تصحيح الاختبارات على طريقة مطاعم الوجبات السريعة

بيرسون تشدد على أهمية «التعليمات».. والمعلمون يرونها مشكلة

موظفتان  من بيرسون خلال عملية تصحيح مقالات للطلاب في اختبارات النواة المشتركة (نيويورك تايمز)
موظفتان من بيرسون خلال عملية تصحيح مقالات للطلاب في اختبارات النواة المشتركة (نيويورك تايمز)
TT

تصحيح الاختبارات على طريقة مطاعم الوجبات السريعة

موظفتان  من بيرسون خلال عملية تصحيح مقالات للطلاب في اختبارات النواة المشتركة (نيويورك تايمز)
موظفتان من بيرسون خلال عملية تصحيح مقالات للطلاب في اختبارات النواة المشتركة (نيويورك تايمز)

تشدد المعايير الأكاديمية الجديدة المعروفة بـ«النواة المشتركة» common core على التفكير النقدي، والحلول المركبة للمشكلات ومهارات الكتابة، وتراهن أقل على التعليم الاستظهاري والتذكر. ومن ثم فقد تطلبت الاختبارات المعيارية المقدمة في معظم الولايات الأميركية هذا العام عددا أقل من أسئلة الاختيارات المتعددة وقدرا أكبر بكثير من الكتابة في موضوعات كهذا الموضوع الذي تم تقديمه لطلبة المدرسة الثانوية: «اقرأ فقرة من رواية مكتوبة بأسلوب الشخص الأول، وقصيدة مكتوبة بأسلوب الشخص الثالث، وصف كيف يمكن أن تتغير القصيدة إذا كانت مكتوبة بأسلوب الشخص الأول». لكن ليس بالضرورة أن يكون المدرسون هم من يقومون بتقييم النتائج.
في يوم الجمعة، وفي مجمع مكاتب مغمور في شمال شرقي وسط المدينة هنا في سان أنطونيو، عمل نحو مائة من الموظفين المؤقتين لدى شركة «بيرسون»، عملاق الاختبارات، في صمت دؤوب وهم يقومون بتصحيح آلاف المقالات القصيرة التي كتبها تلاميذ الصف الثالث والخامس من مختلف أنحاء البلاد.
وكان من بين هؤلاء منظمة حفلات زفاف سابقة، واختصاصي تكنولوجيا طبية متقاعد، ومسؤولة مبيعات سابقة بشركة بيرسون تحمل درجة الماجستير في الاستشارات الزوجية. وللحصول على الوظيفة، شأن المصححين الآخرين في أنحاء البلاد، فقد احتاج هؤلاء إلى درجة جامعية من كلية بنظام أربع سنوات مع دورة عملية في مجال ذي صلة، ولكن لم يكن مطلوبا أن يحملوا أي خبرات تدريسية. وهم يتحصلون على 12 إلى 14 دولارا في الساعة، مع احتمال الحصول على علاوات صغيرة إذا حققوا الأهداف اليومية للجودة والكم.
ويقول مسؤولون من «بيرسون» و«بارك»، وهي مجموعة غير ربحية عملت على تنسيق تطوير اختبارات نواة مشتركة جديدة، إن التدريب وبروتوكولات التصحيح يهدفان إلى ضمان التطابق، مهما كان من يقوم بتصحيح الاختبارات.
في بعض الأحيان، يمكن أن تكون عملية التصحيح ملهمة لسلسلة مطاعم بحيث يجدون طريقة تمكنهم من مراقبة أداء موظفيهم وجودة منتجاتهم.
قال بوب ساندرز، نائب رئيس المحتوى وإدارة التصحيح في «بيرسون أميركا الشمالية»: «على سبيل مقارنتنا بستارباكس أو ماكدونالدز، فحيث تذهب إلى هذه الأماكن تعرف بالضبط ما الذي ستحصل عليه».
وتابع، وكان يرد على سؤال عما إذا كانت مثل هذه المقارنة مناسبة: «لدى ماكدونالدز عملية قائمة للتأكد من أنهم يضعون شريحتين في شطيرة البيغ ماك... ونحن نفعل هذا الشيء ذاته. لدينا عمليات للإشراف على عملياتنا، ولضمان أن تعليماتنا يتم اتباعها».
