إعادة الحديث عن «لوكربي» تزيد من أزمات حكومة الدبيبة

وسط تباين سياسي حول تراجع شعبيتها

صورة أرشيفية لطائرة «بان أميركان» التي سقطت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 1988 (غيتي)
صورة أرشيفية لطائرة «بان أميركان» التي سقطت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 1988 (غيتي)
TT

إعادة الحديث عن «لوكربي» تزيد من أزمات حكومة الدبيبة

صورة أرشيفية لطائرة «بان أميركان» التي سقطت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 1988 (غيتي)
صورة أرشيفية لطائرة «بان أميركان» التي سقطت فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في 1988 (غيتي)

انقسم سياسيون ليبيون حول أداء حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فبينما ذهب البعض إلى أنها باتت محاصرة بالأزمات، لا سيما بعد الخلاف مع المجلس الأعلى للدولة، والحديث مجدداً حول قضية «لوكربي»، رأى آخرون أنها «لا تزال تعمل على خدمة المواطنين، دون أي تأثر».

ورأى عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف الأخير بين رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، والدبيبة، «أحكم الحصار حول حكومته من الناحية التشريعية»، وخصوصاً في ظل قيام مجلس النواب بسحب الثقة منها منذ سبتمبر (أيلول) العام الماضي.

ويعتقد الزرقاء بأنه «لم يعد لدى هذه الحكومة أي حلفاء في الساحة الداخلية... هي تعتمد الآن على دعم بعض الدول التي تتحالف معها لتحقيق مصالح وأهداف سياسية خاصة بها، وفي مقدمتها تركيا والمملكة المتحدة، فالأولى تمتلك قوات على الأراضي الليبية، والثانية تستطيع دعمها دولياً، وهناك أيضاً بعض التشكيلات المسلحة المتمركزة بالعاصمة».

واستدرك: «هناك أيضاً من يُعرَفون بأنصار المفتي المعزول من مجلس النواب، صادق الغرياني، وهم الأكثر تشدداً ضمن تيارات الإسلام السياسي في ليبيا، وبالطبع قبل هؤلاء جميعاً يوجد تحالفها مع محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، وهو تقريباً التحالف الذي يدعم احتفاظ الدبيبة بموقعه حتى اللحظة الراهنة».

وكان المشري اتهم حكومة الدبيبة بتحريض إحدى المجموعات المسلحة على منع انعقاد جلسة مجلسه في طرابلس، التي كانت تستهدف مناقشة ملفي المناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية.

ولفت الزرقاء إلى واقعة رفض وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، استقباله من قبل وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش بمطار معيتيقة الدولي بالعاصمة الليبية، واعتبر ذلك مؤشراً على «تخبط السياسة الخارجية لحكومة الدبيبة، وانحيازها المتواصل لتركيا».

وعلى الرغم من إعلان وزارة العدل بحكومة «الوحدة» أن ملف قضية «لوكربي» قد أُقفل بالكامل من الناحيتين السياسية والقانونية، وذلك بنص الاتفاقية التي أُبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة الأميركية في عام 2008، فإن ذلك لم يقفل باباً من التساؤلات والانتقادات اللاذعة من سياسيين ونشطاء حول مسؤولية الحكومة ورئيسها عن خطف المواطن أبو عجيلة مسعود، الذي ذكر اسمه بتحقيقات قضية لوكربي.

واعتبر عضو مجلس النواب، محمد العباني، أن «التشكيلات المسلحة هي القوة المساندة لبقاء تلك الحكومة في الحكم، وليس الدعم الخارجي»، ورأى أن «السلطة الفعلية ليست بيد حكومة الدبيبة، ولم تكن يوماً بيدها أو بيد أي حكومة تعاقبت على حكم ليبيا منذ عقد كامل، وإنما كانت ولا تزال بيد التشكيلات التي تفرض ما تريده بقوة سلاحها».

ويختلف العباني مع من يطرحون أن الدبيبة فقد كل حلفائه محلياً، وقال: «العجلة لا تدور عبر حركة ترس واحد أو ترسين، وإنما عبر حركة كثير من التروس من رجال أعمال وأصحاب مصالح، ربما شارك أغلبهم في نهب المال العام»، متابعاً: «هناك أيضاً حلفاء مستترون لرئيس الحكومة في مجلس النواب، وفي مؤسسات أخرى حتى اللحظة الحالية».

واختلف عضو مجلس النواب، سالم قنيدي، مع الآراء السابقة، وقال إن حكومة الدبيبة «لا تزال تعمل وتقدم الخدمات للمواطنين دون أي تأثر بما يثار حولها».

وأضاف أن «الحديث عن حصار الحكومة بالأزمات هو مجرد نوع من الدعاية من خصومها... أنا لست في جانب تلك الحكومة، ولكني أرى أنها تعمل بشكل طبيعي ولديها شعبية واضحة بالشارع؛ بسبب ما تقدمه من خدمات خصوصاً بالعاصمة، أما قضية أبو عجيلة فهي حتى الآن رهن التحقيق لمعرفة ملابساتها، والصورة لم تتضح بعد».

وقال قنيدي: «هناك قطاع داخل (الأعلى للدولة) لا يزال يؤيد تلك الحكومة، بل إن هناك استدارة داخل البرلمان نفسه، وهناك من نوابه من عاد لتأييدها جراء خيبة أمله في أداء الحكومة التي كلفها البرلمان قبل تسعة أشهر برئاسة فتحي باشاغا، والتي لم تستطع فعل أي شيء».

أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فاعتبر أن «الأجسام الليبية كافة باتت تواجه أزمة فيما يتعلق بشرعيتها»، ورأى أن حكومة الدبيبة «تواجه أزمات عديدة».

وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن النزاع بين الدبيبة والمشري أفقد حكومة «الوحدة» «ما يوصف بأنه بيتها الداخلي، والراعي السياسي الأهم لها في المنطقة الغربية».

وعلى الرغم من إقراره «بنجاح خصوم الدبيبة، خصوصاً مجلسي النواب والأعلى للدولة في استغلال كل أخطاء الحكومة»، خصوصاً ما يتعلق بقضية (لوكربي)، فإن المهدوي، اعتبر ذلك «ليس كافياً لإنقاذهما من مأزق فقدان الشرعية أو تنامي الغضب الشعبي تجاههما في ظل إخفاقهما المتكرر في التوصل لإطار دستوري وقانوني ينظم إجراء الانتخابات، مما يعكس تشبثهما بالسلطة».

وانتهى إلى أن «كثيراً من الشخصيات السياسية الوطنية بالأحزاب والمجتمع المدني بدأت بالبحث عن مسار جديد، وهو ما ترصده البعثة الأممية بوضوح».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».