ودع الوسط الإعلامي والصحافي المصري، الإعلامي الكبير مفيد فوزي، بعدما غيبه الموت عن عمر ناهز 89 عاماً.
ونعى كتاب وإعلاميون وفنانون الراحل بكلمات مؤثرة تحمل تقديراً لمكانة الرجل الإعلامية، من بينهم الكاتب خالد منتصر، الذي قال عبر حسابه على «فيسبوك»: «حتى من اختلف معك، لن يستطيع إنكار أنك من أكثر الأقلام الصحافية رشاقة». ونشرت الكاتبة فريدة الشوباشي صورة تجمعها بفوزي وعلقت: «فراقك صعب». فيما وصفه وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني بـ«الكاتب المرموق والإعلامي النبيل، صاحب المكانة الرفيعة في الإعلام العربي». كما اعتبره الإعلامي عمرو أديب «آخر جيل الأساتذة»، مؤكداً على حسابه في موقع «تويتر» أن «قليلين من كنا نمنحهم هذا اللقب، فقد كان مثقفاً وباحثاً وقارئاً لن يتكرر أسلوبه ولن تجد مثل قلمه فهو من أصحاب القدرات الصحافية الخارقة التي تتلمذت على يديها أجيال كاملة في مصر والعالم العربي».
صورة نشرتها حنان مفيد فوزي لوالدها مع الراحل سمير صبري
ونعت الفنانة نبيلة عبيد، عبر حسابها الرسمي بموقع «إنستغرام» الكاتب الراحل قائلة: «مع السلامة يا أستاذ مفيد، يا أعظم كنز جمعته من هذه الحياة وداعاً مفيد فوزي المحترم، الصديق الغالي والكاتب الصحافي القدير».
واشتهر مفيد فوزي ببرنامجه «حديث المدينة» الذي أسس فيه لمدرسة الصحافة التلفزيونية في الإعلام المصري، وكان يرفض لقب مذيع، مؤكداً أنه مجرد «محاور».
ووصفه الكثير من المتابعين بأنه «كان من أصحاب المواقف القوية، بعدما ابتعد عن الإمساك بالعصا من المنتصف»، مستشهدين بـ«نقده الحاد لعهد الرئيس جمال عبد الناصر، وأخيراً انتقاده لحكم تنظيم الإخوان لمصر».
وأكد جمال الشاعر، رئيس لجنة الإعلام في المجلس الأعلى للثقافة، أن «مفيد فوزي إعلامي من طراز فريد، فهو المحاور الأشهر الذي صنع لنفسه مدرسته الخاصة في الأداء من خلال أسلوب يعتمد على الأسئلة الذكية التي تسبر أغوار الشخصيات التي يتحاور معها»، مشيراً في تصريح إلى «الشرق الأوسط» أن «الراحل الكبير كان عاشقاً للصحافة الاستقصائية ولو لم يكن إعلامياً ومحاوراً لبرع كثيراً كمحقق ووكيل نيابة فهو دائماً العنصر الكيميائي الذي يغير المعادلة دوماً في جميع المحافل واللقاءات».
الإعلامي المصري مفيد فوزي
وتقول الصحافية هانم الشربيني التي عملت مع مفيد فوزي وهي لا تزال طالبة في كلية الإعلام منذ عام 2006 في برنامجيه «حديث المدينة» و«مفاتيح»، إن «التواضع وتشجيع المبتدئين كان السمة الكبرى في مسيرة هذا الرجل الاستثنائي، حيث دخلت معه بيوت مشاهير الفن والسياسة، وكان دائماً ما يقول للضيف إنه سيسكت، وإنها هي التي ستتكلم»، مشيرة في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أنها «سجلت 25 ساعة معه، في حوار ممتد وطويل ليكون المادة الخام التي يصوغ منها لاحقاً مذكراته، وهو ما ظهر في كتابه الذي يحمل عنوان (نصيبي من الحياة)». وأضافت: «كان يحب الاطلاع على الجديد دائماً، وأتى بمهندس خصيصاً لكي يعلمه كيف يتعامل مع الأجهزة التكنولوجية الحديثة، حتى أنني اقترحت عليه تخصيص فصل كامل من مذكراته عن هذا الأمر بعنوان (أنا والآي باد)».
واعتبر نشطاء ومغردون أن الراحل الكبير اشتهر بمدرسة إعلامية خاصة تتسم بالجرأة و«الاستفزاز الإيجابي» في مواجهة الضيف، كما أنه حاور الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك 4 مرات، حتى أطلق عليه لقب «محاور الرئيس»، فضلاً عن محاورته أشهر وزراء الداخلية في مصر، على غرار زكي بدر وحبيب العادلي.
وتطرق مفيد فوزي في العديد من مقالاته وتصريحاته الإعلامية إلى «الصداقة الحميمة التي ربطته بالعديد من نجوم الفن في مصر مثل عبد الحليم حافظ، وسعاد حسني، وأحمد زكي، ونبيلة عبيد»، مؤكداً أن «العلاقة بين حليم والسندريلا تجاوزت المشاعر العاطفية إلى الزواج الفعلي الذي انهار سريعاً بسبب غيرة العندليب وطباعه كفلاح شرقي».
وروى مفيد فوزي في أكثر من مرة كيف أن «السيدة أم كلثوم لم تكن تستلطفه لأنها كانت تعتبره المتحدث الرسمي باسم عبد الحليم في الأوساط الفنية التي كانت تشهد حرباً باردة بين (العندليب) و(كوكب الشرق)، ولهذا السبب تحديداً لم تمنحه فرصة لإجراء حوار مباشر معها».
وكثيراً ما طُرحت أسئلة على مفيد فوزي بهدف دفعه إلى سرد وقائع الحياة الخاصة للنجوم، لكنه كان في كل مرة يرد بجملة واحدة لا تتغير «لن أفشي أسرار أصدقائي بعد وفاتهم».