ومع هذا، يظل المعلمون من أمثال ليندسي سيمنز، وهي مدرسة تعليم خاص في مدرسة إدغربروك الثانوية في شيكاغو، يرون وجود مشكلة إذا لم يتم تصحيح الاختبارات بالأساس عن طريق المدرسين.
وقالت السيدة سيمنز: «إننا حتى كمعلمين، ما زلنا نتعلم ما الذي تطلبه منا معايير النواة المشتركة للولايات». وأوضحت: «لذا، فالإتيان بشخص من خارج المجال وتكليفه بتقييم تقدم التلاميذ أو نجاحهم يبدو أمرا مثيرا للشكوك نوعا ما».
وخضع ما يقرب من 12 مليون طالب في أنحاء البلاد من الصف الثالث وحتى المرحلة الثانية للاختبارات الجديدة هذا العام. وقد عملت شركة «بارك»، المعروفة رسميا بـ«الشراكة من أجل تقييم استعداد الكليات والحياة العملية»، و«سمارتر بالانسيد»، وهي منظمة أخرى في مجال تطوير الاختبارات، إلى جانب متعاقدين مثل «بيرسون»، عملوا مع مدرسين حاليين ومسؤولي تعليم بالولايات لتطوير الأسئلة ووضع معايير مفصلة لتقييم إجابات الطلاب. وقامت بعض الولايات، ومن بينها نيويورك، بشكل منفصل بتطوير اختبارات نواة مشتركة من دون أي مشاركة أي جهة تقييم.
واستعانت بيرسون، التي تدير 21 مركز تصحيح في أنحاء البلاد، بـ14.500 من المصححين المؤقتين على مدار موسم التصحيح، والذي بدأ في أبريل (نيسان) وسوف يستمر خلال شهر يوليو (تموز). ويعمل نحو ثلاثة أرباع المصححين من المنزل. واستقطبتهم بيرسون من خلال موقعها الإلكتروني، وعن طريق الإحالات الشخصية، ومعارض الوظائف ومحركات البحث عن الوظائف على الإنترنت، والإعلانات المخصصة في الجرائد المحلية وحتى على مواقع «كريغ ليست» و«فيسبوك». ولم يحصل نحو نصف من خضعوا للتدريب على الوظيفة في النهاية.
وتقول شركة بارك إن أكثر من ثلاثة أرباع المصححين لديهم ما لا يقل عن ثلاث سنوات من الخبرة التعليمية، ولكنها لا تحتفظ ببيانات حول عدد من يعملون كمدرسين ممارسين حاليا. وفي حين أن البعض من هؤلاء هم معلمون متقاعدون ولديهم خبرات هائلة في مجال التدريس، إلا أن أحد المصححين في سان أنطونيو، على سبيل المثال، لديه خبرة تدريس سنة واحدة، وعمره 45 عاما.
فبالنسبة إلى امتحانات مثل اختبارات «المستوى المتقدم» التي تقدمها مجالس الكليات، لا بد للمصححين أن يكونوا أساتذة أكاديميين حاليين أو مدرسي تعليم ثانوي لديهم ما لا يقل عن 3 سنوات من الخبرة في تدريس الموضوع الذي يصححونه.
وقال طوني ألبرت، المدير التنفيذي لـ«سمارتر بالانسيد»: «إن وجود مدرسين ممارسين يشاركون في التصحيح هو فرصة هائلة... ولكننا لا نريد أن نفعل هذا على حساب عملهم الحقيقي، وهو تعليم الأطفال». إن أهم عوامل التصحيح، بحسب ما يقول خبراء الامتحانات، هو وضع تعليمات إرشادية تكون واضحة بما يكفي لأن ينتهي اثنان من المصححين بشكل متطابق إلى نفس النتيجة.
وخلال جلسات التدريب التي تستغرق ما بين يومين إلى خمسة أيام في اختبارات بارك، يدرس المراجعون المحتملون مقالات الطلاب التي راجعها المدرسون والأساتذة الأكاديميون وكذلك معايير التصحيح.
ولمراقبة العاملين وهم يصححون، تضع بيرسون بانتظام إجابات تم تصحيحها سابقا في طوابير المصححين على الكومبيوتر لترى ما إذا كانت أرقامهم متفقة مع الأرقام التي توصل إليها المشرفون عليهم الأعلى رتبة. ولا يتم الاستعانة بالمصححين الذين يخفقون بشكل متكرر في مطابقة هذه الإجابات المعروفة بأوراق نماذج الإجابات الصحيحة.
