«بكتيريا الشتاء»... ضريبة مناعية جديدة لـ«إغلاقات كورونا»

تسببت بوفاة 6 أطفال في بريطانيا

امرأة مصابة بالزكام في فصل الشتاء
امرأة مصابة بالزكام في فصل الشتاء
TT

«بكتيريا الشتاء»... ضريبة مناعية جديدة لـ«إغلاقات كورونا»

امرأة مصابة بالزكام في فصل الشتاء
امرأة مصابة بالزكام في فصل الشتاء

يبدو أنّ العالم سيكون على موعد خلال الشتاء الحالي مع تسديد «فواتير مناعية» كثيرة، لم يسدّدها خلال فترة «إغلاقات كورونا». فبعد الانتشار غير المعتاد لفيروس «المخلوي التنفسي»، تشير الأنباء الواردة من بريطانيا، إلى خطر آخر، هو بكتيريا «المكورات العقدية من المجموعة أ» أو ما يُعرف بـ«بكتيريا الشتاء».
وتوفّي حتى الآن 6 أطفال في المملكة المتحدة متأثّرين بإصابتهم بهذه البكتيريا المهدّدة للحياة، والتي يمكن أن تؤدّي إلى الحمى القرمزية التي كانت منتشرة في العصر الفيكتوري (في القرن التاسع عشر).
وقالت هيئة الخدمات الصحية في المملكة المتحدة، الجمعة: «هناك ارتفاعٌ ملحوظٌ في حالات الإصابة بالحمى القرمزية، الناتجة عن الإصابة بهذه البكتيريا. وتمّ الإبلاغ عن 851 حالة في الأسبوع الممتد من 14 إلى 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بمتوسّط 186 حالة لنفس الفترة في السنوات السابقة».
وقالت الوكالة: «هناك 2.3 حالة إصابة لكلّ 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين سنة وأربع سنوات في إنجلترا هذا العام، مقارنة بمتوسط 0.5 في مواسم ما قبل وباء (كوفيد - 19) من 2017 إلى 2019، وكانت هناك أيضاً 1.1 حالة إصابة لكلّ 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و9 سنوات، مقارنة بمتوسط ما قبل الوباء البالغ 0.3».
وخلال موسم الذروة الأخير لعدوى هذه البكتيريا (موسم 2017 – 2018)، كانت هناك أربع وفيات بين الأطفال دون سن العاشرة، بينما وصل عدد الوفيات حتى الآن، قبل أن ينتهي موسم الشتاء، إلى 6 وفيات، بحسب ما أوضحت هيئة الخدمات الصحية في المملكة المتحدة.
وعلامات عدوى هذه البكتيريا: طفح جلدي، والتهاب الحلق، واحمرار الخدين، وآلام في العضلات، وحمى شديدة، وإرهاق، والتهاب في الأذن، وتقرّحات على الجلد.
ومثل الفيروسات التنفسية، تقول هيئة الخدمات الصحية في المملكة المتحدة، إنّ البكتيريا تنتشر عن طريق قطرات السعال والعطس والتحدّث والتلامس مع الآفات الجلدية المصابة. ويمكن أن تنتقل من شخص لآخر عن طريق الاتصال الوثيق، مثل التقبيل أو ملامسة الجلد. وفي حالات نادرة، تنتشر من خلال الطعام الذي لم يتم التعامل معه بشكل صحيح.
ومن المُرجّح أن تنتشر في الأماكن المزدحمة، مثل المدارس ودور الحضانة، أو في المنازل إذا أُصيب شخص ما في المنزل.
ولا يعتقد أحمد سالمان، مدرّس علم المناعة وتطوير اللقاحات في معهد «إدوارد جينز» بجامعة أكسفورد، أنّ السبب الرئيسي لارتفاع عدد الوفيات بسبب هذه البكتيريا عن المعدل المعتاد، هو أنّنا أمام سلالة جديدة أشد قوة من السلالة التي كانت سائدة.
يقول سالمان لـ«الشرق الأوسط»: «هناك سببان، كلاهما يصبّ فيما يمكن تسميته (الفاتورة المناعية) التي يتمّ تسديدها بعد فترة إغلاق كورونا، وهي التي تفسر أيضاً حالات تفشي المخلوي التنفسي».
ويشرح: «عمليات الإغلاق حدّت من التعرّض لمجموعة من مسببات الأمراض الموسمية التي كانت تصيب الناس عادة، وتشكّل هذه المسببات مناعة ضد الأمراض. وفي حالة الأطفال الصغار، كان هذا يعني أنّهم ربما فاتهم أوّل تعرض لهذه المسببات المرضية على الإطلاق، وينطبق ذلك على بكتيريا (المكورات العقدية من المجموعة أ)، كما ينطبق على (التنفسي المخلوي)».
ويضيف: «بعد إنهاء الإغلاق، وعودة التجمّعات، صارت فُرص الإصابة كبيرة. وفي غياب الخبرة المناعية السابقة، التي حدّت من وجودها الإغلاقات، بدأ العالم يسدّد (الفاتورة المناعية) لهذه الفترة».
وبالإضافة لهذا السبب، يشير سالمان إلى أنّ بكتيريا (المكورات العقدية من المجموعة أ)، توصَف بأنّها من «الأنواع الانتهازية» التي تنتظر لحظات الضعف المناعي، كي تتمكّن من مضيفها البشري، لذلك فهي تكون مصاحبة للفيروسات التنفسية.
ويعود إلى مصطلح (الفاتورة المناعية)، قائلاً: «إحدى الفواتير المناعية بعد انتهاء إغلاقات كورونا، هي حدوث مزيد من الإصابات بفيروسات الأمراض التنفسية. ومع زيادة الإصابة بهذه الفيروسات التي تجعل مناطق مثل الرئة مكشوفة، تستطيع تلك البكتيريا أن تتوغل في عمق الرئة».
وكما هو الحال مع الأنواع البكتيرية الأخرى التي تنتشر من خلال قطرات السعال والعطس، قد تعمل الأقنعة كحاجز ضد العدوى، ولكنها لن تمنع الإصابة التي تحدث من خلال قنوات أخرى، مثل ملامسة جلد المصاب، كما يوضح سالمان.
ويضيف: «تُعالَج عدوى هذه البكتيريا بالمضادات الحيوية. وبعد 24 ساعة كاملة من تناول الدواء، يُعتقد أنّ الأشخاص لا يبقون ناقلين للعدوى. ولكنّ الخطورة أن تكون تلك البكتيريا قد شكّلت مقاومة للمضادات الحيوية، وهو أمر لم يتم التأكّد منه حتّى الآن».


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».