هولندا لتأمين العبور لثمن النهائي وصدارة المجموعة... وقطر لوداع مشرف

السنغال تخوض اختباراً معقداً ضد الإكوادور... وصراع ثلاثي على بطاقتي دور الـ16

لاعبو قطر خلال الاستعداد لخوض المغامرة الأخيرة في مونديالهم (أ.ف.ب)
لاعبو قطر خلال الاستعداد لخوض المغامرة الأخيرة في مونديالهم (أ.ف.ب)
TT

هولندا لتأمين العبور لثمن النهائي وصدارة المجموعة... وقطر لوداع مشرف

لاعبو قطر خلال الاستعداد لخوض المغامرة الأخيرة في مونديالهم (أ.ف.ب)
لاعبو قطر خلال الاستعداد لخوض المغامرة الأخيرة في مونديالهم (أ.ف.ب)

سيكون المنتخب القطري أمام فرصة أخيرة لوداع مشرف، عندما يواجه نظيره الهولندي الطامح لحسم تأهله للدور الثاني للمونديال وصدارة المجموعة الأولى، التي تشهد مباراة ساخنة بين السنغال والإكوادور.
صحيحٌ أن المنتخب القطري بات خارج حسابات كأس العالم 2022 لكرة القدم التي يستضيفها على أرضه، لكن «العنابي» الذي لم تُثمر مساعيه على مدى 12 عاماً في تقديم نتائج إيجابية، يأمل إنهاء المشوار بعرض يصالح به الجماهير، ولو قليلاً، رغم صعوبة المهمة أمام منافس مرشح للعب دور مهم على اللقب.
وبعد سنوات من التحضير وتوفير إمكانات هائلة، بات منتخب قطر أول مضيف لكأس العالم في كرة القدم يودع دور المجموعات بعد خوض مباراتين فقط، بعد تعرضه الجمعة لخسارة ثانية أمام السنغال 1 - 3 عقب السقوط افتتاحاً أمام الإكوادور 2 - صفر.

لاعبو هولندا واثقون من العبور للدور الثاني ولعب أدوار مهمة في البطولة (أ.ف.ب)

وأصبح الصراع يقتصر بين هولندا ومنتخبي السنغال والإكوادور على حجز بطاقتي الصعود إلى الأدوار الإقصائية، ويتقاسم منتخبا هولندا والإكوادور الصدارة برصيد 4 نقاط لكل منهما، ويملكان فارق الأهداف نفسه، (3 أهداف وسكن شباكهما هدف واحد)، ويتقدمان بفارق نقطة على منتخب السنغال، صاحب المركز الثالث.
ولم يقدم العنابي المستوى المأمول منه في الجولتين الأولى والثانية بالمجموعة، لذا يأمل تحقيق انتصار يظل عالقاً في ذاكرة محبيه، رغم صعوبة مهمته أمام المنتخب الهولندي العريق، الذي بلغ نهائي المونديال 3 مرات، ويسعى هذه المرة لتحقيق نتيجة إيجابية للمضي قدماً نحو البطولة.
وحملت الصحف القطرية، المدرب الإسباني فيليكس سانشيز، مسؤولية الإقصاء المبكر للمنتخب من دور المجموعات، في المونديال الذي يستضيفه على أرضه للمرة الأولى في الشرق الأوسط.
وتراوحت العناوين بين «خيبة أمل» و«خسارة مرة»، مع المطالبة بإقالة سانشيز، وإن كان هو صاحب الإنجاز التاريخي لقطر عندما قاد المنتخب إلى إحراز كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه قبل ثلاث سنوات.
ودافع سانشيز عن نفسه، مشيراً إلى أن ما حدث لا يعد فشلاً، وقال: «كان هدفنا أن نكون منافسين، وعملنا لعدة أشهر، كنا نتوقع تقديم عروض جيدة، لكن في بعض الأحيان لا تجري المباريات كما تأمل».