وقد عمل المصححون في مركز سان أنطونيو يوم الجعة، على اختبار بارك، والذي تم إجراؤه في 11 ولاية وفي واشنطن. وبينما كانت فاليري غوم تقرأ عدة فقرات من مقال للصف الخامس على شاشة اللابتوب الخاص بها، فإنها كانت تراجع حزمة من الأوراق التي تم إبراز محتواها والتي تصف معايير تقييم الفهم والقراءة، والتعبير المكتوب وأسئلة التقليد مثل الإملاء والتشكيل. وفي كل من هذه الأسئلة كانت تضغط على تصحيح رقمي من 0 إلى 3.
وأوضحت السيدة غوم: «أول ما نفعله هو أن نقرأ الفقرات بالكامل». وتابعت السيدة التي هاجرت من فرنسا مع زوجها الأميركي منذ خمس نوات وكانت في السابق تدير شركة لحفلات الزفاف: «بعدها يكون قد تكون لديك إحساس بما فعلوه، وتقوم بتحليل كل صفة، وبعدها تتعمق فعليا وتستطيع أن ترى ما إذا ما كان إحساسك الأول صحيحا أم خاطئا».
وأقرت السيدة غوم بأن التصحيح كان صعبا، حيث قالت: «لم أتمكن منه أخيرا إلا بعد تواجدي هنا كل هذه الأسابيع».
ويتساءل بعض المدرسيين ما إذا كان بمقدور المصححين أن يقيموا بنزاهة من دون أن يعرفوا ما إذا كان التلاميذ كافحوا مع صعوبات التعلم أو كانوا يتحدثون الإنجليزية كلغة ثانية. وقالت شركة بيرسون إن عددا من اختبارات الرياضيات يتم تقييمها باللغة الإسبانية. ولا يرى المصححون أي صفات دالة على التلاميذ.
كما يقول المدرسون ذوو الخبرة إن بعض التلاميذ يعبرون عن أنفسهم بطرق يمكن أن يكون من الصعوبة بمكان أن يسبر أغوارها غير المدرسين.
وقالت ميغان سيريل، مدرسة الصف الثالث في مدرسة «برودواي» الثانوية في فينيس بولاية كاليفورنيا، والتي خضعت لاختبار مجموعة «سمارتر بالانسيد» هذا العام: «أحيانا يقول التلاميذ أشياء وعليك كمدرس أن تقوم بترجمة ما يقولونه فعلا. هذه مهارة يحتاج المدرس إلى تطويرها على مدار الوقت، وكمراجع أعتقد أن عليك أن تتمتع بهذه المهارة كذلك».
ولكن خبراء الاختبارات يقولون: إن الاختبارات المعيارية مصممة لتقييم عمل التلاميذ من قبل أشخاص بالغين ليس لديهم أي معرفة بالأطفال.
كاثرين ماكليلان، مديرة أبحاث سابقة في شركة «خدمة الاختبارات التعليمية»، وهي الآن استشارية مستقلة لدوائر مدرسية، وعدد من الهيئات والمؤسسات التعليمية بالولايات، قالت: «هم لا يعرفون كيف تصرف طفلك في الفصل بالأمس.. وهذا في حقيقة الأمر أمر جيد لأنهم سيضعون تقييما محايدا ومنصفا» بناء على الخطوط الإرشادية والتدريب فيما يتعلق بالتصحيح.
ومع هذا تظل الاختبارات الجديدة أكثر تعقيدا ودقة من الاختبارات السابقة وتستلزم من المصححين بذل المزيد من الجهد، بحسب جيمس دبليو. بريليغرينو، أستاذ علم النفس بجامعة إلينوي في شيكاغو والذي يعمل في المجالس الاستشارية لشركتي «بارك» و«سمارتر بالانسيد».
وقال السيد بيليغرينو: «لا زلت تطالب الناس، حتى في ظل وجود أفضل التعليمات والأدلة والتدريب، بأن يعطوا تقديرات عن أشكال معقدة من الإدراك. وكلما اقتربنا من نوعيات التفكير والمشكلات والأوضاع المثيرة للاهتمام، والتي تميل لأن تكون متعلقة أكثر بإجابات ذات نهاية مفتوحة، فكلما كان من الصعب الوصول إلى اتفاق موضوعي في التصحيح».

