التطبيقات ومنصات التواصل في مونديال قطر... بين المنافسة وتكرار التجارب

التطبيقات ومنصات التواصل في مونديال قطر... بين المنافسة وتكرار التجارب
TT

التطبيقات ومنصات التواصل في مونديال قطر... بين المنافسة وتكرار التجارب

التطبيقات ومنصات التواصل في مونديال قطر... بين المنافسة وتكرار التجارب

بينما يتابع عشاق كرة القدم نهائيات كأس العالم، مونديال قطر 2022، ثمة سباق محموم آخر اشتعل بين منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة للحد من الخسائر الاقتصادية واستعادة المستخدمين. ومعلوم أن «المونديال» انطلق في وقت معاناة بعض منصات التواصل أزمات اقتصادية، دفعت إلى تسريح موظفين، وعزوف مستخدمين، وتقليص ميزانيات العلامات التجارية على الإعلانات.
إذ أنه مع تولي رجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك قيادة «تويتر»، وتصدره المشهد بقرارات أثارت الجدل بين تسريح أكثر من نصف الموظفين وتغيير السياسات الاقتصادية للمنصة، اتجهت التحليلات أيضاً إلى شركة «ميتا» - الشركة الأم لمنصتي «فيسبوك» و«إنستغرام» - التي خسرت نصف قيمتها الاقتصادية بسبب انخفاض ثقة المستثمرين، وتراجعت قيمة الأسهم بنسبة وصلت إلى 70 في المائة. وراهناً تطلق «يوتيوب» محاولات لتجديد مصادرها الاقتصادية بدعم «المحتوى الجاد والقيم».
عدد من الخبراء يرون أن «المنصات كلها تمر راهناً بمرحلة ضبابية، لا يظهر خلالها استقراراً سوى التطبيق الصيني «تيك توك» المتصدر عرش المنصة الأكثر تفاعلاً خلال العام المنصرم». وبحسب هؤلاء، فإن نهائيات كأس العالم جاءت فرصة ذهبية لاجتذاب المتابعين، بشرط تقديم خدمات تلبي حاجة المستخدمين وتوازن بين المتعة والإثارة والحيادية، وسط تساؤلات حول نتيجة هذه المنافسة، وما تعكسه من دلالات ومؤشرات لمستقبل المنصات خلال المرحلة القادمة.
نواف المرشد، الإعلامي الرياضي السعودي، ومدير عمليات المحتوى الرياضي بتطبيق «هكتار»، اعتبر أن منصة «تويتر» رغم أزماتها المتلاحقة في الفترة السابقة تظل الأبرز في سباق كأس العالم. وأضاف في حوار مع «الشرق الأوسط» قائلاً «تويتر ما زالت الرقم الصعب في التغطيات الرياضية، لأنها كانت كعادتها مستعدة بصفحات خاصةً وهاشتاغات مخصصة، فضلاً عن توظيفها صفحة اللحظات لتغطية الحدث بشكل آني ومحدث يومياً سواء بنسخة إنجليزية أو عربية». ثم تابع «وتسويقياً أرى أن ماسك اختار الوقت المناسب لتجربة المستخدمين لميزات إضافية عزز بها تجربة تويتر، ولكن حتى الآن النتائج سلبية أكثر منها إيجابية، لا سيما بعد فوضى عملية توثيق الحسابات الجديدة».
ونذكر، أنه بعد انطلاق كأس العالم مباشرة، دعت «تويتر» المعلنين وأصحاب العلامات التجارية للاستفادة من خدمات المنصة، خلال المسابقة التي يتابعها الملايين. ونشرت بياناً حول «هيمنة بطولة كأس على جميع وسائل الإعلام الرقمي». وأشارت إلى أن الفرصة سانحة لربط العلامات التجارية بهشتاغات البطولة لتحقيق المزيد من الوصول إلى الجمهور المستهدف.
وهنا يقول المرشد معلقاً «لا يمكن غض الطرف عن أن كأس العالم فرصة في غاية الأهمية، لا سيما هذا العام، الذي تعاني فيه جميع الشركات أزمة اقتصادية طاحنة. غير أن ما قدم لا يكفي... فمنذ البداية كان على المنصات أن تستقطب زيادة عدد ساعات تصفح المستخدمين بناء على جدول المباريات، وهو ما تحقق بنسب متفاوتة».
