«إعلان فاس» يؤكد على حرية التعبير والمعتقَد لمحاربة أشكال التعصب والتفرقة

جرى اعتماده خلال الاجتماع رفيع المستوى لـ«مجموعة أصدقاء تحالف الحضارات»

أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
TT

«إعلان فاس» يؤكد على حرية التعبير والمعتقَد لمحاربة أشكال التعصب والتفرقة

أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)
أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في الجلسة الافتتاحية للمنتدى (الشرق الأوسط)

دعا «إعلان فاس»، الذي جرى اعتماده، مساء اليوم (الأربعاء)، خلال الاجتماع رفيع المستوى لـ«مجموعة أصدقاء تحالف الحضارات في المغرب»، إلى «التنفيذ الكامل لما تم التوافق عليه، والالتزام التام به في منتدى فاس حتى تتمكن الحكومات، بدعم من المجتمع المدني، من تجاوز التحديات، والتقدم نحو أهداف العيش المشترك في مجتمعات سلمية ودامجة، تحقيقاً للتنمية المستدامة».
ورحب «إعلان فاس» بطلب غينيا الاستوائية استضافة الاجتماع الإقليمي الأفريقي لتحالف الحضارات للأمم المتحدة في سنة 2023، وكذلك الطلب الذي تقدمت به البرتغال باستضافة المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات للأمم المتحدة بلشبونة سنة 2024. ونوه بعقد المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات للأمم المتحدة للمرة الأولى في القارة الأفريقية، وتحديداً في مدينة فاس، المدينة الروحية والعريقة، مشيداً بالالتزام التام للمغرب، البلد المضيف، تحت قيادة الملك محمد السادس، بجعل هذا المنتدى فضاء مثمراً لتعزيز التفاعل الإنساني وتشجيع الحوار والسلام.
وسجل المشاركون أن «حرية التعبير وحرية المعتقد مترابطتان بشكل وثيق، وتعززان بعضهما»، مشددين على «الدور الذي يمكن أن تضطلع به هذه الحقوق في محاربة جميع أشكال التعصب والتفرقة القائمة على الدين أو المعتقد».
واعتبروا أن «احترام التنوع والحقوق الثقافية لجميع الأشخاص، وفقاً للمعايير الدولية، يعزز التعددية الثقافية، من خلال المساهمة في تبادل أوسع للمعرفة، وفهم أفضل للسياق الثقافي، بما يعزز ضمان حقوق الإنسان، والتمتع بها في جميع أنحاء العالم، ويوطد علاقات مستقرة وودية بين شعوب وأمم العالم أجمع».
كما أعرب المشاركون عن «انشغالهم العميق» باستخدام تكنولوجيا المعلومات الحديثة، مثل الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لغايات تتعارض مع احترام القيم الإنسانية، مؤكدين أن تكنولوجيا المعلومات تحدث تغييراً جذرياً في طريقة تفاعل الأفراد والمجتمعات وتزجية الوقت، مع بروز آثار جديدة وغير متوقَّعة على الصحة والمجتمع، كثير منها إيجابي، وبعضها مثير للقلق.
وأدان «إعلان فاس» كل دعوات الكراهية التي تشكل تحريضاً على التمييز والعداء والعنف، سواء من خلال توظيف الصحافة المكتوبة، أو المسموعة أو المرئية أو الإلكترونية، أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى. وأكد الحاجة إلى وضع وتنفيذ سياسات وخطط عمل، واستراتيجيات ذات صلة بتعزيز التربية الإعلامية والمعلوماتية، وإذكاء الوعي والقدرة على الوقاية من التضليل الإعلامي وخطاب الكراهية، وتتبعه والتصدي له. كما جدد «إعلان فاس» أيضاً التأكيد على الالتزام السياسي بالركائز الخمس لعمل تحالف الحضارات، المتعلقة بالشباب والتعليم والهجرة والإعلام والمرأة، مبرزاً العمل المنجز في هذه المجالات، ودورها البناء في تعزيز قيم الوقاية من النزاعات والوساطة والمصالحة.
وحث المشاركون التحالف على مواصلة عمله بالتعاون مع الحكومات والمنظمات الدولية والمؤسسات، ومنظمات المجتمع المدني، وكذا وسائل الإعلام. بينما أكد «إعلان فاس» على الدور المهم لمنتدى تحالف الأمم المتحدة لحوار الحضارات، باعتباره منصة للحوار بين الثقافات والأديان، وفضاء لتشجيع التعاون والتضامن والأخوة الإنسانية.
كما دعا المشاركون إلى مواصلة المنتدى تعزيز وتوسيع التزامه تجاه القيادات والفاعلين الدينيين، وتمكينهم من فرص الحوار بين الأديان، من أجل نشر قيم التسامح والاحترام والتفاهم المتبادل ونبذ العنف، معلنين أيضاً أن المنتدى حقق هدفه الرئيسي؛ بجعل تحالف الحضارات للأمم المتحدة التزاماً عالمياً حقيقياً بأهداف شاملة، وكذا التحسيس بالحاجة الملحة إلى النهوض بريادة مسؤولة في جميع مجالات العمل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.