضرراً كبيراً للأراضي.

لهذا السبب، يستكشف الباحثون بدائل نباتية أنظف وأكثر استدامة لجمع العناصر الأرضية النادرة، وهو ما يُعرف أيضاً بـ«التعدين النباتي».

باستخدام تقنية التصوير عالية الدقة والتحليل الكيميائي، اكتشف الفريق البحثي أن السرخس يُكوّن بلورات نانوية من معدن المونازيت الغني بالعناصر الأرضية النادرة داخل أنسجته، خصوصاً في جدران الخلايا والفراغات بينها. ويُعد المونازيت أحد المصادر الرئيسية للعناصر الأرضية النادرة في رواسب الخام الجيولوجية حول العالم.

كما لاحظ باحثو الدراسة الشكل البلوري، مشيرين إلى أنه ينمو في نمط مُعقد للغاية من الفروع الصغيرة ذاتية التنظيم، مُشبّهين إياه بـ«حديقة كيميائية» مجهرية. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها العلماء نباتاً حياً يُكوّن بلورة عنصر أرضي نادر.

وقال باحثو الدراسة إنه على الرغم من أنهم قد لا يلجأون إلى البستنة لاستخراج العناصر الأرضية النادرة في المستقبل القريب، فإن هذا البحث يُمثل دليلاً إضافياً على إمكانية التعدين النباتي.


وداعاً لنصيحة «اعمل ما تحب»... الجانب المُظلم لـ«التعلّق الوظيفي»

يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
TT

وداعاً لنصيحة «اعمل ما تحب»... الجانب المُظلم لـ«التعلّق الوظيفي»

يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)
يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها (رويترز)

لا يزال مخترع «الآيفون»، ستيف جوبز، أحد أكثر قادة الأعمال احتراماً، حتى بعد سنوات من وفاته. ومن أشهر أقواله، التي أُلقيت في حفل تخرج بجامعة ستانفورد الأميركية، قوله: «الطريقة الوحيدة للقيام بعمل عظيم هي أن تحب ما تفعله. إن لم تجده بعد، فاستمر في البحث. لا ترضَ بالقليل».

ووفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية، فقد امتد تأثير هذه الرسالة إلى ما هو أبعد من مجرد الخريجين الجالسين أمامه.

فمنذ ذلك الخطاب قبل أكثر من عقدين، أصبح من المقبول على نطاق واسع أن القيام بالعمل الذي نحبه ليس أمراً جيداً فحسب، بل هو الصواب أيضاً.

لكن، آخر الأبحاث أوضح أن المجتمع الحديث قد انحرف بمفهوم المُتعة في العمل. وبينما قد تكون هناك فوائد للسعي وراء وظيفة تحبها، فإن الهوس المتزايد بها بوصفها أفضل طريق للنجاح أمرٌ مضلل. وبالنسبة للبعض، يؤدي اتباع شغفهم إلى تحقيق الذات. وبالنسبة لآخرين، يؤدي إلى تحديات غير متوقعة وخيبة أمل.

وهناك تفسيران قد يساعدان على تفسير خيبة الأمل، وهما:

الجانب المظلم لحب العمل

بالنسبة لمَن يُحبّون عملهم، ليس الأمر كله سعادةً وابتسامات. هناك جانب مظلم حقيقي للسعي وراء وظيفة تُحبّها. على سبيل المثال، أجرى باحثان مقابلات مع حرّاس حدائق الحيوانات، وهي فئةٌ غالباً ما تصف عملها بأنه رسالة. وبينما وجد هؤلاء الحرّاس معنى عميقاً فيما يقومون به، كانوا أيضاً يُرهقون أنفسهم بالعمل. ضحّى الكثيرون بوقتهم الشخصي، وتقبّلوا أجوراً زهيدة، وتحمّلوا ظروفاً غير مريحة أو مُرهقة؛ بسبب إخلاصهم للحيوانات ورسالتهم.

لا تقتصر هذه المشكلة على حرّاس حدائق الحيوانات. فقد خلصت مراجعة لأبحاث ذات صلة في كثير من الوظائف والقطاعات إلى أن أصحاب العمل قد يكونون أقل ميلاً لتقديم حوافز أو مكافآت أخرى لمَن يبدو أنهم يُحبّون عملهم. في الوقت نفسه، غالباً ما يُقدّم هؤلاء المُحبّون للعمل تضحياتٍ شخصية كبيرة من أجل تكريس أنفسهم بالكامل لوظائفهم.

ومن عيوب حب العمل أيضاً تكوين افتراضات سلبية حول الأشخاص الذين تحفزهم دوافع غير الشغف. فالتركيز على مبدأ «افعل ما تحب» دفع الكثيرين، بمَن فيهم مديرو التوظيف، إلى اعتبار الدوافع البديلة، مثل العمل من أجل الحاجة إلى الراتب، أقل شرعية.

ما نحبه يتغير

غالباً ما نفترض أن ما نحبه اليوم هو ما سنستمر في حبه في المستقبل. ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أن تصورنا للسعادة يتغير مع تغير حياتنا. على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات البحثية أن الشباب يشعرون بدفعة سعادة كبيرة من التجارب الاستثنائية. ومع تقدمنا ​​في العمر، يمكن للتجارب العادية أن تُولّد دفعة السعادة نفسها التي تُولّدها التجارب الاستثنائية، كما يمكن أن تفقد الوظيفة التي أحببتها في وقت ما جاذبيتها.

أيضاً أظهرت إحدى الدراسات أنه قد يكون من الصعب الحفاظ على الشغف بالعمل، لأن استخدام شغفنا يوماً بعد يوم، والاتكال عليه في مواجهة ظروف العمل الصعبة أو غير المقبولة قد يُشعرنا في لحظة ما بالإرهاق العاطفي.

وإذا كانت السعادة قد تأتي من العمل الذي نُحبّه، فإنها أيضاً قد تأتي من عمل أقل بهجة لكنه يُتيح فرصاً للنمو والتطور، ويوفر الاستقرار والموارد المالية التي نحتاج إليها لأنفسنا ولعائلاتنا، ويشعرنا بالرضا، ويُمكِّننا من القيام بأمور مهمة.