فالنسيا القوة الضاربة للإكوادور (رويترز)

وأضاف: «لم نكن في أعلى مستوى. ندرك مدى صعوبة هذه البطولة، وكنا نريد أن نذهب بعيداً، لكن الدوري المحلي ليس تنافسياً». ورغم عدم تمكنه من الاستمرار بالمونديال، إلا أن المنتخب القطري وضع بصمة بتسجيل أول هدف في تاريخهم بالبطولة عن طريق محمد مونتاري أمام السنغال.
من جانبه، تكفي منتخب هولندا نقطة التعادل للصعود للأدوار الإقصائية. ولم يقدم المنتخب الملقب بـ«الطواحين»، الذي يشارك للمرة الـ11 في تاريخه، العرض المنتظر منه، حيث عانى للتغلب على السنغال 2 - صفر في الدقائق الأخيرة من عمر مباراته الافتتاحية في كأس العالم، قبل أن يتعادل 1 - 1 مع منتخب الإكوادور في الجولة الثانية.
ورغم ذلك، يرى المدير الفني الخبير لويس فان غال، أن هولندا قادرة على المنافسة على اللقب، وقال عقب مباراة الإكوادور، «نحن لم نخسر في آخر 18 مباراة». ورد المدرب المخضرم عن إمكانية فوز فريقه بكأس العالم: «في بطولة دوري الأمم الأوروبية أظهرنا أنه يمكننا أن نكون جيدين، هناك أنواع مختلفة من الخصوم، نعم سنواجه منافسين أقوى، ولكنهم يلعبون بنفس أسلوبنا». وأعرب فان غال عن أسفه لنتيجة المباراة أمام الإكوادور قائلاً: «لم نلعب مباراة جيدة. لعبنا بشكل جيد عندما استحوذ الخصم على الكرة، ولكن ليس عندما كانت لدينا الكرة، هذه مشكلتنا».
وأضاف المدرب البالغ 71 عاماً، الذي قاد الطواحين إلى المركز الثالث في مونديال 2014: «علينا تحسين أسلوب الاستحواذ، يجب أن نعمل على ذلك».
وعن مواجهة قطر، قال فان غال أمس: «كل مباراة في هذه البطولة العالمية صعبة، وهذا يتضح من خلال النظر إلى النتائج، خصوصاً التعادلات السلبية والانتصارات الصغيرة. كل مباراة تختلف عن غيرها، ما يميز فريقنا هو أننا نبذل الجهد الكبير اللازم لتقديم أداء متميز، لا أظن أن هناك أي ضغوط تقع علينا بتحديد الهدف من المشاركة، وعلينا أن نسعى جاهدين نحو تحقيق هذا الهدف النهائي».
وأوضح: «لم أقل إننا يجب أن نفوز باللقب، وإنما قلت إننا قادرون على تحقيق اللقب، ويجب أن يكون اللاعبون مقتنعين بهذا الأمر».
من جانبه، قال فرنكي دي يونغ لاعب خط وسط المنتخب الهولندي، «كما قال المدرب، أظن أن المواجهة مع قطر ستكون صعبة، لدينا فريق متميز وقد أظهرنا ذلك عدة مرات، لدينا أربع نقاط وفرصتنا كبيرة في العبور للدور الثاني».
وستكون هذه هي المواجهة الرابعة لهولندا مع أحد المنتخبات العربية في كأس العالم، بعدما تعادل 1 - 1 مع مصر في مونديال 1990 بإيطاليا، والفوز 2 - 1 على منتخبي السعودية والمغرب في النسخة التالية، التي أقيمت في الولايات المتحدة الأميركية بعدها بأربعة أعوام.

