كشف مسؤولون حكوميون رفيعون في السعودية عن توجهات جادة نحو تفعيل التطوير والابتكار والبحث في إطار خطة تحول البلاد، إذ أفصحوا عن قرب الانتهاء من استراتيجية معدة مخصصة لشأن البحث والتطوير، في وقت شدد مؤتمر تم تنظيمه بحضور وزراء سعوديين على التكامل بين الجامعات ومنظومات الاقتصاد في البلاد.
التكامل والشراكات
وبينما حظي موظفو الدولة والقطاع الخاص بإجازة استثنائية بأمر خادم الحرمين، أمس الأربعاء، مع تحقيق المنتخب الوطني فوزه على منتخب الأرجنتين، انطلقت فعاليات المؤتمر الحواري الأول الذي انعقد بعنوان «التكامل والشراكات المستدامة» تنظمه وزارة التعليم على مدار يومين في الرياض، إذ أكد وجود إمكانية تطوير منظومة البحث والابتكار في الجامعات السعودية وتحويلها إلى قيمة استثمارية، ومنتجات اقتصادية.
ودعا المتحدثون من وزراء ومسؤولون، إلى أهمية التكامل بين مختلف القطاعات من خلال ربط منظومة البحث والابتكار في الجامعات مع القطاع الخاص والقطاع التنموي للمساهمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
استراتيجية التطوير
وأفصح، من جانبه، وزير الاستثمار السعودي المهندس خالد الفالح، عن قرب الانتهاء من استراتيجية متكاملة للبحث والتطوير في المملكة قريبا، حيث شدد خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الشراكات المستدامة على أن مسؤولية الجامعات ستكون كبيرة لكسب ثقة المنظومة الحكومية في ظل تلك الاستراتيجية المتكاملة.
وأفاد الفالح بأن «استفادة الاقتصاد من التقنية وتحقيقه التنافسية يستند إلى المنبع وهي منظومة الجامعات، وفي آخر سلسلة البحث والتطوير وفي الوسط هناك تحديات يجب أن تعمل عليها منظومة الحكومة لتجنب ما يطلق عليه (وادي الموت) عندما تتعثر التقنيات في الوصول إلى المنتج التجاري».
الإنفاق الجامعي
وزاد وزير الاستثمار أن الإنفاق على الجامعات في البحث والتطوير يجب أن يكون مناسبا لقدرات الجامعات، وهو ما يجعل على الجامعات مسؤولية كبيرة لتكسب الثقة من المنظومة الحكومية في ظل الاستراتيجية الجديدة التي ستطلَق قريبا لمنظومة البحث والتطوير.
ويؤكد الفالح على ضرورة تحويل العقول البحثية في الجامعات السعودية إلى قيمة استثمارية وتطويرها، مشددا على أهمية الاستثمار في البحث والتطوير والابتكار، وتنمية الاقتصاد الكلي الذي يتطلب الاستثمار في منظومة التطوير والابتكار.
ميزانية خاصة
من ناحيته، أبان وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، أن استراتيجية الابتكار ستدعم الناتج المحلي وسترفع من صادرات المملكة، مفيدا بأنه سيتم تخصيص ميزانية خاصة بالبحث والتطوير في جميع الجهات الحكومية. ولفت الخريف إلى أن المملكة تملك مقومات تجعل طموحاتها كبيرة وأهدافها بعيدة، على حد تعبيره.
وأوضح أن ما حدث في منظومة البحث والتطوير والابتكار من إعادة هيكلة وخلق التناغم المطلوب بين مكونات هذه المنظومة لتحقيق عائد اقتصادي منها، أمر أصبح واقعًا، مشيرا إلى أن الأولويات التي تم تحديدها تغطي الريادة في الطاقة والصناعة والتي تعني التقدم على الآخرين.
وأشار وزير الصناعة والثروة المعدنية إلى أن إعادة هيكلة منظومة البحث والتطوير والابتكار وتوفير تناغم بين جميع قطاعات المنظومة أسهما في تعزيز فرص تحقيق عائد اقتصادي، مؤكدا على أهمية ارتباط البحث والابتكار بالصناعة والطاقة والصناعات العسكرية والتقنية.
وأفاد بأن الوزارة تدعم من خلال الاستراتيجية الوطنية للصناعة منظومة البحث والتطوير والابتكار بما يسهم في الصادرات وتوفير الفرص الوظيفية والاستثمارية.
أهداف التنمية
إلى ذلك، أبان وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، أن الوزارة تحرص على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل إنها مسؤولة عن تنسيق الجهود في القطاع العام والخاص لتحقيق تلك الأهداف، مشددا على أن تحقيق الأهداف يمكّن السعودية وسيساعدها في تحقيق مستهدفات رؤية 2030.
وبينما يرى الإبراهيم خلال مشاركته في مؤتمر الشراكات المستدامة لوزارة التعليم، أن أكبر تحد يواجه بلاده على المدى البعيد يتمثل في تنويع مصادر الدخل ورفع مستوى الإنتاجية، فإنه لفت إلى أن السعودية تعمل على استغلال صغر متوسط عمر السكان، عن طريق استثمار الحالة الديموغرافية في البلاد بالاستثمار في رأس المال البشري.
سوق العمل
وقال الإبراهيم «السعودية تمتلك فرصة للاستفادة من العائد الديموغرافي المتمثل في ارتفاع الداخلين لسوق العمل أكثر من الخارجين منه بحكم انخفاض متوسط عمر السكان في السعودية»، مستطردا «مستوى الوصول إلى المنافع العامة والخدمات في السعودية، مرتفع جدا، مما يساعد في خلق الفرص والوظائف في السعودية».
وأضاف وزير الاقتصاد والتخطيط أن «المملكة ما بين المرحلة الأولى والثانية في العائد الديموغرافي، الذي يُمكن المجتمعات من دخول أكبر عدد من السكان في سوق العمل، ونحن أمام فرصة لاستثمار وتنمية رأس المال البشري بحيث نوفر فرصاً أكبر أمام الشباب السعودي ليصبحوا عناصر نمو في الإنتاجية».
مبادرات المنظومة
من جانب آخر، أكد وزير التعليم يوسف البنيان أن السعودية تملك فرصاً ثمينة للمنافسة في السوق العالمية، حيث قال «لدينا 3 محطات في الثورة الصناعية الرابعة... كما لدينا فرص واعدة لتدريب وتوظيف الشباب؛ لصناعة جيل مبتكر». وأضاف إلى ذلك أهمية العمل لكي تستفيد الجامعة والباحثون من عائد استثماري على كل بحث تقدمه، مشيرا إلى أن هذا التوجه سيؤدي لتحفيز الباحثين والجامعات وتحقيق طموح السعودية فيما يخص البحث والابتكار. وزاد أن محفز البحث والتطوير هو إعطاء مساحة من حرية التفكير وقبول المخاطر وتقبل الأخطاء، وكذا التكامل بين الجامعات والقطاع الخاص، مفصحا عن العمل على مجموعة من المبادرات والبرامج التي تدعم منظومة البحث والابتكار في الجامعات.