بلينكن ينبه إلى سعي روسيا لهدنة محتملة في أوكرانيا

الكرملين يوافق على «سلام عادل ودائم»... ولكن بعد تحقيق أهدافه

شدد بلينكن على أنه يتعين على الأوكرانيين اتخاذ القرارات المتعلقة بقدراتهم وما يمكن أن تكون عليه لتحقيق أهدافهم (رويترز)
شدد بلينكن على أنه يتعين على الأوكرانيين اتخاذ القرارات المتعلقة بقدراتهم وما يمكن أن تكون عليه لتحقيق أهدافهم (رويترز)
TT

بلينكن ينبه إلى سعي روسيا لهدنة محتملة في أوكرانيا

شدد بلينكن على أنه يتعين على الأوكرانيين اتخاذ القرارات المتعلقة بقدراتهم وما يمكن أن تكون عليه لتحقيق أهدافهم (رويترز)
شدد بلينكن على أنه يتعين على الأوكرانيين اتخاذ القرارات المتعلقة بقدراتهم وما يمكن أن تكون عليه لتحقيق أهدافهم (رويترز)

نبه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى أن روسيا ربما تبحث عن طريقة للتراجع في أوكرانيا من دون التفاوض على اتفاق سلام دائم، معتبراً أن الحرب ستنتهي بالدبلوماسية والتفاوض. وقال بلينكن في مقابلة الاثنين، إن الصراع في أوكرانيا سينتهي «بشكل شبه مؤكد بالطرق الدبلوماسية» والمفاوضات، مضيفاً أن هناك حاجة إلى «سلام عادل ودائم». غير أن الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف رد أن بلاده يمكن أن تتفق مع الولايات المتحدة في شأن الحاجة إلى سلام دائم في أوكرانيا، لكنه قلل من احتمال إجراء مفاوضات قبل تحقيق أهداف «عمليتها العسكرية الخاصة». وقال بيسكوف: «بخصوص أن النتيجة ينبغي أن تكون التوصل إلى سلام عادل ودائم، فإننا نتفق مع ذلك. أما فيما يتعلق بفرص الدخول في مفاوضات من أي نوع، فإننا لا نرى أياً منها في الوقت الحالي». وأضاف أنه سيتعين أن تحقق روسيا أهداف «عمليتها العسكرية الخاصة» في أوكرانيا أولاً قبل إجراء محادثات مع أي شركاء محتملين.
وكان بلينكن يتحدث في قمة مجلس الرؤساء التنفيذيين لصحيفة «وول ستريت جورنال» في واشنطن، فقال إن إدارة الرئيس جو بايدن «تركز على الاستمرار في فعل ما كنا نفعله، وهو التأكد من أن أوكرانيا لديها ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها، وما تحتاج إليه لصد العدوان الروسي، واستعادة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها منذ 24 فبراير (شباط) الماضي»، مع بدء الاجتياح الروسي، مع «التأكد من حصولها على الدعم الاقتصادي والإنساني لتحمل ما يحدث في البلاد كل يوم». وإذ كرر «المبدأ الأول» المتمثل بأن «لا شيء عن أوكرانيا من دون أوكرانيا»، ذكّر بأن موسكو «حاولت أولاً محو هوية أوكرانيا كدولة مستقلة، وإعادة دمجها في روسيا»، مؤكداً «فشل» الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحقيق هذا الهدف، وانخراطه لاحقاً «في الاستيلاء على الأرض للحصول على أكبر قدر ممكن منها في شرق وجنوب أوكرانيا»، معتبراً أن «هذا، أيضاً، فشل الآن، كما رأينا الأوكرانيين منذ الصيف يضغطون بطريقة فعالة وبشكل متزايد». واتهم بوتين بأنه نقل «حنقه» إلى هدف آخر يتمثل بـ«نقل الحرب إلى الشعب الأوكراني»، عبر «تدمير البنية التحتية للطاقة وإطفاء التدفئة والماء والأضواء مع اقتراب أوكرانيا من الشتاء».
وشدد كبير الدبلوماسيين الأميركيين على أنه «يتعين على الأوكرانيين اتخاذ القرارات» المتعلقة بـ«قدراتهم وما يمكن أن تكون عليه لتحقيق أهدافهم»، وأشار إلى الاجتماعات الأخيرة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، برومانيا، واجتماعات مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى، وكرر التزام الولايات المتحدة حيال أوكرانيا من أجل «التعامل مع العدوان الروسي».
ولاحظ أن «أكثر من مليون روسي غادروا بلادهم، بعضهم هرباً من التعبئة (العسكرية) المحتملة، والبعض الآخر لأن هذا ليس عموماً ما يريدون العيش معه»، معتبراً أن «هذا أمر مروع بالنسبة لروسيا ومستقبلها».
وقال إنه «في مرحلة ما سينتهي هذا الأمر»، أي الحرب، «على الأرجح بالدبلوماسية، بالتفاوض»، معبراً عن اعتقاده أن «ما يجب أن نراه هو سلام عادل ودائم، وليس سلاماً زائفاً». وأضاف: «إذا لم تنجح روسيا في مناورتها الحالية في محاولة حمل الشعب الأوكراني على الاستسلام»، مؤكداً أن الروس «لن ينجحوا»، لأن «صمود الأوكرانيين غير عادي» في دفاعهم عن بلدهم ومستقبلهم. وحذر من أن «أحد الأشياء التي يمكنك تخيلها هو محاولة الروس العثور على منعطف يمكن أن يكون زائفاً» لإعلان وقف للنار أو تجميد النزاع، ولكن «من دون التفاوض حول الأراضي التي استولوا عليها»، بهدف الحصول على «الراحة، والتجديد، وإعادة التجميع، وإعادة التركيب»، مشدداً على أن «الأمر متروك للأوكرانيين». وذكر أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي «نفسه قال إن الدبلوماسية والمفاوضات ستحصل في نهاية المطاف». وكرر تأييد واشنطن للمساءلة عما حدث، بما في ذلك «جهود المحكمة الجنائية الدولية لجمع الأدلة والمعلومات»، مضيفاً أن «المحاكم المستقلة (…) مطروحة على الطاولة».
وقال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة عدلت سراً قاذفات صواريخ «هيمارس» المتقدمة التي قدمتها لأوكرانيا، حتى لا يمكن استخدامها لإطلاق صواريخ بعيدة المدى على روسيا، وهو إجراء احترازي تقول إدارة بايدن إنه ضروري للحد من مخاطر اندلاع حرب أوسع مع موسكو.