السنغال والإكوادور
تدخل السنغال التي خسرت افتتاحاً أمام هولندا صفر - 2 ثم عادت وانتصرت على قطر 3 - 1 الجولة الثالثة من دون نجمها المهاجم ساديو ماني، أفضل لاعب أفريقي هذا العام وثاني أفضل لاعب في العالم بداعي الإصابة، لكنها تتعلق بأمل بلوغ الدور الثاني على حساب الإكوادور.
ويحتاج كل من المنتخب الإكوادوري مثله مثل هولندا لنقطة التعادل لبلوغ الدور ثمن النهائي، أما السنغال، فلا بديل عن الفوز أو التعادل مع خسارة هولندا، وأن يصب فارق الأهداف العام لمصلحة بطلة أفريقيا.
وكان المنتخب السنغالي الطرف الأفضل في معظم فترات لقائه مع هولندا، رغم خسارته صفر – 2، ثم أظهر «أسود التيرانجا» المزيد من قدراته، ليحقق فوزاً مقنعاً على أصحاب الأرض 3 - 1 لينعش آماله في مواصلة طريق البطولة.
ويبحث منتخب السنغال عن تحقيق انتصاره الأول على أحد فرق أميركا الجنوبية، بعدما تعادل 3 - 3 مع الأوروغواي بنسخة 2002، وخسر صفر - 1 أمام كولومبيا في المونديال الماضي بروسيا عام 2018.
وشدد أليو سيسيه، المدير الفني لمنتخب السنغال، على جاهزية فريقه لمواجهة نظيره الإكوادوري، وقال: «هدفنا الفوز وتأكيد عبورنا للدور الثاني، كنا محبطين بعد الخسارة أمام هولندا، وجاء الفوز على قطر كدافع كبير لنا من أجل التفوق في اللقاءات المقبلة».
وتابع: «يمكن تتويج السنغال أو أي منتخب أفريقي أو آسيوي بكأس العالم، فالأمر تغير تماماً عن الماضي، وأعتقد أن المونديال الحالي سيكون شيقاً للغاية».
وأضاف: «أنا من بلد لا يحب الخسارة، نحن متعطشون دائماً للفوز، لن نتقبل عدم التأهل إلى دور الـ16. نحن بحالة جيدة، ونتعامل مع الضغط، بالنسبة لي هذا ضغط جيد، الفوز سيسمح لنا بمواصلة مغامرتنا، وهذا بالضبط ما ننوي فعله. في 2018 كنا نبحث عن التعادل بينما كان الفوز سيصب في مصلحتنا، لكن الأمر مختلف الآن. نملك فريقاً قوياً وصاحب خبرة. لدينا الخليط المناسب من أصحاب الخبرة والشبان. اللاعبون اعتادوا على مثل هذه التحديات».
وفي غياب ماني، تعول السنغال على سلاحها الحالي بولايي ديا للتعويض، فإن الإكوادور أيضاً قد تخسر جهود هدافها وقائدها إينر فالنسيا.
ويأمل المهاجم الإكوادوري الذي سجل في شباك هولندا (1 - 1)، أن يتمكن من لعب المباراة الحاسمة و«الاستمرار في مساعدة الفريق».
وسجل فالنسيا الأهداف الإكوادورية الثلاثة في كأس العالم الحالية، منهم هدفا الافتتاح أمام قطر، وهي المباراة التي تعرض خلالها للإصابة في كاحله الأيمن. وبات فالنسيا (33 عاماً) هو صاحب آخر 6 أهداف سجلها منتخب الإكوادور في المونديال، عقب تسجيله أيضاً آخر 3 أهداف بكأس العالم 2014 بالبرازيل. كما أصبح فالنسيا أول لاعب في تاريخ المونديال يسجل هذا العدد من الأهداف المتتالية لأحد منتخبات أميركا الجنوبية.
ورغم ذلك، فإن جماهير المنتخب اللاتيني تحبس أنفاسها، بعد الإصابة التي تعرض لها مهاجم فناربغشه التركي خلال مواجهة هولندا، التي تسببت في خروجه من ملعب المباراة على «محفة»، لتصبح مشاركته في المواجهة الحاسمة أمام السنغال محل شك.
وأعرب الأرجنتيني جوستافو ألفارو مدرب الإكوادور، عن ثقته في لحاق فالنسيا بمواجهة السنغال، وقال أمس: «لسوء الحظ، يعاني فالنسيا من التواء في الركبة لكنه يمتلك قلباً كبيراً، ويريد أن يشارك في كل معركة من أجل منتخبنا الوطني». وأضاف: «إنه يريد أن يكون هناك، وبالطبع، قيادته شيء نحتاجه دائماً... إنه لاعب غير عادي. وشخص كنت سأختاره دائماً لفريقي، نعمل على تجهيزه للمباراة».
واستدرك المدرب الأرجنتيني قائلاً: «إذا لم يكن جاهزاً منذ البداية، آمل أن يكون حاضراً في مرحلة ما، لدي ثقة به لأنني أعرف أنه سيرغب في الوجود هناك. إنه مشاكس وعنيد».
واستبعد ألفارو إمكانية أن يلعب فريقه على التعادل أمام السنغال، حيث قال «لا يمكننا تغيير أسلوب لعبنا وجوهرنا فقط. نحن لا نفكر في الحصول على نقطة، أخبرت لاعبي فريقي أننا إذا لعبنا على التعادل، فلن ننجح. نحن بحاجة لأن نكون أبطالاً. هذا هو أسلوب لعبنا».
من جهته، قال فالنسيا، «لعبت المباراة السابقة رغم الألم، آمل أن أكون أفضل ضد السنغال... أهم شيء هو أنني أستطيع مساعدة المجموعة، ويمكننا الاستمرار في أن نكون أقوياء، وأن نحلم بأحلام كبيرة... الحقيقة هي أن فريقنا يقدم أداءً جيداً، ولديه القوة والثقة الكبيران وهذا الأهم. سنستعد لهذه المباراة ونحن نعلم أنها ستكون بمثابة النهائي».


