أي مستقبل للسيارة؟... معرض في متحف باريس للفنون والصنائع

تصميم كلاسيكي لسيارة رياضية
تصميم كلاسيكي لسيارة رياضية
TT

أي مستقبل للسيارة؟... معرض في متحف باريس للفنون والصنائع

تصميم كلاسيكي لسيارة رياضية
تصميم كلاسيكي لسيارة رياضية

مع موجات البرد والطقس الثلجي يهرع الباريسيون إلى صالات السينما للتدفئة، وإلى المعارض والمتاحف التي تنقل زائريها من صقيع الشارع إلى صالات داخلية محمية من الريح والمطر. ومن هذه المعارض واحد مخصص للسيارات يقام حالياً في متحف الفنون والصنائع، بعنوان «رخصة قيادة». ومن المعروف أن معارض السيارات تلقى إقبالاً من جمهور متعدد الأعمار والاهتمامات، فكيف إذا كان يطرح سؤالاً مثيراً، هو: هل للسيارة مستقبل؟
تكفي صورة ملصق المعرض لتجتذب اهتمام المارة، حتى من كان منهم لم يخطط لهذه الزيارة. إنها لمَركبة بالغة الصغر، مصنوعة من مواد شفافة، تقف في منطقة وسطى ما بين السيارة الكهربائية والدراجة النارية. وقد يبدو هذا الحجم صغيراً أكثر من اللازم ولا يتسع سوى لراكب واحد. لكنه الحجم المناسب للتنقل في المدن الكبرى التي تزداد ازدحاماً مع مر الزمن ولا تتوفر فيها مواقف كافية محاذية للأرصفة. وهناك من مصممي سيارات الغد من يراهن على ميل الفرد للفردانية وحاجته إلى الاستقلال عن الآخرين. لقد اعتاد مواطنو الولايات المتحدة وكندا، مثلاً، على أن تكون لكل فرد في الأسرة سيارته الخاصة التي يستخدمها في ذهابه للعمل أو الدراسة أو التسوق. لكن لا مكان في مدن المستقبل لمرأب منزلي واحد يتسع لها كلها. والحل هو في هذه المركبات الصغيرة التي تشبه كبسولات فضائية ذات تصاميم حداثية لا تخلو من لمحات جمالية.

من أعمال دومينيك ولكوكس

لا يتوقف متحف الفنون والصنائع عند عرض تصاميم ونماذج من سيارات غير معهودة، لكنه يغري زواره، أيضاً، بأنه يكشف الستار عن مقتنياته الخاصة من التصاميم الأولى والتجارب النادرة العائدة لأواخر القرن التاسع عشر وبدايات العشرين. وبهذا يمكن تأمل تلك المركبة الرائدة التي توصف بأنها كانت جدّة كل السيارات. وبجانبها تصطف سيارة تشبه الطائرة في هيكلها المستطيل الرشيق، أو أخرى من التي كانت تدور بالبخار. لقد جمع هذا المعرض بين تاريخ صناعة السيارة وبين آفاق مستقبلها.
تبدأ الزيارة بعرض لتلك الثمرة الفرنسية الشهيرة لمصنع «سيتروين» والمسماة «تشارلستون ذات الحصانين». وهناك نحو 30 سيارة من فترات مختلفة من إنتاج مصانع «رينو» و«بيجو»، بالإضافة إلى نموذج بالحجم الطبيعي لمحطة من محطات التزود بالقود «بنزيخانة» من النوع التقليدي الذي كان معروفاً في ثلاثينات القرن الماضي ثم اختفى ولم يعد المرء يصادفه على الطرقات.
ما الذي يوجد عند رفع غطاء المحرك؟ يمكن للزائر أن يستقصي عن الجواب بنفسه، بل أن يجرب الجلوس في أي واحدة من السيارات المعروضة وإدارة مفتاحها والاستماع إلى هدير محركها القديم، أو حشمة المحركات الحديثة شبه الصامتة.
إن السيارة هي أيضاً كائن مصنوع بمعايير جمالية ومنافسات بين الشركات في بلوغ التصميم الأروع. ومن الجميل في المعرض، أنه يقدم، إلى جانب السيارات، أعمالاً تصويرية ونحتية ولوحات وملصقات لأفلام سينمائية لفنانين وجدوا إلهامهم فيها. كائنات معدنية تملأ الشوارع، لكنها باتت وسيلة لا يستغني عنها الفرد المعاصر في تنقلاته. ومن المعروضات التي تستوقف الزوار تلك «البيضة» الزجاجية للفنان بول أرزين، أو السيارة المنحوتة التي تشبه الحوت وهو يخترق الموج بسرعة ورشاقة. فأي مستقبل لوسيلة التنقل هذه؟ إن السيارات تواجه هجمة من دعاة حماية البيئة من التلوث. إنهم يروّجون للتنقل بالدراجات الهوائية. وقد غزت ممرات الدراجات وحافلات النقل الجماعي مساحات الطريق ولم تترك للسيارات سوى ربع الحيز. إن بلدية باريس، مثلاً، تلجأ في مواسم معينة إلى منع استخدام السيارات ليوم أو يومين لكي تسمح بإزالة التلوث من هواء العاصمة. وهناك حملات مستمرة منذ سنوات لتشجيع المواطنين على ترك سياراتهم في منازلهم والتنقل بوسائط النقل العام مثل المترو، لتقليل ما تنفثه العوادم من غازات ضارة بالصحة. والموضة اليوم هي للسيارة الهجينة، التي يمكن تشغيلها بالكهرباء إلى جانب الوقود. ولم يبق سوى مهلة زمنية بسيطة قبل أن تصبح الرخصة للسيارات الكهربائية وحدها.
أي مستقبل للسيارة التقليدية إذن؟ لا أحد يمتلك رأياً مؤكداً حول الموضوع. والجواب الذي يقترحه متحف الفنون والصنائع يكمن في عقول المصممين والمهندسين والميكانيكيين. إن الاعتماد يقع عليهم في ابتكار وسائط نقل نظيفة وذات أشكال جذابة تغري بالاقتناء. وهو تحدٍ ليس سهلاً، بل يحتاج إلى نبوغ يساير العصر. ويبقى الأمر مرهوناً باحتياجات إنسان المستقبل ورغباته وأذواقه. فالسيارة ليست مجرد حاجة حياتية، بل صارت رفيقة لا يستغنى عنها وهناك بين السائقين من يحرص على رعايتها وصيانتها وتجميلها وتعطيرها ويتعلق بها حد الهوس. كل هذا قبل أن تدخل البشرية، ربما، مرحلة التنقل بالمركبات الطائرة أو المسيرة عن بعد، حيث سيكون لكل مواطن «درون» مبرمج مسبقاً يأخذه حيثما يريد.
ويستمر المعرض حتى 7 مايو (أيار) المقبل.



