روائح لندن تناديك: رمضان كريم وعيد مبارك سعيد

«شبيك لبيك» كل عطور الدنيا بين يديك

روائح لندن تناديك: رمضان كريم وعيد مبارك سعيد
TT

روائح لندن تناديك: رمضان كريم وعيد مبارك سعيد

روائح لندن تناديك: رمضان كريم وعيد مبارك سعيد

كل من يعيش في لندن بات يعرف أنه ما إن تبدأ بشائر رمضان حتى تبدأ العاصمة البريطانية تتزين من أجل عيون زبونها العربي تحديدا، صامة أذنها عن كل الضوضاء التي يثيرها بعضهم بسياراتهم الفارهة والموسيقى التي تنبعث منها نهارا ومساء. كل هذا لا يهم، فهو زبون كريم وسخي ويستحق المعاملة بالمثل من حيث الخدمات والتسهيلات التي تجعل إقامته ممتعة، ومعطرة بأغلى انواع العطرو وأجود انواع العود نظرا لمعرفتها بمدى حبه لها واقباله عليها والاستعدادات تبدأ منذ فترة. والطريف أنه حتى من لم يكن قد سمع من قبل عن شهر رمضان بات ضليعا في طقوسه، يرسل رسائل تهنئة بالمناسبة لمعارفه وزبائنه، كما يعرف ما تتطلبه الشعائر الدينية والتقاليد الاجتماعية من أزياء محتشمة وشموع معطرة تحل محل البخور وما شابه من أمور تؤدي إلى نفس النتيجة: زيادة المبيعات وتحريك البضاعة. ورغم أن فن الإغراء ليس جديدا على لندن، فإنها كثفت جهودها وسحرها في هذا العام لتعوض النقص الذي خلفه تراجع عدد الزبائن الروسيين بسبب الأحداث الأوكرانية وما نتج عنها من تراجع في الاقتصاد. وبما أن التوقعات تشير إلى أن ما لا يقل عن 50 ألف ضيف عربي سيحطون الرحال فيها بعد العيد مباشرة، فإن المنافسة للاستحواذ على اهتمامه، على أشدها بين المحلات الكبيرة، لا سيما في مناطقه المفضلة مثل «مايفير» و«نايتسبردج» و«أكسفورد ستريت» و«بوند ستريت» وما جاورها. وحسب «غلوبال بلو» الشركة المكلفة بإرجاع الضريبة على القيمة المضافة للسياح tva والتي تعطي فكرة واضحة عن اتجاه التسوق عند السياح وتطوره، فإن تدفق السياح العرب إلى لندن يعني انتعاش الفنادق والمطاعم وطبعا المحلات الكبيرة، بحكم أن هذا السائح يعشق التسوق ويعتبره جزءا من تجربته السياحية، إن لم تكن أهمها. وبالفعل أكدت الدراسات التي أجريت لحد الآن، بأن هذا الزائر يقضي نسبة كبيرة من وقته في المحلات الكبيرة مثل «هارودز»، و«سيلفريدجز»، و«هارفي نيكولز» و«ليبرتي» ويفضلها على «البوتيكات» الصغيرة باستثناء تلك التي تقع في «سلوان ستريت» بالقرب من كل من «هارودز» و«هارفي نيكولز»، والسبب أنها تذكره بالمجمعات الكبيرة التي تعود عليها في منطقته. وتشير نفس الدراسات بأن نسبة ما صرفه في هذا الوقت من العام الماضي ارتفعت بـ43 في المائة، وهي نسبة تجعله في أهمية السائح الصيني، إن لم نقل أكثر. واحدة من الدراسات التي أجرتها شركة «غلوبال بلو» أفادت بأن الزبون العربي يصرف ما يقارب الـ1432 جنيها إسترلينيا مقارنة بما يصرفه الزائر الأميركي، وهو 512 جنيها إسترلينيا فقط.
لهذا ليس غريبا أن يتوثب الكل لكي يكون في مستوى هذا الزبون، الذي يشهد الكل بأنه لا يقبل بالحلول الوسط ويريد راحته ومتعته أيا كان الثمن، مما يشجع كل المحلات أن تجهز نفسها لاستقباله وكأنها تحضر لعرس ضخم، يجب أن تتوفر فيه شتى أنواع التصاميم ومستحضرات العناية بالجمال وطبعا العطور. ولا تقتصر الاستعدادات على توفير المنتجات النادرة والفريدة فحسب، بل أيضا على ابتكار طرق جديدة لخدمته، بدءا من توفير التفصيل على المقاس إلى خلق مساحات حميمة بعيدا عن عيون الفضوليين تخاطب المحجبات، بل يذهب البعض إلى تجنيد فريق كبير من المساعدين والبائعات الذين يتكلمون اللغة العربية، بعد أن يخضعوا لدورات تدريبية مكثفة، على يد خبراء من الشرق الأوسط، استقدموا خصيصا لكي يشرحوا لهم بعض الأمور عن ثقافة هذا الزبون حتى يتم التعامل معه بطريقة لائقة. هناك أيضا تنظيم حفلات خاصة للتسوق تدعو فيها بعض المحلات زبائنها المهمين جدا، حيث تفتح لهم أبوابها في أوقات غير رسمية لكي يجولوا ويصولوا فيها بحرية مطلقة، وهلم جرا من الطرق التي يتقنها البريطانيون جيدا ويتفننون فيها.
فالملاحظ هنا أنه عندما يتعلق الأمر بتحقيق الربح والتجارة، يذوب كل شيء ويتبخر ويبقى الزبون دائما على حق، ما دام لا يبخل على نفسه بشيء في سبيل الحصول على كل ما هو فريد ومتميز. ففي هذه الحالة، لا يسع المحلات إلا أن تقول له «شبيك لبيك طلبك بين يديك». «هارفي نيكولز» مثلا طرحت له مجموعة من المنتجات الحصرية، نذكر منها حقيبة يد من مارك غروس مطلية بالذهب، من قيراط 18، ونظارات شمسية من ليندا فارو، يقدر سعرها بـ10 آلاف دولار أميركي، هذا عدا عن حقائب اليد والأحذية المصنوعة من جلود التماسيح أو الأفاعي وغيرها. فـ50 ألف زائر من الشرق الأوسط رقم لا يستهان به ويستحق هذا الجهد، خصوصا وأنه يقدره ويدفع ثمنه عن طيب خاطر.
محلات «هارودز» أكبر شاهد على هذا، فهي تتحول في موسم الصيف إلى بيتهم الثاني تقريبا، يمكنك أن تشم رائحة العود والورد حتى قبل أن تدخلها بعدة أمتار. فهم يغزونها غزوا معطرا وأنيقا، يزعج المتسوق الأجنبي ويثير غيظه النابع من حسده، في الوقت الذي يثلج فيه صدور المسؤولين في هذه المحلات، ويطرب آذانهم وهم يسمعون أصوات آلات الدفع لا تتوقف.
من الاستعدادات الكثيرة التي قامت بها تخصيص طابق بالكامل للعطور الثمينة، تتوخى الاختلاف عن تلك التي تطرحها شركات تجارية كبيرة، وموجهة أساسا لهذا الزبون. يصل سعر بعضها إلى أكثر من 143 ألف جنيه إسترليني، كما هو الحال بالنسبة لعطر «No1 Passant Guardant» للعطار كلايف كريستيان، إضافة إلى أخرى من غيرلان، وروجا داف، وشانيل، وديور، وكيليان، وهنري جاك، وكريد، وكلايف كريستيان، وكزيرجوف، وإكس نيهيلو، وانيك غوتال، وسيرج لوتان، وتوم فورد، وغيرها، إضافة إلى عطور من بيوت جواهر عريقة مثل فان كليف آند أربلز، وكارتييه، وبولغاري، وغيرها.
القاسم المشترك بين معظم هذه العطور هو العود الذي رغم أنه أصاب الغرب بالتخمة، بحكم أنه ليس جزءا من ثقافته ولا يتذوقه مثل الزبون الشرقي، لا يتوقف عن الظهور في كل موسم في عطر جديد، يحقق لصاحبه الربح الذي كان يحلم به. صحيح أن السوق تزدحم بعطور تقوم عليها، لكن سحرها يصل دائما إلى شغاف القلوب العربية التي ليس لها ولاء لواحد فقط، بل تريد تجربة كل جديد، وبالتالي أصبح مثل سهم كيوبيد عصري، يُعول عليه العطارون ويتنافسون في البحث عن كل ما ندر منه لعل سهمه يصيبهم بمكسب.