مقالات ذات صلة

نيمار يغادر معسكر البرازيل بسبب الإصابة

رياضة عالمية نيمار (أ.ف.ب)

نيمار يغادر معسكر البرازيل بسبب الإصابة

اضطر النجم نيمار إلى مغادرة معسكر المنتخب البرازيلي الذي استدعي إليه مجدداً بعد غياب دام عاماً ونصف عام، بسبب مشكلة بدنية وفقاً لما أعلنه المدرب دوريفال.

«الشرق الأوسط» (ساوباولو)
رياضة عالمية هاجيمي مورياسو مدرب اليابان خلال المؤتمر الصحافي (أ.ف.ب)

مدرب اليابان: حسم التأهل أمام البحرين سيساعدنا بتجربة اللاعبين في بقية التصفيات

أعلن المنتخب الياباني قائمة لاعبي المنتخب، الذين سيشاركون في مباراتي التصفيات الآسيوية النهائية لكأس العالم 2026 أمام منتخب البحرين، ثم منتخب السعودية.

نواف العقيّل (الرياض )
رياضة عالمية عيسى ديوب مدافع فولهام الإنجليزي إبان لعبه لوست هام (رويترز)

الركراكي: ديوب لم يظهر رغبته في تمثيل المغرب

قال وليد الركراكي مدرب منتخب المغرب، الجمعة، إن عيسى ديوب مدافع فولهام الإنجليزي لم يظهر رغبته في تمثيل المغرب.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
رياضة عالمية توني بوبوفيتش مدرب أستراليا (رويترز)

أستراليا تستدعي 6 لاعبين جدد لتصفيات المونديال

أعلن توني بوبوفيتش مدرب أستراليا، الجمعة، قائمةً من 26 لاعباً، تضم 6 لاعبين لم يسبق لهم اللعب دولياً، من بينهم 3 من لاعبي قلب الدفاع.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
رياضة عربية عبد الكريم حسن سيعود لقائمة العنابي بعد غياب طويل (الشرق الأوسط)

تشكيلة العنابي تشهد عودة عبد الكريم حسن بعد غياب طويل

شهدت قائمة المنتخب القطري لكرة القدم تغييرات واسعة بعودة أسماء خبيرة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة )

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.