قضايا الانفصال في الوسط الفني... ضغوط شخصية وجماهيرية

طلاق هالة صدقي أعاد التذكير بحالتي شيرين وياسمين صبري

هالة صدقي (فيسبوك)
هالة صدقي (فيسبوك)
TT

قضايا الانفصال في الوسط الفني... ضغوط شخصية وجماهيرية

هالة صدقي (فيسبوك)
هالة صدقي (فيسبوك)

أعادت الضجة المصاحبة للحكم القضائي بانفصال الفنانة المصرية هالة صدقي عن زوجها، قضية الطلاق في الوسط الفني إلى الواجهة، مع ما يرافقه عادة من نزاعات تصل إلى المحاكم، وجدل على منصات التواصل الاجتماعي وتبادل الاتهامات عبر برامج «التوك شو» في القنوات الفضائية، حيث تشكّل هذه النوعية من القضايا «مادة جاذبة ترفع نسب المشاهدة».
وكانت «محكمة الأسرة» بالقاهرة قد قضت بالطلاق النهائي للفنانة هالة صدقي بعد سنوات من تبادل الدعاوى القضائية بينها وبين سامح سامي. واحتفلت النجمة الشهيرة بخبر صدور الحكم عبر زغاريد وتصفيق مع صديقاتها، وهي تصفف شعرها في مقطع فيديو بثته عبر صفحتها على موقع «إنستغرام».
وتعد العلاقة المضطربة بين النجمة شيرين عبد الوهاب وزوجها الملحن حسام حبيب الأحدث في هذا السياق، حيث اتسمت بالهجوم العنيف الجارح المتبادل على وقع الطلاق، وما صاحبه من موجة تعاطف مع المطربة الموهوبة، ثم جاء خبر الرجوع وعقد القران بينهما بمثابة «صدمة» أغضبت جمهور ومحبي شيرين، وفق متابعين.
وعلى الرغم من أنّ انفصال الفنانة ياسمين صبري عن رجل الأعمال الملياردير أحمد أبو هشيمة تم في هدوء ودون بيانات نارية، فإنّ الخبر أثار تفاعلاً وضجة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث رأى البعض أن «هذه هي النهاية المتوقعة لقصة حب جعلت الزوجة تستفز الجمهور بصور مشبعة بالرفاهية والثراء»، بينما رد متابعون بأن «الفنانة الشابة كانت مثالاً للهدوء والتواضع في مواجهة حملات الغيرة والتشكيك في موهبتها الفنية».
ويرى الناقد الفني محمد عبد الرحمن أنه «من المفترض أن تكون قضايا انفصال الفنانين ومشكلاتهم الاجتماعية عموماً بعيدة عن الجمهور، وهو أمر مسؤول عنه الفنان بشكل مباشر، حيث عليه أن يمتلك القدرة على حماية خصوصيته. لكنّ بعض الفنانين للأسف، إما يفقدون تلك القدرة فتصبح حياتهم مشاعاً، وإما يستخدمون الصحافة للضغط على الطرف الآخر واكتساب تعاطف الرأي العام».
وأشار عبد الرحمن، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»، إلى أن «النجم في كل الأحوال يخسر كثيراً كلما عرف عنه المتفرج أكثر مما ينبغي، حيث يسقط الإيهام الذي يجعل المتفرج يتعامل مع النجم باعتباره ممثلاً أو مطرباً فقط، وبمجرد أن يدخل الجمهور بيت النجم ويعرف تفاصيله تتغير المعادلة، وهذا بالتأكيد ليس في مصلحة الفنان ولا الفن بشكل عام».
وتنقسم التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، في مثل هذه القضايا، إلى مواقف متباينة يمكن إيجازها في فريق يرى أن الحياة الخاصة بالنجم شأن شخصي يجب ألا ننشغل به وسط تحديات سياسية واقتصادية تعصف بالعالم، بينما ترى الغالبية أن الفنانين شخصيات عامة ومن الطبيعي وضع حياتهم الشخصية تحت مجهر النقد والتحليل.
وبينما تتعاطف الأصوات النسائية مع الزوجة عادة باعتبارها ضحية ومغلوبة على أمرها، يرى مغردون ونشطاء أن الزوج، الذي لا ينتمي غالباً إلى الوسط الفني، مظلوم لأنه لم تُتح له الفرصة للتعبير عن وجهة نظره بما يكفي.
ويؤكد الناقد الفني محمد عبد الخالق أن «الحياة الشخصية مادة جاذبة للقراء، خصوصاً المشكلات الزوجية أو الطلاق. الكل يريد أن يعرف الأسباب، ويضع نفسه في موضع القاضي الذي يحكم بين الطرفين»، موضحاً في تصريح ﻟ«الشرق الأوسط» أن «عصر السوشيال ميديا والثورة الإعلامية زاد من هذه الأزمة، بعدما استباح كل شيء، وأصبح الجميع يعلم أدق تفاصيل حياة الفنان، سواء أكان ذلك بموافقته أم دونها، وسهلت منصات التواصل الاجتماعي تتبع الأزمات... متى بدأت المشكلات؟ وكيف بدأت؟ وملاحظة عدم ظهور الثنائي معاً، وصولاً إلى إلغاء المتابعة وحدوث الانفصال».



التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
TT

التشكيلية الكردية يارا حسكو تحتفي بالمرأة وتُجسِّد مآسي الحرب

التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)
التشكيلية الكردية تناولت آلام النساء في زمن الحرب (الشرق الأوسط)

تشقّ يارا حسكو مسارها بثبات، وتُقدّم معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات. فالفنانة التشكيلية الكردية المتحدّرة من مدينة عفرين بريف محافظة حلب، تناولت في لوحاتها مجموعة موضوعات، ووظَّفت ألوان الطبيعة وخيوطها لتعكس حياتها الريفية التي تحلم بالعودة إليها؛ فتمحورت أعمالها بشكل رئيسي حول حياة المرأة خلال سنوات الحرب السورية بآمالها وآلامها.

بأسلوب تعبيري مميّز، جسّدت حسكو بريشتها معاناة النساء من مآسي الحروب، إلى يوميات اللجوء والتهجير. فالمعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة أقامته في قاعة «كولتورفان» ببلدة عامودا غرب مدينة القامشلي؛ وهو الأول من نوعه خلال مسيرتها.

تفتتح حديثها إلى «الشرق الأوسط» بالقول إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن الواقعية. وتتابع: «أنا ابنة الريف وأحلم بالعودة إلى مسقطي في قرية عرشقيبار بريف عفرين، للعيش وسط أحلام بسيطة، لذلك اخترتُ الفنّ للتعبير عن حلمي وبساطتي في التعامل مع زخم الحياة».

يضمّ معرضها مجموعة أعمال دخلت من خلالها إلى روح النساء، رابطةً ظروف حياتهنّ الخاصة برسومها، لتعيد سرد قصة كل لوحة بحركات وتعابير تحاكي الحرب السورية وتقلّباتها الميدانية التي انعكست بالدرجة الأولى على المرأة؛ أكثر فئات المجتمع السوري تضرراً من ويلات الاقتتال.

إنها ابنة المدرسة التعبيرية وفضَّلت الابتعاد عن «الواقعية» (الشرق الأوسط)

تشير حسكو إلى ابتعادها عن فنّ البورتريه بالقول: «اللوحة ليست صورة فحسب، فمفهومها أعمق. لم يكن لديّ فضول للرسم فقط؛ وإنما طمحتُ لأصبح فنانة تشكيلية». وتسرد حادثة واجهتها في بداية الطريق: «أخذتُ قميص أخي الذي كان يُشبه قماش اللوحة، وبعد رسمي، تساءلتُ لماذا لا يستقر اللون على القميص، وصرت أبحثُ عن بناء اللوحة وكيفية ربط القماش قبل بدء الرسم».

