لندن تعد استهداف أوكرانيا ميناء نوفوروسيسك تحدياً استراتيجياً لأسطول روسيا

واشنطن: قوانين جرائم الحرب تنطبق على «الدولة المعتدية والدولة المدافعة على حد سواء»

سفن الأسطول الروسي خلال مناورات في البحر الأسود في بداية العام الحالي (رويترز)
سفن الأسطول الروسي خلال مناورات في البحر الأسود في بداية العام الحالي (رويترز)
TT

لندن تعد استهداف أوكرانيا ميناء نوفوروسيسك تحدياً استراتيجياً لأسطول روسيا

سفن الأسطول الروسي خلال مناورات في البحر الأسود في بداية العام الحالي (رويترز)
سفن الأسطول الروسي خلال مناورات في البحر الأسود في بداية العام الحالي (رويترز)

اعتبرت لندن في تحديثها الاستخباري اليومي عن حرب أوكرانيا، بأن «هجوماً» وقع يوم 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري على محطة نفطية تقع بالقرب من القاعدة البحرية الروسية سيمثل، على الأرجح، تحدياً استراتيجياً إضافياً لـ«أسطول البحر الأسود» الروسي. كما أنه سيقوض النفوذ البحري الروسي المنخفض بالفعل في البحر الأسود. وقالت الوزارة إن «التفاصيل الكاملة بشأن هذا الحادث لم تتضح بعد». واعتبر التقرير البريطاني حقيقة أن ميناء نوفوروسيسك أصبح الآن في مرمى الأوكرانيين أيضاً يمثل تهديداً لسفن الإنزال الروسية المتمركزة هناك.
كما تعرضت منطقة بيلغورود الروسية المتاخمة لأوكرانيا لقصف أوكراني مما أودى بحياة ثلاثة أشخاص، على ما ذكر الثلاثاء حاكم المنطقة التي تستهدفها القوات الأوكراني بشكل متكرر وحيث يتم فيها بناء خطوط دفاعية.
وقال فياتشيسلاف غلادكوف، حاكم منطقة بيلغورود، على تلغرام إن امرأة لقيت حتفها إثر تعرضها لصدمة دماغية خلال قصف في شيبيكينو، وهي بلدة تبعد ثمانية كيلومترات عن أوكرانيا. وأضاف المصدر أن شخصين قتلا في انفجار «ذخيرة مجهولة» بقرية ستاروسيلي المحاذية لأوكرانيا، حيث تسري حالة الطوارئ منذ 27 أكتوبر (تشرين الأول)، بحسب الحاكم. وتتعرض البلدات والبنى التحتية في المنطقة بانتظام للقصف، وغالباً ما يكون دامياً، وتنسبه موسكو إلى الجيش الأوكراني.
كما استهدفت عاصمة المنطقة، واسمها بيلغورود أيضاً، بضربات مباشرة مرات عدة. وأشار الحاكم إلى خطوط دفاعية قيد البناء على الحدود، دون أن يحدد مسافتها أو موقعها. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عنه قوله «منذ أبريل (نيسان)، نعمل بجد على تحصين حدودنا»، مضيفاً أن هذا العمل يتم «على نطاق واسع» دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. ونشر المحافظ الثلاثاء صوراً تظهره وهو يتفقد الموقع. وتبدو فيها رافعة تقوم بوضع أهرامات إسمنتية مضادة للدبابات على طول طريق وحفارة تحفر.
في الأسبوع الماضي، أعلنت روسيا عن بناء تحصينات في شبه جزيرة القرم التي ضمتها. وأمر رئيس مجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسي يفغيني بريغوجين الجمعة، ببناء خطوط دفاعية في منطقتي بيلغورود وكورسك الروسيتين، وكذلك في منطقة لوغانسك التي تحتلها موسكو في شرق أوكرانيا.
وكشف التقييم الاستخباراتي البريطاني، مستنداً إلى تقارير إعلامية روسية وأوكرانية، أن ما يشتبه أنه هجوم أوكراني على مستودعات نفطية بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي يظهر مدى ضعف أسطول البحر الأسود الروسي. وقالت الوزارة إن «التفاصيل الكاملة بشأن هذا الحادث لم تتضح بعد». وأضاف التقرير: «مع ذلك، فإن أي عرض لقدرة أوكرانية على تهديد نوفوروسيسك سيمثل، على الأرجح، تحدياً استراتيجياً إضافياً لـ(أسطول البحر الأسود). كما أنه سيقوض النفوذ البحري الروسي المنخفض بالفعل في البحر الأسود». وبعدما هاجمت أوكرانيا قاعدة سيفاستوبول الروسية في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو من أوكرانيا بالقوة في 2014 نقلت البحرية الروسية عدة غواصات إلى ميناء نوفوروسيسك.
