السودان: تنفيذ عقوبة الجلد ضد 3 معارضين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات

المعارضة عدتها امتهانًا غير مسبوق للحريات وكرامة السياسيين

السودان: تنفيذ عقوبة الجلد ضد 3 معارضين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات
TT

السودان: تنفيذ عقوبة الجلد ضد 3 معارضين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات

السودان: تنفيذ عقوبة الجلد ضد 3 معارضين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات

استنكر قادة سياسيون ونشطاء وحقوقيون في السودان أحكام الجلد التي نفذتها محكمة سودانية بحق معارضين سياسيين، واعتبروها أحكامًا «عبثية وجائرة»، تهدف إلى ازدراء العمل السياسي والتضييق على حرية التنظيم والتعبير، وامتهانًا لحرية العمل السياسي، وكرامة السياسيين باختلاف توجهاتهم الفكرية.
ونفذت محكمة سودانية أول من أمس أحكامًا بالجلد ضد مستور أحمد محمد، الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني المعارض، ورفيقيه عاصم عمر وإبراهيم محمد زين، وذلك بموجب المادة 67 من القانون الجنائي السوداني، بسبب تنظيمهما خطابا جماهيريا في سوق بالخرطوم، دعوا فيه المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات التي جرت في أبريل (نيسان) الماضي، وطالبوا خلالها بإطلاق سراح عدد من أعضاء الحزب المعتقلين وقتها.
ويعاقب القانون الجنائي السوداني بالجلد أو السجن مدة ستة أشهر على مشاركة الأشخاص في تجمعات لا توافق عليها السلطات، بيد أنها المرة الأولى التي تنفذ فيها أحكام الجلد ضد معارضين سياسيين في تاريخ الصراع السياسي السوداني منذ الاستعمار.
ونفذت محكمة جنايات أم درمان حكمًا بجلد كل واحد منهما 20 جلدة، بعد أن كانا قد اقتيدا قبل أشهر من مخاطبة الجماهير في الخرطوم، ودونت بلاغًا ضدهما تحت مواد بالقانون تتعلق بـ«الإزعاج العام».
واعتبر حزب الأمة القومي المعارض الأحكام ازدراء للعمل السياسي، وتضييقًا على حريات التنظيم والتعبير المكفولة بالدستور، وامتهانًا غير مسبوق للحريات وكرامة السياسيين باختلاف مشاربهم السياسية والفكرية. وأعلن الحزب في بيان موقع باسم الناطقة باسمه سارة نقد الله، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عن مقاومته لما سماه بالتعدي السافر، ودعمه الكامل للقياديين الذين تعرضا لعقوبة الجلد، وعن التزامه بالمشاركة في كل الخطابات الجماهيرية التي يقيمهما حزبهم في مقبل الأيام.
ودعا قوى المعارضة المنضوية تحت لواء تحالف «قوى نداء السودان» إلى مقاومة هذا الأسلوب الذي وصفه بـ«المستنكر»، والذي يهدف، حسب رأيه، إلى إذلال السياسيين وإسكات أصواتهم المعبرة عن «ضمير الشعب».
من جهته، قال القيادي في الحزب الناصري والمحامي ساطع أحمد الحاج لـ«الشرق الأوسط» إن المواد التي عوقب بموجبها المعارضون بالجلد، والمتعلقة بمكافحة الشغب والإزعاج العام، وضعت في عهد الاستعمار البريطاني لقمع المنادين بالاستقلال، وإن الأنظمة الاستبدادية التي تلت الاستعمار حافظت على تلك المواد واستخدمتها من أجل اضطهاد الشعب والتضييق على حريات التعبير والتنظيم، والنشاط السياسي المعارض لها.
وأوضح الحاج أن تلك المواد في القانون الجنائي عقيمة، وأن استخدامها في العمل السياسي المعارض، باعتباره نوعًا من الشغب، اعتداء واضح على الحريات السياسية المكفولة بالدستور، وقال بهذا الخصوص: «إن قوى المعارضة تشترط للمشاركة في الحوار الوطني إلغاء القوانين المقيدة للحريات للحيلولة دون استخدامها في قمع المعارضين».
وحذر حزب الأمة في بيانه من استخدام تلك المواد ضد المعارضين، ودعا منفذي القانون، ومن أطلق عليهم من تبقى من القضاة الشرفاء، «ليربأوا بأنفسهم من أعمال تلك المواد ضد السياسيين، ونحن نهيب بكل منفذي القانون أن يربأوا بأنفسهم من السقوط في هذا المستنقع الآسن، الذي يجرجر إليه المؤتمر الوطني العمل السياسي المدني، باستعمال القوانين وتفسيرها لتهديد وتخويف المناضلين، والتضييق على العمل السياسي المدني، ما يحد من كل وسائل العمل المدني، ويفاقم الغضب واليأس، ويفتح باب العنف والمواجهات العنيفة على مصراعيه».
وكان حزب المؤتمر السوداني قد وصف الأحكام التي صدرت بحق قيادييه بأنها «سابقة في تاريخ السودان»، ومخالفة لدستور البلاد الذي يبيح حرية النشاط السياسي ويبيح الحريات. وقال إن كوادره امتثلت لأحكام الجلد لأنها تريد فضح النظام وتعريته أمام المجتمع المحلي والإقليمي والدولي، وأن العقوبة تعد إذلالاً للقوى المعارضة، وأضاف في بيان بأن «العقوبة لن تزيد الحزب إلاّ صمودًا ومزيدًا من مقاومة النظام الحاكم»، معتبرا العقوبة كشفًا لنيات جهاز الأمن تجاهه كحزب، واتساقًا مع ما سماه «استراتيجية القمع والقهر المتبع ضد القوى الوطنية، وإذلالاً لقيادة الحزب ولمنتسبيه».
كما أعلن الحزب في البيان تحديه للسلطات ولتلك الأحكام، وتنظيم حملات مخاطبات جماهيرية، استهلها في ذات يوم صدور الحكم أمينه الإعلامي بكري يوسف بمخاطبة الجماهير في إحدى أسواق منطقة الخرطوم بحري.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».