دراسة: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أكثر مراوغة مما كنا نظن

دراسة: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أكثر مراوغة مما كنا نظن
TT

دراسة: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أكثر مراوغة مما كنا نظن

دراسة: البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أكثر مراوغة مما كنا نظن

من المعروف أن البكتيريا تنتقل داخل جسم الإنسان باستخدام طرق لا نعرف عنها إلا القليل. لكن من النادر العثور على حالة تنتشر فيها العدوى بطريقة واضحة؛ وهذا ما أشارت اليه حالة حديثة بأحد مستشفيات إسبانيا بينت أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية يمكن أن تهاجر أحيانًا من الأمعاء إلى الرئتين، وربما تعود مرة أخرى.
وتعتبر الحالة هذه استثناءً جديرًا بالملاحظة.
فقد تم إدخال المريض إلى وحدة العناية المركزة ببلدية بادالونا الإسبانية بعد تعرضه لنوبة صرع لمدة 39 يومًا، واستخدم الأطباء المضادات الحيوية لمحاربة العدوى في الشعب الهوائية السفلية.
في اليوم الأول، أظهرت رئتا المريض دليلاً على وجود بكتيريا تسمى «Pseudomonas aeruginosa»؛ (عدوى شائعة في الرئتين والمسالك البولية والأمعاء). وفي اليوم الثاني عشر، أصيب المريض بعدوى في المسالك البولية، عالجها الأطباء بمضاد حيوي مختلف يُدعى «الميروبينيم». وبعد فترة وجيزة من انتهاء هذا العلاج، تم العثور على «P. aeruginosa» بأمعاء المريض لأول مرة، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن بحث نشر بمجلة Nature Communications.
وبعد أن ظهرت مقاومة ضد «الميروبينيم» دون ردة فعل، بدا أن السلالة المقاومة في القناة الهضمية تهاجر مرة أخرى إلى رئتي المريض، مما يعرضه لخطر الإصابة بالالتهاب الرئوي المميت. لكن لحسن الحظ، بدأ الجهاز المناعي للمريض في التحسن ومن ثم قرر الإطباء خروجه من المشفى بعد أكثر من شهر.
يذكر أنه طوال فترة إقامة المريض في المشفى لم يُظهر فحص عينات الدم أي دليل على وجود عدوى P. aeruginosa على الإطلاق؛ فقط عينات التنفس ومسحات الشرج هي التي التقطت وجود البكتيريا، ما يعني أنه إذا لم يكن الأطباء يقظين فربما لم يكونوا يعرفون مدى شدة مرض مريضهم حقًا.
وعند دراسة التنوع الجيني لجميع البكتيريا التي تم جمعها من المريض خلال فترة وجوده بوحدة العناية المركزة، وجد الباحثون دليلاً على أن العدوى بدأت على الأرجح في القناة الهضمية قبل حوالى ثلاثة أسابيع من زيارة وحدة العناية المركزة، وانه بحلول اليوم الرابع والعشرين من الإقامة فيها بدأت العدوى في التطور واستقرت في رئتي المريض. وفي النهاية، تم العثور على سلالة مقاومة للمضادات الحيوية في كل من القناة الهضمية والرئتين، والتي يقول المؤلفون إنها توفر «دليلًا قويًا على انتقال العدوى من الأمعاء إلى الرئة» وربما تعود مرة أخرى.
وحسب مؤلفي الدراسة «يشير وجود هذه النسب في الرئة والأمعاء إلى أن مقاومة الميروبينيم تطورت في القناة الهضمية قبل انتقالها إلى الرئة، أو أن هذه السلالة تنتقل بشكل ثانوي من الرئة إلى القناة الهضمية بعد تطوير مقاومة الميروبينيم في الرئة». لكنهم يستدركون بالقول «من المهم عدم تقديم استنتاجات واسعة من دراسة حالة واحدة. غير ان المريض في إسبانيا يوفر فرصة فريدة لتتبع كيف يمكن للعدوى أن تتطور وتنتشر في الوقت الفعلي؛ فإذا كانت عدوى الأمعاء قادرة على الهجرة إلى الرئتين وتحمل معها مقاومة المضادات الحيوية، فقد يكون ذلك وسيلة مهمة للعدوى التي يحتاج الأطباء إلى أخذها في الاعتبار».
وفي هذا الاطار، أظهرت الدراسات أن استعمار الأمعاء غالبًا ما يسبق التهابات الرئة؛ حيث توجد السلالات نفسها بشكل شائع في كلا المكانين. فيما يشير كلا هذين الخطين من الأدلة إلى أن الأمعاء تعمل كمستودع للعدوى البكتيرية مثل Pseudomonas.
وفي ذلك يقول مؤلفو الدراسة «في حالة المريض هذه كانت المقاومة مدفوعة بانتشار سلالات مستقلة في الأمعاء والرئة تم تكييفها مع الاختلافات المحلية في تركيز المضادات الحيوية».
جدير بالذكر، تشير الأبحاث السابقة أيضًا إلى أنه عندما تهاجر مجموعات البكتيريا في الجسم، يمكن لحركتها في الواقع تسريع تكيفها مع المضادات الحيوية؛ فعلى سبيل المثال، أظهر المريض في إسبانيا المتصورة الزنجارية في أمعائه بعد بدء علاج الميروبينيم مباشرة. وربما يقترح الباحثون أن العلاج بالمضادات الحيوية سهّل انتقال هذا المرض من الأمعاء إلى الرئة عن طريق إزالة البكتيريا المنافسة التي عادة ما تبقي الزائفة تحت المراقبة.
وخلص الباحثون إلى أن الدراسة «تشير إلى أن منع استعمار الأمعاء أو انتقال العدوى من القناة الهضمية إلى الرئة قد يكون استراتيجية فعالة للوقاية من عدوى Pseudomonas في المرضى المصابين بأمراض خطيرة».


مقالات ذات صلة

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

صحتك استهلاك الأطعمة التي تحتوي على «أوميغا 3» و«أوميغا 6» مثل الأسماك الزيتية يقلل معدل خطر الإصابة بالسرطان (جمعية الصيادين الاسكوتلنديين)

أطعمة تقلل من خطر الإصابة بـ14 نوعاً مختلفاً من السرطان

وجدت دراسة أن استهلاك «أوميغا 3» و«أوميغا 6»، وهي الأحماض الدهنية التي توجد في الأطعمة النباتية والأسماك الزيتية، قد يؤثر على معدل خطر الإصابة بالسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.