مقالات ذات صلة

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أوروبا عناصر الدفاع المدني يحاولون إخماد نيران ناجمة بعد هجوي جوي في كوستيانتينيفكا بإقليم دونيتسك (أ.ف.ب)

روسيا تكثف هجماتها على أوكرانيا قبل اجتماع الحلفاء في رامشتاين

أفاد مسؤولون أوكرانيون بأن روسيا شنت هجوماً بطائرات مسيَّرة، ليل السبت - الأحد، على العاصمة الأوكرانية كييف والبنية التحتية لميناء أوديسا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن - واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

تبديل على رأس «الناتو»... لكن لا تغيير متوقعاً في عمل الحلف

جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)
جنود مشاركون بمناورات لـ«الناتو» في لاتفيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

يتولى رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، الثلاثاء، قيادة «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، لكن التناوب على رأس أكبر حلف عسكري في العالم لا يعني أنه سيكون بالإمكان إحداث تغيير جذري في عمله.

وقال إيان ليسر، من معهد «جيرمان مارشال فاند» للدراسات في بروكسل: «في (حلف الأطلسي) يتقرر كل شيء؛ كل شيء على الإطلاق، من أتفه الأمور إلى أكثرها استراتيجية، بالإجماع... وبالطبع؛ فإن مدى الاحتمالات المتاحة للأمناء العامين لإحداث تغيير في العمق في عمل (حلف الأطلسي)، يبقى محدوداً جداً».

ويعمل الأمين العام «في الكواليس» من أجل بلورة القرارات التي يتعين لاحقاً أن توافق عليها الدول الأعضاء الـ32.

وأوضح جامي شيا، المتحدث السابق باسم «الحلف» والباحث لدى معهد «تشاتام هاوس» البريطاني للدراسات، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن الأمين العام «لديه سلطة تحديد الأجندة، وهو الذي يترأس (مجلس شمال الأطلسي)؛ الهيئة السياسية للقرار في (الحلف)». لكنه لا يمسك وحده بقرار الدخول في حرب، وليس بالتأكيد من يضغط على الزر النووي، فهاتان من صلاحيات الدول الأعضاء؛ على رأسها الولايات المتحدة.