* منطقة الشرق الأوسط أكبر سوق للعطور
* أفادت شركة «يورومونيتور إنترناشيونال» الشريك المعلوماتي الرسمي لمعرض «بيوتي وورلد» الذي تحتضنه منطقة الشرق الأوسط كل سنة، بأن العطور ساهمت بنسبة 19.6 في المائة من إجمالي سوق التجميل واللياقة البدنية في الشرق الأوسط وأفريقيا في عام 2014، حيث بلغ حجم التجزئة 5 مليارات دولار خلال العام. ومن المتوقع أن يدعم القطاع معدل نمو سنوي بنسبة 6.3 في المائة ليصل حجمه إلى 6.4 مليار دولار في 2018. وتعد المملكة العربية السعودية والإمارات أكبر سوقيْن في المنطقة، حيث بلغ حجم مبيعات العطور في الإمارات 401 مليون دولار في 2014، بنسبة 28 في المائة من إجمالي سوق التجميل والرعاية الشخصية في الدولة (1.4 مليار دولار) خلال العام. ومن المنتظر أن ينمو ذلك بنسبة 5 في المائة سنويا ليصل حجمه إلى 485.5 مليون دولار بنهاية 2018.
وفي سياق متصل أنفق المستهلكون السعوديون 1.4 مليار دولار على العطور في 2014 حسب إحصائيات EMI – بنسبة 31.6 في المائة من إجمالي سوق التجميل واللياقة البدنية في المملكة خلال العام (4.4 مليار دولار)، كما ينمو بنسبة 9.4 في المائة سنويا ليصل حجمه إلى 2 مليار دولار بحلول 2018.
ولعل هذا الاهتمام والنمو هما ما شجعا شركات أجنبية كبيرة على المشاركة في المعرض السنوي بدبي، وصل عددها هذا العام إلى 200 شركة عارضة، منهم «روبرت جروب»، من مدينة «جراس» الفرنسية – التي تشارك لأول مرة بعد أن افتتحت مكتبا لها في دبي في عام 2014، بهدف تطوير أعمالها في المنطقة والترويج لها، إضافة إلى شركات «لوزي فراجرانس كومبوندس» من سويسرا، «ناتور ميلانو» من إيطاليا، «لا فاكتوري» من فرنسا، «سالوس هولاند» من هولندا، «إبرشم» من إسبانيا، إلى جانب الشركات الإماراتية إمبر، لطافة، وصيفا. وهكذا، فإن صناع العطور لم يعودوا ينتظرون الزبون العربي للقدوم إليهم، بل يتوجهون إليه في كل المناسبات.

