البرتغال «الحزينة» تستعد لمرحلة «ما بعد رونالدو»

دموع الأسطورة دلالة على شعوره بقرب «الاعتزال الدولي»

رونالدو في مشهد حزين بعد الخروج المونديالي (أ.ب)
رونالدو في مشهد حزين بعد الخروج المونديالي (أ.ب)
TT

البرتغال «الحزينة» تستعد لمرحلة «ما بعد رونالدو»

رونالدو في مشهد حزين بعد الخروج المونديالي (أ.ب)
رونالدو في مشهد حزين بعد الخروج المونديالي (أ.ب)

بعد خسارته المؤلمة في ربع نهائي مونديال قطر على يد أسود الأطلس، يستعد المنتخب البرتغالي على الأرجح لمرحلة «ما بعد كريستيانو رونالدو» الذي ذرف الدموع عقب نهاية المواجهة، في دلالة تشير إلى قرب نهاية ساعته الدولية، لكن يبقى السؤال الأبرز: كيف سيعد المنتخب البرتغالي نفسه للمرحلة المقبلة وهي مرحلة تسليم الشعلة من جيل إلى جيل آخر؟
في آخر مباراتين للبرتغال في قطر، التي بدأها «الدون» على مقاعد البدلاء، أظهر ذلك أن التحوّل الجيلي أصبح قائماً ولا مفرّ منه.
«بداية حقبة: ما بعد كريستيانو»، هكذا عنونت صحيفة «ريكوردس» الرياضية اليومية، بعد فوز البرتغال الساحق على سويسرا 6 - 1 في الدور ثمن النهائي. أسّس الإخفاق الأخير ضد المغرب بلا شك إلى فكرة التغيير الشامل، وتملك البرتغال فرصة البناء على مجموعة جديدة من اللاعبين البارزين والموهوبين، بعد أن بقوا في ظل رونالدو وهالته الكبرى لفترة طويلة.

ومن المحتمل أيضاً أن يحدث هذا التغيير الكبير تحت قيادة فرناندو سانتوس، المدرب البالغ من العمر 68 عاماً، والذي يملك عقداً مستمراً حتى نهاية بطولة أوروبا المقررة في ألمانيا.
وسيحمل سانتوس، مبدئياً، شعلة تأمين انتقال سلس من جيل إلى آخر، والحفاظ على البرتغال كقوة كروية في الاستحقاقات الدولية، كما كانت في السنوات الأخيرة في حقبة الدون.
وفي حال أردنا الغوص في التركيبة البرتغالية المستقبلية، نجد في حراسة المرمى أنّ دييغو كوستا (23) سيكون المؤتمن على حماية عرين المنتخب البرتغالي لفترة طويلة. إذ نال المركز الأول في حراسة المرمى على حساب روي باتريسيو المخضرم (34) خلال المباريات الفاصلة في مونديال 2022، لكنه بدا أحياناً محموماً في قطر، خصوصاً في مواجهة المغرب.
من ناحية أخرى، يبدو أن مركز قلب الدفاع هو أحد المراكز التي ستواجه فيها البرتغال تحدياً رئيسياً، في مرحلة انتقال الأجيال.
ولا يزال بيبي يقدم عروضاً رائعة رغم اقترابه من الأربعين، لكنه سيترك فراغاً كبيراً عندما يقرر إنهاء مسيرته الدولية.
واشتُهر سانتوس بأنه محافظ، وقد أثبت أنه أكثر حذراً في المحطات المفصلية بالسنوات الأخيرة، حيث لم يختبر تركيبات مختلفة.
وخلف لاعبه المخضرم، فقط مدافع مانشستر سيتي الإنجليزي روبن دياش (25)، ولاعب باريس سان جيرمان الفرنسي دانيلو بيريرا (31)، يمكن أن يعوّل عليهما.
ورغم مشاركاته الواعدة للاعب يبلغ 19 عاماً فحسب، لا يزال ينقص الشاب أنتونيو سيلفا كثير من النضج.
وفي خط الوسط، يضع المنتخب البرتغال كل ثقله مستقبلاً كونه يملك قوة رهيبة وملامح مختلفة.
ويعول سيليساو أوروبا في هذا المجال على اللاعبين برناردو سيلفا وبرونو فرنانديز، حيث من المفترض أن ينالا دوراً متقدماً جداً في قيادة البرتغال.
ويبدو أن سيلفا، ذات الطبيعة المتكتمة، قد صُنع من أجل دور القائد، كما الحال في سيتي. وكذلك، يتطلع فرنانديز، بشخصيته القوية، إلى دور القائد لغرفة الملابس على غرار ما فعله في يونايتد.
ويزخر خط الوسط أيضاً بلاعبي وسط من الطراز الرفيع، وهم لا يزالون في مقتبل العمر، مثل لاعب سان جيرمان فيتينا (22) والقادر نظرياً على تأدية كثير من الأدوار بالنسبة للمدرب.
ومع ذلك، فإن غياب رونالدو سيكون مؤثراً في الهجوم، وسيجبر بطل أوروبا 2016 على إيجاد وريث لماكينة الأهداف. وهي مهمة تبدو معقدة في المستقبل القريب، ولا يبدو أن أي لاعب قادر حقاً على تحمّل العبء الثقيل الذي كان يمثله الهداف الأكبر لمنتخب سيليساو على مر التاريخ.
وسيظل كريستيانو رونالدو وهو يركض داخل نفق اللاعبين باكياً حزيناً، كما لم يشاهده عشاق كرة القدم من قبل، الصورة الدائمة لجماهير البرتغال عندما يتذكرون كأس العالم في قطر.


مقالات ذات صلة

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

رياضة سعودية الفريق التركي تألق بشكل واضح في البطولة (الشرق الأوسط)

«آر دبليو. إن آر إكس» يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

لفت الفريق التركي «آر دبليو. إن آر إكس» الأنظار في مرحلة «سوڤايڤر ستيج» ضمن منافسات «ببجي موبايل».

لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية النجم البرازيلي لنادي الهلال السعودي استمتع بوقته وآزر الفرق البرازيلية المنافسة في كأس العالم (الشرق الأوسط)

نيمار يلفت الأنظار في كأس العالم للرياضات الإلكترونية

تواجد النجم البرازيلي ولاعب نادي الهلال السعودي نيمار، السبت، في سيف أرينا ببوليفارد رياض سيتي، وحضر منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية ملعب سانتياغو بيرنابيو مرشح لاستضافة مونديال 2030 (إ.ب.أ)

ملعبا ريال مدريد وبرشلونة مرشحان لاستضافة مونديال 2030

اقترح الاتحاد الإسباني لكرة القدم 11 ملعبا لاستضافة مباريات كأس العالم 2030... بينها ملاعب أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتليتيكو مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية غراهام بوتر (د.ب.أ)

بوتر يرفض الحديث عن ترشيحه لتدريب إنجلترا

تفادى غراهام بوتر، مدرب سابق لفريقي تشيلسي وبرايتون، التحدث عن التكهنات التي تربط اسمه بتولي تدريب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة سعودية لُعبت الأربعاء 7 مواجهات بنظام الإقصاء (الشرق الأوسط)

«كونتر سترايك» تشعل منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية

انطلقت، الأربعاء، منافسات بطولة «كونتر سترايك 2» ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية والتي يتنافس فيها 15 من نخبة فرق العالم على لقب البطولة.

لولوة العنقري (الرياض) هيثم الزاحم (الرياض)

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».