«المرهَقون»... أول فيلم يمني يعرض في مهرجان سعودي

مخرجه عدّ نفسه محظوظاً للمشاركة في «البحر الأحمر»

لقطة من فيلم «المرهَقون» (مهرجان البحر الأحمر)
لقطة من فيلم «المرهَقون» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«المرهَقون»... أول فيلم يمني يعرض في مهرجان سعودي

لقطة من فيلم «المرهَقون» (مهرجان البحر الأحمر)
لقطة من فيلم «المرهَقون» (مهرجان البحر الأحمر)

شهد مهرجان البحر الأحمر السينمائي عرض فيلم «المُرهَقون» ليكون أول فيلم يمني يعرض بمهرجان سعودي، بعد نجاحه في الوصول إلى قائمة الأفلام قيد الإنجاز في سوق الفيلم بدعم من المهرجان لمرحلة ما بعد الإنتاج.
صندوق البحر الأحمر يشجع الأفكار الجريئة والمبتكرة التي تسرد مجموعة غنية ومتنوعة من المواضيع تهدف إلى تعليم وتثقيف وترفيه الجمهور العالمي، حيث يستقبل الصندوق الأفلام في فئتها الروائية والوثائقية والحلقات والرسوم المتحركة من جميع المتقدمين، إضافة إلى الأفلام الروائية القصيرة والوثائقية والرسوم المتحركة للمخرجين.
تدور قصة الفيلم حول أسرة تتكون من أحمد وإسراء وأولادهم الثلاثة في مدينة عدن ويعانون من الأزمة الاقتصادية اليمنية، وتسعى إسراء خلال الأحداث إلى إجهاض نفسها بسبب الظروف وتتعرض لهجوم بسبب رفض هذا التصرف في المجتمع.
يتحدث المخرج اليمني عمرو جمال عن مشاركته في مهرجان البحر الأحمر السينمائي قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أنا من المحظوظين الذين تم قبول أعمالهم في مهرجان البحر الأحمر، بل كنت أكثر حظاً لكوني من الذين تم دعم وتمويل مشروعهم الفني، وسعيد لمقابلتي كبار الصناع والموزعين في سوق الفيلم بالمهرجان». وأعرب جمال عن سعادته لكونه مخرج أول فيلم يمني يعرض في مهرجان البحر الأحمر، وفي المملكة العربية السعودية، مضيفاً: «أتمنى أن تنشط الحركة السينمائية اليمنية خلال الفترة المقبلة، ولا يكون فيلمي الوحيد الذي يعرض بالسعودية».
وكشف المخرج اليمني أن الفيلم «تعرض لصعوبات بالغة حتى يرى النور بشكل مبدئي في مهرجان البحر الأحمر: «قصة فيلم (المُرهَقون) قصة حقيقية، شرعنا في العمل عليها من شهر أكتوبر (تشرين الأول) لعام 2019. ولكن لأن اليمن بلد يعاني من ويلات الحرب ولديه ظروف اقتصادية وأمنية وعسكرية صعبة، فقد واجه الفيلم صعوبات بالغة في شق طريقه للتصوير، ومع بصيص أمل انطلاقه اجتاحت جائحة (كورونا) البلاد، وأصبح الوضع أكثر صعوبة وتأجل تصويره لأجل غير مسمى».

المخرج اليمني عمرو جمال (حسابه على «فيسبوك»)

أشار عمرو جمال إلى أن «(كورونا) لم تكن السبب الوحيد وراء تأخر الفيلم، بل إن تصوير الفيلم توقف أكثر من مرة بسبب الحرب في مدينة عدن اليمنية التي تدور أحداث العمل فيها وتحديداً في حي القطيع، أحد أعرق الأحياء الشعبية في مدينة عدن القديمة (كريتير)، ولذلك تعرض الفيلم لأكثر من مرة للتوقف بسبب الحرب التي اندلعت في عدن، وأثناء التصوير أيضاً وجدنا صعوبة بالغة في التصوير بسبب الميزانية، فكنا نلجأ لكبار رجال الأعمال اليمنيين لمساعدتنا، وتواصلنا مع عدد من صناع الفيلم من الهند ولبنان لكي يساعدونا في التصوير والإخراج، وهنا لا بد من تقديم الشكر لوزارة الخارجية ورئاسة الوزراء على مساعدتهم لنا في تأمين وصول السينمائيين الهنديين واللبنانيين لمدينة عدن».
يرى مخرج فيلم «المُرهَقون» أن السينما اليمنية تعاني بسبب الظروف الحياتية التي تمر بها البلاد، لافتاً إلى أن «البعض يرى أن السينما وسيلة ترفيه، لذلك يبتعد البعض عنها بسبب الظروف الاقتصادية، مع أن السينما هي أفضل وسيلة لتأريخ حياة الشعوب وظروفهم، وللأسف الإنتاج السينمائي في اليمن بطيء للغاية نظراً لعدم امتلاكنا بنية تحتية قادرة على خدمة الأعمال السينمائية، عدد أفلامنا اليمنية شحيح للغاية، فالإنتاج السينمائي صعب جداً بها، وفيلم (المُرهَقون) هو فيلمي الثاني بعد فيلمي الأول (10 أيام قبل الزفاف)، الذي حاز على جوائز ودعم عالمي، ومع ذلك لم يعرض فيلمي إلا في عدن وفي قاعات لم تكن مهيأة للعرض السينمائي، ولكن هناك بصيص أمل للسينما اليمنية في بعض المخرجين الشباب الذين لديهم رؤية مستقبلية مثل سارة إسحاق التي تعمل حالياً على فيلم جديد لها».
يذكر أن فيلم «المُرهَقون» قد حاز على دعم وتمويل آخر من سوق مهرجان «كارلو فيفاري» بدولة التشيك للأفلام قيد الإنتاج في شهر يوليو (تموز) الماضي، حاز على جائزة التوزيع والتسويق التي تقدمها شركة MAD Solutions لأحد مشروعات الأفلام المشاركة في سوق وملتقى مالمو ضمن الدورة الـ12 من مهرجان مالمو للسينما العربية للسويد، والجائزة بقيمة 20 ألف دولار أميركي.
فيلم «المُرهَقون» من تأليف وإخراج عمرو جمال، ويشاركه في كتابة السيناريو مازن رفعت، وهو من بطولة خالد حمدان، وعبير محمد، وسماح العمراني وإسلام سليم، وقد حاز في ختام المهرجان على منحة عينية قدرها 12 ألف دولار من شركة «ذا سل».


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.