وأفادت تقارير عسكرية أوكرانية الاثنين، بأن القوات الأوكرانية والروسية تخوض قتالاً عنيفاً في منطقة دونباس الصناعية شرقي أوكرانيا. ووفقاً لكييف، تركز روسيا في هجماتها على مدينتي أفدييفكا وباخموت في منطقة دونيتسك. كما قالت كييف أيضاً إن القوات الروسية «تدافع بقوة» مستخدمة الدبابات وقذائف الهاون والمدفعية ضد هجمات الأوكرانيين في كوبيانسك وليمان ونوفوبافليفكا وزابوريتشيا. ووفقاً للتقارير الرسمية، تعمل القوات الروسية على تعزيز خطوطها الدفاعية في جنوب أوكرانيا. ومع ذلك، هناك أيضاً تقارير غير رسمية تفيد بأن هذه الخطوط تتعرض لقصف مدفعي أوكراني كثيف.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس أمس الثلاثاء إن ألمانيا لا بد أن تكون مستعدة لتصعيد الوضع في أوكرانيا. وقال شولتس في مؤتمر في برلين استضافته صحيفة «زوديتشه تسايتونج»: «في ضوء تطور الحرب وإخفاقات روسيا الواضحة والمتنامية... لا بد أن نكون مستعدين لتصعيد». وأضاف أن التصعيد يمكن أن يشمل تدمير البنية التحتية. وخلال زيارته للصين في وقت سابق من الشهر الجاري أدان شولتس والرئيس الصيني شي جينبينغ التهديدات باستخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا.
واتهمت مسؤولة أميركية رفيعة الاثنين روسيا بارتكاب «جرائم حرب ممنهجة» في أوكرانيا، مبدية ثقتها بأن المسؤولين الروس سيحاسَبون قضائياً في نهاية المطاف. وقالت الدبلوماسية المكلفة شؤون العدالة الجنائية الدولية في وزارة الخارجية الأميركية بيث فان شاك في تصريح للصحافيين: «لدينا أدلة متراكمة على أن هذا العدوان ترافق مع جرائم حرب ممنهجة ارتكبت في جميع المناطق التي انتشرت فيها القوات الروسية»، مشيرة إلى إعدامات وعمليات تعذيب وحالات معاملة غير إنسانية ونقل أشخاص وأطفال قسراً. وتابعت: «عندما ترون مثل هذه الممارسات الممنهجة، بما في ذلك إنشاء شبكة واسعة للنقل القسري، من الصعب للغاية تخيل أن هذه الجرائم كان من الممكن ارتكابها من دون أن تقع المسؤولية عنها على رأس سلسلة القيادة»، في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتأتي تصريحات الدبلوماسية الأميركية بعيد إعلان النيابة العامة الأوكرانية العثور على أربعة «مواقع تعذيب» استخدمتها القوات الروسية في مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا التي استعادتها قوات كييف في 11 نوفمبر، متهمة موسكو بارتكاب جرائم حرب في المنطقة. وتحدثت المسؤولة عن «نورمبرغ جديدة» في إشارة إلى المحاكمات التي خضع لها النازيون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مبدية ثقتها بأن التحقيقات التي تجرى حالياً في المحكمة الجنائية الدولية على سبيل المثال ستفضي إلى توجيه اتهامات عندما يحين الوقت.
وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً في الحرب في أوكرانيا، كما شكلت ليتوانيا وبولندا وأوكرانيا بدعم من الوكالة القضائية الأوروبية «يوروجسات» فريق تحقيق أوروبياً مشتركاً في جرائم يشتبه بأنها ارتُكبت على الأراضي الأوكرانية. وتابعت فان شاك: «يبقى أن نرى بأي سرعة يمكن أن تتقدم هذه المسارات المختلفة نحو العدالة»، مشيرة إلى أن أموراً كثيرة «تتوقف على الوصول إلى الأشخاص المشتبه بهم واعتقالهم». أما فيما يتعلق بإنشاء محكمة خاصة تطالب بها أوكرانيا، فتحدثت الدبلوماسية الأميركية عن «نقاشات مستمرة» لا سيما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنها أشارت إلى أن الولايات المتحدة تفضل إلى حد ما «المؤسسات القائمة» للمحاكمة عن أي جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية مرتكبة في أوكرانيا. ولدى سؤالها عن مقاطع فيديو تقول موسكو إنها تثبت أن كييف أعدمت جنوداً روساً، شددت الدبلوماسية الأميركية على أن «قوانين الحرب تنطبق على الأطراف كافة، الدولة المعتدية والدولة المدافعة على حد سواء».
أعدت أوكرانيا مجموعة واسعة من العقوبات، تشمل أكثر من 3 آلاف فرد من القيادة العسكرية الروسية، وشركات ومؤسسات من القطاعين العسكري والصناعي «متورطين في قتل» الأوكرانيين. وذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم»، أمس الثلاثاء، أن الخدمة الصحافية التابعة لوزارة الاقتصاد قالت: «لدينا اليوم حزمة من أكثر من ثلاثة آلاف من الأفراد والكيانات القانونية في الصناعة العسكرية للدولة الإرهابية، وموردي الجيش الروسي، علاوة على القيادة العسكرية للدولة الإرهابية. في الواقع، شارك أكثر من ثلاثة آلاف شخص بشكل مباشر في قتل الأوكرانيين.
وقالت النائب الأول لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو: «العمل لم يتوقف، يجري إعداد حزمة أخرى تتعلق بالمجمع الصناعي العسكري الروسي». وستدخل العقوبات حيز التنفيذ بعد دراستها، وموافقة مجلس الأمن القومي والدفاع عليها، ثم يطبق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قرار مجلس الأمن القومي.