* خدمة: {نيويورك تايمز}



جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل
TT

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

جامعة أوكلاند النيوزيلندية... حرية أكاديمية وتاريخ مثير للجدل

تعد جامعة أوكلاند أكبر جامعة في نيوزلندا، وتقع في مدينة أوكلاند. وتأسست الجامعة في عام 1883 بصفتها هيئة تأسيسية تابعة لجامعة نيوزيلندا، وتتكون الجامعة من ثماني كليات موزعة على ستة أفرع، ويبلغ عدد الطلاب نحو 40 ألفا.
وكانت الجامعة تجري القليل من الأبحاث حتى ثلاثينات القرن الماضي، عندما ازداد الاهتمام بالأبحاث الأكاديمية خلال فترة الكساد الاقتصادي. وعند هذه المرحلة، أصدر المجلس التنفيذي للكلية عددا من القرارات التي تتعلق بالحرية الأكاديمية بعد الإقالة المثيرة للجدل للمؤرخ النيوزيلندي جون بيغلهول (ويقال إن سبب الإقالة خطاب أرسله إلى إحدى الصحف يدافع فيه عن حق الشيوعيين في نشر آدابهم في المجال العام)، الأمر الذي ساعد في تشجيع نمو الكلية وأبحاثها.
وافتتحت الملكة إليزابيث الثانية مبنى كلية الطب الجديدة في غرافتون بتاريخ 24 مارس (آذار) من عام 1970.
وفي مايو (أيار) لعام 2013 ابتاعت الجامعة موقعا تبلغ مساحته 5 أفدنة لصالح حرم الجامعة بالقرب من منطقة المال والأعمال الرئيسية في نيوماركت. وسوف يوفر الموقع المشترى للجامعة إمكانية التوسع على مدى الخمسين عاما المقبلة مع كلية الهندسة التي تتخذ مكانها بصفتها أولى كليات الحرم الجامعي الجديد اعتبارا من عام 2014. وتعتبر جامعة أوكلاند من أفضل الجامعات في نيوزيلندا، وفقا لآخر إصدار من تقرير التصنيفات الجامعية العالمية.
ولقد هبطت مرتبة الجامعة درجة واحدة فقط على الصعيد العالمي في العام الماضي، وهي تحتل الآن المرتبة 82 بين أفضل جامعات العالم، لكنها تعتبر الأفضل في البلاد رغم ذلك.
ومن بين مؤشرات التصنيف الجامعية الستة والمستخدمة في تقييم الجامعات العالمية، أحرزت جامعة أوكلاند أعلى الدرجات من حيث السمعة الأكاديمية التي تحتل الجامعة بسببها المرتبة 56 على العالم.
ويأتي هذا الترتيب نتيجة للأداء القوي للجامعة على مؤشر التصنيفات الجامعية العالمية لعام 2017، حيث حازت على مرتبة مميزة بين أفضل عشرين جامعة في العالم بالنسبة لعلوم الآثار والتعليم.
كان روجر كيرتس غرين، البروفسور الفخري لعصور ما قبل التاريخ، وحتى وفاته في عام 2009 من أقدم أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وهو الحاصل على درجة البكالوريوس من جامعة نيومكسيكو، ودرجة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وزميل الجمعية الملكية في نيوزيلندا. ولقد كان عضوا في هيئة التدريس من عام 1961 حتى 1966، ثم من عام 1973 حتى وفاته، وعضو هيئة التدريس الأطول من حيث سنوات الخدمة وغير المتقاعد هو برنارد براون الحائز على وسام الاستحقاق النيوزيلندي، ودرجة البكالوريوس في القانون من جامعة ليدز، ودرجة الماجستير (التخصص) في القانون من جامعة سنغافورة. ولقد كان محاضرا متفرغا في كلية الحقوق بالجامعة من عام 1962 حتى 1965، ثم من عام 1969 فصاعدا، أما ويليام فيليبس، وهو من أبرز خبراء الاقتصاد المؤثرين والمعروف بمنحنى فيليبس الشهير، فقد كان يدرس في الجامعة من عام 1969 حتى وفاته في عام 1975، وعكف روبرت جنتلمان وروس إيهاكا في تسعينات القرن الماضي على تطوير لغة «R» للبرمجة الحاسوبية في الجامعة، التي تستخدم على نطاق واسع من قبل علماء الإحصاء والبيانات.