«الأعلى للدولة» الليبي يرفض إعادة فتح قضية «لوكربي»

طالب بكشف مصير أبو عجيلة المخطوف

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المكتب الإعلامي للمجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المكتب الإعلامي للمجلس)
TT

«الأعلى للدولة» الليبي يرفض إعادة فتح قضية «لوكربي»

خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المكتب الإعلامي للمجلس)
خالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا (المكتب الإعلامي للمجلس)

رفض المجلس الأعلى الليبي، إعادة فتح قضية لوكربي مجددا، وطالب في المقابل الجهات الأمنية بالعاصمة طرابلس بتوضيح خطف الضابط السابق بجهاز الأمن الخارجي أبو عجيلة مسعود، من منزله بالمدينة، على خلفية تقارير أميركية زعمت مسؤوليته عن صناعة القنبلة المستخدمة في إسقاط طائرة «بان أميركان» التي تحطمت فوق قرية لوكربي الاسكوتلندية عام 1988.
واعتبر المجلس في بيانه، مساء أمس، أن ملف هذه القضية «أقفل بالكامل من الناحية السياسية والقانونية بحسب نص الاتفاقية التي أبرمت بين الولايات المتحدة والدولة الليبية عام 2008»، رافضا «إعادة فتح الملف من بعض الجهات المحلية، التي لم يحددها، وإرجاعه إلى الواجهة مرة أخرى، وذلك لافتقاره إلى أي مبررات سياسية أو قانونية».
وأكد المجلس «عدم التزامه بكل ما يترتب على هذا الإجراء من استحقاقات تجاه الدولة الليبية»، ودعا مجلس النواب والمجلس الرئاسي والنائب العام للتضامن معه لاتخاذ الإجراءات المناسبة لإنهاء ما وصفه بالعبث. كما أكد على إدانته التامة لكافة أشكال الإرهاب، ولجريمة إسقاط طائرة الركاب الأميركية فوق قرية لوكربي في اسكوتلندا الذي أسفر عن مقتل 259.
بدوره، اعتبر أحمد الجهاني مندوب ليبيا لدى الجنائية الدولية، أن إعادة فتح الملف المالي لقضية لوكربي «أمر غير واقعي وغير ممكن في الأساس»، لافتا في بيان له مساء أمس، إلى أنه تم في 2008 تعزيز هذه الاتفاقية والتأكيد على ما جاء فيها بأمر رئاسي من الرئيس الأميركي جورج بوش، كما شدد على أن الملف أصبح «في طي التاريخ ولا عودة إليه من جديد بتاتا».
من جانبه، حمل المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان المسؤوليات القانونية والوطنية والأخلاقية لكافة الأطراف التي تحاول إعادة إحياء هذا الملف بإخفاء أحد المواطنين الليبيين. وطالب في بيان له اليوم، السلطة القضائية «بالتدخل بالمحافظة على سيادة الدولة الليبية وحماية حقوق مواطنيها وسلامتهم وإيقاف هذا العبث»، ووقف الأطراف التي تحاول إحياء هذه القضية، وفتح تحقيق حول ملابسات اختفاء أبو عجيلة، باعتبارها «قضية رأي عام».
وبينما اعتبر أعضاء في مجلس النواب، أن تسليم أبو عجيلة «للجانب الأميركي هو تسليم للوطن بالكامل»، كشف ناشطون عن قيام أحد وزراء حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة بزيارة العاصمة الأميركية واشنطن لإبلاغ السلطات الأميركية بمحاضر التحقيق مع أبو عجيلة.
في شأن آخر، اتهمت وسائل إعلام محلية الدبيبة، بمحاولة التأثير على عبد الله باتيلي رئيس بعثة الأمم المتحدة في البلاد، عبر السعي لتوظيف حكومة بلاده ضده سياسيا. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر دبلوماسي، أن كريم هاراتي، مستشار الرئيس السنغالي أجرى مؤخرا محادثات سرية في العاصمة طرابلس رفقة سفير ليبيا لدى السنغال، مع مقربين من الدبيبة من بينهم صهره إبراهيم الدبيبة والمنقوش، بزعم التواصل والتأثير على باتيلي.
وقالت وسائل الإعلام المحلية، إن هاراتي، الذي زار طرابلس بدعوة من حكومة الدبيبة استمع لرؤيتها بشأن كيفية الخروج من حالة الانسداد الحالي والتعجيل بالانتخابات، مشيرة إلى أنه غادر طرابلس دون التوصل إلى اتفاق في وجهات النظر. وتجاهلت البعثة الأممية وحكومة الدبيبة هذه المعلومات، ولم تعلق عليها، فيما تظاهر مناصرون للأخيرة أمام مقر السفارة اليونانية في العاصمة طرابلس، احتجاجا على رفض وزير خارجية اليونان لقاء حكومة الدبيبة في زيارته الملغاة إلى هناك.
إلى ذلك، أعيد فتح الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس ومدينة الزاوية، في وقت متأخر من مساء أمس، بعد ساعات من غلقه بالسواتر الترابية وسط توتر أمني، على خلفية تحشيدات لميليشيات مسلحة إثر تصاعد عمليات الاغتيال في المدينة مؤخرا. بدوره، بحث أمس محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، مع بعض أعضاء مجلس النواب عن دائرة طبرق بشرق ليبيا، المشاكل والصعوبات التي تعيق تقديم الخدمات للمواطنين بمنطقة البطنان في جميع المجالات لا سيما الكهرباء والمياه والبنية التحتية.
من جهة أخرى، أعلن مركز طب الطوارئ والدعم بالعاصمة طرابلس مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في انفجار لغم مساء في منطقة تاجوراء، مشيرا إلى توجه الفرق المسعفة لمتابعة المصابين والتكفل بمصاريف علاجهم.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.