وبحسب المرشد فإن «تطبيق تيك توك جاء في ذيل التصنيف... وهو رغم تفوقه من حيث أرقام التفاعل في الأوقات العادية؛ جاءت تغطيته لكأس العالم محدودة». ومن ثم أوضح أن «النسخة العالمية لتطبيق تيك توك اكتفت بتنظيم صفحة مخصصة لضم كل المنشورات الخاصة بالحدث العالمي، غير أن الجودة لم تكن كالمتوقع». ولدى مقارنة المرشد بين «تيك توك» في نسخته العالمية وفي النسخة الصينية، يقول إن النسخة الصينية نجحت في شراء حقوق البث الرسمية للمونديال وبثته عبر المنصة في الصين فقط... في خطوة ذكية لجذب المتابعين.
أما بالنسبة لـ«يوتيوب» - والكلام لا يزال لنواف المرشد - فجاءت خدمة «شورتس» الأبرز في أدواتها لإدارة السباق. وشرح «اتفق مع القائلين أن شورتس كانت الأفضل فيما يخص المقاطع المرئية، غير أن يوتيوب، بشكل عام، كانت قادرة كمنصة لها باع في هذا المجال، على تحقيق مزيد من الجذب بخدمات إضافي لم نرى منها شيئاً».
من جهته، ذهب أمير جمعة، منتج وسائل تواصل اجتماعي بتلفزيون «اقتصاد الشرق مع بلومبرغ»، إلى تصنيف عكسي. إذ وضع «تيك توك» على رأس التطبيقات ومنصات التواصل الاجتماعي من حيث الجذب خلال نهائيات كأس العالم. واعتبر جمعة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «تيك توك نجح في توقيع شراكة مع الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) تسمح للمستخدمين بمشاركة أهم المقاطع المصورة في المباريات، لا سيما الأهداف، وحمايتها من الحذف، على عكس المنصات الأخرى التي أن تحمي مستخدميها حال مشاركة أي لقطات مرئية من المسابقة... وكعادتها جاء تيك توك الأكثر تفاعلاً بين التطبيقات والمنصات».
وعلى خلفية اتفاقية «تيك توك» و«فيفا». يلفت جمعة إلى «ثمة حلول يمكن أن يؤخذ بها للخروج من الأزمة الراهنة التي تواجهها منصات التواصل الاجتماعي». ويوضح أنه «إبان مباريات كأس العالم، لاحظنا اختفاء التحديات المعتادة على تيك توك. وكذلك لم تصعد ترندات على النحو التقليدي». ولكن، مع أن تجربة «تيك توك» أثارت الإعجاب، يشير جمعة أشار إلى «خطأ» وقعت فيها المنصة. إذ بينما عززت الشراكة مع «الفيفا» التفاعل كان بإمكان «تبك توك» استغلال المناسبة على نحو أفضل من خلال الدفع بخدمات أكثر تفاعلاً.
وهنا يحلل جمعة المشهد العام للتطبيقات ومنصات التواصل وخدماتها خلال كأس العالم. ويقول إن «ما قدمته منصات التواصل الاجتماعي في مجملها، أقل من المتوقع... إذ لم تتميز منصة بمحتوى خاص أو خدمة لافتة. إذ ظلت تويتر في مكانتها من حيث نقل الأخبار وآنية تداول النتائج، وهي خدمة إخبارية تتميز بها منذ انطلاقها، غير أنه لم نر أي تطور من حيث الترفيه ومتعة المشاهدة». ويضيف أن اتجاه «يوتيوب» نحو تقديم خدمة «شورتس» جاء منذ البداية محاولة لمواكبة المنافسة أمام «تيك توك»، وخلال كأس العالم لم يختلف الأمر كثيراً، حسب رأي جمعة الذي يقول «ما قدمته يوتيوب شورتس خلال هذا الحدث العالمي، هو نسخة مكررة من تيك توك، حيث جرى نقل تجربة منصة أخرى من دون أي إبداع أو إضافة ليس على قدر المنافسة على الإطلاق». غير أن في المقابل، يرى تحقيق يوتيوب استفادة من شورتس لأن الجمهور صار يتوق للمقاطع القصيرة على حساب تلك التي تتخطى بضع دقائق، من ثم هي مواكبة لتغيرات طالت سلوك المستخدمين... رغم تقديم تيك توك تجربة أكثر متعة وأسهل استخداماً.