وهذا لا يعني أن قائد «الحلف» لا يملك نفوذاً.

وأشار إيان ليسر في هذا الصدد إلى أن الأمين العام الأسبق، جورج روبرتسون، كان له دور مهم في تفعيل «المادة5» بعد اعتداءات «11 سبتمبر (أيلول) 2001» على الولايات المتحدة.

ستولتنبرغ مع روته بالمقر الرئيسي لـ«الناتو» في بروكسل يوم 17 أبريل 2024 (رويترز)

وتنص «المادة5» من ميثاق «الناتو» على أن أي هجوم على دولة عضو «سيعدّ هجوماً على كل الأعضاء»، تحت عنوان: «الدفاع الجماعي». وجرى تفعيلها مرة واحدة في كل تاريخ «الحلف» لمصلحة الولايات المتحدة ولو رمزياً.

كما أن شخصية الأمين العام الجديد سيكون لها دور، وهذا ما يثير ترقباً حيال مارك روته بعد 10 سنوات من قيادة رئيس الوزراء النرويجي السابق ينس ستولتنبرغ.

فهل يعمل على ترك بصماته منذ وصوله، أم ينتظر ولاية ثانية محتملة؟

وقال شيا إن الأمناء العامين «يميلون عند وصولهم إلى أن يكونوا مرشحي الاستمرارية، لكن إذا بقوا بعض الوقت، فهم بالطبع يزدادون ثقة».

قيادة المساعدات

ودفع ستولتنبرغ «الحلف» باتجاه تقديم دعم متصاعد لأوكرانيا، لا سيما بعد غزو روسيا أراضيها في فبراير (شباط) 2022. وطرح تقديم مساعدة سنوية لا تقل عن 40 مليار دولار لأوكرانيا، وحصل على التزام من الدول الحليفة في هذا الصدد. كما حصل على صلاحية أن يتولى «الحلف» القيادة الكاملة لعمليات تسليم المساعدات العسكرية الغربية.

زعماء «الناتو» خلال انعقاد قمتهم في واشنطن يوم 9 يوليو 2024 (د.ب.أ)

يبقى أنه في زمن الحرب، تكون لوحدة الصف والاستمرارية الأفضلية على كل الحسابات الأخرى؛ مما لا يشجع على أي تغيير.

وقال دبلوماسي في «حلف الأطلسي»، طالباً عدم الكشف عن اسمه: «في ظل وضع جيوسياسي بمثل هذه الصعوبة، من المهم للغاية الحفاظ على الاستمرارية وعلى التوجه ذاته في السياسة الخارجية والأمنية».

يبقى أن الجميع في أروقة مقر «الحلف» في بروكسل ينتظرون من روته أسلوباً جديداً في الإدارة يكون «جامعاً أكثر بقليل»، بعد عقد من قيادة «نرويجية» مارسها سلفه «عمودياً»، وفق ما لفت دبلوماسي آخر في «الحلف».

ومارك روته من معتادي أروقة «حلف الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي» بعدما قضى 14 عاماً على رأس الحكومة الهولندية.

وهذا ما يجعل الجميع يراهن عليه بصورة خاصة لتعزيز التنسيق بين «حلف الأطلسي» والتكتل الأوروبي، في وقت يؤدي فيه «الاتحاد» دوراً متصاعداً في المسائل الأمنية.

وهذا الملف معلق بسبب الخلافات بين تركيا؛ العضو في «الحلف» من غير أن تكون عضواً في «الاتحاد الأوروبي»، واليونان حول مسألة قبرص.

وفي حال عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض بعد الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الدول الحليفة تعول على مهارات روته مفاوضاً من أجل الحفاظ على وحدة «الحلف».

ورفض ستولتنبرغ إسداء أي نصيحة إلى روته في العلن، مكتفياً بالقول إنه سيكون «ممتازاً». لكنه لخص بجملة ما يتوقعه الجميع من الأمين العام لـ«الحلف» بالقول: «ستكون مهمته الكبرى بالطبع إبقاء جميع الحلفاء الـ32 معاً».