وزير الدفاع الألماني: بعد الإطاحة بالأسد أعطوا فرصة للحكام الجدد في سوريا

لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الألماني: بعد الإطاحة بالأسد أعطوا فرصة للحكام الجدد في سوريا

لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)

عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، دعا وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، إلى زيادة التعاون؛ لتحقيق استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط. وعلى هامش محادثات حكومية في العراق، وعد الوزير بمشارَكةٍ ألمانيةٍ أكبر في العراق حال كانت هناك رغبةٌ في ذلك. وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، قال إن التعاون مع الحكام الجدد قد يكون ممكناً في ظل ظروف معينة.

وأضاف بيستوريوس: «في الأشهر المقبلة سيدور الأمر بالطبع حول تصميم أشكال جديدة للتعاون الأمني في المنطقة؛ من أجل توضيح أننا نتحمَّل مسؤوليةً هنا، ونريد الاستمرار في تَحمُّل المسؤولية في المستقبل أيضاً بالنظر إلى سوريا»، موضحاً أن هذا يوسع «بشكل واضح مجدداً نطاق المهام».

والتقى بيستوريوس رئيسَ الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزيرَ الدفاع العراقي ثابت العباسي في بغداد. وقال بيستوريوس إن كليهما أكد تقارير حول التهديد المستمر من تنظيم «داعش». ثم توجَّه بيستوريوس جواً؛ لإجراء محادثات في المنطقة الكردية بشمال العراق. ويعتزم الوزير التوجُّه إلى تركيا في يناير (كانون الثاني) المقبل؛ لإجراء محادثات، حيث تعتزم أنقرة إبقاء نفوذ الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا عند أدنى مستوى ممكن، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وفي بغداد زار بيستوريوس معسكر «يونيون 3» العسكري الذي يتمتع بحماية مشددة، حيث يقيم نحو 50 جندياً ألمانياً، يعمل معظمهم مستشارين عسكريين في مؤسسات. ولم يشهد المعسكر والمنطقة المحيطة به أي هجمات منذ أشهر، على الرغم من وجود تقارير عن تحليق طائرات مسيَّرة، ومحاولات تجسس.

وخلال توقفه في الأردن، تطرَّق بيستوريوس أيضاً إلى الهجمات الإسرائيلية المكثفة على منشآت عسكرية سورية ومستودعات أسلحة، وقال إنه نظراً للوضع غير المستقر في سوريا، فلا بد من «النظر إلى هذا الأمر في سياق أوسع»، وفهمه بوصفه إجراءً للأمن الإقليمي وخارجه.

وقال بيستوريوس: «فكرة أن أسلحة الغاز السام المُنتَجة من مصانع سورية، على سبيل المثال، يمكن أن ينتهي بها المطاف في الأيدي الخطأ وأن تلعب دوراً في هجمات ذات دوافع متشددة في أي مكان في العالم يصعب احتمالها».

وعقب الإطاحة بالأسد وانهيار جهاز سلطته، يعتقد بيستوريوس بأن ألمانيا بحاجة إلى الانخراط بشكل أكبر في المنطقة. وقال في مقابلة مع محطة «إيه آر دي» الألمانية التلفزيونية في بغداد: «يجب ألَّا ننسحب تحت أي ظرف من الظروف. بسبب سقوط الأسد في سوريا، لم يعد من الواضح في أي اتجاه ستتطور المنطقة، وفي أي اتجاه ستتطور سوريا».

وذكر الوزير أن «أوروبا وألمانيا لا تستطيعان ولا ينبغي لهما القبول بأن تكونا مجرد متفرجتَين هنا»، مشيراً في ذلك إلى أهمية المنطقة، موضحاً أن هذا قد يعني بالنسبة لألمانيا أيضاً التعاون مع الحكام الجدد في «سوريا الجديدة»، وذلك «إذا استغلوا الفرصة المتاحة لهم الآن واستطاعوا بسرعة ضمان بعض الهدوء الذي يمكننا البناء عليه بعد ذلك».

ويشارك الجيش الألماني في العراق، ومن الأردن بنحو 300 جندي، في مهام دولية لتحقيق الاستقرار في إطار التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة (عملية العزم الصلب) لمحاربة تنظيم «داعش»، ومهمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق.

وقد حثَّ العراق أخيراً على أن تحلَّ أشكالٌ أخرى من التعاون الثنائي محلَّ عملية «العزم الصلب». كما أعربت الولايات المتحدة أخيراً عن رغبتها في إعادة تنظيم وجودها العسكري في العراق تدريجياً، بعيداً عن التحالف العسكري الدولي في البلاد، ونحو شراكة أمنية ثنائية.