هل بات «مسددو» ركلات الترجيح بحاجة إلى مختصين نفسيين؟

في ظل تنامي ظاهرة تأديتها بشكل متواضع من قبل بعض النجوم

بوسكيتس خلال إضاعته الضربة الترجيحية أمام المغرب (أ.ف.ب)
بوسكيتس خلال إضاعته الضربة الترجيحية أمام المغرب (أ.ف.ب)
TT

هل بات «مسددو» ركلات الترجيح بحاجة إلى مختصين نفسيين؟

بوسكيتس خلال إضاعته الضربة الترجيحية أمام المغرب (أ.ف.ب)
بوسكيتس خلال إضاعته الضربة الترجيحية أمام المغرب (أ.ف.ب)

قد تحتكم بعض مباريات الأدوار الحاسمة في «كأس العالم 2022» إلى ركلات ترجيح، لكنها ربما لن تكون بالمستوى المتواضع نفسه الذي شهده دور الـ16 في قطر.
وودّعت اليابان المنافسات على يد كرواتيا، بعدما تصدّى الحارس دومينيك ليفاكوفيتش لتسديدات هزيلة من تاكومي مينامينو وكاورو ميتوما ومايا يوشيدا.
وأخفقت إسبانيا في تسجيل أول 3 ركلات ترجيح، إذ اصطدمت تسديدة بابلو سارابيا، الذي نزل بديلاً في نهاية المباراة من أجل ركلات الترجيح، بالقائم، بينما تصدّى حارس مرمى المنتخب المغربي بسهولة لتسديدتيْ كارلوس سولير وسيرجيو بوسكيتس.
وليس هناك أي تفسير لهذا المستوى الضعيف، خصوصاً بعد خروج إسبانيا بركلات الترجيح من الدور نفسه في روسيا قبل 4 سنوات، وبالنظر لوجود لاعبين ذوي موهبة فنية كبيرة في صفوف منتخب البلد الأوروبي.
وكانت السمة الأبرز لركلات الترجيح في المباراتين هي التنفيذ المتواضع. كانت التسديدات الـ6 التي تصدّى لها حارسا الفريقين الفائزين ضعيفة وبالقرب من منتصف المرمى، وهي الظاهرة التي حيّرت الجماهير والخبراء.
وحلّلت شركة نيلسن جراسنوت للبيانات كل الركلات التي شهدتها آخر 5 نسخ من البطولة من علامة الجزاء، بينها قطر، وخلصت إلى أن التسديدة المنخفضة إلى جهة اليمين (50 %) وإلى جهة اليسار (68 %) هي الأقل من ناحية نسبة النجاح.
أما معدل نجاح التسديدات باتجاه الجزء العلوي من المرمى، سواء في الزاوية أو في المنتصف، فقد وصل إلى 100 % من أصل 20 محاولة شملها التحليل.
ويحظى مهاجم إنجلترا السابق آلان شيرر بسجل رائع من علامة الجزاء، إذ إنه عادة ما يسددها بقوة باتجاه الزاوية العليا، فحتى إذا ارتمى الحارس للتصدي لها فإن فرصه ضئيلة.
يتبادر إلى الذهن تساؤل عن السبب الذي يدفع اللاعبين لتسديد ركلات الترجيح منخفضة عوضاً عن الزاوية العليا.
ويجيب مات ميلر- ديكس، كبير المحاضرين في اكتساب المهارات بجامعة بورتسموث، في حديثه: «هامش الخطأ في توجيه التسديدات إلى هذا الجزء أقل من باقي المرمى». وقال: «لا يمكنك أن تسدد الكرات تحت مستوى الأرض، لكن بالطبع يمكنك أن تسددها أعلى من مستوى العارضة، لذا فإنها أشبه بشبكة أمان. ربما يكون اللاعبون أكثر ثقة في أوضاع أقل ضغطاً بما يمكنهم من التسديد باتجاه الزاوية العليا». كما تلعب لغة الجسد والثقة دوراً، إذ بدا أن الخوف تمكّن من اللاعبين اليابانيين خلال تسديد ركلات الترجيح، كما أن ضرر الاستخدام المتزايد لحركات مغالطة الحارس أثناء الانطلاق لتسديد الركلة يبدو أكثر من نفعه.
وقال ميلر- ديكس: «وصلني هذا الشعور من بعض أسوأ ركلات الترجيح في تلك المباراتين، ربما حالة لاعبين ينطلقون ببطء شديد لتنفيذ الركلة، ربما على أمل أن يرتمي الحارس في زاوية، لكنه لا يفعل ولا يسدد اللاعب الكرة باتجاه الزاوية الأخرى ليتصدى الحارس للتسديدة بصورة تبدو سهلة».
وبالطبع يتباين وطأة الضغط النفسي للموقف من لاعب لآخر، لكن ميلر- ديكس يقول إن الضرر قد يحدث، حتى من قبل أن يضع اللاعب الكرة على علامة الجزاء. وقال: «تُظهر الأبحاث أن الركلة في حد ذاتها ليست مصدر كل الصعوبات التي يواجهها اللاعبون، وإنما الاصطفاف على خط منتصف الملعب والسير باتجاه منطقة الجزاء للتسديد».
وأضاف: «إذا لم تكن مستعداً لتلك اللحظة، حينها تساورهم شكوك بشأن ما سيفعلونه، وربما يغيرون خططهم في التسديد».
وتابع: «لذا أعتقد أن من المهم ألا يقتصر استعداد اللاعبين على تسديد الركلات، وإنما السير إلى منطقة الجزاء. هناك مختص في علم نفس الرياضي في المنتخبات أو الأندية، ويجب عليهم المساعدة في إعداد اللاعبين نفسياً لتلك اللحظة».


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة سعودية الاستضافة المونديالية أكبر تتويج لجهود المملكة على الصعيد الرياضي (وزارة الرياضة)

مونديال 2034... تتويج لائق لحقبة سعودية «وثابة»

«إننا في المملكة ندرك أهمية القطاع الرياضي في تحقيق المزيد من النمو والتطوير»... هذه الكلمات هي جزء من حديث الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء،

فهد العيسى ( الرياض)
رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 (د.ب.أ)

قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى المونديال

سحبت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 في زيوريخ بسويسرا، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».