مقالات ذات صلة

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم سيارة عليها كلمة «صحافة» بالإنجليزية بعد تعرض فندق يقيم فيه صحافيون في حاصبيا بجنوب لبنان لغارة إسرائيلية في 25 أكتوبر (رويترز)

اليونيسكو: مقتل 162 صحافياً خلال تأديتهم عملهم في 2022 و2023

«في العامين 2022 و2023، قُتل صحافي كل أربعة أيام لمجرد تأديته عمله الأساسي في البحث عن الحقيقة».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي صحافيون من مختلف وسائل إعلام يتشاركون موقعاً لتغطية الغارات الإسرائيلية على مدينة صور (أ.ب)

حرب لبنان تشعل معركة إعلامية داخلية واتهامات بـ«التخوين»

أشعلت التغطية الإعلامية للحرب بلبنان سجالات طالت وسائل الإعلام وتطورت إلى انتقادات للإعلام واتهامات لا تخلو من التخوين، نالت فيها قناة «إم تي في» الحصة الأكبر.

حنان مرهج (بيروت)
يوميات الشرق الملتقى يُعدُّ أكبر تجمع في السعودية للمؤثرين والخبراء وصناع المحتوى الرقمي (واس)

السعودية تطلق أول ملتقى لـ«صناع التأثير» في العالم

أعلن وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري إطلاق الملتقى الأول لصناع التأثير (ImpaQ)، الذي تستضيفه العاصمة الرياض يومي 18 و19 ديسمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحد من «المعلومات المضللة»؟

شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحد من «المعلومات المضللة»؟

شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» يظهر على شاشة هاتف جوال (أ.ف.ب)

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحد من انتشار «المعلومات المضللة». يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مررتها المنصة الأشهر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة رغم تقييد الإعلانات.

وأعلنت «فيسبوك» نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» «غير متمرسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، الدكتور حسن مصطفى، عدّ قرار «ميتا» «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «(ميتا) تخشى من الاتهام بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع خلال الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما أنه تم اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحد من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال (المعلومات المضللة) تحدياً قائماً رغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار (الأخبار الكاذبة)». وعدّد دور الشركة في هذا الصدد بقوله: «قامت (ميتا) بتعزيز التعاون مع جهات خارجية للتحقق من صحة الأخبار؛ حيث تعتمد الشركة على منظمة (FactCheck) وشبكات من المؤسسات المستقلة للتحقق من الأخبار التي يتم تداولها عبر المنصة».

واستشهد أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»، «حيث تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرف على بعض الأنماط المتكررة للمحتوى المسيء وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر». غير أنه عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، وأشار إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة أو فهم السياقات الثقافية المعقدة، ما يجعل من الصعب وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص (خطاب الكراهية)».

وكانت المنظمة الدولية «جلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرة على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضللة الضارة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنة بمنصة مثل «تيك توك»، غير أن التقرير لم ينفِ التورط في نشر «معلومات مضللة» رغم القيود، وذكر التقرير أن «(فيسبوك) وافق على واحد من بين ثمانية إعلانات اختبرت بهم المنظمة قيود المنصة للحد من (المعلومات المضللة)»، ما عدّته المنظمة «تحسناً ملحوظاً مقارنة بأداء المنصة السابق»، ومع ذلك قالت إن هذا التحسن لا يزال غير كافٍ.

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية» إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في مصر والمملكة العربية السعودية، خالد عبد الراضي، علّق على قرار «ميتا»، بالقول إننا بصدد محاولات عدها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهي مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادة في الحد من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدية من خلال تقييد أي منشور موجه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضللاً وزائفاً تمت صناعته بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي لـ«الشرق الأوسط» أن «(ميتا) لم تقم بفرض قيود على الإعلانات بشكل عام، بينما على نوع واحد فقط، وهي الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام». ودلل كذلك على عدم جدية «ميتا»، بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادة من بينها توظيف (فرق السلامة) والمعنية بمراجعة النصوص للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن هذه (الفرق) تم (إنهاء عملها) لاحقاً، ما يشير إلى عدم جدية ادعاءات المنصة».