الإيرادات الضخمة تدفع الحوثيين إلى تشديد السيطرة على المؤسسات

الميليشيات استحدثت أنظمة رقابية وأقصت المشكوك في ولائهم

جانب من ميناء الحديدة على البحر الأحمر غرب اليمن (أ.ف.ب)
جانب من ميناء الحديدة على البحر الأحمر غرب اليمن (أ.ف.ب)
TT

الإيرادات الضخمة تدفع الحوثيين إلى تشديد السيطرة على المؤسسات

جانب من ميناء الحديدة على البحر الأحمر غرب اليمن (أ.ف.ب)
جانب من ميناء الحديدة على البحر الأحمر غرب اليمن (أ.ف.ب)

دفعت الإيرادات الضخمة التي حققها عدد من المؤسسات اليمنية خلال الأشهر الماضية، جماعة الحوثي إلى تنفيذ إجراءات إدارية وحسابية جديدة للسيطرة التامة عليها، وإدارتها بسرية مطلقة لصالحها، وذلك عبر استحداث أنظمة محاسبية إلكترونية جديدة، وإجراءات رقابة إدارية معقدة، وإزاحة قادة هذه المؤسسات غير الموالين للانقلاب، واستبدال عناصر تابعين للجماعة بهم.
وذكرت مصادر في العاصمة صنعاء أن الجماعة الانقلابية كلفت عدداً من الشركات التابعة لها، والمتخصصة في التكنولوجيا بإعداد أنظمة محاسبية جديدة لعدد من المؤسسات الإيرادية، مثل مؤسسة موانئ البحر الأحمر وشركة النفط، وشركة كمران والمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية والمؤسسة الاقتصادية، والبريد ومصلحة الضرائب، ومصلحة الجمارك، وإيرادات أمانة العاصمة.
وتسعى الميليشيات من خلال هذه الإجراءات إلى وضع نواة لإنشاء جهاز رقابي مهمته الإشراف على كامل المؤسسات الإيرادية والرقابة على أنشطتها وحركة تحصيل الإيرادات ومسارها، وآلية الصرف ومبرراتها.
وبحسب المصادر، فإن هذا الإجراء يأتي بعد أن اكتشفت الميليشيات الحوثية صعوبة إنشاء مؤسسات إيرادية بديلة للمؤسسات القائمة حالياً، على غرار المؤسسات الأخرى التي استنسختها بإنشاء كيانات بديلة جديدة مهمتها إفراغ المؤسسات الأصلية من مضمونها الخدمي العام، وتجييرها لصالح الميليشيات، إلا أن هذا الاستنساخ غير قابل للتنفيذ في كبريات المؤسسات الإيرادية.
وتفتقر الميليشيات إلى كوادر فنية مؤهلة موالية لها بالكامل لإحلالها محل الكوادر العاملة في مؤسسات مثل مؤسسة موانئ البحر الأحمر ومصلحتي الضرائب والجمارك والمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية وشركتي النفط وكمران وغيرها.
ونتيجة لذلك؛ تعمل الميليشيات على تعيين قياداتها في أعلى هرم هذه المؤسسات، ومحاولة كسب ولاء الكوادر الفنية المتخصصة بالترغيب والترهيب، وتوظيف عدد من عناصرها في مختلف إدارات المؤسسات كمخبرين للرقابة على سير الأنشطة والإجراءات المحاسبية والإدارية، والكشف عن أي محاولات تسريب البيانات والمعلومات إلى الرأي العام والإعلام.
وبدأت الميليشيات باستخدام ما يُعرف بـ«مدونة السلوك الوظيفي» التي أعلنت عنها مؤخراً، وتتضمن شروطاً على الموظفين العموميين الالتزام بها، ومن ذلك الإيمان بأحقية الحوثيين بالحكم، وعدم مخالفتهم الرأي والتوجهات، ومشاركتهم فعالياتهم الطائفية، وعدم تسريب معلومات أو بيانات إلى الرأي العام أو وسائل الإعلام، بما في ذلك الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن خلال هذه المدونة وشروطها؛ يمكن للميليشيات فصل الموظفين بحجة عدم الالتزام بها، أو رفض التعهد بذلك.
وذكرت المصادر أن الميليشيات بدأت فعلياً تنفيذ إجراءات محاسبية جديدة في ميناء الحديدة، بعد تحقيق الميناء إيرادات ضخمة خلال الأشهر الثمانية الماضية، وهي الأشهر التي بدأت وانتهت فيها الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة أوائل أبريل (نيسان) الماضي، واستمرت 6 أشهر قبل أن ترفض الميليشيات الحوثية تمديدها.
المصادر قالت إن الميليشيات انتبهت إلى أنه بالإمكان الحصول على بيانات ومعلومات حول إيرادات ميناء الحديدة وعدد من المؤسسات الأخرى، نظراً لطبيعة الإجراءات الإدارية والمحاسبية في هذه المؤسسات التي سيطرت عليها الميليشيات منذ سبتمبر (أيلول) 2014، الأمر الذي دفعها إلى البحث عن طرق وإجراءات تحجب المعلومات والبيانات والأرقام حتى عن موظفي هذه المؤسسات، وتحتكر البيانات لصالح قادة الميليشيات المشرفين على المؤسسات.
وكشفت الحكومة اليمنية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عن أن الميليشيات حققت ما يربو على 203 مليارات ريال (الدولار نحو 560 ريالاً) بعد استقبال ميناء الحديدة 54 شحنة من النفط ومشتقاته خلال الهدنة الإنسانية التي بدأت في الثاني من أبريل الماضي، وانتهت في الثاني من أكتوبر الماضي، وكان من أهم بنودها السماح بإعادة تشغيل ميناء الحديدة بالكامل، والسماح بوصول شحنات الوقود.
ويستمر ميناء الحديدة في استقبال شحنات الوقود برغم انتهاء الهدنة قبل أكثر من شهرين، بعد اشتراط ذراع إيران صرف مرتبات الموظفين في مناطق سيطرتها من إيرادات النفط والغاز في المحافظات المحررة فقط، ورفضها إدراج إيرادات الحديدة ضمن مبالغ صرف المرتبات.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.