وجد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو نفسه لأول مرة غير محبوب وغير مرحب به من قبل ناديه السابق مانشستر يونايتد الإنجليزي في الأشهر الأخيرة. أما الآن وفي مونديال 2022، فقد حدث ما لا يمكن تصوره عندما تم التخلي عنه من قبل البرتغال بعد أن قرر مدربه فرناندو سانتوس عدم إشراكه أساسياً في المباراة ضد سويسرا والتي انتهت بفوز ساحق 6 - 1.
كان رونالدو متفرجاً إلى حد كبير ونجح منتخب بلاده الذي حمل شارة القيادة فيه لفترة طويلة في تقديم أفضل عروضه، ليبلغ الدور ربع النهائي من دون مساهمته. وللمفارقة، نجح بديله مهاجم بنفيكا الشاب غونسالو راموس (21 عاماً)، في سرقة الأضواء منه بتسجيله ثلاثية رائعة هي الأولى في هذا المونديال، ليصبح بالتالي ثاني أصغر لاعب يحقق هذا الإنجاز في الأدوار الإقصائية بعد الأسطورة بيليه عام 1958، خاض رونالدو غمار كأس العالم سعياً للحصول على فترة راحة بعد فترة مضطربة مع مانشستر يونايتد، حيث أصبح شخصية هامشية تحت قيادة المدرب الجديد الهولندي إريك تن هاغ.
تفاقمت تلك الإحباطات الشهر الماضي في مقابلة تلفزيونية نارية انتقد فيها النادي والمدرب ما أدى إلى انفصال حتمي بين الطرفين. وصل ابن الـ37 عاماً إلى قطر وسط اهتمام إعلامي صاخب ونجح في افتتاح التسجيل لمنتخب بلاده في مستهل مشواره في مرمى غانا من ركلة جزاء، ليصبح بالتالي أول لاعب يسجل هدفاً في خمس نسخ مختلفة. لكن الأمور تغيرت إلى الأسوأ. لم يقدم الكثير في المباراتين التاليتين ضد الأوروغواي وكوريا الجنوبية واستبدل في أواخرهما، قبل أن يقرر مدربه فرناندو سانتوس مهندس التتويج في كأس أوروبا عام 2016 اتخاذ القرار الجريء بعدم إشراكه أساسياً ضد سويسرا. وكم كان قراره صائباً. بعد أن حسم المنتخب البرتغالي النتيجة في منتصف الشوط الثاني إثر تقدمه 5 - 1 ردد الجمهور هتافات: «رونالدو، رونالدو» في مدرجات استاد لوسيل مطالبين بإشراك النجم البرتغالي لدى مشاهدة الأخير يقوم بالإحماء على جنبات الملعب. استجاب سانتوس للنداء وأشرك رونالدو في ربع الساعة الأخير. سدد رونالدو ركلة حرة في الحائط بعد لحظات من دخوله وبعد دقائق نجح في هز الشباك، لكن الحكم لم يحتسب الهدف بداعي التسلل، حتى أنه اضطر إلى التخلي عن الأضواء لزميله البديل رافايل لياو الذي سجل هدفاً رائعا في الوقت بدل الضائع.
أصر المدرب الذي يتولى الإشراف على منتخب البرتغال منذ 2014 على ثقته الكاملة في جميع مهاجميه بعد الفوز الرائع حيث سيلتقي في ربع النهائي في مواجهة المغرب بقوله: «أندريه (سيلفا) لاعب رائع يلعب إلى الأمام أكثر، أما كريستيانو فهو بمثابة الهدف، يبقى في مكان معين في منطقة الجزاء، في حين يملك غونسالو (راموس) خصائص مختلفة، فهو ديناميكي للغاية وهذا ما أظهره لنا. إنه ليس بالأمر الجديد، لقد شارك في مباراتين ولكن أندريه لعب أيضاً في المباراة الأخيرة».