مقالات ذات صلة

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أوروبا صورة تظهر حفرة بمنطقة سكنية ظهرت بعد ضربة صاروخية روسية في تشيرنيهيف الأوكرانية (رويترز)

روسيا تعلن اعتراض 8 صواريخ أميركية الصنع أُطلقت من أوكرانيا

أعلن الجيش الروسي اليوم (السبت)، أنه اعترض 8 صواريخ أميركية الصنع أطلقتها أوكرانيا في اتجاه أراضيه.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رجال إنقاذ أوكرانيون في موقع هجوم مسيّرة روسية بكييف (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص على الأقل بهجمات متبادلة بين روسيا وأوكرانيا

أسفرت هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ على أوكرانيا، يوم الجمعة، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقلّ، في حين قُتل شخصان في ضربات أوكرانية طالت مناطق روسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا ترمب وزيلينسكي (أ.ف.ب)

زيلينسكي: ترمب قادر على وقف بوتين

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس الخميس إن بمقدور الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أن يحسم نتيجة الحرب المستعرة منذ 34 شهرا مع روسيا،

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناة تلغرام)

زيلينسكي: عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب قد يساعد في إنهاء حرب أوكرانيا

اعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس أن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب قد يساعد على إنهاء الحرب مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (كييف )
أوروبا صورة من مقطع فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية 7 نوفمبر 2024 يُظهر جنوداً من الجيش الروسي خلال قتالهم في سودجانسكي بمنطقة كورسك (أ.ب)

روسيا: كبّدنا القوات الأوكرانية خسائر جسيمة على محور كورسك

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، اليوم الخميس، أن الجيش الروسي استهدف القوات المسلحة الأوكرانية بمقاطعة كورسك، وكبّدها خسائر فادحة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.