مادة «البيرين» بديلا عن الحطب والديزل خلال شتاء شمال سوريا القارس

عمّال سوريون يعملون في تعبئة مادة «البيرين» للتدفئة شمال إدلب (الشرق الأوسط)
عمّال سوريون يعملون في تعبئة مادة «البيرين» للتدفئة شمال إدلب (الشرق الأوسط)
TT

مادة «البيرين» بديلا عن الحطب والديزل خلال شتاء شمال سوريا القارس

عمّال سوريون يعملون في تعبئة مادة «البيرين» للتدفئة شمال إدلب (الشرق الأوسط)
عمّال سوريون يعملون في تعبئة مادة «البيرين» للتدفئة شمال إدلب (الشرق الأوسط)

مع الغلاء الفاحش لأسعار المحروقات ومواد التدفئة في فصل الشتاء، بدأ السوريون في شمال غربي سوريا، رحلة بحث عن وسائل ومواد تدفئة بديلة تتناسب أسعارها مع أوضاعهم المادية والمعيشية المتردية، ونقية في ذات الوقت، لتصبح مادة «البيرين»، وهي بقايا الزيتون بعد استخراج الزيت منه في المعاصر، أكثر مادة رواجاً وطلباً عند السوريين، للحصول على الدفء بتكاليف أقل.
وبالقرب من بلدة حزرة الواقعة على الطريق الواصلة بين مدينة سرمدا شمال إدلب وعفرين بريف حلب، بدأ المواطن جمعة الأحمد، وهو نازح من ريف حلب الجنوبي، من خلال معمله البدائي وبإمكانات ومعدات متواضعة، ومجموعة من العمال، إنتاج مادة «البيرين»، منافساً عشرات المراكز المحيطة لبيع الحطب والفحم الحجري والمحروقات كوسائل تدفئة بأسعار مرتفعة تفوق قدرة المواطنين المادية.
وقال جمعة (36 عاماً)، إن «الظروف المعيشية والمادية الصعبة التي يعيشها السكان والنازحون منهم في مناطق الشمال السوري في الأوقات العادية، تشكل هموماً كبيرة بالنسبة لهم، وحاجتهم لتأمين مواد التدفئة النقية من حطب ومحروقات في فصل الشتاء وبرده القارس، تشكل هماً إضافياً يثقل كاهلهم ويزيد من معاناتهم، نظراً لأسعارها التي ترتفع طرداً مع زيادة الطلب عليها؛ إذ وصل سعر الطن من حطب الزيتون أخيراً إلى 230 دولاراً، ومثله أسعار قشور الفستق الحلبي واللوزيات (المستوردة من تركيا) التي باتت خلال السنوات الماضية وسائل تدفئة بديلة عن المحروقات».
ويضيف: «بمبادرة شخصية وخاصة قمت أخيراً بصناعة ماكينة تعمل على الكهرباء لكبس تفل الزيتون المستخرج من بذوره بعد عصره في المعاصر التي تكثر في مناطق إدلب وعفرين، وتحويله إلى مادة (البيرين) على شكل قطع أسطوانية، يجري تقطيعها أوتوماتيكياً بإمكانات متواضعة، ونعتمد في إنتاج الجزء الأكبر في مراحل تصنيعه على اليد العاملة، والهدف من ذلك هو تخفيض تكاليف إنتاجه التي تنعكس إيجاباً بأسعاره على المواطنين، مقارنة بالمعامل الأخرى التي تعتمد في إنتاجه على الآلات الكهربائية من البداية إلى النهاية، مما يضاعف أسعاره في الأسواق أمام المواطنين».
وأوضح، أنه «ينتج مادة (البيرين) بعد شراء كميات من بقايا الزيتون من المعاصر في مناطق إدلب وعفرين بأقل الأسعار، وبعد تجميعها في مكان التحويل وكبسها، يقوم العمال بنشرها تحت أشعة الشمس لبضعة أيام لتجفيفها، ومن ثم يجري تعبئتها بأكياس وزنها 25 كيلوغراماً، لبيعها للمواطنين، وسعر الطن منه بنحو 170 دولاراً أميركياً».
من جانبه، قرر أبو سعيد (55 عاماً)، وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي في أحد المخيمات بالقرب من منطقة الدانا شمال إدلب، تشغيل مدفأته على مادة «البيرين»، متجاهلاً الحطب والديزل والقشور النباتية، بسبب أسعارها المرتفعة التي لا تتناسب مع دخله الشهري من عمله في البناء.
وقال، إن «تأمين مواد التدفئة للأسرة خلال فصل الشتاء والبرد القارس أمر مهم للغاية لتأمين الدفء للأطفال، ولكن يتعين على رب الأسرة تأمين المادة التي تتناسب حصراً مع دخله الشهري، فكانت مادة (البيرين) هي الخيار الوحيد أمامنا، لعدة أسباب: أولها أسعارها التي بدأت بالتراجع بعد بدء موسم جني الزيتون وعصره ووفرة التفل المستخرج من بذور الزيتون في المعاصر. وثانياً، سهولة تشغيل (البيرين) بأي نوع من المدافئ، بعكس الديزل أو القشور التي تتطلب مدافئ محددة، وتلك التي تعمل على القشور وتحتاج إلى جهاز كهربائي طيلة الوقت».



اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
TT

اليمن... 219 ألف إصابة بالكوليرا أغلبها في مناطق سيطرة الحوثيين

59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)
59 ألف حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في محافظتَي حجة والحديدة وحدهما (الأمم المتحدة)

كشف تقرير أممي حديث عن أن حالات الكوليرا في اليمن ارتفعت إلى نحو 219 ألف حالة منذ مطلع العام الحالي، أغلب هذه الحالات تم تسجيلها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في حين استفاد أكثر من مليون شخص من خدمات توفير مياه الشرب النظيفة وخدمات الصرف الصحي المقدمة من الأمم المتحدة.

وأظهر تقرير مشترك صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة وكتلة المياه والصرف الصحي في اليمن، أنه تم الإبلاغ عن أكثر من 219 ألف حالة اشتباه بالإسهال المائي الحاد والكوليرا في معظم أنحاء البلاد خلال الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) وحتى 20 أكتوبر (تشرين الأول)، وكانت أغلب هذه الحالات في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وتشكل ما نسبته أكثر من 80 في المائة من إجمالي الحالات المُبلَّغ عنها.

الحوثيون يواصلون التكتم على أعداد المصابين بالكوليرا (إعلام محلي)

وطبقاً لهذه البيانات، احتلت محافظة حجة قائمة المحافظات اليمنية في معدل حالات الإصابة بالوباء، حيث سُجل فيها نحو 35 ألف حالة، تلتها محافظة الحديدة بنحو 24 ألف حالة، ثم محافظة عمران التي سجلت 19 ألف حالة إصابة، ومن بعدها محافظتا إب وذمار بنحو 16 ألف حالة في كل واحدة منهما.

كما سجلت محافظة تعز 15 ألف حالة إصابة مشتبه بها، والعاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتا الضالع والبيضاء بواقع 14 ألف إصابة في كل واحدة منها، في حين سجلت محافظة ريف صنعاء أكثر من 12 ألف إصابة، وسجلت محافظة صعدة المعقل الرئيسي للحوثيين 11 ألف إصابة، ومثل هذا العدد سُجل في محافظة المحويت الواقعة إلى الغرب من صنعاء، في حين سجلت بقية المحافظات 5 آلاف حالة.

وأظهر التقرير المشترك أن شركاء العمل الإنساني، وضمن جهود الاستجابة المشتركة لمواجهة تفشي وباء الكوليرا، تمكّنوا من الوصول إلى أكثر من مليون شخص بخدمات توفير المياه النظيفة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة في 141 منطقة و128 موقعاً للنزوح الداخلي، منذ بداية العام.

شريان حياة

في تقرير آخر، أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع أن الأحداث المناخية المتطرفة في اليمن خلقت عواقب مدمرة على المجتمعات الحضرية والريفية على حد سواء، وأن الطرق المقاومة للمناخ أصبحت شريان حياة للسكان، الذين يعانون بالفعل أزمة إنسانية مدمرة، حيث أدى مناخ البلاد شبه الجاف، إلى جانب الأحداث المناخية المتطرفة، إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة.

وبيَّن المكتب أن تطوير البنية الأساسية المستدامة والمقاومة للمناخ والتي يمكنها تحمل الصدمات والضغوط المستقبلية بات أمراً ضرورياً لمعالجة الاحتياجات الهائلة للمجتمعات في جميع أنحاء البلاد.

الفيضانات ضاعفت معاناة سكان الريف في اليمن ودمَّرت طرقات وممتلكات (الأمم المتحدة)

وأوضح التقرير أنه من خلال مشروعين ممولين من قِبل مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك الدولي، استجاب للتحديات الملحة المتمثلة في الأحداث المناخية المتطرفة المتزايدة الناجمة عن تغير المناخ في كل من المناطق الريفية والحضرية.

وذكر أن كثيراً من اليمنيين الذين يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ومصدر غذائهم، أصبحوا أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ندرة المياه وأنماط هطول الأمطار غير المتوقعة وتآكل التربة، كما أن الفيضانات يمكن أن تقطع المجتمعات الريفية عن الخدمات الأساسية وتجعل من الصعب على المزارعين نقل منتجاتهم إلى الأسواق.

ولأن هذا المزيج، بحسب مكتب مشاريع الأمم المتحدة، أدى إلى انعدام الأمن الغذائي الشديد؛ فإن مكونات المشروع تستهدف إعادة تأهيل وتطوير 150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية، وبناء جسرين نموذجيين في مواقع استراتيجية ودعم صيانة 60 كيلومتراً من طرق الوصول إلى القرى و150 كيلومتراً من طرق الوصول الريفية من أجل ضمان الوصول الآمن والموثوق به إلى الأسواق والخدمات الاجتماعية والخدمات الأساسية للمجتمعات الريفية.

مشاريع الطرقات وفَّرت فرص عمل لعشرات الآلاف من اليمنيين (الأمم المتحدة)

ويركز المشروع على ترقية أسطح الطرق وتحسين الصرف واستخدام المواد الصديقة للمناخ، وإنشاء شبكة طرق يمكنها تحمُّل آثار تغير المناخ. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات تثبيت المنحدرات لمنع التآكل وحماية الطرق من الانهيارات الأرضية؛ مما يعزز مرونة البنية الأساسية الريفية.

ولتعزيز الاستدامة بشكل أكبر؛ يؤكد المكتب الأممي أنه يتم تنفيذ الأعمال من قِبل أكثر من 40 شركة محلية، وأن التدريب في بناء القدرات ونقل المعرفة ساعد حتى الآن في إيجاد نحو 400 ألف فرصة عمل، بما في ذلك 39 ألف فرصة للنساء.