حديث عن عزم «الإطار» وحكومة السوداني «اجتثاث» عهد الكاظمي

يتحدث كثير من المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي العراقي، هذه الأيام، عن سعي حثيث لقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي شكلت حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني، إلى «اجتثاث» عهد سلفه مصطفى الكاظمي. وتستند الأحاديث على سلسلة طويلة من الإجراءات الفعلية والمعلنة التي طالت الكاظمي نفسه، ومجموعة كبيرة من مساعديه، والمقربين منه؛ حيث قام محمد حسن جعفر، شقيق جمال جعفر المعروف بـ«أبو مهدي المهندس» الذي قتل مع قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني، بغارة أميركية مطلع عام 2020، برفع دعوى قضائية، أمس، ضد الكاظمي، بزعم مساهمته في عملية القتل، أيام كان يشغل إدارة جهاز المخابرات.
وإلى جانب الشكوى ضد الكاظمي، تتوالى عمليات الإزاحة من المناصب وأوامر إلقاء القبض على معظم المساعدين والشخصيات التي عملت وارتبطت بالكاظمي خلال رئاسته للوزراء (2020- 2022).
واليوم، أعلنت الهيئة العليا لمُكافحة الفساد عن صدور أمر استقدامٍ ومنع سفر بحقِّ الرئيس السابق لجهاز المُخابرات الوطني، ومدير مكتب الكاظمي السابق، رائد جوحي؛ على خلفية «تهمة التراخي في تنفيذ أمر القبض الصادر بحق أحد المُديرين العامين في الجهاز».
وبالتزامن، أصدر وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، أوامر بإقالة عدد من كبار الضباط من مناصبهم. ومن بين المناصب التي شملها التغيير: منصب وكيل الوزارة لشؤون الاستخبارات الذي كان يشغله الفريق أحمد أبو رغيف، أحد أبرز القيادات الأمنية المقربة من الكاظمي، وقد كلفه الأخير عام 2021 برئاسة لجنة خاصة لمكافحة الفساد، قبل أن تقوم المحكمة الاتحادية بإلغائها مطلع عام 2022، لعدم دستوريتها. وقبل ذلك، قام رئيس الوزراء، محمد السوداني، بإلغاء مئات الأوامر والتعيينات في المناصب الحكومية العليا، كان الكاظمي قد أصدرها خلال فترة تسيير الأعمال لحكومته بعد انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021.
ويعتقد عدد غير قليل من المراقبين المحليين، بعزم حكومة السوداني ومن ورائه قوى «الإطار التنسيقي»: «اجتثاث» عهد الكاظمي. ويرون أن «شيطنة عهد الكاظمي هي ما تحرك جماعات (الإطار) التي تتصرف وكأن إصلاح أوضاع البلاد يتمثل بإصلاح ما خربه الكاظمي».
ويقول مصدر مطلع على كواليس ما يجري، إن «الموضوع لا يتعلق باجتثاث عهد الكاظمي، إنما هي استراتيجية لتشويهه، مع أن (الإطاريين) أكثر القوى السياسية التي استفادت من ذلك العهد». ويضيف المصدر الذي فضَّل عدم الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تضخيم وشيطنة ما جرى في عهد الكاظمي، هدفه الأساس إعادة ترميم دولتهم العميقة؛ خصوصاً أن كثيرين من المسؤولين في حكومة الكاظمي أعيد استخدامهم في الحكومة الحالية؛ لكن وفق شروط المهيمنين الجدد. إنهم يسعون بحماس إلى إعادة هيكلة دولتهم العميقة التي اختل ميزانها قليلاً في عهد الكاظمي».
وتربط اتجاهات أخرى ما يجري من شيطنة لعهد الكاظمي، برغبة الجماعات الشيعية بمختلف توجهاتها، في إلقاء كل ما ارتكبته تلك الجماعات من فساد وسوء إدارة منذ نحو عقدين، على حكومة الكاظمي المعروفة بطابعها «المدني والعلماني»، بمعنى أن هذه الجماعات تسعى إلى استغلال الهفوات التي وقعت فيها حكومة الكاظمي أبشع استغلال، لإثبات أن الاتجاهات العلمانية والمدنية في البلاد لا تقل سوءاً عن الأحزاب الدينية، من حيث الفساد وسوء الإدارة. ومع ذلك، يستبعد مصدر مقرب من حزب «الدعوة الإسلامية» الذي يقوده نوري المالكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إمكانية أن تصل الأمور إلى تقديم الكاظمي إلى القضاء ومحاكمته، على الرغم من الدعوى المقامة ضده من عائلة أبو مهدي المهندس».