المعرض ضمّ لوحات حملت كل منها عنواناً مختلفاً لترجمة موضوعاتها، بينها «نساء الحرب»، و«امرأة وحبل»، و«المرأة والمدينة». كما برزت ألوان الطبيعة، إلى جانب إضفاء الحيوية لموضوعاتها من خلال اختيار هذه الألوان والحركات بعناية. وهو يستمر حتى 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وفق الفنانة، مؤكدةً أنّ التحضيرات لإقامته استمرّت عاماً من الرسم والتواصل.

المعرض الذي لم يحمل عنواناً ضمّ 26 لوحة (الشرق الأوسط)

يلاحظ متابع أعمال حسكو إدخالها فولكلورها الكردي وثقافته بتزيين معظم أعمالها: «أعمل بأسلوب تعبيري رمزي، وللوحاتي طابع تراجيدي يشبه الحياة التي عشناها خلال الحرب. هذا هو الألم، ودائماً ثمة أمل أعبّر عنه بطريقة رمزية»، مؤكدةً أنّ أكبر أحلامها هو إنهاء الحرب في بلدها، «وعودة كل لاجئ ونازح ومهجَّر إلى أرضه ومنزله. أحلم بمحو هذه الحدود ونعيش حرية التنقُّل من دون حصار».

في سياق آخر، تعبِّر يارا حسكو عن إعجابها بالفنان الهولندي فنسينت فان غوخ، مؤسِّس مدرسة «ما بعد الانطباعية» وصاحب اللوحات الأغلى ثمناً لشهرتها بالجمال وصدق المشاعر والألوان البارزة. أما سورياً، فتتبنّى مدرسة فاتح المدرس، وتحبّ فنّ يوسف عبدلكي الأسود والفحمي. وعن التشكيلي السوري الذي ترك بصمة في حياتها، تقول: «إنه الفنان الكردي حسكو حسكو. تعجبني أعماله عن القرية، وكيف اشتهر بإدخال الديك والدجاجة في رسومه».

خلال معرضها الفردي الأول بعد تجربة فنّية عمرها 5 سنوات (الشرق الأوسط)

بالعودة إلى لوحاتها، فقد جسّدت وجوه نساء حزينات يبحثن عن أشياء ضائعة بين بيوت مهدّمة، وشخصيات تركت مدنها نحو مستقبل مجهول بعد التخلّي عن الأحلام. تتابع أنها متأثرة بمدينة حلب، فبعد وصول نار الحرب إلى مركزها بداية عام 2014، «انقسمت بين شقّ خاضع للقوات الحكومية، وآخر لمقاتلي الفصائل المسلّحة، مما فاقم مخاوفي وقلقي».

من جهته، يشير الناقد والباحث أرشك بارافي المتخصّص في الفنّ والفولكلور الكردي، إلى أنّ المعرض حمل أهمية كبيرة لإضاءته على النساء، أسوةً بباقي فئات المجتمع السوري الذين تضرّروا بالحرب وتبعاتها. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «استخدمت الفنانة رموزاً تُحاكي موضوعاتها مثل السمكة والتفاحة والمفتاح، لتعكس التناقضات التي عشناها وسط هذه الحرب، والثمن الذي فرضته الحدود المُحاصَرة، والصراع بين الانتماء واللاانتماء، وبين الاستمرارية والتأقلم مع الظروف القاسية».

يُذكر أنّ الفنانة التشكيلية يارا حسكو عضوة في نقابة اتحاد الفنانين السوريين، وهي من مواليد ريف مدينة عفرين الكردية عام 1996، تخرّجت بدايةً في كلية الهندسة من جامعة حلب، ثم التحقت بكلية الفنون الجميلة لشغفها بالفنّ. بدأت رسم أولى لوحاتها في سنّ مبكرة عام 2010، وشاركت في أول معرض جماعي عام 2019، كما شاركت بمعارض مشتركة في مدينتَي حلب والعاصمة دمشق.