1 - في عام 2013 أطلقت تيري دي غانزبورغ عطرها «تيريفيك عود» الذي غير النظرة إلى العود، بالنسبة للأجانب على الأقل ممن كانوا يرونه مجرد عنصر قوي لم يتعودوا عليه. الفضل في هذا يعود إلى نغمات شرقية غامضة تدغدغ الحواس. هذا النجاح شجع تيري أن تجدده في عام 2015، وأن تطلق عليه اسم «تيريفيك عود إكستريم» مستندة على نفس المكونات التي أضافت إليها مواد خام أخرى طبيعية مثل الأخشاب الثمينة التي كان لها مفعول السحر لأنها أكسبته الكثير من الانتعاش الذي يبرر سعره: 320 جنيها إسترلينيا

2 - عندما أطلقت دار «دانهيل» البريطانية اسم «أيقونة دانهيل» dunhill ICON على أول عطر تصدره، فإنها لا بد وأنها كانت تأمل أن يكون له من اسمه نصيب ويتحول إلى أيقونة بالفعل. يستمد العطر إيحاءاته من السيارات السريعة والسباقات البريطانية القديمة. وسيتوفر لحد الآن في محلات «دانهيل» و«هارودز» فقط، لكنه يخاطب بقوة شابا يريد أن يدخل نادي دانهيل النخبوي من أوسع الأبواب، نظرا لسعره المعقول 90 جنيها إسترلينيا، كما يريد أن يستمتع بنغماته الرقيقة التي تتراقص على البرغموت الإيطالي وزهرة النيرولي مع نفحات من الفلفل الأسود والهيل والخزامى فضلا عن العود والجلد والفيتفر. ومع ذلك فإنه يبقى خفيفا وعصريا لكل المناسبات.

3 - كل ما يحمل اسم إيلي صعب يعبر عن مدى حبه للمرأة، ومجموعته الأخيرة من العطور المتخصصة لم تخرج عن هذه القاعدة. فهي مستمدة من عالم الـ«هوت كوتير» بسحرها وموادها الخام النادرة والثمينة، التي ستكون ضيفة في «هارودز» ابتداء من أول شهر أغسطس المقبل إلى جانب عطور كبار العطارين.. تعبق مجموعته La collection Des Essences بنكهة العود وبرومانسية تستحضر أسلوبه في التصميم عموما، وهو ما راعاه العطار فرنسيس كوركدجيان، مبدع المجموعة، مستعينا حينا بمزج الورد بالعود، أو الغاردينيا بالعنبر أو الباتشولي بخشب الصندل وهكذا.. تتكون المجموعة من أربعة عطور، كل واحد بسعر 165 جنيها إسترلينيا

4 - عطر «نمبر 1 إمبريال» من كلايف كريستيان صانع أغلى عطر شهدته محلات «هارودز» بمبلغ 143 ألف جنيه إسترليني. لكن هذا العطر أرخص بكثير بالمقارنة، حيث لا يتعدى 750 جنيها إسترلينيا

5 - كانت أنيك غوتال، حسب القصة المتداولة عنها، سيدة فرنسية تحب الورود وتحيط نفسها بها دائما، انطلاقا من قناعتها بأنها لا تحسن المزاج فحسب بل أيضا تحسن البشرة وتجملها. وتضيف نفس القصة أنها كانت تضيف دائما قطرات من زيوتها في حمامها اليومي كما في مشروب الشاي. لهذا كان من البديهي أن تطلق، وعلى مدى سنوات، عطورا تلعب فيها الورود أدوار البطولة المطلقة إلى الآن. فالموجة السائدة حاليا تتطلب تنويع المواد ومخاطبة أكبر سوق للعطور، ألا وهي الشرق الأوسط. وبما أنه ليس هناك لغة أقوى من العود والورود للوصول إلى هذا الزبون، فإنها ابتكرت مجموعة حصرية تتوفر في «هارودز» باسم LES ABSOLUS D’ANNICK GOUTAL تدور في فلك العود والعنبر والفانيلا، ويبلغ سعر كل واحد منها 166 جنيها إسترلينيا



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».