صنعاء: حملة اعتقالات حوثية لمن رفضوا مصادرة أراضيهم

جانب من وقفة احتجاجية للسكان في حي سعوان شرق صنعاء (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية للسكان في حي سعوان شرق صنعاء (فيسبوك)
TT

صنعاء: حملة اعتقالات حوثية لمن رفضوا مصادرة أراضيهم

جانب من وقفة احتجاجية للسكان في حي سعوان شرق صنعاء (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية للسكان في حي سعوان شرق صنعاء (فيسبوك)

على خلفية تصاعد موجة جديدة من الاحتجاجات ضد الانتهاكات التي تنتهجها الميليشيات الحوثية بشكل منظم شنت الميليشيات، حملة اعتقالات هي الثانية خلال 15 يوما طالت العشرات من اليمنيين من مختلف الأعمار في مديرية بني مطر بمحافظة ريف صنعاء بسبب مواصلة رفضهم مصادرة أراضيهم على أيدي نافذين حوثيين كبار.
وكانت عناصر حوثية مسلحة داهمت هذا الأسبوع تجمعا احتجاجيا نفذه أبناء مديرية بني مطر في محافظة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة أمام محكمة المديرية للمطالبة بإعادة أراضيهم التي تم السطو عليها بموجب تعليمات أصدرها نافذون حوثيون يتصدرهم المدعو أبو حيدر جحاف (المتهم الرئيسي بمصادرة ونهب أراضي وممتلكات المواطنين في العاصمة وضواحيها).
وأفادت المصادر بأن الميليشيات الحوثية أوعزت إلى عناصرها بعد تلقيها معلومات بوجود تجمع احتجاجي ضدها بسرعة التحرك إلى المنطقة والبدء بتفريق المحتجين باستخدام شتى الطرق والوسائل، إلى جانب اعتقال جميع المشاركين.
وسبق ذلك بأسبوعين وفي سياق جرائم التنكيل الحوثي بقبائل ما يعرف بـ«طوق صنعاء» قيام الجماعة ذاتها وعبر حملة دهم عسكرية مماثلة بخطف ما يزيد على 25 شخصاً من مشايخ ووجهاء وأهالي بني مطر، على خلفية رفضهم لأعمال النهب لأراضيهم.
وكشفت المصادر في ريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن وجود مساع لدى الميليشيات الحوثية حاليا لتقسيم مديرية بني مطر وتفكيك قبائلها بغية التمكن من السطو على أغلب أراضي وممتلكات الأهالي.
وبينما تنقسم المديرية إلى سبع مناطق وأكثر من 360 قرية وعزلة، يؤكد الأهالي أن مديريتهم «ليست في حاجة إلى تقسيمات إدارية جديدة حسب المخططات التي ترمي إلى تحقيقها الجماعة خدمة لمصالحها، بل هي في أمسّ الحاجة إلى وجود تدخل عاجل من أجل إنهاء انتهاكات الميليشيات».
واتهم مشاركون في الوقفة الاحتجاجية لأهالي بني مطر رئيس محكمة المديرية بالتواطؤ مع كبار قادة الجماعة الحوثية، مؤكدين أنه عمل مرارا على تمرير جرائم مصادرة ونهب أراضيهم لصالح الميليشيات.
وكشف عدد منهم لـ«الشرق الأوسط»، عن مواصلة الانقلابيين استخدام جهاز القضاء لخدمة أهدافهم ولصالح تمرير مشروعاتهم من خلال إصدار كثير من الأحكام الباطلة التي تخول لهم نهب ممتلكات وعقارات وأراضي المواطنين في عموم مناطق سيطرتهم.
وكشفوا عن أن الجماعة تسعى حاليا عبر وسائل القمع والترهيب إلى ضم أجزاء واسعة من أراضي بني مطر إلى مديرية سنحان، في إطار مخطط انقلابي جديد أطلقت عليه الجماعة اسم «صنعاء الجديدة» والكائنة في جنوب شرقي العاصمة صنعاء، الأمر الذي لا تزال ترفضه قبائل وأعيان وأهالي بني مطر حتى اللحظة.
وأشاروا إلى أن الجماعة لم تكتف بذلك القدر من التعسف والإجرام، بل أطلق كبار قادتها منذ أشهر العنان لعصابات السطو والنهب التابعة لهم بالتعدي على أراضيهم وممتلكاتهم ومصادرتها بالقوة.
وعلى صعيد تكرار الاحتجاجات المنددة بانتهاكات الميليشيات، نفذ أهالي وسكان مدينة الرئاسة في سعوان بصنعاء العاصمة قبل نحو 10 أيام مظاهرة احتجاجية جديدة للمطالبة برفع الحصار الحوثي المفروض على منازلهم منذ فترة ومواصلة منعهم من أي استحداث في أملاكهم.
وجاء احتشاد العشرات من ملاك المنطقة أمام مكتب حكم الانقلابيين بصنعاء للمطالبة أيضا برفع القوة المسلحة التابعة للقيادي الانقلابي أبو حيدر جحاف الذي يحاول مرارا السيطرة على المئات من منازل المواطنين وأراضيهم. وفق ما ذكره شهود عيان لـ«الشرق الأوسط».
وأوضح الشهود أن المتظاهرين رفعوا في احتجاجهم شعارات تحمل عبارات استنكار ورفض لقيام اللجنة الحوثية بالسطو على عقاراتهم ومنازلهم، كما عدوا ذلك انتهاكها صارخا لحقوقهم.
ويقول السكان إن الميليشيات استحدثت اللجنة التي يقودها القيادي الحوثي المدعو أبو حيدر جحاف كواقع بقوة السلاح من أجل مواصلة فسادها وسطوها المنظم على الأراضي والعقارات.
وأشاروا إلى مواصلة رفض القيادي الانقلابي جحاف منذ فترة لعشرات التوجيهات الواردة إليه والتي تنص على وقف حملات النهب والسطو غير المشروعة، لافتين إلى أن ذلك يؤكد حقيقة وجود تبادل أدوار بين قيادات النهب الميليشياوية.
وذكروا أن قياديا حوثيا اسمه أبو محسن الحشيشي لا يزال يفرض بقوة السلاح كامل سيطرته على المدينة السكنية في سعوان ويعتقل كل من يحاول ترميم منزله أو يتصرف في ملكيته.
وتفرض ميليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لإيران منذ عام 2017 حصارا خانقا على عشرات المدن السكنية في العاصمة المختطفة صنعاء بغية الاستيلاء الكامل عليها.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.