وتابع: «لدي ثلاثة لاعبين أثق بهم تماماً. سأستخدم في كل مباراة أي لاعب أراه أفضل لاستراتيجيتي». ورأى سانتوس أن رونالدو الحائز على جائزة الكرة الذهبية خمس مرات لا يزال يملك فرصة المشاركة أساسياً في المونديال. لكن رغم كل كلمات مدربه الدبلوماسية، فإن رونالدو الذي سجل 118 هدفاً دولياً مع منتخب بلاده (رقم قياسي) قد يُستبعد مرة جديدة من التشكيلة الأساسية في ربع النهائي اليوم.
هذا ونفى الاتحاد البرتغالي الخميس أن يكون رونالدو قد هدد بمغادرة معسكر المنتخب لعدم مشاركته أساسياً ضد سويسرا، فيما علق اللاعب على هذه الأنباء في حسابه على موقع إنستغرام: «تتميز هذه المجموعة بلحمة كبيرة ومن الصعب على أي قوة خارجية تحطيمها. هذا فريق حقيقي سيدافع عن الحلم حتى النهاية». إذا حصل وبقي رونالدو أسير مقاعد اللاعبين الاحتياطيين في المواجهة ضد المغرب، سيكون لديه متسع من الوقت للتفكير في وضعه الحالي الذي وصل إليه بعد أن كان نجماً عاش صولات وجولات في الملاعب.
ومع اقتراب فترة الانتقالات الشتوية في يناير (كانون الثاني)... يبقى السؤال: أين ستكون وجهة رونالدو المقبلة؟ خلال كأس العالم الحالية في قطر قالت وسائل إعلام إسبانية إن رونالدو يقترب من إبرام صفقة للانضمام إلى النصر السعودي مقابل 173 مليون جنيه إسترليني (211.65 مليون دولار) سنوياً لكن اللاعب قال إن التقارير غير صحيحة. لا يتوقع أن يقرر رونالدو الاعتزال في الوقت الحالي بعد أن سبق له القول إن نسخة قطر الحالية ستكون آخر نهائيات لكأس العالم يشارك فيها لكنه ينوي الاستمرار في اللعب حتى بلوغه الأربعين.
وعن أبرز التوقعات فيما يتعلق بالوجهة التالية لرونالدو، رشحت وسائل إعلام بريطانية رونالدو للانضمام إلى تشيلسي في نهاية الموسم الماضي بينما يحتاج النادي اللندني إلى لاعب كبير في خط الهجوم. وقالت تقارير بريطانية إن تشيلسي ربما يجدد عرضه للحصول على خدمات اللاعب. وكان رونالدو قد انضم إلى مانشستر يونايتد قادماً من سبورتنغ البرتغالي مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في 2003 وهو مبلغ قياسي على مستوى اللاعبين الناشئين في إنجلترا في هذا الوقت بعد أن شاهده فيرغسون وبقية الفريق في مباراة ودية.
وقالت وسائل إعلام بريطانية إن نادي نيوكاسل يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز والذي تشارك أطراف سعودية في ملكيته كشف عن رغبته في الحصول على خدمات رونالدو أيضاً. رونالدو يمكن أن يكون إضافة هائلة في خط هجوم باريس سان جيرمان الذي يضم فعلياً أسماء كبيرة مثل ميسي ونيمار وكيليان مبابي إذا ما قرر شد الرحال إلى العاصمة الفرنسية. لكن ناصر الخليفي رئيس النادي يبدو أنه أغلق الباب في وجه انضمام رونالدو عندما قال في مقابلة مع شبكة سكاي إن ناديه سعيد بما لديه في خط الهجوم: «لكني أتمنى له كل توفيق. إنه لاعب رائع ومذهل». وجاءت تصريحات الخليفي بعد أن استبعد أوليفر كان الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ بطل ألمانيا إمكانية انضمام رونالدو إلى العملاق البافاري.