الجوع يدفع سكاناً في صنعاء للبحث عن الطعام في أكوام النفايات

امرأتان في صنعاء دفعهما الجوع للبحث عن بقايا الطعام في مكب للنفايات (فيسبوك)
امرأتان في صنعاء دفعهما الجوع للبحث عن بقايا الطعام في مكب للنفايات (فيسبوك)
TT

الجوع يدفع سكاناً في صنعاء للبحث عن الطعام في أكوام النفايات

امرأتان في صنعاء دفعهما الجوع للبحث عن بقايا الطعام في مكب للنفايات (فيسبوك)
امرأتان في صنعاء دفعهما الجوع للبحث عن بقايا الطعام في مكب للنفايات (فيسبوك)

دفعت الظروف المعيشية الصعبة واتساع رقعة الفقر وانقطاع الرواتب وانعدام فرص العمل كثيراً من السكان في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية إلى البحث عن بقايا طعام وسط أكوام المخلفات لسد رمقهم وأطفالهم، بحسب ما وثقه ناشطون يمنيون.
وأظهرت صور متداولة على منصات التواصل الاجتماعي قبل أيام نساء يمنيات في منطقة شميلة جنوب صنعاء وهن يبحثن عن قوتهن وقوت أطفالهن في أكوام القمامة، الأمر الذي أثار سخطاً واسعاً ضد الحوثيين الذين يتجاهل قادتهم معاناة اليمنيين مع حرمانهم من الحصول على أبسط الحقوق.
جاء ذلك مع توالي التحذيرات الأممية بأن نحو 25.5 مليون نسمة في اليمن من إجمالي السكان البالغ 30 مليون نسمة باتوا يعيشون تحت خط الفقر، وبحاجة ماسة إلى الدعم أكثر من أي وقت مضى.
ويرى سكان وناشطون في صنعاء أن سبب ظهور حالات البحث عن الطعام بين النفايات يعود إلى الحالة الإنسانية المزرية التي وصل إليها اليمنيون جراء الفقر وانقطاع المرتبات وانعدام فرص العمل وفقد العائل، حيث تحول الأمر إلى ما يشبه الظاهرة.
ويقول إبراهيم وهو أحد السكان بحي شميلة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن توثيق ناشطين لنساء في صنعاء يبحثن عن الطعام بين أكوام القمامة ليس سوى مجرد نموذج بسيط من بين مئات المشاهد المحزنة جراء الفقر والجوع والحرمان.
وأضاف: «باستطاعة أي شخص اليوم القيام بجولة واحدة لبعض حواري وأزقة صنعاء العاصمة وعندها سيشاهد العشرات من النساء والكهول والأطفال الذين يتخذون من مكبات النفايات بتلك المناطق مصدراً أساسياً للبحث عن بقايا الطعام».
في تعليق له يقول المحلل العسكري اليمني محمد الكميم: «إن المشهد يبكي كل من له قلب بينما الحوثيون يعيشون رغد العيش وبدروماتهم عفنت من كثرة الأموال المكدسة وهم مستمرون بالمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني بكل قبح وخبث وإجرام وإرهاب».
وعلق مغرد آخر يدعى عبده الصوفي على «فيسبوك» قائلاً: «بينما قيادات ميليشيا الإرهاب الحوثية تنهب المليارات لتبني وتشتري العقارات وتفتح الشركات الخاصة بها نشاهد اليوم عائلات يمنية تخرج من منازلها لتبحث في أكوام القمامة عما تسد به جوعها».
وتقول مغردة يمنية تعليقاً على هذه المشاهد: «إذا لم تحرك هذه الصور حمية وغيرة رجال صنعاء للوقوف وقفة رجل واحد ضد جماعة النهب والسلب والتجويع الحوثية فعلى الدنيا السلام».
وتضيف: «النساء اليمنيات بمناطق الحوثيين لا يزلن يعانين أشد الويلات والإذلال بفعل حرمانهن من أدنى حقوقهن وتحميلهن أعباء ومشاق إضافية تفوق طاقاتهن، بعد أن قتلت الميليشيات أزواجهن وخطفت أولادهن».
ويرى ناشط حقوقي آخر أن عبث الميليشيات الحوثية المتكرر بالمال العام وسياسات القمع والنهب والسلب المنظمة التي تنتهجها يعد من العوامل الرئيسية التي أجبرت السكان الفقراء بمناطق سيطرتها على البحث عن الطعام في مخلفات القمامة».
ورغم إعلان تقارير دولية أن نحو 19 مليون يمني سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال الستة الأشهر المقبلة، إضافة إلى نحو 2.2 مليون طفل من المحتمل أن يتعرضوا للهزال، فإن الجماعة الانقلابية لا تزال تواصل تبديد أموال الزكاة عبر تخصيصها لغرض تنظيم حفلات الزواج للآلاف من عناصرها وجرحاها، وتنفيذ عمليات استقطاب جديدة إلى جبهات القتال.
وكانت ثلاث منظمات أممية قد تحدثت في تقرير سابق لها عن أن أزمة الجوع الشديدة في اليمن تتأرجح على حافة كارثة صريحة حيث يحتاج ما يصل إلى 17.4 مليون شخص الآن إلى مساعدات غذائية، كما تتعامل نسبة متزايدة من السكان مع مستويات طارئة من الجوع.
وقال برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو) و«يونيسيف» في تقرير سابق مشترك إن الوضع الإنساني في اليمن يستعد لأن يزداد سوءاً، حيث من المحتمل أن يصل عدد الأشخاص الذين يحتمل ألا يتمكنوا من تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية في اليمن إلى رقم قياسي يصل إلى 19 مليون شخص.
وأظهر التقرير حينها ارتفاعاً في مستوى سوء التغذية الحاد المستمر بين الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء اليمن، حيث يعاني 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بما في ذلك ما يقرب من نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم وهي حالة تهدد الحياة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».