في وقت يتطلع فيه الجانب العربي لتضاعف حجم التبادل التجاري المشترك 9 مرات، تتصاعد العلاقات العربية الصينية بوتيرة متسارعة في إطار التعاون والتفاهم الاقتصادي والاستراتيجي، من خلال تأسيس منصات للحوار المشترك والتعاون، وهو ما أسهم بجعل الموثوقية بين الجانبين في مستوى، وفقاً لمراقبين.
وبالنظر للمعطيات المشتركة، فقد اختار الجانبان الصيني والعربي أن يمضيا قدماً في تعزيز علاقتهما من خلال الاعتماد على كل الجوانب المشتركة، مع التركيز الخاص على الاقتصاد والتبادل التجاري، وبلغ حجم الاستثمارات الصينية في الدول العربية 214 مليار دولار، مما يتيح عدداً من الفرص؛ نظراً لكون الصين إحدى أكبر الدول الصناعية المُصدّرة للسلع الاستهلاكية، والدول العربية مستورد مهم لمثل هذه السلع، بالإضافة لتنامي الطلب الصيني على الطاقة الذي يلقى استجابة من دول عربية مصدّرة للنفط؛ على رأسها السعودية.
- إمكانية واعدة
واعتبر المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية جمال رشدي أن هناك «إمكانية واعدة للارتقاء بهذه العلاقات؛ لأننا نتحدث عن كتلتين اقتصاديتين كبيرتين، لكل منهما ميزاتها الاقتصادية التي يدركها الطرف الآخر».
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أفاد رشدي بأن المنطقة العربية «لاعب رئيسي ووازن في سوق الطاقة العالمية وتتمتع بأكثر من نصف احتياطيات النفط، و30 % من احتياطيات الغاز في العالم، كما تمتلك كتلة سكانية تُقدّر بـ400 مليون إنسان غالبيتهم من الشباب المتعلم والواعد، ومن ثم هناك فرص كبيرة في المنطقة العربية». واستطرد رشدي مؤكّداً أن الجانب الصيني يتمتع بإمكانيات استثمارية واقتصادية هائلة، مع فرص كبيرة لنقل والاستفادة من التقنية الصينية المتقدمة.
وتعليقاً على مستوى العلاقات الاقتصادية، كشف المستشار جمال رشدي أن أبلغ مثال على تصاعد هذه العلاقات من الناحية الاقتصادية والتجارية «في عام 2004 كان حجم التبادل التجاري بين الجانب العربي والصين نحو 37 مليار دولار، وتصاعد بتأسيس المنتدى وآلياته المختلفة التي تتضمن كل أوجه النشاط الاقتصادي بين الجانبين ليتضاعف هذا الرقم إلى 330 مليار دولار بحلول عام 2021»، لافتاً إلى أن ارتقاء مستوى العلاقات إلى مستوى القمة، فإنه من المأمول «أن يتجاوز هذا الرقم 400 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وهذا يمكن تحقيقه لأن مستوى القمة يعطي التزاماً سياسياً بهذه العلاقات وبتطويرها والارتقاء بها لترتاد مجالات جديدة».
- النموذج التنموي
وشدّد رشدي على أن هناك مساحة كبيرة أمام الدول العربية لـ«الاستفادة من النموذج التنموي للصين، وأيضاً من الخطط الصينية للتنمية؛ مثل خطة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني عام 2013، ورحّبت بها الجامعة العربية والدول العربية جميعاً في 2018، وهي خطة طموحة، كما يعلم الجميع، تتضمن استثمارات في البنية الأساسية والتكنولوجيا والإمكانيات اللوجستية وغيرها، وتتلاقى من جانبها مع كثير من الخطط التنموية الطموحة والواعدة التي تتبناها الدول العربية».
ويتوقّع مراقبون أن تسهم «قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية» في رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتنموي بين الجانبين الصيني والعربي، عطفاً على الأرقام التي أظهرت أن غالبيّة الاستثمارات الصينية في الدول العربية تتركّز في السعودية، والإمارات، والعراق، والجزائر، ومصر، بينما تتصدّر السعودية قائمة الاستثمارات الصينية بواقع 21 % من إجمالي الاستثمارات الصينية في الدول العربية، فضلاً عن 3.8 مليار دولار هي إجمالي استثمارات الدول العربية في الصين حتى نهاية عام 2020.
- صحي وعسكري
وإلى جانب تقديم الصين أكثر من 340 مليون جرعة من لقاحات «كوفيد- 19» إلى الدول العربية، خلال العامين الماضيين 2020 و2021، فقد ضاعفت السعودية والإمارات حجم وارداتهما من الأسلحة من الصين بـ386 % للأولى، و169 % للأخيرة، مما يمهّد لدفع العلاقات البينية لآفاق أرحب من خلال القمة المزمع عقدها غداً الجمعة، في العاصمة السعودية الرياض.
- اتفاقيات
من جانبه، قال وزير الاستثمار خالد الفالح إن السعودية تتيح فرصاً استثمارية غير مسبوقة في ظل «رؤية 2030»، معرباً عن تطلعه لتعزيز الاستثمارات بين المملكة والصين.
وغطّت الاتفاقيات بين الجانبين عدة قطاعات في مجالات الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية الكهروضوئية وتقنية المعلومات والخدمات السحابية والنقل والخدمات اللوجستية والصناعات الطبية والإسكان ومصانع البناء.
وكانت الشركات السعودية والصينية قد أبرمت، ليل الأربعاء، 35 اتفاقية استثمارية، في إطار زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، بحضور وزير الاستثمار السعودي وممثلي الجهات الحكومية ذات العلاقة بالقطاعات التي جرى توقيع الاتفاقيات حولها.
- الوتيرة المتسارعة
من جانبه، أكّد الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية الصادرات السعودية المهندس عبد الرحمن الذكير عمق ومتانة العلاقات الاقتصادية بين السعودية والصين، مشيراً إلى أن أهم قطاعات الصادرات السعودية للصين هي: «البتروكيمياويات» التي بلغت 31.7 مليار ريال، و«المعادن» التي بلغت 2 مليار ريال.
وأكد أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين تسير بوتيرة متسارعة نحو المزيد من التعاون والتفاهم المشترك بينهما في مختلف المجالات، مشيراً إلى أن التوسع يشمل تنويع المجالات التجارية والاستثمارية والمعرفية الجديدة.
- الصادرات السعودية
ولفت الذكير إلى برنامج تحفيز الصادرات السعودية لتشجيع الشركات السعودية على دخول أسواق التصدير والتوسع فيها، والترويج للمُصدِّرين ومنتجاتهم وتشجيع وصولها إلى الأسواق الصينية، من خلال تنظيم معارض مختصة أو المشاركة فيها، بما يعكس مكانة المنتج السعودي.
وأشار الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية الصادرات السعودية إلى دور برنامج «صُنِع في السعودية»؛ أحد برامج الهيئة الرئيسية في الترويج للمنتجات والخدمات الوطنية بالمحافل المحلية والعالمية، التي ستسهم في تحويل المملكة إلى قوة صناعية بارزة تعزز صناعاتها على المستويين المحلي والعالمي.
تلاقي «الحزام والطريق» و«التنمية العربية» يدفع لمضاعفة التبادل التجاري
تطلعات لبلوغه 400 مليار دولار خلال 5 سنوات
تلاقي «الحزام والطريق» و«التنمية العربية» يدفع لمضاعفة التبادل التجاري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة